إسرائيل تُهمش مفاوضات الأسرى وتُصر على تحريرهم بالقوة

تركيا تتوسط في موضوع الأسرى لدى «حماس»... وترسل خضراوات لإسرائيل

والدة الرهينة ميا شيم تتحدث في مؤتمر صحافي بتل أبيب (الثلاثاء) عقب نشر «حماس» شريط فيديو تظهر فيه وهي محتجزة في غزة (رويترز)
والدة الرهينة ميا شيم تتحدث في مؤتمر صحافي بتل أبيب (الثلاثاء) عقب نشر «حماس» شريط فيديو تظهر فيه وهي محتجزة في غزة (رويترز)
TT

إسرائيل تُهمش مفاوضات الأسرى وتُصر على تحريرهم بالقوة

والدة الرهينة ميا شيم تتحدث في مؤتمر صحافي بتل أبيب (الثلاثاء) عقب نشر «حماس» شريط فيديو تظهر فيه وهي محتجزة في غزة (رويترز)
والدة الرهينة ميا شيم تتحدث في مؤتمر صحافي بتل أبيب (الثلاثاء) عقب نشر «حماس» شريط فيديو تظهر فيه وهي محتجزة في غزة (رويترز)

في الوقت الذي أعلن فيه وزير الخارجية التركي هاكان فيدان، من بيروت، أن بلاده تدير محادثات بغرض التوسط في إطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين والأجانب من أسر «حماس» في قطاع غزة، وأن دول العالم التي ينتمي إليها الأسرى الأجانب باركت هذه الخطوة وكلّفته بالتفاوض باسمها، واصلت الحكومة الإسرائيلية تهميش هذه المفاوضات والإصرار على تحرير الأسرى بالقوة.

وقال المسؤول الإسرائيلي الجديد عن هذا الملف، العميد غال هيرش، إن الحكومة تبذل جهوداً كبيرة في الموضوع، لكنه لم يقدم أي تفاصيل ولم يبدِ أي نية للدخول في مفاوضات. وقال إن «على (حماس) أن تطلق سراحهم بلا شروط».

وكانت إسرائيل قد رفضت في البداية أي حديث عن وساطة لإبرام صفقة تبادل. ورفضت اقتراحاً لصفقة أولية، يتم بموجبها إطلاق سراح الأسرى من الأطفال والشيوخ والنساء والمرضى من الأسرى الإسرائيليين والأجانب، مقابل الأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية أيضاً من المرضى والنساء والأطفال. لكنّ الإدارة الأميركية، وجنباً إلى جنب مع الدعم القوي لإسرائيل، طلبت تغيير التوجه الإسرائيلي ووضعت قضية الأسرى في رأس سلّم الاهتمام. وأرسلت وفداً متخصصاً لمعالجة هذا الملف، يضم ستيفن غيلان، نائب المبعوث الرئاسي لشؤون الأسرى والمفقودين، ومجموعة من الخبراء الأميركيين في الموضوع.

الرهينة ميا شيم التي ظهرت في شريط فيديو وزّعته حركة «حماس» مساء الاثنين (أ.ف.ب)

وفي لقاء مع هيرش وطاقمه، قال غيلان إن الولايات المتحدة تقف إلى جانب أمن إسرائيل وإعادة أسراها، وإن لدى الولايات المتحدة طاقماً متخصصاً يعمل بشكل دائم لمتابعة شؤون أسرى ومفقودين كما أن لديها عدداً من الشخصيات التي شاركت في مفاوضات لإطلاق سراح الأسرى في أماكن عدة في العالم وقد اكتسب خبرات غنية في هذا المجال، وإنه شخصياً وكل فريقه يضعون طاقاتهم في خدمة دولة إسرائيل للمساعدة على إطلاق سراح الرهائن.

وقد بقي فريق أميركي في تل أبيب لمتابعة الموضوع ومنع تهميشه. ومع نشر معلومات عن الأسرى والكشف أن خُمسهم على الأقل هم من المواطنين الأجانب، فرنسيين وبريطانيين وألمان وصينيين وتايلانديين وجنوب أفريقيين وغيرهم، بدأت دولهم تمارس ضغوطاً لتغيير التوجه الإسرائيلي ومطالبة حكومة بنيامين نتنياهو بتوخي الحذر في قصفها حتى لا يُمَس بأذى أيٌّ من الأسرى. وفي إسرائيل أيضاً ارتفعت أصوات كثيرة تطالب الحكومة بتغيير توجهها والتنازل عن الموقف المتعنت بعدم إبرام صفقات تبادل. ودعت صحيفتان عبريتان الحكومة إلى وضع إطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين والأجانب في رأس سلّم الاهتمام، حتى لو كان الثمن إطلاق سراح جميع الأسرى الفلسطينيين وإغلاق السجون.

