السلطة تحذر من أن حظر بن غفير «الإفراج المبكر» عن الأسرى سيمس بالأطفال

القرار يدخل حيز التنفيذ الجمعة متحدياً «الشاباك» والجيش وإدارة السجون

اعتصام أمام مقر الصليب الأحمر في البيرة بالضفة لدعم الأسرى (وفا)
اعتصام أمام مقر الصليب الأحمر في البيرة بالضفة لدعم الأسرى (وفا)
TT

السلطة تحذر من أن حظر بن غفير «الإفراج المبكر» عن الأسرى سيمس بالأطفال

اعتصام أمام مقر الصليب الأحمر في البيرة بالضفة لدعم الأسرى (وفا)
اعتصام أمام مقر الصليب الأحمر في البيرة بالضفة لدعم الأسرى (وفا)

حذرت السلطة الفلسطينية، الخميس، من قرار أصدره وزير الأمن القومي الإسرائيلي المتطرف إيتمار بن غفير، يحظر الإفراج المبكر عن الأسرى الفلسطينيين، قائلة إنه سيمس بفرص الإفراج المبكر عن الأطفال.

وأصدرت محافظة القدس بيانا، قالت فيه إن هذا القرار من شأنه إباحة اعتقال عدد أكبر من الأطفال الفلسطينيين، خاصة المقدسيين منهم، وبالتالي حرمانهم من مقاعدهم الدراسية، وقضاء محكومياتهم في المعتقلات.

ووفق إحصائيات وحدة العلاقات العامة في المحافظة، وصل عدد المعتقلين من الأطفال، خلال النصف الأول من العام الحالي، إلى 208 أطفال، من أصل 1800 معتقل في القدس.

وكان بن غفير قد دفع هذا القانون في الأسبوع الأخير من دورة الكنيست المنعقدة في يوليو (تموز) الماضي، لكنه لم يحظ بتغطية وسائل الإعلام، وقد تمت الموافقة عليه في نفس الوقت تقريبا مع قانون «المعقولية»، وهو الجزء الأول من حزمة الإصلاح القضائي المثيرة للجدل التي طرحها الائتلاف، والتي أثارت احتجاجات حاشدة.

ويفترض أن يدخل القانون، الذي رفضه رئيس «الشاباك» الإسرائيلي، رونين بار، ومسؤولون في الجيش وفي مصلحة السجون، حيز التنفيذ الجمعة.

وزير الأمن الداخلي إيتمار بن غفير (أ.ب)

وكان بار قد أعرب عن رفضه القانون الذي تقدم به بن غفير ويحظر الإفراج المبكر عن الأسرى الفلسطينيين المحكوم عليهم بتهم أمنية خفيفة، باعتبار أن ذلك «سيؤدي إلى اكتظاظ السجون».

وقالت وسائل إعلام إسرائيلية إنه بموجب القانون السابق، كان الأسرى الأمنيون الذين يقضون عقوبات تصل إلى ثلاث سنوات، عادة بسبب رمي الحجارة وحيازة أسلحة، مؤهلين للإفراج الإداري قبل عدة أسابيع من نهاية فترة محكوميتهم، لكن بن غفير أمر بوقف ذلك.

وذكرت صحيفة «يسرائيل هيوم» و«القناة 12» أن بار أعرب عن معارضته للقانون. وكان بن غفير قد أصر على وجود مساحة كافية في السجون لإبقاء الأسرى، لكن مصلحة السجون الإسرائيلية أكدت أن الأمر ليس كذلك.

من الممارسات المألوفة للإسرائيليين ضد الأطفال الفلسطينيين (رويترز)

وقال مسؤولون كبار داخل مؤسسة الجيش لصحيفة «يسرائيل هيوم»، إن القانون سيضر بقدرة قوات الأمن على اعتقال المتورطين في قضايا أكثر خطورة، كونَها تتعامل بالفعل مع عدد كبير من السجناء وسط موجة الهجمات المستمرة.

ونُقل عن مسؤولين كبار في مصلحة السجون، قولهم إن «الوضع خطير، وهذه أزمة وطنية وكارثة حقا».

وردت مصادر لم تذكر اسمها قريبة من بن غفير، لـ«القناة 12»، بأن الوزير لن يستمر في هذه السياسة، واتهمت قائد مصلحة السجون بـ«الخضوع للسجناء الأمنيين».

وردا على تقرير صحيفة «يسرائيل هيوم»، قال بن غفير: «لست مستعدا أن تكون خلال فترة ولايتي، أحكام مختصرة لأولئك الذين يعملون على محو دولة إسرائيل».

وأضاف: «في الوقت نفسه، وفي ضوء الاكتظاظ وحقيقة أن مصلحة السجون لا تستطيع التعامل مع العبء، سيتم منح إفراج إداري للأشخاص الذين يرتكبون جرائم جنائية بسيطة. أما الإرهابيون من السجناء والمعتقلين الأمنيين، فسيكون لهم دائما مكان في السجون».

