وزير خارجية إيران «ضد التدخل» في الشأن اللبناني ويحتضن «الممانعة» الفلسطينية

مع ارتفاع الاحتجاجات الشعبية في سوريا

الرئيس نبيه بري مستقبلاً وزير الخارجية الإيراني (إ.ب.أ)
الرئيس نبيه بري مستقبلاً وزير الخارجية الإيراني (إ.ب.أ)
TT

وزير خارجية إيران «ضد التدخل» في الشأن اللبناني ويحتضن «الممانعة» الفلسطينية

الرئيس نبيه بري مستقبلاً وزير الخارجية الإيراني (إ.ب.أ)
الرئيس نبيه بري مستقبلاً وزير الخارجية الإيراني (إ.ب.أ)

الجديد في زيارة وزير الخارجية الإيرانية حسين أمير عبداللهيان، إلى بيروت، يكمن في أنها تأتي هذه المرة على إيقاع ارتفاع منسوب الاحتجاجات الشعبية في جنوب سوريا، تحديداً في محافظة السويداء، على الواقع المأزوم اقتصادياً ومعيشياً، بالتزامن مع اندلاع الاشتباكات في المناطق الشمالية والشرقية من سوريا، وتعذّر السيطرة عليها، وهذا ما بدأ يشكل قلقاً لإيران، كما تقول مصادر دبلوماسية عربية وغربية لـ«الشرق الأوسط»، يدعوها للتشدّد في لبنان، وعدم التفريط بورقة فائض القوة التي يتمتع بها محور الممانعة بقيادة «حزب الله»، الذي يتولى بتحالفه ورئيس المجلس النيابي نبيه بري الإمساك بملف انتخاب رئيس للجمهورية.

وتلفت المصادر إلى أن زيارة عبداللهيان لبيروت لم تكن مفاجئة، ولا يهدف منها للدخول في مبارزة مع مستشار الرئيس الأميركي لشؤون الطاقة آموس هوكستاين، الذي كان سبقه في جولته على القيادات السياسية، وتقول بأن الصدفة جمعتهما في وقت واحد، وأن لكل منهما جدول أعماله الخاص.

وتؤكد أن عبداللهيان أجرى مروحة من الاتصالات والمشاورات بهدف توفير الغطاء السياسي للقائه أمين عام «حزب الله» حسن نصر الله، والقيادات الفلسطينية المنتمية إلى محور الممانعة، للتباحث بالتطورات المستجدة في المنطقة في ضوء ما تشهده سوريا من احتجاجات في مناطق ليست خاضعة لسيطرة النظام السوري، وتتبع لنفوذ متعدد الانتماءات الإقليمية والدولية.

وتكشف المصادر نفسها أن الأوضاع في سوريا كانت حاضرة بامتياز على طاولة لقاء عبداللهيان بنصر الله، انطلاقاً من دعمهما النظام في سوريا، وفي ضوء الأجواء التي سادت اجتماع عبداللهيان بالرئيس بشار الأسد، كونهما شركاء في الوقوف إلى جانبه.

وتؤكد أن طهران تتقاطع في موقفها مع «حزب الله» الذي ينظر إلى انتخاب رئيس الجمهورية من خلال تقويمه لما يدور في الإقليم، وتقول إنها تقف وراء ما يقرره حليفها بالتعاون مع الرئيس بري في الملف الرئاسي، وبالتالي لا مفر أمامها من التشدّد وعدم تقديم التنازلات لتسهيل انتخابه، وإن كانت توحي من حين لآخر بعدم تدخلها في الشأن الداخلي، وتترك القرار لـ«حزب الله» الذي لن يحرك ساكناً في هذا الشأن من دون التشاور وشريكه في الثنائي الشيعي.

وتعترف المصادر الدبلوماسية بأن الرئيس الأسد لم يحسن الإفادة من عودة سوريا إلى الجامعة العربية، ومع أنها لا تعرف الدوافع التي أملت على النظام السوري عدم الانفتاح على اللجنة الوزارية العربية، فهي تسأل في المقابل ما الجدوى من عدم تجاوبه بما هو مطلوب للدخول في المرحلة الانتقالية شرطاً لبلوغ الحل السياسي لإنهاء الحرب، إضافة إلى تلكئه في الاستجابة لطلب الدول العربية توحيد الجهود لوقف تهريب «الكبتاغون» وكل أشكال الممنوعات من سوريا إلى دول الجوار العربي؟

وترى أن النظام السوري في حاجة إلى تمتين علاقاته بالدول العربية، وأن الكرة الآن في مرماه مع انقطاع اللجنة الوزارية العربية عن التواصل مع دمشق، نظراً لأنها اصطدمت بحائط مسدود، بخلاف رهانها على أن الأجواء أصبحت مؤاتية أكثر من أي مرة لعودة سوريا إلى الحضن العربي.

