تركيا تخطط لتوحيد إدارة مناطق سيطرتها شمال سوريا بتعيين حاكم واحد

تقارير حقوقية تحدثت عن «تتريك» ممنهج وترسيخ التبعية الإدارية

ساحة رئيسية في مدينة الباب السورية التابعة لفصائل موالية لتركيا (أ.ف.ب)
ساحة رئيسية في مدينة الباب السورية التابعة لفصائل موالية لتركيا (أ.ف.ب)
TT

تركيا تخطط لتوحيد إدارة مناطق سيطرتها شمال سوريا بتعيين حاكم واحد

ساحة رئيسية في مدينة الباب السورية التابعة لفصائل موالية لتركيا (أ.ف.ب)
ساحة رئيسية في مدينة الباب السورية التابعة لفصائل موالية لتركيا (أ.ف.ب)

تخطط تركيا لتوحيد إدارة المناطق الخاضعة لسيطرة قواتها وفصائل ما يعرف بـ«الجيش الوطني السوري» الموالي لها، شمال وشمال شرقي سوريا، عبر تعيين حاكم واحد يتولى سلطات إدارة تلك المناطق بدلاً من 7 ولاة عُينوا للتنسيق هناك، وذلك بهدف منع الارتباك في إدارة تلك المناطق.

وكشفت مصادر مطلعة على الخطة، عن أنه يجري العمل حالياً على وضع نظام جديد للتنسيق بين أنقرة والمجالس المحلية في 13 منطقة مختلفة، في مقدمتها أعزاز وجرابلس والباب وعفرين وتل أبيض ورأس العين.

وحسب صحيفة «تركيا» القريبة من الحكومة، التي نقلت عن تلك المصادر (الثلاثاء)، سيتم تعيين حاكم واحد (والي) للمناطق الآمنة التي تسيطر عليها القوات التركية والفصائل شمال سوريا، بهدف إزالة ارتباك السلطة هناك وإدارة العلاقات بدرجة عالية من التنسيق مع أنقرة.

ولفتت إلى أنه ومن خلال تقديم مختلف أنواع الدعم اللوجيستي والفني للمجالس المحلية في المناطق الآمنة، التي تم إنشاؤها شمال سوريا عبر العمليات العسكرية التركية الثلاث «درع الفرات»، «غصن الزيتون» و«نبع السلام»، سيتم أيضاً تنفيذ الكثير من المشروعات للحفاظ على أمن المنطقة ووقف عمليات الهجرة خارج الحدود، وتشجيع العودة الطوعية للاجئين السوريين في تركيا.

صورة أرشيفية لمخيم باب السلامة قرب الحدود التركية 2016 (غيتي)

وأعلن الرئيس التركي رجب طيب إردوغان العام الماضي، عن خطة لإعادة أكثر من مليون من اللاجئين السوريين في تركيا إلى بلادهم بشكل طوعي إلى المناطق الآمنة التي قامت القوات التركية بإنشائها شمال سوريا، وأن العمليات ستستمر لتأمين شريط حدودي بعمق 30 إلى 40 كيلومتراً لاستيعاب هؤلاء اللاجئين.

وتهدف تركيا في الأساس، إلى إقامة حاجز بهذا العمق لإبعاد القوات الكردية المنضوية في تحالف قوات سوريا الديمقراطية (قسد) عن حدودها، وقطع الصلة بين وحدات حماية الشعب الكردية، أكبر مكونات «قسد» في شمال سوريا، وحزب العمال الكردستاني في شمال العراق.

نموذج حلب

ومؤخراً، كشفت تقارير عن تشكيل الحكومة التركية بتعليمات من الرئيس رجب طيب إردوغان، آلية ثلاثية للعمل على تسريع جهود العودة الطوعية للاجئين السوريين إلى بلادهم، بالتركيز على التنمية الاقتصادية والاجتماعية في محافظة حلب بشمال غربي سوريا، فيما يُعرف بـ«نموذج حلب».

وقالت صحيفة «صباح» القريبة من الحكومة التركية، إن إردوغان أصدر تعليمات بتشكيل آلية ثلاثية من ممثلين لوزارة الداخلية، وحزب «العدالة والتنمية» الحاكم وكتلته البرلمانية، لتحفيز السوريين على العودة الطوعية إلى الأماكن التي يتم تطهيرها في شمال سوريا، بواسطة القوات التركية والفصائل الموالية لأنقرة.

وأضافت أن الآلية الثلاثية ستركز عملها على «إنعاش الحياة الاقتصادية والتجارية في المناطق التي تم تطهيرها في شمال سوريا، وتشجيع رجال الأعمال، بمن فيهم الأتراك، على إقامة مشروعات ومصانع ومنشآت هناك لتوفير فرص عمل للعائدين».

ولفتت الصحيفة إلى أن واحداً من أهم وأبرز الجوانب في خريطة الطريق التي تعمل عليها الآلية، هو التركيز على محافظة حلب، التي تعد العاصمة الاقتصادية لسوريا والعمل على إحيائها من الناحيتين الاقتصادية والاجتماعية.

ومن أجل ذلك، تواصل تركيا محادثاتها مع الجانبين الروسي والسوري لضم حلب إلى خريطة الطريق، في خطوة تهدف إلى توفير فرص عمل لمئات الآلاف من اللاجئين السوريين الذين سيتم تشجيعهم على العودة إلى بلادهم.

صورة متداولة على مواقع التواصل الاجتماعي (الاثنين) لعمال في أثناء تغيير أسماء قرى بعفرين إلى اللغة التركية

تتريك ممنهج

ويقول ناشطون ومراصد تعمل على الأرض في شمال سوريا، إن تركيا لم تدّخر جهداً لتكريس الأمر الواقع من خلال تبني سياسات «تتريك» ممنهجة، بعد عملياتها العسكرية الثلاث في المنطقة في الفترة ما بين 2016 و2019، حيث عمدت إلى تغيير السجل المدني للسكان الأصليين في المناطق، وسحبت البطاقة الشخصية والعائلية السورية من القاطنين في تلك المناطق واستبدلت بها أخرى تركية.

كما تم تغيير أسماء غالبية الشوارع والأحياء في تلك المناطق، إلى أخرى تركية، وفرض التعامل باللغة والليرة التركيتين، بشكل خاص في مدن الباب وعفرين وجرابلس وأعزاز وأخترين ومارع ورأس العين وتل أبيض.

وأصبحت خدمات الصحة والتعليم والبريد والصرافة والكهرباء والمياه والهاتف، وغيرها من مستلزمات الحياة اليومية تدار بواسطة أتراك، واستبدلت بالليرة السورية الليرة التركية، كما تم استبدال بمناهج الدراسة مناهج تركية في المدارس في تلك المناطق. كما افتتحت فروعاً لبعض الجامعات التركية، مثل جامعة «حران» في شانلي أورفا، شمال سوريا، وتم فرض اللغة التركية في مناطق سيطرة القوات التركية والفصائل لخلق جيل منتمٍ للثقافة التركية.

فرع جامعة حران التركية في شمال سوريا

وأكدت مراصد حقوقية أن سياسات التتريك أخذت طابعاً أكثر ضراوة في المناطق ذات الأغلبية الكردية في سوريا، مثل عفرين ورأس العين وتل أبيض، ما دفع بمئات الآلاف من الأكراد إلى هجرتها. كما تمت إزالة المعالم الكردية وتغيير الأسماء الكردية للشوارع والمراكز والأحياء واستبدال بها أخرى تركية، ورُفع العلم التركي وصور الرئيس رجب طيب إردوغان فوق المدارس والمستشفيات، وجميع المراكز والمؤسسات والساحات، بهدف إحداث تغييرات ديموغرافية جذرية وطمس الهوية الكردية لتلك المناطق، واستبدال نازحين سوريين بسكانها الأكراد الأصليين، وبخاصة من التركمان القادمين من المناطق السورية المنكوبة الأخرى، أو باللاجئين العائدين من تركيا.