وبالإضافة إلى «الشاباك» والجيش ومصلحة السجون، قالت عضو الكنيست من حزب «يش عتيد» ميراف بن آري، الرئيسة السابقة للجنة الأمن العام في الكنيست، إن «القرار الشعبوي وغير المسؤول الذي اتخذه بن غفير بإلغاء الإفراج الإداري عن السجناء الأمنيين المحكوم عليهم بالسجن لمدة تصل إلى ثلاث سنوات، دون توفير إمكانات إضافية للسجون، يزحم السجون الأمنية، ولا مجال الآن لوضع سجناء أكثر خطورة».

وتواجه إسرائيل تحدياً للالتزام بالشروط التي حددها حكم المحكمة العليا لعام 2017، الذي أمر الدولة بتوفير مساحة لا تقل عن 4 أمتار مربعة لكل أسير، وهو رقم لا يزال أقل بكثير من متوسط 8-9 أمتار مربعة في العالم الغربي والدول المتقدمة.



سكان قرية سورية متروكون لمصير مجهول أمام قوات إسرائيلية متوغلة

مركبات «هامفي» تابعة للجيش الإسرائيلي تتحرك في المنطقة العازلة التي تسيطر عليها الأمم المتحدة والتي تفصل بين القوات الإسرائيلية والسورية في مرتفعات الجولان (أ.ف.ب)
مركبات «هامفي» تابعة للجيش الإسرائيلي تتحرك في المنطقة العازلة التي تسيطر عليها الأمم المتحدة والتي تفصل بين القوات الإسرائيلية والسورية في مرتفعات الجولان (أ.ف.ب)
TT

سكان قرية سورية متروكون لمصير مجهول أمام قوات إسرائيلية متوغلة

مركبات «هامفي» تابعة للجيش الإسرائيلي تتحرك في المنطقة العازلة التي تسيطر عليها الأمم المتحدة والتي تفصل بين القوات الإسرائيلية والسورية في مرتفعات الجولان (أ.ف.ب)
مركبات «هامفي» تابعة للجيش الإسرائيلي تتحرك في المنطقة العازلة التي تسيطر عليها الأمم المتحدة والتي تفصل بين القوات الإسرائيلية والسورية في مرتفعات الجولان (أ.ف.ب)

في إحدى قرى محافظة القنيطرة، جنوب سوريا، يقف سكان وجهاً لوجه مع قوات إسرائيلية استغلت التغيير السياسي والميداني المتسارع في دمشق، لتنفيذ عمليات توغل في المنطقة العازلة ومواقع مجاورة، في خطوة نددت بها الأمم المتحدة.

ففي شارع رئيسي في قرية جباتا الخشب، يتجول جنود إسرائيليون بكامل عتادهم، على تماس مع السكان المحليين الذين يكتفون بالمراقبة من بعد، في مشهد لم يكن مألوفاً حتى الأمس القريب. وتتمركز دبابة على الأقل عند أطرافها، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتقع القرية في القسم الشرقي من هضبة الجولان التي احتلتها إسرائيل في حرب 1967، ثم ضمتها عام 1981 في خطوة لم يعترف بها المجتمع الدولي. وهي من عداد القرى الواقعة في المنطقة العازلة؛ حيث ينتشر عناصر قوة الأمم المتحدة المخولون مراقبة اتفاق فض الاشتباك.

وتتكرَّر المشاهد نفسها في مدينة البعث وسط القنيطرة التي توغلت فيها قوات وعربات إسرائيلية، في خطوات تزامنت مع شنِّ إسرائيل سلسلة غارات غير مسبوقة على عشرات المواقع العسكرية ومخازن الصواريخ وأنظمة الدفاع الجوي التابعة للجيش السوري، عقب إطاحة فصائل معارضة نظام بشار الأسد وهروبه من البلاد.

مركبات «هامفي» تابعة للجيش الإسرائيلي تتحرك في المنطقة العازلة التي تسيطر عليها الأمم المتحدة والتي تفصل بين القوات الإسرائيلية والسورية في مرتفعات الجولان بالقرب من قرية مجدل شمس الدرزية بمرتفعات الجولان التي ضمتها إسرائيل (أ.ف.ب)

ويقول الدكتور عرسان عرسان، المقيم في مدينة البعث وسط القنيطرة (51 عاماً) لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «الناس ممتعضة جداً من التوغل الإسرائيلي في المنطقة (...) نحن مع السلام؛ لكن شرط أن تنسحب إسرائيل إلى خط وقف إطلاق النار»، في إشارة إلى خط فض الاشتباك الذي يفصل بين الأجزاء التي تحتلها إسرائيل من مرتفعات الجولان وبين بقية الأراضي السورية.