من هنا، جاء الاقتراح التركي مشجعاً لمن يؤيدون هذا الموقف ويطالبون بإبرام صفقة لإطلاق سراحهم. وفي مساء (الثلاثاء)، نُشر في إسرائيل أن «سفينة دعم من تركيا، رست في ميناء حيفا محمَّلةً بـ4500 طن من الخضراوات، 80 في المائة منها مؤلَّفة من الطماطم، طلبتها إسرائيل بعد أن تضرر قطاعها الزراعي من جراء الحرب في غزة». وعدّت هذه المساعدة السريعة، بادرة حسن نية من أنقرة لتسهيل الحوار حول ضرورة إبرام صفقة. وقالت مصادر في تل أبيب إن تركيا تحتفظ بخط اتصال مفتوح مع قيادة «حماس» وحصلت على ضوء أخضر من هذه القيادة على إدارة مفاوضات. وأكدت أن الأحاديث التي أدلى بها أبو عبيدة، الناطق باسم الذراع العسكرية لـ«حماس»، حول وضع الأسرى وأعدادهم ونشر الشريط الذي ظهرت فيه الأسيرة الإسرائيلية من أصل فرنسي، مايا شيم، هو جزء من تجاوب قيادة «حماس» مع تركيا.

صورة وزّعتها حركة «حماس» لأبو عبيدة الناطق باسم «كتائب القسام» (أ.ف.ب)

كانت «كتائب القسام»، الجناح العسكري لحركة «حماس»، قد نشرت شريطاً، الاثنين، ظهرت فيه شيم وهي تتلقى رعاية طبية بعد تعرضها لإصابة في يدها اليمنى. وقالت إنها تبلغ من العمر 21 عاماً وإنها ما زالت موجودة في غزة. وأشادت الأسيرة بتعامل عناصر «القسام»، موضحةً أنها «أُصيبت في يدها وخضعت لعملية جراحية مدتها 3 ساعات، واعتنوا بها وقدموا لها الدواء والرعاية والأدوية المطلوبة». وطلبت العودة إلى عائلتها بـ«أسرع ما يمكن»، قائلة: «من فضلكم أخرجونا من هنا».

ورد الجيش الإسرائيلي على هذا الشريط ببيان نشره على منصة «إكس» قال فيه إن ممثليه يُجرون «اتصالات مع العائلة»، معتبراً أن «حماس تحاول من خلال نشر الفيديو إظهار نفسها منظمة إنسانية». وشدد على أنه «يعمل بكل الوسائل الاستخباراتية والعملياتية لإعادة المختطفين».

كارين شيم والدة الرهينة ميا شيم (فرنسية - إسرائيلية) تتحدث في مؤتمر صحافي بتل أبيب الثلاثاء (أ.ف.ب)

وفي باريس أثار نشر الشريط ردود فعل واسعة. وقال قصر الإليزيه إن الرئيس إيمانويل ماكرون «يستنكر خطف أبرياء ويدعو لتحريرهم فوراً» وأنه «ملتزم بإطلاق سراح مواطني دولته»، وسط توقعات بأنه سيزور تل أبيب لـ«التضامن معها ضد إرهاب (حماس) والسعي لإطلاق سراح الأسرى وتوفير المساعدات الغذائية لأهل غزة ومعالجة معاناتهم الإنسانية الكبيرة».

وقالت مصادر في تل أبيب إن دول الغرب تخالف إسرائيل الرأي وتُبدي استعداداً للتفاوض على إطلاق سراح الرهائن، وعندما تتوصل بجهودها الذاتية إلى اتفاق، فإنها ستسعى إلى إقناع إسرائيل وربما الضغط عليها حتى تقبلها وتطلق سراح أسرى للمساعدة على تحرير بقية الأسرى.

يُذكر أن إسرائيل تقدِّر عدد الأسرى بمئتي شخص، بينما أعلن أبو عبيدة أن عددهم بين 200 و250 أسيراً أو أكثر. وتحتفظ «حماس» بالأسرى في معتقلات تحت الأرض في أماكن متفرقة وادّعت أن 9 منهم قُتلوا بسبب القصف الإسرائيلي.


مقالات ذات صلة

فصائل عراقية تعلن تنفيذ هجومين بالمسيرات على جنوب إسرائيل

شؤون إقليمية نظام القبة الحديدية الإسرائيلي يعترض صاروخاً في مدينة نهاريا شمال إسرائيل في 12 نوفمبر 2024 (رويترز)

فصائل عراقية تعلن تنفيذ هجومين بالمسيرات على جنوب إسرائيل

أعلنت فصائل عراقية مسلحة، يوم أمس (الأحد)، مسؤوليتها عن هجومين بالمسيرات على مواقع في جنوب إسرائيل.

