بغداد: ملف «الاجتثاث» يعود إلى الواجهة من باب الانتخابات

حرمان قائد عسكري عراقي من الترشح لمجالس المحافظات

صورة نشرتها في «إكس» («تويتر» سابقاً) اللجنة الأمنية العليا للانتخابات لاجتماعها الموسع قبل أيام
صورة نشرتها في «إكس» («تويتر» سابقاً) اللجنة الأمنية العليا للانتخابات لاجتماعها الموسع قبل أيام
TT

بغداد: ملف «الاجتثاث» يعود إلى الواجهة من باب الانتخابات

صورة نشرتها في «إكس» («تويتر» سابقاً) اللجنة الأمنية العليا للانتخابات لاجتماعها الموسع قبل أيام
صورة نشرتها في «إكس» («تويتر» سابقاً) اللجنة الأمنية العليا للانتخابات لاجتماعها الموسع قبل أيام

مع بدء العد التنازلي لانتخابات مجالس المحافظات في العراق، نهاية العام الحالي، أصدرت محكمة التمييز الاتحادية قراراً بشمول محافظ نينوى نجم الجبوري (القائد العسكري البارز في المؤسسة العسكرية العراقية) بقانون «المساءلة والعدالة» المعروف بـ«اجتثاث البعث»، وهو ما يعني حرمانه من الترشح في تلك الانتخابات. وذكرت المحكمة في قرار الحكم «أنها ردَّت اعتراض الجبوري على شموله بقانون المساءلة والعدالة الذي سبق أن أكدته (هيئة المساءلة والعدالة) عند مخاطبتها من قبل المفوضية العليا المستقلة للانتخابات».

وأوضحت أن الجبوري، ووفقاً «للائحته التمييزية التي بين فيها أنه عمل في الاستخبارات العسكرية المنحلة، وبدرجة عضو فرقة في حزب البعث المنحل، قررت المحكمة تصديق قرار الهيئة الوطنية العليا للمساءلة والعدالة».

وأعاد حرمان الجبوري من الترشح لانتخابات مجالس المحافظات، ملف «اجتثاث البعث» إلى الواجهة الذي طالما هاجمته القوى السنية في العراق؛ كونه بات سيفاً مسلطاً على المنتمين من السنَّة لحزب البعث المحظور بموجب الدستور العراقي، ثم تحول إلى نقطة خلافية بين الأطراف السنية ذاتها. وتنتقد بعض قياداتها ما تعده «معايير مزدوجة» على صعيد تطبيق هذا القانون بعد عام 2003 إلى اليوم، من خلال استثناء ضباط الجيش العراقي السابق من الشيعة من أحكامه وتطبيقها على العرب السنَّة فقط.

صورة نشرها موقع مفوضية الانتخابات العراقية من اجتماع تحضيري للانتخابات المحلية

ومن المعروف أن ضباطاً من الشيعة كانوا منتمين لـ«البعث» سابقاً، يمارسون حياتهم الطبيعية، وبعضهم كان وصل إلى أعلى المناصب في عهد الرئيس العراقي السابق صدام حسين.

وبينما تتصاعد الانتقادات بشأن استمرار قانون «هيئة المساءلة والعدالة» هذا، فإن قضية نجم الجبوري، وفقاً لقيادي سنّي مستقل، ربما تختلف عن سواها من قضايا القادة العسكريين أو السياسيين. ويؤكد لـ«الشرق الأوسط»، طالباً عدم الإشارة إلى اسمه، أن «الجبوري ضابط عسكري رفيع يحمل رتبة فريق ركن، وتولى مناصب عسكرية عليا في المؤسسة العسكرية العراقية بعد عام 2003. ومنها قيادة عمليات نينوى، وقاتل تنظيم (داعش) بشراسة، ولم يشمل أثناء توليه تلك المسؤوليات، في سياقات الاجتثاث، رغم معرفة الجهات المسؤولة أنه كان، مثل سواه من كبار الضباط العسكريين السابقين، بعثياً».

وأضاف: «الأهم من ذلك أن ملف الاجتثاث لم يشمل الجبوري عندما كان محافظ نينوى، وهو المنصب الذي لا يزال يشغله حتى الآن، بينما يتم إدراجه الآن بعد أن ترشح مع كيانه السياسي لانتخابات مجالس المحافظات»، مبيناً أن «مَن يقف خلف اجتثاث الجبوري هم منافسوه السنَّة في محافظة نينوى، والجهات التي تقف خلفهم في بغداد، وليس مؤسسة المساءلة والعدالة، التي لا تتحرك إلا بعد أن تقدم لها المعلومات بشأن شمول هذا الطرف أو ذاك».

امرأة خلال عملية الاقتراع بانتخابات البرلمان العراقي في أكتوبر 2021 (رويترز)

وكان الجبوري نفسه استغرب من «توقيت» شموله بالاجتثاث. وأعلن، في تصريحات متلفزة، أنه «عندما كان قائداً عسكرياً كان محل إشادة من قبل الجميع، ويعدونه بطلاً، بينما الآن يحرم من المشاركة في الانتخابات».

وفي هذا السياق، يقول الباحث في الشأن السياسي والأكاديمي الدكتور غالب الدعمي إن «شمول محافظ نينوى نجم الجبوري بقانون المساءلة والعدالة وعدم جواز ترشحه لانتخابات مجالس المحافظات قرار ظالم». وأضاف أن «الجبوري بطل قاتل الإرهاب، وشغل مناصب مهمة، وكسب كثيراً من الناس، واستطاع إعادة محافظة نينوى إلى رونقها، من خلال إيقاف كثير من ملفات الفساد، ولا أحد يشك في وطنيته وأخلاقه وإدارته ونزاهته».