ومع توغل القوات الإسرائيلية، تقطعت أوصال مدينة البعث بأعمدة حديدية كبيرة وبقايا أغصان أشجار وسواتر ترابية، خلَّفتها الجرافات الإسرائيلية، وفق السكان. ويتابع عرسان: «أنظر إلى الشوارع التي خرَّبتها الجرافات الإسرائيلية واللافتات التي حطمتها، إنه عمل غير إنساني».

وسيطرت القوات الإسرائيلية على المنطقة العازلة ومواقع مجاورة في جبل الشيخ وريف دمشق.

رفع العلم الإسرائيلي

وعقد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الثلاثاء الماضي، اجتماعاً أمنياً على جبل الشيخ في الجولان السوري المحتل.

وقال وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس إنه زار مع نتنياهو «لأول مرة قمة جبل الشيخ» منذ انتشار القوات الإسرائيلية فيها عقب إطاحة الأسد.

وخلا الطريق الرابط بين دمشق ومحافظة القنيطرة من أي وجود عسكري لفصائل معارضة، وبدت كل الحواجز والمقرات الأمنية السابقة خالية من عناصرها، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وكانت القوات الحكومية قد أخلت تباعاً كل مواقعها في جنوب سوريا، عشية تقدم الفصائل المعارضة بقيادة «هيئة تحرير الشام» إلى دمشق وإسقاط الأسد.

وانكفأ سكان بلدات القنيطرة داخل منازلهم، واكتفى بعضهم بالوقوف على الأبواب مراقبين انتشار القوات الإسرائيلية بين أحيائهم وفي شوارعهم، بينما رفع جنود إسرائيليون العلم الإسرائيلي على عدد من التلال القريبة المشرفة على القنيطرة.

وعلى مشارف قرية الحميدية المجاورة لمدينة البعث، يقف ياسين العلي (43 عاماً) وإلى جانبه أطفال يلعبون على دراجة هوائية. ويقول ابن مدينة البعث: «نحن على بعد أقل من 400 متر من الدبابات الإسرائيلية (...) والأطفال هنا خائفون من التوغل الإسرائيلي».

ونزح سكان جراء تقدم القوات الإسرائيلية من عدد من البلدات السورية الحدودية مع إسرائيل. ويتابع العلي: «نناشد حكومة الإنقاذ والمجتمع الدولي أن يتحملوا مسؤوليتهم تجاه هذا التوغل الذي حدث خلال أسبوع».

«انتهاك» لفض الاشتباك

واعتبرت الأمم المتحدة أن سيطرة الجيش الإسرائيلي على المنطقة العازلة يشكِّل «انتهاكاً» لاتفاق فض الاشتباك العائد إلى عام 1974. وأعرب أمينها العام أنطونيو غوتيريش هذا الأسبوع عن «قلقه البالغ» حيال «الانتهاكات الكبيرة» لسيادة سوريا ووحدة أراضيها.

ومنذ بدء النزاع في سوريا عام 2011، شنَّت إسرائيل مئات الضربات الجوية على مواقع عسكرية للجيش السوري، وأخرى لمجموعات موالية لطهران بينها «حزب الله» اللبناني الذي كان يحتفظ بمقرات ومخازن؛ ولا سيما في المنطقة الحدودية مع لبنان.

جنود إسرائيليون يقفون على مركبة مدرعة قبل عبور السياج الأمني متجهين نحو المنطقة العازلة بالقرب مما يسمى «الخط ألفا» الذي يفصل مرتفعات الجولان التي تسيطر عليها إسرائيل عن سوريا في بلدة مجدل شمس (أ.ب)

وطالب القائد العسكري لـ«هيئة تحرير الشام» مرهف أبو قصرة، في مقابلة مع «وكالة الصحافة الفرنسية» الثلاثاء، المجتمع الدولي بالتدخل لوقف الغارات والتوغل الإسرائيلي «على التراب السوري»، مؤكداً في الوقت ذاته أن بلاده لن تكون منطلقاً لأي «عداء» تجاه أيٍّ من دول الإقليم.

وكان قائد الإدارة السياسية الجديدة في دمشق، أحمد الشرع، قد ندَّد بتوغل القوات الإسرائيلية في جنوب البلاد. وقال إن «الإسرائيليين تجاوزوا خطوط الاشتباك في سوريا بشكل واضح، مما يهدد بتصعيد غير مبرر في المنطقة». وأكد في الوقت ذاته أن الوضع الراهن «لا يسمح بالدخول في أي صراعات جديدة».

في مدينة البعث، يبدي العلي تخوفه من «قضم» إسرائيل للمنطقة بكاملها. ويقول: «ما يجري يستحق وقفة من السوريين الذين يحتفلون في ساحة الأمويين... بأن يأتوا إلى هنا ويقفوا بصدور عارية في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي».