الأكراد ينتقدون «صمت دمشق» إزاء الهجمات التركية

أحزاب وتنظيمات سياسية تنشد دوراً عربياً لردع أنقرة

منشأة نفطية تعرّضت لقصف تركي في ريف القحطانية بمحافظة الحسكة اليوم الجمعة (أ.ف.ب)
منشأة نفطية تعرّضت لقصف تركي في ريف القحطانية بمحافظة الحسكة اليوم الجمعة (أ.ف.ب)
TT

الأكراد ينتقدون «صمت دمشق» إزاء الهجمات التركية

منشأة نفطية تعرّضت لقصف تركي في ريف القحطانية بمحافظة الحسكة اليوم الجمعة (أ.ف.ب)
منشأة نفطية تعرّضت لقصف تركي في ريف القحطانية بمحافظة الحسكة اليوم الجمعة (أ.ف.ب)

طالبت أحزاب وتنظيمات سياسية في سوريا جامعة الدول العربية بالتدخل لـ«ردع» الهجمات التركية على الأراضي السورية. وأدان «مجلس سوريا الديمقراطية»، الجناح السياسي لـ«قوات سوريا الديمقراطية»، بأشد العبارات ما وصفه بـ«العدوان التركي» على مناطق شمال شرق سوريا، مشيراً في بيان الجمعة إلى أن طائرات ومسيّرات حربية تركية «شنّت سلسلة هجمات على منشآت الطاقة والمرافق الحيوية بشكل عدائي ووحشي غير مسبوق»، في إشارة إلى الضربات التي تقول تركيا إنها تنفذها في شمال وشمال شرق سوريا رداً على هجوم تبناه حزب كردي في أنقرة الأحد الماضي.

وقالت فوزة يوسف، وهي مسؤولة كردية بارزة في شمال شرق سوريا: إن الهجمات التركية تُعد جريمة حرب وانتهاكاً صارخاً لمواثيق الأمم المتحدة. وحمّلت يوسف الحكومة السورية مسؤولية حماية سيادة حدود الدولة ومجالها الجوي في مواجهة الضربات التركية، في وقت دعت «دائرة العلاقات الخارجية» بالإدارة الذاتية التي تدير شمال شرق سوريا ويهيمن عليها الأكراد، المجتمع الدولي والولايات المتحدة وروسيا إلى اتخاذ «مواقف صريحة وواضحة»، وإلا فإن ما تقوم به تركيا «سيخلق فوضى وأزمات كارثية».

إطفائي يحاول إخماد حريق في منشأة نفطية بمحافظة الحسكة اليوم الجمعة (أ.ف.ب)

وفي حصيلة غير نهائية، استهدفت المسيّرات التركية خلال الـ48 ساعة الماضية 52 موقعاً عسكرياً ومدنياً في مناطق شمال شرق سوريا، بما في ذلك 19 منشأة تعدّ من البنى التحتية و22 مبنى سكنياً و11 موقعاً عسكرياً، إضافة إلى 5 مواقع للقوات النظامية المنتشرة في محيط المناطق التي تعرضت للقصف. وأسفر القصف التركي عن سقوط 11 قتيلاً هم 7 عسكريين و4 ضحايا مدنيين.

وفي هذا الإطار، أفيد بأن المسيّرات التركية قصفت 19 موقعاً في مدينة القامشلي بريف الحسكة، و12 موقعاً بمحافظة الحسكة، و3 مواقع في بلدة المالكية (ديريك) التابعة للحسكة، وثلاثة مواقع في مدينة عين العرب (كوباني) بريف حلب الشرقي، و14 موقعاً في مناطق الشهباء بريف حلب الشمالي.

وتعقيباً على سلسلة الهجمات التركية وتصاعد وتيرتها، قالت فوزة يوسف عضو الهيئة الرئاسية لـ«حزب الاتحاد الديمقراطي» الكردي (الذي يشارك في قيادة الإدارة الذاتية بشمال وشمال شرق البلاد)، في حديث لـ«الشرق الأوسط»: إن ما تقوم به تركيا يمثّل استمراراً لـ«حرب الإبادة ضد الشعب الكردي وشعوب المنطقة»، على حد تعبيرها. وأشارت إلى أن استهداف المدنيين والبنية التحتية «يعدّ جريمة حرب وانتهاكاً لميثاق الأمم المتحدة والقوانين الدولية. هدف هذه الهجمات تفريغ المنطقة من سكانها الأصليين وتحقيق المطامع التوسعية (لتركيا)»، علماً أن أنقرة تؤكد أن هجماتها تستهدف فقط التنظيمات الإرهابية الكردية الناشطة في شمال شرق سوريا.

حريق في منشأة بسباسي النفطية التي تعرّضت لقصف تركي في ريف القحطانية بمحافظة الحسكة اليوم الجمعة (أ.ف.ب)

وانتقدت المسؤولة الكردية موقف حكومة دمشق من تصاعد الهجمات التركية. وأضافت: «حكومة دمشق لم تبدِ أي موقف حتى الآن ضد الهجمات التركية، وصمتها موقف مخجل، وبعيد عن روح المسؤولية، فالحكومة مسؤولة عن حماية سيادة كامل حدودها والقيام بواجباتها».

وأصدرت أحزاب وتنظيمات سياسية بياناً خلال مؤتمر صحافي عُقد في القامشلي اليوم نددت فيه بالهجمات التركية، واتهمت أنقرة بـ«خلق الذرائع» لتبرير ما تقوم به. ومن بين الأحزاب الموقّعة على البيان، «الحزب السوري القومي الاجتماعي» و«تيار اليسار الثوري» و«حزب الاتحاد الديمقراطي»، و«الهيئة الوطنية العربية» و«تيار طريق التغيير السلمي» و15 حزباً وجهة سياسية. وناشدت هذه التنظيمات الجامعة العربية تحمل مسؤولياتها والتدخل الفوري «لوقف العدوان التركي»، بحسب ما ورد في البيان.

كما رفض «مجلس سوريا الديمقراطية» عبر بيان نُشر على حسابه الرسمي في منصة «إكس» الهجمات التركية على مناطق الإدارة الذاتية بأقصى شمال شرقي سوريا، ونفت «صحة المزاعم التركية حول عبور منفّذي هجوم أنقرة الأخير من مناطق شمال وشرق سوريا»، مؤكدة أن هدف الهجمات التركية يتمثل في ضرب الأمن والاستقرار «الذي حققته قوات التحالف الدولي ضد (داعش) بالتعاون مع قوات سوريا الديمقراطية».

آثار قصف تركي على القحطانية بمحافظة الحسكة اليوم الجمعة (أ.ف.ب)

بدورها؛ طالبت «دائرة العلاقات الخارجية» بالإدارة الذاتية المجتمع الدولي والأطراف الضامنة لاتفاقات خفض التصعيد، وعلى رأسها الولايات المتحدة وروسيا الاتحادية، باتخاذ «مواقف صريحة وواضحة، وإلا ستُقوّض جهود خفض التصعيد». وقال رئيس المسؤول في الإدارة الذاتية بدران جيا كرد في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «إن الصمت والتخاذل في هذا السياق غير مقبول؛ فالتهديدات التركية لمناطقنا والاعتداءات بهذا الشكل الوحشي ستؤدي إلى كوارث إنسانية خطيرة، وتعزز من نشاط التنظيمات الإرهابية وتُقوض جهودنا في مكافحتها».


مقالات ذات صلة

بيدرسن: من الضروري عدم جر سوريا إلى النزاع

المشرق العربي لقاء صباغ وبيدرسن في مقر وزارة الخارجية السورية 24 نوفمبر 2024 (حساب الوزارة على فيسبوك)

بيدرسن: من الضروري عدم جر سوريا إلى النزاع

اعتبر المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى سوريا، غير بيدرسن، بعد لقائه وزير الخارجية السوري بسام الصباغ في دمشق، أمس، أنه «من الضروري للغاية ضمان أن يكون هناك وقف.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
المشرق العربي لقاء صباغ وبيدرسن في مقر وزارة الخارجية السورية 24 نوفمبر 2024 (حساب الوزارة على فيسبوك)

بيدرسن: من الضروري عدم جر سوريا إلى النزاع في المنطقة

لم تصدر أي تفاصيل حول نتائج لقاء الموفد الأممي إلى سوريا، غير بيدرسن، الأحد، مع وزير الخارجية السوري بسام الصباغ في دمشق.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
المشرق العربي الدخان يتصاعد من المباني بعد قصف سابق على حمص (أرشيفية - رويترز)

هجوم إسرائيلي يستهدف معبراً بريف حمص عند الحدود السورية - اللبنانية

ذكرت «وكالة الأنباء السورية»، السبت، أن الطائرات الإسرائيلية شنّت هجوماً استهدف معبر جوسية بمنطقة القصير في ريف حمص عند الحدود السورية - اللبنانية.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
شؤون إقليمية أحد مخيمات اللاجئين السوريين في تركيا (إعلام تركي)

تراجع أعداد اللاجئين السوريين في تركيا لأقل من 3 ملايين

تراجعت أعداد اللاجئين السوريين الخاضعين لنظام الحماية المؤقتة في تركيا إلى أقل من 3 ملايين لاجئ.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
المشرق العربي تشييع اثنين من ضحايا هجوم تدمر في الحطابية بمحافظة حمص الجمعة (متداولة)

بعد هجوم تدمر... قيادات إيرانية تتحرك من سوريا نحو العراق

أنباء عن مغادرة قياديين في «الحرس الثوري الإيراني» وميليشيات تابعة لإيران، الأراضي السورية متجهة إلى العراق؛ خشية تعرضهم للاستهداف.

«الشرق الأوسط» (دمشق)

بيدرسن: من الضروري عدم جر سوريا إلى النزاع

لقاء صباغ وبيدرسن في مقر وزارة الخارجية السورية 24 نوفمبر 2024 (حساب الوزارة على فيسبوك)
لقاء صباغ وبيدرسن في مقر وزارة الخارجية السورية 24 نوفمبر 2024 (حساب الوزارة على فيسبوك)
TT

بيدرسن: من الضروري عدم جر سوريا إلى النزاع

لقاء صباغ وبيدرسن في مقر وزارة الخارجية السورية 24 نوفمبر 2024 (حساب الوزارة على فيسبوك)
لقاء صباغ وبيدرسن في مقر وزارة الخارجية السورية 24 نوفمبر 2024 (حساب الوزارة على فيسبوك)

اعتبر المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى سوريا، غير بيدرسن، بعد لقائه وزير الخارجية السوري بسام الصباغ في دمشق، أمس، أنه «من الضروري للغاية ضمان أن يكون هناك وقف فوري لإطلاق النار في غزة ولبنان، وأن نجنب جر سوريا» إلى النزاع في المنطقة.

من جانبها، لم تُصدر الخارجية السورية أي تفاصيل حول نتائج لقاء بيدرسن والصباغ، واكتفت ببيان مقتضب أعلنت فيه عن اللقاء من دون تفاصيل. وكانت مصادر محلية قد أفادت بأن زيارة بيدرسن الثانية إلى دمشق خلال هذا العام تهدف إلى بحث إمكانية استئناف «اللجنة الدستورية» لحل الأزمة السورية، اجتماعاتها المتعثرة منذ أكثر من عامين، بسبب الخلاف على مكان عقد الاجتماع، وذلك بعد الرفض الروسي القاطع لعقدها في جنيف على خلفية موقف سويسرا من الحرب الروسية - الأوكرانية. وعقدت اللجنة الدستورية 8 جلسات وتم تأجيل الجلسة التاسعة بعد طلب روسيا تغيير مكان انعقاد المحادثات.