انتهاكات حقوقية

وتخضع المجالس المحلية التي تدير المناطق الواقعة بين جرابلس والباب وعفرين، التي تتبع الحكومة السورية المؤقتة، التي تتخذ من تركيا مقراً لها، للسيطرة المباشرة من تركيا، ويتسلم موظفوها رواتبهم منها مباشرة.

وذكر مسؤول من الجماعات المعارضة الموالية لتركيا في مارس (آذار) 2019 أن مجلس عفرين يتبع إدارياً لولاية هطاي التركية.

وكشف تقرير لمفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان، في يونيو (حزيران) 2018، عن أن والي هطاي عيّن اثنين من المسؤولين الأتراك للإشراف على الحكم في منطقة عفرين. وتقدم السكان في مدينة الباب بطلب الحصول على بطاقات هوية جديدة صادرة عن السلطات التركية، وجرى تعميم المشروع على المناطق الأخرى لاحقاً.

وتم ربط المناطق الـ13 الخاضعة لسيطرة القوات التركية وفصائل المعارضة التي تديرها مجالس تتبع الحكومة السورية المؤقتة، إدارياً، بالولايات التركية الحدودية مع سوريا: هطاي، وغازي عنتاب، وشانلي أورفا، وتدار جميع الأنشطة من خلال المؤسسات التركية.

مقاتلون من «فرقة الحمزة» التي فرضت واشنطن عليها عقوبات لتورطها في انتهاكات خطيرة بعفرين (مواقع تواصل)

وتحدثت منظمات حقوقية عالمية عن تردي الحالة الاقتصادية والأمنية والإنسانية في تلك المناطق، وتم الإبلاغ عن انتهاكات لحقوق الإنسان. وقالت لجنة حقوق الإنسان المستقلة التابعة للأمم المتحدة -في تقرير أصدرته في 31 يناير (كانون الثاني) 2019- إن هناك أكثر من 50 جماعة مسلحة منتشرة في شمال سوريا، ويعاني سكان تلك المناطق، وبخاصة عفرين، التي كانت ذات غالبية كردية قبل سيطرة تركيا عليها، أعمال النهب المستمرة ممّن يُفترض بهم أن يكونوا في خدمة وحماية المواطنين.

وذكر التقرير أن غياب القانون والانضباط وتكرار حالات الاختطاف والتعذيب وانتشار العصابات، حوّل حياة الناس إلى جحيم لا يطاق.

ويقول المواطنون إنهم اشتكوا كثيراً عند الشرطة المحلية والسلطات التركية، لكن دون جدوى. وتلقت اللجنة تقارير عن المضايقات التي يتعرض لها المدنيون من الجماعات المسلحة ومطالبتهم بالرشى لتسيير أبسط أمورهم اليومية وبخاصة عند نقاط التفتيش التي تسيطر عليها الفصائل.



هنية: إسرائيل تضع المفاوضات «في مصير مجهول»

نازحون فلسطينيون يسيرون في سوق وسط مبانٍ مدمرة بمدينة خان يونس (إ.ب.أ)
نازحون فلسطينيون يسيرون في سوق وسط مبانٍ مدمرة بمدينة خان يونس (إ.ب.أ)
TT

هنية: إسرائيل تضع المفاوضات «في مصير مجهول»

نازحون فلسطينيون يسيرون في سوق وسط مبانٍ مدمرة بمدينة خان يونس (إ.ب.أ)
نازحون فلسطينيون يسيرون في سوق وسط مبانٍ مدمرة بمدينة خان يونس (إ.ب.أ)

قال رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس»، إسماعيل هنية، الأربعاء، إن إصرار إسرائيل على احتلال معبر رفح وتوسيع الهجوم على المدينة يضع المفاوضات برمتها «في مصير مجهول».

وأشار هنية إلى أن «حماس» على تواصل مع مصر بشأن العملية الإسرائيلية في رفح وأنها على توافق معها «على ضرورة انسحاب إسرائيل من معبر رفح فوراً».

وأضاف هنية، في كلمة اليوم بمناسبة الذكرى 76 للنكبة، أن إدارة قطاع غزة بعد الحرب أمر سوف تقرره الحركة مع «الكل الوطني»، وأن «(حماس) لم تدخر جهداً لوقف العدوان بكل الوسائل وتعاملت بإيجابية مع جهود الوسطاء».

وأشار هنية إلى أن أي مسعى أو اتفاق لوقف إطلاق النار وإطلاق سراح المحتجزين يجب أن يضمن «وقف إطلاق النار بشكل دائم والانسحاب الشامل من كل قطاع غزة».

نازحون فلسطينيون يصلون إلى دير البلح بوسط قطاع غزة بعد فرارهم من رفح (أ.ب)

ووصف هنية سلوك إسرائيل في التعامل مع مقترحات وقف إطلاق النار بأنه «يؤكد نواياها المبيتة بالاستمرار في الحرب على غزة».

وأتى خطاب هنية وسط سجال بين الجيش الإسرائيلي والحكومة حول إدارة قطاع غزة بعد انتهاء الحرب في غزة أو ما يسمى «اليوم التالي للحرب».

وقال رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو، في خطاب اليوم، إنه «لا جدوى من الحديث عن ترتيبات اليوم التالي للحرب» طالما بقيت «حماس» في السلطة في غزة، ليرد عليه وزير دفاعه يوآف غالانت بالقول إنه لن يوافق على حكم إسرائيلي عسكري في غزة، وإن وجوداً أمنياً لإسرائيل في غزة بعد الحرب من شأنه أن يؤدي إلى «خسائر غير ضرورية في أرواح الإسرائيليين».


«حزب الله» يتبنى هجوماً بمسيّرات على قاعدة عسكرية إسرائيلية قرب طبريا

تصاعد الدخان جراء الغارات الإسرائيلية على قطاع غزة (أ.ف.ب)
تصاعد الدخان جراء الغارات الإسرائيلية على قطاع غزة (أ.ف.ب)
TT

«حزب الله» يتبنى هجوماً بمسيّرات على قاعدة عسكرية إسرائيلية قرب طبريا

تصاعد الدخان جراء الغارات الإسرائيلية على قطاع غزة (أ.ف.ب)
تصاعد الدخان جراء الغارات الإسرائيلية على قطاع غزة (أ.ف.ب)

تبنى «حزب الله»، مساء اليوم (الأربعاء)، هجوماً «بعدد من الطائرات المسيّرة الانقضاضية» على قاعدة عسكرية اسرائيلية غرب مدينة طبريا، البعيدة عن الحدود مع لبنان، وفق ما أوردته «وكالة الصحافة الفرنسية».

وقال «حزب الله» في بيان إنه «رداً على الاغتيالات» التي قامت بها اسرائيل، شنّ مقاتلوه «هجوماً جوياً بعدد من الطائرات المسيّرة الانقضاضية على قاعدة ايلانية غرب مدينة طبريا»، مضيفاً أن الهجوم استهدف «جزءا من منظومة المراقبة والكشف الشاملة لسلاح الجو».

قال الجيش الإسرائيلي، في وقت سابق اليوم، إن 10 صواريخ أطلقت من لبنان وسقطت في مناطق مفتوحة بشمال البلاد ولم تقع أي إصابات.


مقتل جندي عراقي بهجوم لـ«داعش» في كركوك

جنود عراقيون قرب الفلوجة (أرشيفية - رويترز)
جنود عراقيون قرب الفلوجة (أرشيفية - رويترز)
TT

مقتل جندي عراقي بهجوم لـ«داعش» في كركوك

جنود عراقيون قرب الفلوجة (أرشيفية - رويترز)
جنود عراقيون قرب الفلوجة (أرشيفية - رويترز)

أفادت مصادر أمنية بأن أحد عناصر الجيش العراقي قتل، مساء اليوم (الأربعاء)، وأصيب اثنان آخران في هجوم لتنظيم «داعش» على نقطة للجيش العراقي في كركوك (250 كيلومتر شمال بغداد)، وفق ما أوردته «وكالة الأنباء الألمانية».

وذكرت المصادر أن عناصر في التنظيم شنت مساء اليوم هجوماً على إحدى النقاط الأمنية لوحدة للجيش العراقي بقرية علاوة محمود تابعة لقضاء دبس شمال مدينة كركوك، ما أدى إلى مقتل جندي وإصابة اثنين آخرين.

وأوضحت المصادر أن قوات الجيش شنت على الفور حملة تفتيش بحثاً عن المهاجمين، وجرى اشتباك بين الطرفين.


شحنة مساعدات بريطانية تغادر قبرص متوجهة إلى الرصيف البحري في غزة

الصورة من الرصيف البحري العائم في غزة في 26 أبريل 2024 (رويترز)
الصورة من الرصيف البحري العائم في غزة في 26 أبريل 2024 (رويترز)
TT

شحنة مساعدات بريطانية تغادر قبرص متوجهة إلى الرصيف البحري في غزة

الصورة من الرصيف البحري العائم في غزة في 26 أبريل 2024 (رويترز)
الصورة من الرصيف البحري العائم في غزة في 26 أبريل 2024 (رويترز)

قالت وزارة الخارجية البريطانية في بيان، الأربعاء، إن شحنة مساعدات بريطانية بنحو 100 طن غادرت قبرص متوجهة إلى الرصيف البحري الجديد في قطاع غزة.

وقال رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك: «نقود الجهود الدولية مع الولايات المتحدة وقبرص لإنشاء ممر مساعدات بحري. وشحنة المساعدات البريطانية الأولى اليوم من قبرص إلى الرصيف المؤقت قبالة غزة لحظة مهمة في زيادة هذا التدفق».

كانت منظمات دولية قد قالت إن غزة تواجه أزمة إنسانية حادة تهدد سكانها الذين يزيد عددهم على مليوني نسمة.

وقال وزير الخارجية البريطاني ديفيد كاميرون: «سيلعب هذا الرصيف دوراً حيوياً في توصيل المساعدات إلى من يحتاجون إليها في غزة، لكن يتعين أن يصحب هذا زيادة في المساعدات التي يتم تسليمها عبر الطرق البرية. التزامات إسرائيل بتعزيز إمكانية الوصول موضع ترحيب لكن يتعين أن نرى عبور مزيد من المساعدات للحدود».

وقالت بريطانيا إن الرصيف سيسمح بتسليم ما يقدر بنحو 90 حمولة شاحنة من المساعدات الدولية إلى غزة يومياً، ومن المحتمل أن ترتفع هذه الكمية إلى 150 حمولة شاحنة يومياً بمجرد تشغيل الرصيف بكامل طاقته.


الأردن يؤكد اعتقال خلية تهريب أسلحة... وتحقيقات قد تكشف ضلوعاً إيرانياً

مواجهات بين قوات الأمن الأردنية ومتظاهرين حاولوا اقتحام السفارة الإسرائيلية في عمّان أكتوبر الماضي (أ.ف.ب)
مواجهات بين قوات الأمن الأردنية ومتظاهرين حاولوا اقتحام السفارة الإسرائيلية في عمّان أكتوبر الماضي (أ.ف.ب)
TT

الأردن يؤكد اعتقال خلية تهريب أسلحة... وتحقيقات قد تكشف ضلوعاً إيرانياً

مواجهات بين قوات الأمن الأردنية ومتظاهرين حاولوا اقتحام السفارة الإسرائيلية في عمّان أكتوبر الماضي (أ.ف.ب)
مواجهات بين قوات الأمن الأردنية ومتظاهرين حاولوا اقتحام السفارة الإسرائيلية في عمّان أكتوبر الماضي (أ.ف.ب)

رد مصدر أردني مسؤول على تقرير لوكالة «رويترز» نُشِر الأربعاء، تحدث عن «القبض على خلية تابعة لـ(الإخوان المسلمين) على صلة بحركة (حماس)»، بقوله إن «الأجهزة الأردنية الأمنية أحبطت أواخر مارس (آذار) الماضي، محاولة تهريب أسلحة إلى المملكة أُرسلت من قبل ميليشيات مدعومة من إحدى الدول إلى خلية في الأردن».

وكشف المصدر في بيان نشرته وكالة الأنباء الرسمية (بترا) أن «الكمية صودرت عند اعتقال أعضاء الخلية، وهم أردنيون»، مشيراً إلى أن التحقيقات والعمليات ما زالت جارية لكشف المزيد المتعلق بهذه العملية».

وقال المصدر إنه في الأشهر الأخيرة أحبطت الأجهزة الأمنية محاولات عديدة لتهريب أسلحة، بما في ذلك ألغام «كلايمور»، ومتفجرات «C4» و«سمتكس»، وبنادق «كلاشنيكوف»، وصواريخ «كاتيوشا» عيار 107 ملم.

البيان الرسمي الذي صدر، عصر الأربعاء، بعد ساعات من تداول تقرير وكالة «رويترز»، جاء في سياق احتواء ما نشرته الوكالة الدولية، «مستخدماً جُمَلاً وعبارات غير حاسمة تجاه تأكيد أو نفي ما تم نشره، وسط حالة صحافية طالبت السلطات بتوضيحات وتفاصيل عن حقيقة ضلوع الإخوان المسلمين في الأردن، وهي جماعة لم تعد مرخصة، وتعمل تحت غطاء ذراعها السياسية (حزب جبهة العمل الإسلامي)، ومدى اتصالات الجماعة مع الخارج، وتحديداً طهران وقيادات (حماس) العسكرية في غزة».

ربط سياق الحدث

في أواخر شهر رمضان الماضي ومطلع أبريل (نيسان) الماضي، ارتفعت وتيرة الاعتصامات والاحتجاجات أمام مبنى السفارة الإسرائيلية في منطقة الرابية غرب العاصمة، المبنى الفارغ تماماً من الموظفين والدبلوماسيين الإسرائيليين، وقد هتف المعتصمون بشعارات «شككت بصدقية» الموقف الرسمي الأردني بقيادة الملك عبد الله الثاني، وقاد تلك الاعتصامات شباب قيل إنهم محسوبون على الحركة الإسلامية في البلاد، تقدموا صفوف المعتصمين محتكرين مكبرات الصوت ولهجة الشعارات، تلبية لنداءات قيادات «حماس» بـ«تحرك الأردنيين نصرة لغزة».

صورة نشرها الجيش الأردني في 31 مارس لإنزال مساعدات إنسانية جواً فوق شمال قطاع غزة (أ.ف.ب)

في تلك الفترة نفذت السلطات الأمنية، سلسلة اعتقالات طالت عدداً من الشبان المنتمين لأحزاب قومية ويسارية، إلى جانب عدد من شباب الحركة الإسلامية. وأفرجت السلطات بعدها عن عدد كبير من المعتقلين، لكنها احتفظت بعدد من المحسوبين على جماعة الإخوان المسلمين موقوفين على ذمة التحقيق.

وكانت «الشرق الأوسط» قد نقلت على لسان مسؤولين أردنيين، توفر أدلة حول عدد من الموقفين لدى السلطات الأمنية، كانوا على اتصال عبر وسطاء، مع قيادات من «كتائب القسام»، الجناح العسكري لـ«حركة المقاومة الإسلامية (حماس)» في غزة، وأنهم يتلقون تعليمات تهدف إلى تنفيذ احتجاجات ضاغطة على مواقف الأردن.

