تعزيزات تركية وسط تصعيد بين «تحرير الشام» و«الجيش الوطني» في حلب

طائرة مسيّرة تستهدف «وحدات حماية المرأة» في ريف منبج

مقاتلون من فصيل موالٍ لتركيا على الجبهة ضد «قوات سوريا الديمقراطية» في ريف منبج بشمال سوريا يوم 6 سبتمبر الجاري (أ.ف.ب)
مقاتلون من فصيل موالٍ لتركيا على الجبهة ضد «قوات سوريا الديمقراطية» في ريف منبج بشمال سوريا يوم 6 سبتمبر الجاري (أ.ف.ب)
TT

تعزيزات تركية وسط تصعيد بين «تحرير الشام» و«الجيش الوطني» في حلب

مقاتلون من فصيل موالٍ لتركيا على الجبهة ضد «قوات سوريا الديمقراطية» في ريف منبج بشمال سوريا يوم 6 سبتمبر الجاري (أ.ف.ب)
مقاتلون من فصيل موالٍ لتركيا على الجبهة ضد «قوات سوريا الديمقراطية» في ريف منبج بشمال سوريا يوم 6 سبتمبر الجاري (أ.ف.ب)

دفع الجيش التركي بتعزيزات عسكرية إلى ريف حلب الشمالي وسط تصاعد التوتر بين فصائل ما يعرف بـ«الجيش الوطني السوري» الموالي لأنقرة و«هيئة تحرير الشام» في جرابلس، شمال شرقي حلب. وفي الوقت ذاته، استمر تصاعد الاستهدافات في ريف حلب بين القوات التركية والفصائل الموالية لها من جهة، وبين «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد) والقوات السورية من جهة ثانية.

وأرسل الجيش التركي تعزيزات إلى شمال حلب، وسط توتر داخل فصيل «حركة أحرار الشام»، المنقسم بين جناح موالٍ لـ«هيئة تحرير الشام»، وآخر ضمن «الجيش الوطني» الموالي لتركيا في منطقة معبر الحمران بريف جرابلس شرق حلب.

وتوجهت التعزيزات التركية التي ضمت دبابات وعربات عسكرية، إلى كفرجنة بريف حلب الشمالي، بهدف منع عناصر «هيئة تحرير الشام» والفصائل التابعة لها من التوغل في المنطقة، في حين أعلن «الجيش الوطني» التأهب الكامل لجميع فصائله، وفي مقدمها «فرقة السلطان مراد».

وشهدت المنطقة الممتدة من جرابلس إلى أعزاز بريف حلب الشمالي، الواقعة ضمن ما يعرف بمنطقة «درع الفرات»، الخاضعة لسيطرة القوات التركية و«الجيش الوطني»، استنفاراً شديداً على خلفية إرسال «هيئة تحرير الشام» أرتالاً عسكرية تحت اسم «تجمع الشهباء» من عفرين ومارع، باتجاه معبر الحمران في محاولة للسيطرة عليه. وقامت عناصر فصيل «الجبهة الشامية» برفع السواتر الترابية في قرية قطمة الواصلة بين أعزاز وعفرين لمنع تقدم أرتال «تحرير الشام».

جانب من مواجهات بين عناصر فصيل موالٍ لتركيا و«قوات سوريا الديمقراطية» في ريف منبج بشمال سوريا يوم 6 سبتمبر الجاري (أ.ف.ب)

وأفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان» بأن الفصائل الموالية لتركيا تخشى تمدد «تحرير الشام» في المنطقة والسيطرة عليها بشكل تدريجي، وكذلك السيطرة على معبر الحمران.

وأشارت المعلومات إلى إصابة عنصرين من «الجيش الوطني» في اشتباكات بين «فرقة السلطان مراد» و«حركة أحرار الشام» وسط مدينة أعزاز بريف حلب الشمالي ضمن منطقة «درع الفرات». كما نشر «لواء عاصفة الشمال» عناصره، بشكل مكثف، في المنطقة منعاً لتجدد الاشتباكات.

في غضون ذلك، قصفت القوات التركية والفصائل الموالية، الجمعة، مناطق في محيط وأطراف قرى السموقة والمديونة وحربل، ضمن مناطق انتشار «قسد» والجيش السوري بريف حلب الشمالي، وسط تحليق لطيران استطلاع مجهول في أجواء المنطقة، بحسب «المرصد».

وقُتل 3 من عناصر «الجيش الوطني» قبل أيام في اشتباكات مع «قوات تحرير عفرين»، التابعة لـ«قسد»، على محور حزوان بريف الباب شرق حلب، وسط تبادل للقصف المدفعي المكثف.

واندلعت اشتباكات على محور مرعناز شمال غربي حلب، بين القوات السورية و«قسد» من جهة، و«الجيش الوطني» من جهة ثانية.

وذكرت تقارير أن القوات السورية جددت قصفها المدفعي على مواقع في مناطق خفض التصعيد، المعروفة بمنطقة «بوتين - إردوغان»، مستهدفة مناطق في كفرعمة بريف حلب الغربي، وأخرى في فليفل والفطيرة بجبل الزاوية في ريف إدلب الجنوبي، كما تعرضت مواقع في ريف اللاذقية الشمالي لقصف مماثل من قبل قوات الحكومة السورية، ووقعت استهدافات متبادلة بينها وبين فصائل «غرفة عمليات الفتح المبين» بالرشاشات الثقيلة.

من ناحية أخرى، استهدفت طائرة مسيّرة تركية، الجمعة، سيارة عسكرية تابعة لـ«وحدات حماية المرأة»، وهي جزء من «وحدات حماية الشعب» الكردية (أكبر مكوّنات «قسد»)، لدى مرورها قرب حاجز الحطابات بريف منبج الجنوبي شرق حلب، ضمن منطقة سيطرة «مجلس منبج العسكري»، ما أدى إلى مقتل 3 عناصر وإصابة آخر.

ونفّذت المسيّرات التركية 48 استهدافاً على مناطق «الإدارة الذاتية» في شمال وشمال شرقي سوريا (المناطق الخاضعة لسيطرة «قسد»)، منذ مطلع العام الحالي، ما تسبب بمقتل 58 شخصاً وإصابة 52 آخرين بجروح متفاوتة.


مقالات ذات صلة

وزير دفاع تركيا يستبعد عملية عسكرية جديدة ضد «قسد» شمال سوريا

شؤون إقليمية وزير الدفاع التركي يشار غولر خلال اجتماع لجنة الخطة والموازنة بالبرلمان الثلاثاء (وزارة الدفاع التركية)

وزير دفاع تركيا يستبعد عملية عسكرية جديدة ضد «قسد» شمال سوريا

استبعد وزير الدفاع التركي يشار غولر شن عملية عسكرية تستهدف مواقع قوات سوريا الديمقراطية (قسد) في شمال سوريا سبق أن لوح بها الرئيس رجب طيب إردوغان مراراً.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية وزير الخارجية التركي هاكان فيدان (الخارجية التركية)

تركيا تعيد للواجهة المبادرة العراقية للتطبيع مع سوريا بعد موقف روسيا

أعادت تركيا إلى الواجهة مبادرة رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني للوساطة مع سوريا بعد التصريحات الأخيرة لروسيا.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
المشرق العربي لقاء صباغ وبيدرسن في مقر وزارة الخارجية السورية 24 نوفمبر 2024 (حساب الوزارة على فيسبوك)

بيدرسن: من الضروري عدم جر سوريا إلى النزاع

اعتبر المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى سوريا، غير بيدرسن، بعد لقائه وزير الخارجية السوري بسام الصباغ في دمشق، أمس، أنه «من الضروري للغاية ضمان أن يكون هناك وقف.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
المشرق العربي لقاء صباغ وبيدرسن في مقر وزارة الخارجية السورية 24 نوفمبر 2024 (حساب الوزارة على فيسبوك)

بيدرسن: من الضروري عدم جر سوريا إلى النزاع في المنطقة

لم تصدر أي تفاصيل حول نتائج لقاء الموفد الأممي إلى سوريا، غير بيدرسن، الأحد، مع وزير الخارجية السوري بسام الصباغ في دمشق.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
شؤون إقليمية أحد مخيمات اللاجئين السوريين في تركيا (إعلام تركي)

تراجع أعداد اللاجئين السوريين في تركيا لأقل من 3 ملايين

تراجعت أعداد اللاجئين السوريين الخاضعين لنظام الحماية المؤقتة في تركيا إلى أقل من 3 ملايين لاجئ.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)

«وحدة الساحات» في العراق... التباس بين الحكومة والفصائل

رئيس الحكومة العراقية محمد شياع السوداني خلال اجتماع مع قادة الجيش (إعلام حكومي)
رئيس الحكومة العراقية محمد شياع السوداني خلال اجتماع مع قادة الجيش (إعلام حكومي)
TT

«وحدة الساحات» في العراق... التباس بين الحكومة والفصائل

رئيس الحكومة العراقية محمد شياع السوداني خلال اجتماع مع قادة الجيش (إعلام حكومي)
رئيس الحكومة العراقية محمد شياع السوداني خلال اجتماع مع قادة الجيش (إعلام حكومي)

تسير الحكومة العراقية منذ أشهر في خط متقاطع مع الفصائل المسلحة المنخرطة في «محور المقاومة»، لجهة الموقف من الحرب الإسرائيلية على لبنان وغزة، فالموقف الرسمي الحكومي يرفض بشكل علني ومكرر تورط البلاد في الحرب، في حين يجري شعار «وحدة الساحات» على ألسن قادة الفصائل ليل نهار.

مع ذلك، لا يبدو التقاطع حاداً وحاسماً بين الجانبين، وفقاً لمراقبين، ذلك أن فصائل منخرطة في الحرب لها نفوذ واسع داخل حكومة السوداني وهي من أوصلته إلى السلطة، وقد وردت منظمتا؛ «بدر» التي يقودها هادي العامري، و«عصائب أهل الحق» التي يقودها قيس الخزعلي، ضمن لائحة الجماعات المتهمة بمهاجمة إسرائيل بعد الشكوى التي وجهتها الأخيرة إلى مجلس الأمن قبل أيام.

عناصر من «كتائب حزب الله العراقي» خلال مشاركتهم في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)

التباس بين الحكومة والفصائل

غير أن «الالتباس» في الصلة بين الحكومة والفصائل، سواء على مستوى الموقف من الحرب الدائرة، وعلى مستوى شراكتهم في إدارة السلطة، لم يمنع حكومة رئيس الوزراء، محمد شياع السوداني، من تأكيد «حيادها» النسبي وتأكيدها الدائم على احتكار الدولة، وليس الفصائل، قرار الحرب والسلم.

ويميل مراقبون إلى أن حكومة السوداني تستند في مسعاها نحو النأي بالبلاد عن شرور الحرب، إلى حلفاء وشخصيات أساسية داخل «الإطار التنسيقي» ترفض توريط البلاد في الحرب، في مقابل قوى أخرى داخل «الإطار» تدفع باتجاه تكريس العراق جزءاً من معادلة الحرب، وحشره في «وحدة الساحات».

وقبل نحو أسبوعين، قدم رئيس «تيار الحكمة» القيادي في «الإطار التنسيقي»، عمار الحكيم، دعماً واضحاً لحكومة السوداني في إطار سعيها لتجنب الحرب ضمن شعار «وحدة الساحات»، حين قال إن «بلاده غير مهيّأة لخوض حربٍ إقليمية شاملة».

واكتفى بالإشارة إلى أن «العراق قادر على تقديم الدعم والإسناد للقضية الفلسطينية واللبنانية عبر 3 اتجاهات: الدعم السياسي، والإدانة والاستنكار، والوساطات». وفي ذلك إشارة صريحة وواضحة إلى عدم القبول بانخراط «العراق الرسمي» ضمن شعار «وحدة الساحات».