وتسأل: هل كان عبداللهيان مضطراً للقاء قادة ومسؤولي الفصائل الفلسطينية المنتمية إلى محور الممانعة؟ وما الجدوى من وحدة الساحات العربية انطلاقاً من لبنان الذي يرزح تحت هذا الكم من الأزمات التي تفوق قدرته على تحمّلها؟ وهل كان مضطراً لحشر الدولة اللبنانية في الزاوية بخروجه عن الطابع الرسمي لزيارته؟

كما تسأل، كيف يوفّق عبداللهيان بين عدم تدخّله في الشأن الداخلي اللبناني وبين احتضانه ورعايته من بيروت للقاء جمعه وقوى الرفض الفلسطينية؟ أم أنه يود تمرير رسالة إلى خارج الحدود اللبنانية بأن طهران تمسك بالورقة الفلسطينية؟

لذلك فإن عبداللهيان اختار المنبر اللبناني للرد على ما ألمح إليه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، بأن تدخّل إيران في الشأن الداخلي يؤخر انتخاب رئيس للجمهورية بقوله إن بلاده ترفض التدخّل الأجنبي في شؤون الدول الأخرى، من بينها لبنان، لأن من شأنه أن يؤثر بشكل أو بآخر على القرارات السياسية التي تُتخذ من قبل النخب السياسية كونها تزيد الأوضاع تعقيداً.



وزير الدفاع الأميركي يشدد على التزام بلاده «حلاً دبلوماسياً في لبنان»

وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن خلال اجتماع سابق مع مسؤولين إسرائيليين (أ.ب)
وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن خلال اجتماع سابق مع مسؤولين إسرائيليين (أ.ب)
TT

وزير الدفاع الأميركي يشدد على التزام بلاده «حلاً دبلوماسياً في لبنان»

وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن خلال اجتماع سابق مع مسؤولين إسرائيليين (أ.ب)
وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن خلال اجتماع سابق مع مسؤولين إسرائيليين (أ.ب)

كرر وزير الدفاع الأميركي، لويد أوستن، اليوم (السبت)، «التزام» الولايات المتحدة التوصل إلى «حل دبلوماسي في لبنان»، وذلك خلال مباحثات هاتفية مع نظيره الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، الذي أكد أن بلاده ستواصل التحرك «بحزم» ضد «حزب الله».

ويأتي هذا الإعلان فيما تتصاعد الحرب بين إسرائيل والحزب، مع تنفيذ الجيش الإسرائيلي ضربات في قلب بيروت، وكذلك في جنوب وشرق لبنان؛ ما أدى إلى مقتل العشرات، وفق السلطات اللبنانية.

وقال متحدث باسم وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) إن أوستن «جدد التأكيد على التزام الولايات المتحدة حلاً دبلوماسياً في لبنان يمكّن المدنيين الإسرائيليين واللبنانيين من العودة الآمنة إلى ديارهم على جانبي الحدود».

من جانبه، أكد كاتس أن إسرائيل «ستواصل التحرك بحزم»، حسبما قال المتحدث باسمه في بيان، نقلته «وكالة الصحافة الفرنسية».

وكرر كاتس التزام بلاده «باستهداف البنية التحتية الإرهابية لـ(حزب الله)، والقضاء على قادة الإرهابيين»؛ للسماح لسكان شمال إسرائيل بالعودة إلى ديارهم.

وبعد عام من القصف المتبادل بين الحزب وإسرائيل عبر الحدود بالتزامن مع حرب غزة، أعلن الجيش الإسرائيلي، أواخر سبتمبر (أيلول)، نقل مركز ثقل عملياته العسكرية إلى جبهته الشمالية مع لبنان، حيث يشن مذّاك حملة غارات جوية مدمرة تتركز على معاقل «حزب الله» في ضاحية بيروت الجنوبية، وفي شرق لبنان وجنوبه، وباشر بعد ذلك عمليات برية في جنوب لبنان.

وأسفر التصعيد بين «حزب الله» وإسرائيل، منذ أكتوبر (تشرين الأول) 2023، عن مقتل أكثر من 3650 شخصاً على الأقل في لبنان، وفق وزارة الصحة اللبنانية.

على صعيد متصل، حضّ لويد أوستن «الحكومة الإسرائيلية على مواصلة اتخاذ إجراءات بهدف تحسين الوضع الإنساني المزري في غزة، كما جدّد التأكيد على التزام الولايات المتحدة فيما يتّصل بتأمين الإفراج عن جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

يأتي ذلك رغم إعلان واشنطن، الأسبوع الماضي، أن إسرائيل لا تنتهك القانون الأميركي فيما يتعلق بالمساعدات الإنسانية لغزة، بعد شهر من التهديد بتعليق قسم من مساعداتها العسكرية.

وتندّد الأمم المتحدة، ومنظّمات أخرى، بتدهور الأوضاع الإنسانية، خصوصاً في شمال غزة، حيث قالت إسرائيل، الجمعة، إنها قتلت قياديَّين ضالعَين في هجوم السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023 الذي شنّته حركة «حماس» على إسرائيل، وأشعل فتيل الحرب الدائرة حالياً في القطاع الفلسطيني.

وفي المحادثة الهاتفية مع كاتس، جرى أيضاً التباحث في العمليات الإسرائيلية الحالية، وقد جدّد أوستن التأكيد على «الالتزام الراسخ» لواشنطن بـ«أمن إسرائيل»، وفق «البنتاغون».