وفي العشرة الأواخر من شهر رمضان الماضي، مارس المحتجون، وفي مقدمتهم شباب الحركة الإسلامية «شكلاً من أشكال الاستقواء»؛ بحسب كُتّاب رأي ومحللين، على السلطة، تحت تأثير العاطفة الشعبية العامة الرافضة للمجازر التي ترتكبها إسرائيل خلال عدوانها المستمر على غزة منذ السابع من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.

لم تكن الأحداث وقتها تستدعي حشد المعتصمين عبر دعوات أُطلقت على منصات التواصل، فقد غادر المحتجون محيط السفارة، بعد سلسلة قرارات أردنية رسمية أدت إلى كسر الحصار الجوي على غزة وإنزال مساعدات أساسية حملتها طائرات سلاح الجو الملكي، وبعد كسر الحصار البري الذي سمح بإدخال قوافل الشاحنات المحملة بالمساعدات عبر معبر كرم أبو سالم شمال غزة.

إجراءات أمنية أردنية قرب السفارة الإسرائيلية في عمان 27 مارس الماضي (إ.ب.أ)

في تلك الفترة أيضاً، بحثت النخب السياسية في البلاد أسباب عودة الاعتصامات، طارحة أسئلة حول المطلوب من الأردن في الحرب على غزة، وما الأوراق المتبقية لدى مركز القرار الرسمي ليستخدمها؟ في حين أن المطالب الضاغطة استثنت دولاً مشتبكة في العلاقات المميزة مع حركة «حماس»، ومنها تركيا وقطر. وتساءلت النخب إن كان مطلوباً من الحراك خلق مساحات الفوضى والتمهيد للفتن، من بوابة العلاقة الأردنية الفلسطينية، وهو ما انسجم مع مطالب حمساوية بـ«هبة أردنية» للاشتباك في حرب غزة وفتح الحدود وتسليح المتطوعين.

انسحاب ناعم من الشارع

منذ الحديث عن الاعتقالات التي استهدفت نشطاء من الحركة الإسلامية قيل إنهم على ارتباط بالخارج يتلقون تعليمات من الجناح العسكري لـ«حماس»، تراجعت فعاليات «حزب جبهة العمل الإسلامي»، واقتصرت على وقفات رمزية بعد صلاة الجمعة من كل أسبوع، وسط تداول معلومات لم تؤكدها مصادر رسمية أردنية، بشأن تورُّط مجموعات منهم في مثل تلك الاتصالات الهادفة لإدخال الساحة الأردنية على خطوط الفوضى.

مخدرات وأسلحة مهربة عبر الحدود السورية الأردنية (القوات المسلحة الأردنية)

عملياً لا تستطيع المصادر المطلعة نفي أو تأكيد صحة المعلومات التي جاءت في تقرير وكالة «رويترز»، وتقارير أخرى تناولت التحرش الإيراني بالأمن الأردني، سواء من بوابة مسلسل تهريب المخدرات، أو تهريب السلاح؛ فالقضية ما زالت قيد التحقيق قبل أن تُحال إلى المحاكم المختصة، حاملةً لائحة اتهام محددة، وكاشفة عن خيوط اتصالات الداخل مع الخارج؛ سواء من عناصر إخوانية أو مقربين من الجماعة.

لكن رداً مقتضباً صدر عن جماعة الإخوان المسلمين (غير المرخَّصة أردنياً) «حول تقرير وكالة الأنباء (رويترز)»، استهجنت فيه الجماعة الخبر الصادر عن وكالة الأنباء الدولية (رويترز)، واعتبرت أنه «يخالف كل معايير المهنية والموضوعية، ونسبت روايتها لمصادر مجهولة غير معروفة، دون أن تكلف نفسها عناء التواصل مع قيادة الجماعة للتأكد من صحة المزاعم التي أوردتها قبل العمل على نشرها والتعاطي معها على أنها حقائق».

وأكدت الجماعة على «سياستها المستقرة الحريصة على أمن الأردن واستقراره»، مستهجنة «الزجَّ باسمها بمثل هذه الوقائع التي لا علاقة لها بها. وإن أي سلوك يخالف سياسات الجماعة وقراراتها يمثل مرتكبه فقط».

في السياق، قالت حركة «حماس»، في بيان، يوم الأربعاء: «تؤكد الحركة أنه لا علاقة لها بأي أعمال تستهدف الأردن، وهي لا تتدخل في الشؤون الداخلية للدول، وأن سياسة الحركة ثابتة وواضحة في حصر مواجهتها مع الاحتلال الصهيوني الغاشم».


خلافات «اليوم التالي» تحتدم في إسرائيل مع احتدام المعارك في غزة

دمار في حي الزيتون عقب انسحاب الإسرائيليين منه اليوم (أ.ف.ب)
دمار في حي الزيتون عقب انسحاب الإسرائيليين منه اليوم (أ.ف.ب)
TT

خلافات «اليوم التالي» تحتدم في إسرائيل مع احتدام المعارك في غزة

دمار في حي الزيتون عقب انسحاب الإسرائيليين منه اليوم (أ.ف.ب)
دمار في حي الزيتون عقب انسحاب الإسرائيليين منه اليوم (أ.ف.ب)

رفض رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو القرار الصادر عن «الجمعية العامة للأمم المتحدة»، الذي يشجع على الاعتراف بدولة فلسطينية، وقال إنه لن يسمح بإقامة «دولة إرهابية»، كما رفض وقف الحرب في غزة، وقال إن الانتصار العسكري على «حماس» هو الخيار الوحيد، الذي سيسمح بمناقشة اليوم التالي في غزة.

وظهر نتنياهو في بيان مصور ليعلن معارضته الترويج الأممي لدولة فلسطينية، ورفضه أي ضغوط لوقف الحرب في قطاع غزة.

وقال نتنياهو: «لن نعطي مكافأة على المجزرة المروعة التي ارتكبت في 7 أكتوبر (تشرين الأول). لن نسمح لهم بإنشاء دولة إرهابية ليستطيعوا التمادي في اعتدائهم علينا. ليس لأحد أن يمنعنا من ممارسة حقّنا الأساسي في الدفاع عن أنفسنا، لا (الجمعية العامة التابعة للأمم المتحدة)، ولا أي كيان آخر».

وأكد نتنياهو أنه ماضٍ في حربه في غزة ومصمم على القضاء على «حماس»، باعتبار ذلك «خطوة ضرورية لضمان خلو غزة من أي جهة تهددنا في اليوم التالي».

مروحية إسرائيلية تقصف قطاع غزة اليوم الأربعاء (أ.ف.ب)

وأضاف: «تخوض قواتنا القتال في أنحاء قطاع غزة، في جباليا، وفي الزيتون، وفي رفح».

واعتبر نتنياهو أن أي كلام عن اليوم التالي في غزة «لن يتجاوز كونه مجرد كلام فارغ» طالما بقيت «حماس» هناك، متهماً الحركة بأنها هددت وردعت كل من حاول تشكيل حكم مدني هناك.

وأوضح: «قبل 100 يوم بالفعل، وافقت الأجهزة الأمنية على السماح للغزيين المحليين، الذين لا ينتمون إلى (حماس)، بالاندماج في الإدارة المدنية لتوزيع الغذاء في غزة، لكن لم تتكلل هذه المحاولة بالنجاح، لأن (حماس) هددتهم، بل استهدفت عدداً منهم لتردع غيرهم».

وأضاف: «لن تقبل أي جهة بتولي الإدارة المدنية لغزة خوفاً على سلامتها إلا ما بعد أن يكون واضحاً لدى الكل أن (حماس) لم تعد تسيطر عسكرياً على غزة».

آلية لجني المحاصيل الزراعية في جنوب إسرائيل قرب دبابة على مشارف قطاع غزة اليوم الأربعاء (أ.ف.ب)

وبحسبه: «نقوم منذ عدة أشهر بمحاولات مختلفة لإيجاد حل لهذه المشكلة المركبة».

لكنه اعتبر أن الحل النهائي هو النصر العسكري فقط.

وقال: «ليس هناك بديل عن النصر العسكري» في غزة، وإن «أي محاولة لتجاوزه بادعاءات مختلفة هي ببساطة انفصال عن الواقع»، مضيفاً: «هناك بديل واحد للنصر، (وهو) الهزيمة. هزيمة عسكرية وسياسية ووطنية. والحكومة التي أقودها لن تسمح بذلك».

وجاء حديث نتنياهو عن مواصلة حربه في غزة حتى الانتصار العسكري على «حماس»، فيما بدا رداً على انتقادات أميركية وأخرى إسرائيلية تتهمه بالعجز عن وضع خطة سياسية لما بعد الحرب، وهي مسألة يرى منتقدوه أنها تضرّ وتقوض «إنجازات» الجيش الإسرائيلي في القطاع.

وفي دليل على خلافات واسعة حول الأمر داخل الحكومة الإسرائيلية، خرج وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت معارضاً نتنياهو بشأن اليوم التالي، وقال إنه يدعوه إلى إعلان أن إسرائيل لن تسيطر مدنياً على قطاع غزة.

فلسطينية في حي الزيتون الذي انسحبت منه إسرائيل اليوم الأربعاء (أ.ف.ب)

وأكد غالانت أن جهوده لإثارة قضية الحكم في غزة بعد الحرب منذ أكتوبر «لم تجد استجابة» داخل الحكومة الإسرائيلية.

وقال إنه سيعارض حكماً إسرائيلياً عسكرياً في غزة، لأنه سيكون دموياً ومكلفاً، ويستمر لسنوات. وإن البديل هو تأسيس حكومة بديلة لـ«حماس» في غزة.

وفوراً ردّ وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير على غالانت بالدعوة لإقالته من أجل أن تتحقق أهداف الحرب.

وكتب بن غفير على «تويتر»: «من وجهة نظر غالانت، لا يوجد فرق بين ما إذا كانت غزة تحت سيطرة جنود الجيش الإسرائيلي، أو قتلة (حماس). هذا هو جوهر مفهوم وزير الدفاع، الذي فشل في 7 أكتوبر، وما زال يفشل حتى الآن. ويجب تغيير وزير الدفاع هذا لتحقيق أهداف الحرب».

واحتدمت الخلافات الإسرائيلية حول اليوم التالي في غزة، في وقت احتدمت فيه المعارك في غزة.

فلسطينيون في حي الزيتون بغزة اليوم (أ.ف.ب)

وواصلت إسرائيل عملية برية معقدة في مخيم جباليا شمال القطاع وفي المنطقة الشرقية لرفح جنوباً، فيما انسحبت من حي الزيتون القريب من مدينة غزة بعد أسبوع على اجتياحه، مخلّفة كثيراً من الضحايا والدمار.

وقالت مصادر ميدانية لـ«الشرق الأوسط» إن الجيش الإسرائيلي واصل تقدمه نحو مخيم جباليا، لكنه يتعرض لمقاومة شرسة، ولم يتمكن من الوصول إلى عمق المخيم بخلاف ما يعلن.

وأضاف: «المعارك تدور وجهاً لوجه، وتستخدم فيها كل أنواع الأسلحة».

وقال الجيش الإسرائيلي إن الفرقة 98 بدأت الأربعاء عملياتها العسكرية في قلب مخيم جباليا، وقتلت مسلحين، لكن «كتائب القسام» التابعة لـ«حماس» ردّت بالإعلان عن مقتل أكثر من 12 جندياً في عملية مركبة نفذتها في المخيم.

كما أعلنت «القسام» استهداف سديروت في غلاف غزة، حيث دوّت صافرات الإنذار في المدينة ومحيطها 3 مرات يوم الأربعاء.

وأكد الجيش الإسرائيلي إصابة مبنى بصاروخ سقط في سديروت.

واحتدمت المعارك في جباليا، بعد أن سحب الجيش قواته من حي الزيتون القريب من مدينة غزة، بعد أسبوع من العمل هناك.

وقال ناطق باسم الجيش إن قوات مجموعة القتال، التابعة للواء الناحال، استكملت نشاطها في منطقة الزيتون، وهي تستعد لشنّ مزيد من العمليات الهجومية.

والهجوم في الشمال يتزامن مع هجوم مستمر على رفح في الجنوب.

وقال الجيش الإسرائيلي إنه يوسع عمليته في رفح، وأكدت «القسام» أنها تخوض اشتباكات في رفح، أدت إلى مقتل أول جندي إسرائيلي هناك.

وسمح الجيش بإعلان مقتل أول جندي في عملية رفح.

وارتفع العدد المعلن لقتلى الجيش الإسرائيلي منذ اندلاع الحرب إلى 621، بينهم 273 في المعارك البرية التي بدأت في 27 أكتوبر الماضي. والمعارك الضارية في شمال وجنوب غزة تظهر أن تصريحات نتنياهو حول النصر العسكري المطلق مسألة بالغة التعقيد.

وقال تقرير لصحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية إن «حركة حماس» حتى الآن بعيدة كل البعد عن الاستسلام.


تصعيد محدود في جنوب لبنان بعد اغتيال قيادي بـ«حزب الله»

الدخان يتصاعد من بلدة علما الشعب إثر استهدافها في قصف إسرائيلي (أ.ف.ب)
الدخان يتصاعد من بلدة علما الشعب إثر استهدافها في قصف إسرائيلي (أ.ف.ب)
TT

تصعيد محدود في جنوب لبنان بعد اغتيال قيادي بـ«حزب الله»

الدخان يتصاعد من بلدة علما الشعب إثر استهدافها في قصف إسرائيلي (أ.ف.ب)
الدخان يتصاعد من بلدة علما الشعب إثر استهدافها في قصف إسرائيلي (أ.ف.ب)

تصاعدت وتيرة المواجهات بين «حزب الله» وإسرائيل، الأربعاء، إثر اغتيال الأخيرة قيادياً في الحزب، ليل الثلاثاء، في منطقة صور - الحوش، في عمق الجنوب اللبناني، حيث سجّل إطلاق الصواريخ باتجاه ثكنات ومواقع عسكرية إسرائيلية.

وبعدما أعلن «حزب الله» صباحاً عن استهدافه قاعدتين عسكريتين في شمال إسرائيل بالصواريخ، أعلنت «كتائب القسام» (الجناح العسكري لحركة حماس) أنها قصفت من جنوب لبنان ثكنة ليمان العسكرية في الجليل الغربي برشقة صاروخية مركزة «رداً على استمرار العدوان والمجازر الصهيونية بحقّ المدنيين في غزة الصابرة».

وصباحاً، قال «حزب الله»، في بيانين منفصلين، إنه استهدف مقر قيادة في ثكنة برانيت «بصواريخ بركان الثقيلة»، ومقر وحدة المراقبة الجوية في قاعدة ميرون «بعشرات صواريخ الكاتيوشا والصواريخ الثقيلة وقذائف المدفعية»، وذلك في «إطار الرد على الاغتيال الذي نفّذه العدو الإسرائيلي في الجنوب». وأعلن بعدها أيضاً عن استهداف مقاتليه المنظومات الفنية والتجهيزات التجسسية المستحدثة في موقع الرادار في مزارع شبعا، وموقع السماقة في تلال كفرشوبا.

من جهتها، أفادت صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية، بعد الظهر، نقلاً عن الجيش الإسرائيلي، أن 10 صواريخ أطلقت من لبنان وسقطت في مناطق مفتوحة بشمال البلاد، ولم تقع أي إصابات، مشيراً كذلك إلى انطلاق صفارات الإنذار في الشمال. وكانت صحيفة «تايمز أوف إسرائيل» إلى أن صفارات الإنذار دوّت عدة مرات في منطقة جبل ميرون بشمال إسرائيل، مع إطلاق «حزب الله» عشرات القذائف من لبنان.

في غضون ذلك، سجّل قصف مكثّف على بلدات الجنوب، وأفادت «الوكالة الوطنية للإعلام» بتنفيذ الطيران الإسرائيلي، بعد الظهر، «غارة استهدفت سهل المنصوري، نتج عنها حسب المعلومات الأولية شهيد وجريحان مدنيان». واستهدفت المدفعية الإسرائيلية منطقة حامول في الناقورة بعدد من القذائف الثقيلة، تزامناً مع تحليق للطائرات المسيرة في أجواء الناقورة، وصولاً إلى ساحل صور والقليلة ورأس العين، كما شنّ الطيران الإسرائيلي غارة عنيفة استهدفت بلدة عيترون في قضاء بنت جبيل.

وأتى التصعيد العسكري، بعدما كانت قد استهدفت مسيّرة إسرائيلية سيارة في مدينة صور، في جنوب لبنان، وفق ما أوردت «الوكالة الوطنية للإعلام»، مشيرة إلى أنها أدت إلى مقتل شخصين، لم تحدد هويتهما. ونعى بعدها «حزب الله»، في بيان، حسين إبراهيم مكّي (55 عاماً)، من دون أن يحدّد الدور الذي كان يؤدّيه في صفوفه ولا مهامه.

وقال مصدر مقرب من الحزب لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» إن مكي كان «قائداً ميدانياً للحزب»، في وقت نفى مصدر آخر أن تكون الضربة أسفرت عن مقتل شخصين، مشيراً إلى إصابة الشخص الثاني بجروح.

السيارة التي استهدفها الطيران الإسرائيلي مساء الثلاثاء في صور ما أدى إلى مقتل قيادي في «حزب الله» (الوكالة الوطنية للإعلام)

وصباح الأربعاء، أكد الجيش الإسرائيلي تنفيذه الضربة، واصفاً مكي بأنه «قائد ميداني بارز في (حزب الله) على جبهة الجنوب، وكان مسؤولاً عن التخطيط لكثير من الهجمات وتنفيذها» منذ بدء الحرب، وقال إنه شغل سابقاً مهام «قائد قوات (حزب الله) في المنطقة الساحلية»، وكان مسؤولاً عن هجمات عدة ضد إسرائيل.

ومنذ 8 أكتوبر (تشرين الأول)، يعلن الحزب استهداف مواقع وأجهزة تجسس وتجمعات عسكرية إسرائيلية دعماً لغزة و«إسناداً لمقاومتها». ويردّ الجيش الإسرائيلي بقصف جوي ومدفعي، يقول إنه يستهدف «بنى تحتية» للحزب وتحركات لمقاتلين قرب الحدود وقياديين ميدانيين، ودفع التصعيد عشرات آلاف السكان على جانبي الحدود إلى النزوح.


رؤساء بلديات الشمال الإسرائيلية يطالبون بـ«حرب أو سلام» مع لبنان

آثار الدمار في كريات شمونة الإسرائيلية جراء صواريخ أُطلقت من لبنان (رويترز)
آثار الدمار في كريات شمونة الإسرائيلية جراء صواريخ أُطلقت من لبنان (رويترز)
TT

رؤساء بلديات الشمال الإسرائيلية يطالبون بـ«حرب أو سلام» مع لبنان

آثار الدمار في كريات شمونة الإسرائيلية جراء صواريخ أُطلقت من لبنان (رويترز)
آثار الدمار في كريات شمونة الإسرائيلية جراء صواريخ أُطلقت من لبنان (رويترز)

خرج رؤساء البلديات والمجالس المحلية وغيرهم من ممثلي الجمهور اليهودي، سكان الجليل ومنطقة الشمال في حملة احتجاج ضد سياسة الحكومة، الرامية إلى الاستمرار في حرب الاستنزاف مع «حزب الله» في لبنان، وتأجيل معالجة الملف كله إلى ما بعد وقف إطلاق النار في قطاع غزة. ويتهم عدد منهم رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، بالاستخفاف بأوضاعهم، حيث إن نحو 100 ألف مواطن منهم مشردون عن بيوتهم. وقال رئيس المجلس لبلدة المطلة، ديفيد أزولاي، الذي يعدّ مبادراً أساسياً للحراك ضد الحكومة، واشتهر خلال الأسبوع الماضي بالتهديد بالانسلاخ عن إسرائيل وإقامة دولة مستقلة في الجليل، إن نتنياهو يتوافق مع رغبة حسن نصر الله في ربط التسوية بما بعد غزة. وقال: «قد أفهم مرامي نصر الله لكنني لا أفهم توافق نتنياهو معه». وأضاف أزولاي في مقابلات إذاعية: «الانفجارات باتت جزءاً من واقع حياتنا في الأشهر الأخيرة، فهذا الأمر ليس من يوم أو يوميْن أو من أسبوع أو أسبوعين، بل أطول بكثير... لا يمكننا أن نفهم لماذا تصمت إسرائيل وتتصرف بشكل روتيني تقريباً، أمس كنت في حفل زفاف في منطقة الوسط، حيث أُصبتُ بصدمة ثقافية. الكثير من الناس في تل أبيب يتجوّلون ويشربون ويأكلون، فأسأل نفسي: هل هذه إسرائيل؟

ويطالب أزولاي ورفاقه نتنياهو بالكف عن تقبل الوضع الذي تتعرض فيه بلدات الشمال للتدمير جراء قصف «حزب الله»، ويقول: «نريد منه أن يحسم الأمر، فإما أن تكون حرباً تُجبر (حزب الله) على الابتعاد إلى ما وراء الليطاني، وإما سلاماً مع لبنان مبنياً على تفاهمات كاملة حول الحدود».

وكشفت مصادر سياسية عن أن الإدارة الأميركية ناقشت في الأشهر الأخيرة مع إسرائيل ولبنان الحاجة إلى إجراء تعديلات على الحدود بوصفها جزءاً من محاولة بلورة اتفاق تهدئة بين الدولتين، يتم من خلاله الاعتراف الإسرائيلي بالسيطرة على أراضٍ لبنانية على الحدود وإعادتها لأصحابها. وقال مصدر مطّلع لصحيفة «هآرتس»، إن إسرائيل هي التي بادرت إلى تأجيل المحادثات حول خط الحدود، في حين أن لبنان يصمّم حتى الآن على الموافقة على التفاهمات بشكل أسرع.

وأعرب مصدر إسرائيلي مسؤول عن تقديره أنه يمكن التوصل إلى اتفاق مع لبنان إذا جرى التوصل إلى تهدئة في قطاع غزة. ومع ذلك فإن أي تدهور إلى مواجهة بين الطرفين قبل ذلك، يشمل عدداً كبيراً من الإصابات الإسرائيلية في هجمات «حزب الله»، يمكن أن يُفشل العملية ويؤدي إلى عملية عسكرية إسرائيلية. وقال إن المبادرة إلى تأجيل المفاوضات حول تعديل الحدود ستساعد إسرائيل على مواجهة صعوبة قانونية، وهي أن جهات سياسية تقدِّر أن نتنياهو، في الاستفتاء العام، سيجد صعوبة في تأمين الأغلبية المطلوبة للمصادقة على اتفاق يشمل تعديلات على الحدود، وهي العملية التي يُتوقع أن تصعِّب المصادقة على هذه الخطة. فحسب القانون الإسرائيلي يحتاج نتنياهو إلى تأييد 80 نائباً في الكنيست، للموافقة على التنازل عن أراضٍ تُعدّ إسرائيلية، وهذا ليس متوفراً له. فهناك 14 نائباً من كتلة الوزيرين بتسلئيل سموتريتش وإيتمار بن غفير، يعارضون وهناك أيضاً نواب في «الليكود». وحتى إذا أعطى حزب «يوجد مستقبل» برئاسة يائير لبيد (24 نائباً) شبكة أمان لنتنياهو، «بشرط أن يكون الاتفاق الذي سيجري التوصل إليه مقبولاً من المنظمات التي تمثل سكان الشمال»، فإن احتمال الوصول إلى 80 نائباً ليس مضموناً. لذلك يتهرب نتنياهو من المضيّ قدماً في المفاوضات مع لبنان، ويفضِّل الاستمرار في حرب الاستنزاف الحالية. وعندما يتعرض لضغوط في هذا الاتجاه، يجيب: «هذه ساحة ثانوية الآن».

وقد أثار هذا التوجه موجة اعتراض واسعة في الشمال. وحاول رؤساء البلديات إدخال الجيش في الموضوع، لكنَّ الجيش يبدو قريباً أكثر من موقف نتنياهو. فهو أيضاً يعدّ الجبهة مع لبنان ثانوية، ويفضل إنهاء الحرب على غزة أولاً. ومع أنه يُجري تدريبات يومية على اجتياح لبنان، فإنه يحافظ على سقف معين لا يتجاوزه في هذه الحرب. ويقول لسكان الشمال إن «الدمار الذي أحدثته الضربات الإسرائيلية في بلدات لبنان الجنوبي أكبر بكثير من الدمار الذي أحدثه (حزب الله) في الشمال الإسرائيلي. وما تعانيه بلدة كفركلا اللبنانية أشد خطورة من الدمار في المطلة».


جنود وضباط إسرائيليون يقفون وراء عرقلة المساعدات لغزة

شاحنات تحمل مساعدات لغزة تعرضت لاعتداء قرب الخليل يوم الثلاثاء (د.ب.أ)
شاحنات تحمل مساعدات لغزة تعرضت لاعتداء قرب الخليل يوم الثلاثاء (د.ب.أ)
TT

جنود وضباط إسرائيليون يقفون وراء عرقلة المساعدات لغزة

شاحنات تحمل مساعدات لغزة تعرضت لاعتداء قرب الخليل يوم الثلاثاء (د.ب.أ)
شاحنات تحمل مساعدات لغزة تعرضت لاعتداء قرب الخليل يوم الثلاثاء (د.ب.أ)

أكدت حركات سلام إسرائيلية أن قوات الجيش الإسرائيلي تشجع عمليات الاعتداء على شاحنات المساعدات الإنسانية لأهل غزة، وقالت إن الجيش لا يكتفي بعدم منع هذه الاعتداءات، وتوفير الحماية لمرتكبيها، بل إن عدداً من الجنود والضباط يوفرون المعلومات لهم عن موعد تحرك هذه الشاحنات، ومسار سيرها.

وقالت هذه الحركات إن «تنظيم الأمر 9»، الذي يقود هذه الاعتداءات، يضم في صفوفه نحو 5 آلاف شخص، ويوجد بينهم عدد كبير من جنود وضباط الاحتياط الذين يقيمون علاقات مع الجهات التي تشرف على وصول المساعدات، فيبلغونهم عن مكان وجود الشاحنات، ومواعيد تحركها.

وقد جاءت هذه المعلومات في أعقاب الاستغراب من كيف تمكن المعتدون من اقتفاء أثر الشاحنات التي تنقل مساعدات الإغاثة من الأردن ومن المناطق الفلسطينية عبر محافظة الخليل، ومعبر ترقوميا، في الطريق إلى غزة. فهذه المنطقة خاضعة بالكامل لسيطرة الجيش الإسرائيلي، والمخابرات، حيث يتم حشد قوات ضخمة هناك. وأكد شهود عيان أن قوات الجيش لم تتدخل لمنع الاعتداءات في أي مرحلة من تنفيذها.

ناشطون يمينيون إسرائيليون قرب شاحنات مساعدات تم إتلافها عند معبر ترقوميا بالضفة الغربية يوم الاثنين (أ.ف.ب)

وكتبت صحيفة «هآرتس» مقالاً افتتاحياً الأربعاء جاء فيه: «كالمعتاد، لا أحد يتحمل المسؤولية. في الشرطة وفي الجيش ألقوا المسؤولية عن الحدث كل واحد منهم على الآخر. عندما يعارض وزير الأمن القومي ايتمار بن غفير نقل المساعدات الإنسانية – فلا غرو في أن الشرطة، القوية على عائلات المخطوفين وعلى المتظاهرين ضد الحكومة في كابلان، تبدي ضعفاً تجاه متظاهرين يسدون طريق الشاحنات إلى غزة، ينزلون الحمولة وينثرونها على الطريق بل ويحرقونها. نشطاء (منظمة الأمر 9) هم من يمنعون الشاحنات من المرور. في الأسبوع الماضي سد نشطاء المنظمة ومؤيدوهم طريق الشاحنات عند مدخل متسبيه ريمون على مدى ست ساعات إلى أن أخلتهم الشرطة».

وتابعت الصحيفة أن مسؤولاً كبيراً في جهاز الأمن قال لها: «في الشرطة يغضون الطرف عن شغب المخلين بالقانون ممن يفسدون ويحرقون المساعدات مستخدمين معلومات داخلية يتلقونها عن حركة الشاحنات». وعلى حد قوله «في الشرطة يوجد من يمتنعون عن العناية بالأمر ومنع أعمال الإخلال بالنظام وحتى عندما يعملون شيئاً فإنهم يفعلونه بانعدام شهية واضح. ثمة إحساس بأنهم يحاولون إرضاء أحد ما محدد في الحكومة».

مساعدات لغزة تم إتلافها في ترقوميا على الجانب الإسرائيلي من الحدود مع الضفة الغربية (أ.ف.ب)

وقالت

الصحيفة إن ضعف الحكومة ورئيسها في مقابل الجناح اليميني المتطرف فيها يعطي إسناداً لنشطاء اليمين المتطرف لتخريب المساعدات الإنسانية وعملياً تخريب السياسة الإسرائيلية.

المعروف أن «تنظيم الأمر 9» تأسس مع بداية الحرب على غزة لمنع دخول المساعدات الإنسانية إلى غزة، بمبادرة الزوجين رعوت ويوسف بن حايم، وهما مستوطنان في الضفة الغربية. ويضم التنظيم وفقاً لصحيفة «يديعوت أحرونوت» نحو 5000 شخص، بينهم بعض ممثلي عائلات الأسرى الإسرائيليين لدى «حماس». وقسم منهم يتعرضون لإجراءات عقابية من الولايات المتحدة والدول الأوروبية، لكنهم لا يكترثون لها. بل يهاجمون الرئيس جو بايدن ويتوجهون إليه قائلين: «السيد الرئيس، لا تفعل ذلك. تماماً كما لم يخطر بالبال إرسال مساعدات وإمدادات إلى (أسامة) بن لادن بعد أحداث 11/9، فلا معنى لطلب مساعدات وإمدادات إلى يحيى السنوار بعد أحداث 10/7. لا يتعلق الأمر بأي حال من الأحوال بالمساعدات الإنسانية، بل يتعلق بتزويد شاحنات الأكسجين والمعدات لإرهابيي منظمة (حماس) الإرهابية القاتلة».