وأول من أمس، شدد رئيس الوزراء الأسبق، حيدر العبادي، على عدم توريط العراق في الحرب، مما يمثل دعماً «إطارياً» آخر لموقف البلاد الرسمي، حين شدد، في تدوينه عبر منصة «إكس»، على عدم «السماح للمغامرين بقيادة السياسات والقرارات الوطنية».

وفهم بعض المراقبين أن المقصود بهذه الإشارة هي الفصائل المسلحة التي لطالما وجّه لها العبادي انتقادات لاذعة في مناسبات سابقة.

وحذر العبادي، أيضاً، من «الانحياز الجبهوي في السياسات والقرارات الوطنية لمصلحة أحد المحاور المتصارعة بالضد من المصلحة الوطنية العراقية».

الموقف الحكومي

تؤكد مصادر مقربة من الحكومة أن «لدى الحكومة موقفاً ثابتاً ضد شعار (وحدة الساحات) رغم الضغوط الكثيرة التي تعرضت لها من جانب بعض الفصائل والراعي الإيراني».

ويستبعد المصدر، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، بقاء شعار «وحدة الساحات» قائماً في حال توصلت إسرائيل و«حزب الله» إلى اتفاق لوقف الحرب.

وتوقع أن تلجأ «الفصائل العراقية إلى فك الارتباط بجبهة غزة في حال وافق (حزب الله) على الهدنة، لكن الأمر المثير للقلق هو أن إمكانية استهداف إسرائيل إيران قد تؤدي إلى استعادة الفصائل شعارها».

وفي الأسبوع الماضي، تحدث الأمين العام لـ«كتائب حزب الله» بصراحة عن أن «حزب الله» اللبناني بيده قرار الالتزام بشعار «وحدة الساحات».

وقال نزار الحيدر، وهو باحث وأكاديمي عراقي، إن «(وحدة الساحات) هو شعار طهران الحصري لحماية نفسها، لذا؛ فهي تتحكم فيه، فترجئه متى أرادت، وتعيد تنشيطه متى ما رغبت، وفق مصالح أمنها القومي».

وأوضح الحيدر أن «الفصائل المسلحة في العراق التي ترى نفسها جزءاً من هذه النظرية لا تشذ عن هذه القاعدة».

رئيس الحكومة العراقية محمد شياع السوداني مع الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان في بغداد (أرشيفية - إعلام حكومي)

ضغوط أميركية

وإلى جانب ذلك، يعتقد مراقبون محليون أن الضغوط الأميركية، والتهديدات الإسرائيلية باستهداف العراق، بجانب إمكانية وقف الحرب في لبنان، عوامل مهمة «قد تساهم في تراجع الفصائل عن شعارها، وربما تمنحها بطاقة عبور لتمرير موقفها المهادن لاحقاً، أمام جمهورها».

وقالت السفيرة الأميركية لدى العراق، ألينا رومانوسكي، الاثنين، خلال طاولة مستديرة لعدد من وسائل الإعلام: «أود أكون واضحة جداً، ومنذ البداية، في أن الإسرائيليين وجّهوا تحذيرات ردع للميليشيات المدعومة إيرانياً والموجودة هنا في العراق، والتي تعتدي على إسرائيل».

وأضافت أن «هذه الميليشيات هي التي بدأت الاعتداء على إسرائيل. ولأكون واضحة جداً في هذه النقطة، فإن الإسرائيليين حذروا حكومة العراق بأن يوقفوا هذه الميليشيات عن اعتداءاتها المتكررة والمستمرة على إسرائيل».

وتابعت أن «رسالتنا إلى حكومة العراق هي أن تسيطر على هذه الميليشيات المنفلتة والتي لا تعتد بأوامر الحكومة وأوامر القائد العام للقوات المسلحة رئيس الوزراء. وإسرائيل أمة لها سيادتها، وهم سيردون على أي اعتداء من أي مكان ضدهم».

وكانت مصادر تحدثت عن رسائل بعثت بها إسرائيل إلى بغداد عبر السفير الأذربيجاني، لكن مستشار الأمن القومي قاسم الأعرجي نفى ذلك.