«الشرق الأوسط» (بغداد)
شؤون إقليمية سيدة تغلق فمها وتربط يديها بحبل خلال مظاهرة في تل أبيب تطالب بإعادة المحتجزين في غزة (رويترز)

رهائن سابقون في غزة يطالبون بعد عام من الإفراج عنهم بإعادة الباقين

بعد عام على إطلاق سراحهم خلال الهدنة الوحيدة بين إسرائيل وحركة «حماس» الفلسطينية، دعا رهائن سابقون في غزة إلى تأمين الإفراج عمن لا يزالون محتجزين.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
شؤون إقليمية نتنياهو متوسطاً وزير الدفاع المُقال يوآف غالانت ورئيس الأركان هرتسي هاليفي في أكتوبر 2023 (د.ب.أ)

نتنياهو يمهد لإقالة رئيس أركان الجيش بموجة انتقادات

بعد أن نجح في التخلص من وزير دفاعه، يوآف غالانت، من دون خسائر فادحة، يتجه رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، لإزاحة رئيس أركان الجيش، هيرتسي هاليفي.

نظير مجلي (تل ابيب)
المشرق العربي الدخان يتصاعد بعد غارة جوية إسرائيلية على مخيم النصيرات بوسط قطاع غزة (د.ب.أ) play-circle 01:47

موجة نزوح جديدة في غزة... وإصابة مدير مستشفى «كمال عدوان» بقصف إسرائيلي

أفادت وزارة الصحة في غزة، الأحد، بارتفاع عدد قتلى الحرب الإسرائيلية على القطاع إلى 44 ألفاً و211 وإصابة 104 آلاف و567 منذ السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي مبنى مدمّر نتيجة القصف الإسرائيلي في جباليا بشمال قطاع غزة (أ.ف.ب)

«القسام»: مقتل أسيرة في هجوم إسرائيلي على شمال قطاع غزة

أعلن المتحدث باسم «كتائب القسام» الجناح العسكري لحركة «حماس» الفلسطينية، أبو عبيدة، اليوم (السبت)، مقتل أسيرة إسرائيلية في هجوم إسرائيلي على شمال قطاع غزة.

«الشرق الأوسط» (بيروت)

دمشق تشدّد إجراءات تسجيل عقود الإيجارات

جانب من الأضرار التي سببها التفجير في حي المزة في 14 الحالي (الشرق الأوسط)
جانب من الأضرار التي سببها التفجير في حي المزة في 14 الحالي (الشرق الأوسط)
TT

دمشق تشدّد إجراءات تسجيل عقود الإيجارات

جانب من الأضرار التي سببها التفجير في حي المزة في 14 الحالي (الشرق الأوسط)
جانب من الأضرار التي سببها التفجير في حي المزة في 14 الحالي (الشرق الأوسط)

شدَّدت وزارة الداخلية السورية إجراءات تسجيل عقود الإيجار، ومنحت الوحدات الشرطية صلاحية إخلاء العقارات السكنية في حال شغلها شخص مُلاحَق جزائياً، أو يشكل خطورة على الأمن والنظام العام. جاء ذلك في ظل تنامي المخاوف لدى السوريين من تأجير المنازل لعائلات أو أشخاص مرتبطين بـ«حزب الله» وإيران، بعد تزايد الاستهدافات الإسرائيلية عناصر «حزب الله» والإيرانيين داخل سوريا.

مع دخول أكثر من عشرة آلاف و600 شخص من لبنان إلى سوريا منذ بدء التصعيد الإسرائيلي زاد الطلب على العقارات وارتفعت أسعار الإيجارات مقارنة بالعام الماضي الذي كان سجل بدوره ارتفاعاً قياسياً تزيد نسبته على 300 في المائة نتيجة التضخم، وهبوط قيمة العملة المحلية، حيث تجاوز سعر صرف الدولار الـ14 ألفاً و650 ليرة سورية.

وقال صاحب مكتب عقاري وسط دمشق لـ«الشرق الأوسط» إنه مع بداية التصعيد وبدء توافد اللبنانيين إلى سوريا زاد العرض طمعاً برفع الأسعار باعتبار القادمين سيدفعون بالدولار. وتجاوزت أسعار المنازل في الأحياء الراقية مثل المزة وتنظيم كفرسوسة عشرة ملايين ليرة، أي ما يقارب 700 دولار ومنها وصل إلى 1000 دولار، وفي الأرياف تراوح بين 80 و300 دولار بحسب مواصفات العقار، لكن بعد الضربات الإسرائيلية تراجع العرض وراح الناس يخشون على أرواحهم وممتلكاتهم، وفق ما قاله صاحب المكتب العقاري.