وهم يحظون بتأييد علني من الوزير بن غفير، وبالتالي من شرطته، ولا يسمح رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، حتى بانتقاده.


توترات القاهرة وتل أبيب... «حزمة ضغوط» ترجح عودة مفاوضات «هدنة غزة»

جانب من الدمار جراء القصف الإسرائيلي على غزة (أ.ف.ب)
جانب من الدمار جراء القصف الإسرائيلي على غزة (أ.ف.ب)
TT

توترات القاهرة وتل أبيب... «حزمة ضغوط» ترجح عودة مفاوضات «هدنة غزة»

جانب من الدمار جراء القصف الإسرائيلي على غزة (أ.ف.ب)
جانب من الدمار جراء القصف الإسرائيلي على غزة (أ.ف.ب)

لحظات صمت توصف في نطاق التفاوض بـ«الجمود»، تمر بها محادثات الهدنة في غزة، على وقع توترات بين تل أبيب والقاهرة (الوسيط المباشر)، حَرّكتها العملية الإسرائيلية في رفح.

وتخيم سيناريوهات عديدة على مفاوضات الهدنة، بعد مغادرة وفدي حركة «حماس» وإسرائيل لمشاورات القاهرة مؤخراً، وبدء تل أبيب، عملية عسكرية في رفح.

لكن الضغوط هي نافذة «إنقاذ» المفاوضات في الوقت الحالي، سواء عبر الطرف الأميركي، أو من خلال استمرار الاحتجاجات الإسرائيلية ضد رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، وفق خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط».

متطوعون في موقع تعرض لغارة إسرائيلية في النصيرات وسط قطاع غزة الثلاثاء (أ.ف.ب)

والأربعاء، أفادت صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية، بأن مسؤولين إسرائيليين حذَّروا من أن مصر قد تنسحب من جهود الوساطة، وتنهار المحادثات أو ينخفض التعاون، عقب سيطرة تل أبيب على الجانب الفلسطيني من معبر رفح في 7 مايو (أيار) الجاري.

وتأتي تلك المخاوف، غداة اتهام وزير الخارجية الإسرائيلي يسرائيل كاتس لمصر بإغلاق معبر رفح، قائلاً إن الأخيرة «تملك المفتاح لمنع حدوث أزمة إنسانية في غزة»، قبل أن يرد وزير الخارجية المصري سامح شكري بقوة منتقداً هذه التصريحات، ومؤكداً رفض بلاده القاطع «سياسة لي الحقائق والتنصل من المسؤولية التي تتبعها تل أبيب»، متهماً إسرائيل بأنها «المسؤولة الوحيدة عن الكارثة الإنسانية في غزة».

خطة إسرائيلية

اللواء نصر سالم المستشار بـ«أكاديمية ناصر العسكرية» ورئيس جهاز الاستطلاع الأسبق بمصر، يرى في حديث مع «الشرق الأوسط»، أن إسرائيل «تتحرك إعلامياً في اتجاه الزعم بأن مصر طرف غير محايد (في المفاوضات) في إطار الرد على لهجة أكثر خشونة من مصر».

وعقب تصعيد إسرائيل برفح، رفضت مصر التنسيق مع تل أبيب أو تلقي اتصالات، وأبلغت الأطراف كافة، مسؤولية الإسرائيليين عن التدهور الحالي. قبل أن تعلن قبل أيام، عزمها «دعم جنوب أفريقيا في دعواها ضد جرائم الجيش الإسرائيلي بغزة بمحكمة العدل الدولية»، وفق بيان للخارجية المصرية.

دبابة إسرائيلية قرب الحدود مع قطاع غزة الأربعاء (رويترز)

وفي هذا الصدد، يستبعد سالم إمكانية انسحاب مصر من دور الوساطة، مؤكداً أن القاهرة «تتجرع مرارة الصبر من أجل الأشقاء بفلسطين، ولا غنى عن دورها، وإسرائيل تتحجج بمثل هذه الأمور، وهي ترى دور مصر وضغوطها».

ويمضي قائلاً: «ستعود المفاوضات الفترة المقبلة... وإن عادت (المفاوضات) عاد أمل الهدنة». لكنه يرى في الوقت ذاته، أن «رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يحاول إطالة أمد المعركة لنهاية العام؛ أملاً في عودة دونالد ترمب للرئاسة الأميركية العام المقبل، أو استنزاف قدرات (حماس)».

ويستبعد الدكتور خالد عكاشة، المدير العام لـ«المركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية»، انسحاب مصر من الوساطة، قائلاً: «أشك في انسحاب مصر... الوسطاء لا ينسحبون».

وبالعودة لجولة القاهرة الأخيرة في مسار التفاوض، يرى خالد عكاشة، أن «حماس» «كان لديها اعتراضات على بعض البنود وتراجعت، لكن الجانب الإسرائيلي في اللحظات الأخيرة راوغ بعد الحصول على الموافقات كافة، ووضع جميع الضمانات أمام الطرفين، إذ رأى أن مصلحته في استمرار القتال».

دخان يتصاعد في وقت سابق بعد الغارات الإسرائيلية على رفح بالقرب من الحدود الفلسطينية - المصرية (أ.ف.ب)

المقترح المصري للهدنة، وفق عكاشة، كان على «بعد مسافة أمتار قليلة من الخروج للنور وسط زخم دولي وأميركي، باعتبار أن المقترح كان أكثر نضوجاً، وكان يمثل حصاداً لجولات سابقة ويشتمل على مراحل عدة منها اليوم التالي للحرب وتبادل المحتجزين والأسرى».

وعن الظروف الحالية، يقول عكاشة إن الجانب المصري «مستمر حتى اللحظة في الوساطة، ويجري اتصالات رغم تحفظاته على الأداء الإسرائيلي».

ويتوقع عكاشة عودة المفاوضات، ويقول: «ستعود المفاوضات... وهذا يرجع لأمرين مرتبطين بإسرائيل، الأول حجم الرفض الدولي لعملية موسعة في رفح، والثاني فاتورة داخلية محتملة جراء خسارة مزيد من أرواح المحتجزين».

النائب مجدي عاشور، عضو لجنة العلاقات الخارجية بمجلس النواب المصري، يؤكد أن «مصر لا يمكن أن تتراجع عن دعم القضية الفلسطينية، وسوف تواصل مسار التفاوض رغم العقبات التي تضعها إسرائيل».

ومفاوضات الهدنة، وفق عاشور، «ستعود من جديد، في ظل التحركات المصرية واتصالات وزير الخارجية سامح شكري مع نظيره الأميركي أنتوني بلينكن للضغط على إسرائيل للعودة بمرونة للتفاوض وتقديم تنازلات».

وبخلاف عامل الضغط الأميركي المدفوع من مصر، يرى عاشور، أن «المظاهرات المستمرة لأهالي المحتجزين، في تل أبيب، هي مسار ضغط على الحكومة الإسرائيلية؛ ومهما طال الوقت، ستحاول إسرائيل التهدئة عبر العودة للتفاوض».

وفي محاولة لتفسير التحركات الإسرائيلية في رفح رغم هذه الضغوط، يقول عاشور: «إسرائيل لا تريد أن تجلس لمفاوضات وهي تستشعر أنها لم تحقق أي نصر». ويوضح: «المناورة الإسرائيلية واستمرار استفزاز الجانب المصري، لن يستمرا كثيراً... وكلها تحركات استعراضية لنتنياهو وحكومته لتفادي أي إقالة».

وبالإضافة إلى ذلك، يرى النائب المصري أن «مسار المفاوضات خط استراتيجي مصري، فيه حفاظ على الأمن القومي المصري، ولذلك، فإن استمراره جزء من الثوابت المصرية، ولا يعني توقفه أو جموده انتهاء ذلك المسار الاستراتيجي».