وأوضح الدعمي أن «قرار اجتثاث الجبوري لم يأخذ بالحسبان ما قدم من خدمات، لذلك كان القرار ظالماً، حتى وإن شملته قواعد الاجتثاث؛ فقد كان بالإمكان إصدار استثناء خاص له، لأن هناك العشرات من الضباط الذين يحملون رتباً عالية في زمن النظام السابق، إلا أنهم بقوا مقربين من الحكومات السابقة».

عناصر من القوات العراقية إلى جانب آليات عسكرية خلال ملاحقة «داعش» (رويترز)

في السياق نفسه، يرى الخبير القانوني أحمد الباوي أن «قانون المساءلة والعدالة أصبح لعبة بيد الزعامات السياسية»، مؤكداً أن هذا «يتناقض مع أبجديات الديمقراطية، ويُضعف ثقة المواطن بالقانون وبالزعامات السياسية». وأضاف أن «هذا القانون شُرع ليرفع الحيف عن الذين ظلموا في فترة حكم البعث، لكن ما يحصل حالياً هو أن القانون أصبح لعبة بيد الزعامات السياسية».


مقالات ذات صلة

عودة الجدل حول الاتفاق السياسي بعد فوز المشهداني برئاسة البرلمان العراقي

المشرق العربي رئيس البرلمان العراقي محمود المشهداني (أرشيفية - رويترز)

عودة الجدل حول الاتفاق السياسي بعد فوز المشهداني برئاسة البرلمان العراقي

بعد أقل من أسبوع على نجاح البرلمان العراقي في انتخاب محمود المشهداني رئيساً للبرلمان، عادت ورقة «الاتفاق السياسي» إلى الواجهة بعد تعثر تنفيذها.

حمزة مصطفى (بغداد)
المشرق العربي مشيع يشارك في جنازة قائد من كتائب «حزب الله» العراقية المسلحة الذي قُتل فيما أُطلقت عليه تسمية «هجوم صهيوني» بالعاصمة السورية دمشق... بغداد 22 سبتمبر 2024 (رويترز)

«حزب الله» العراقي ينفي وجود تحضيرات للمشاركة في رد إيراني على إسرائيل

نفى «حزب الله» العراقي وجود تحضيرات لفصائل مسلحة عراقية للمشاركة في رد إيراني على الهجمات الإسرائيلية الأخيرة التي استهدفت إيران.

«الشرق الأوسط» (بغداد)
العالم العربي مسيّرات دخلت المجال الجوي الإسرائيلي في صحراء العربة بالقرب من «مطار رامون»... (أرشيفية - رويترز)

«فصائل المقاومة الإسلامية» بالعراق تعلن قصف «هدف عسكري في الأراضي المحتلة»

أعلنت «فصائل المقاومة الإسلامية» بالعراق، اليوم الخميس، أنها قصفت «هدفاً عسكرياً في الأراضي المحتلة بالطيران المسيّر».

«الشرق الأوسط» (بغداد)
المشرق العربي العراق... جهود حكومية حثيثة لإنجاز التعداد السكاني

العراق... جهود حكومية حثيثة لإنجاز التعداد السكاني

تواصل الحكومة العراقية جهودها الحثيثة لإنجاز تعهدها بإجراء التعداد السكاني العام المقرر في العشرين من شهر نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي

فاضل النشمي (بغداد)
المشرق العربي رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني (رويترز)

العراق: أنباء اتخاذ أراضي البلاد منطلقاً لهجمات «ذرائع كاذبة»

أكّد «مجلس الأمن الوطني العراقي»، الأربعاء، أن الأنباء التي تتحدث عن اتخاذ أراضي البلاد منطلقاً لهجمات أو ردود على اعتداءات، «ما هي إلا ذرائع كاذبة».

«الشرق الأوسط» (بغداد)

إصابة جنود سوريين في غارات إسرائيلية على محيط حلب

إصابة جنود سوريين في غارات إسرائيلية على محيط حلب
TT

إصابة جنود سوريين في غارات إسرائيلية على محيط حلب

إصابة جنود سوريين في غارات إسرائيلية على محيط حلب

قالت وسائل إعلام رسمية في وقت مبكر اليوم (السبت)، إن عدداً من الجنود السوريين أصيب في «عدوان» إسرائيلي في محيط مدينة السفيرة قرب حلب وإدلب.

وذكرت وسائل الإعلام نقلاً عن مصدر عسكري، أن «عدوانا جوياً استهدف عدداً من المواقع في ريفي حلب وإدلب، ما أدى إلى إصابة عدد من العسكريين ووقوع بعض الخسائر المادية».

وبحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان، استهدفت غارات إسرائيلية معامل للصناعات العسكرية والبحوث العلمية، التابعة لقوات النظام في مدينة السفيرة، ويوجد فيها عناصر من الحرس الثوري الإيراني ومجموعات موالية لطهران.

وتشن إسرائيل هجمات على أهداف مرتبطة بإيران في سوريا منذ أعوام، لكنها كثفت هجماتها منذ الهجوم الذي شنته حركة «حماس» على إسرائيل في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) من العام الماضي.