سوريون يعاينون الأضرار في حي المزة التي سببها تفجير 14 الحالي (الشرق الأوسط)

الإيرانيون رفعوا الإيجارات

ساهم الوجود الإيراني في سوريا خلال سنوات الحرب في رفع أسعار العقارات سواء في الأحياء الحديثة كحي المزة وتنظيم كفرسوسة وفي الضواحي كيعفور والصبورة والديماس التي يسكنها الأثرياء والمسؤولون الحكوميون، ويسهل ضبطها أمنياً، أو في المناطق الشعبية كحيي الأمين والجورة في دمشق القديمة ومنطقة السيدة زينب وطريق المطار بريف دمشق، حيث يتركز عناصر الميليشيات التابعة لإيران وعائلاتهم.

وسعت إيران بشتى الوسائل إلى شراء أكبر عدد ممكن من المنازل والعقارات في تلك المناطق، بما يتيح للقياديين والعناصر التابعين لها التنقل بشكل مستمر وتبديل المواقع، وهي إجراءات أمنية لتجنب الاستهداف الإسرائيلي.

وجاء التغلغل الإيراني في قطاع العقارات بسوريا في الوقت الذي كانت فيه الحكومة السورية تصادر ممتلكات المعارضين، وتتشدد في إجراءات بيع وتأجير العقارات للسوريين أنفسهم، لا سيما النازحين داخلياً ممن فقدوا منازلهم في المناطق الساخنة، حيث تم فرض الحصول على موافقة أمنية شرطاً مسبقاً لإتمام العقود، وذلك لغاية عام 2019.

أضرار في مبانٍ سكنية سببها التفجير في حي المزة (الشرق الأوسط)

صلاحيات واسعة للشرطة

بحسب ما أفادت مصادر محلية في دمشق لـ«الشرق الأوسط»، فقد عادت وزارة الداخلية إلى تشديد إجراءات تنظيم عقود الإيجار بعد نحو خمس سنوات من إلغاء شرط الموافقة الأمنية، وذلك بعد انتشار ظاهرة قيام عناصر من ميليشيات محلية تابعة لإيران أو عناصر أمن ممارسة ضغوط على أصحاب العقارات لتأجيرها للإيرانيين أو لعناصر من «حزب الله» والميليشيات، بلا تنسيق مع السلطات المحلية. ويضاف إلى ذلك التحايل بتسجيل حالات استئجار لإيرانيين عبر وسطاء سوريين يسجلون العقود بأسمائهم، ليشغلها فعلياً إيرانيون، أو عناصر من جنسيات أخرى، وعند كشف التحايل يصعب فض العقد وإخلاء المنزل.

وبحسب قرار تعديل إجراءات عقود الإيجار بات على من يؤجر عقاراً للسكن، أو لمزاولة أي مهنة علمية، أو فكرية، أو تجارية، أو صناعية، أو سواها تسجيل عقد الإيجار في مركز خدمة المواطن المخول تسجيل عقود الإيجار أو الوحدات الإدارية التي تبلّغ بدورها مركز الشرطة في المنطقة التي يقع فيها العقار المؤجر. وكذلك على المالك والمستأجر ملء استمارة إعلام لمراكز الشرطة في المنطقة.

ويتولى كل مركز من مراكز الشرطة المختصة تدقيق وضع المستأجر، وفي حال تبين أنه «ملاحق جزائياً، أو يشكل خطورة على الأمن والنظام العام»، تُتخذ بحقه الإجراءات القانونية من توقيف ووضع تحت المراقبة... إلخ.

كذلك، تكلف الوحدات الشرطية المختصة بتلقي الإخبارات الواردة بوجود شخص في عقار بلا صفة قانونية في الإشغال فتقوم عندها الوحدة الشرطية بالانتقال إلى موقع العقار المذكور، وتتحقق من صحة الإخبار الوارد، وفي حال ثبوت الواقعة يتم تنظيم الضبط اللازم واستكمال إجراءاته الشكلية والموضوعية، ومنها استدعاء المالك أو المؤجر وتقوم الوحدة الشرطية منظمة الضبط بتكليف الشاغل تصحيح وضعه القانوني أو الإخلاء خلال 30 يوماً.

ورأت المصادر في تكليف الوحدات الشرطية المختصة تلقي الإخبارات منح فرصة للجوار بممارسة الرقابة على العقارات المؤجرة في الحي أو البناء، وإذا كان البلاغ صحيحاً يمكن للشرطة إخلاء المنزل، دون الحاجة إلى العودة للقضاء.