تركيا تخطط لتوحيد إدارة مناطق سيطرتها شمال سوريا بتعيين حاكم واحد

تقارير حقوقية تحدثت عن «تتريك» ممنهج وترسيخ التبعية الإدارية

ساحة رئيسية في مدينة الباب السورية التابعة لفصائل موالية لتركيا (أ.ف.ب)
ساحة رئيسية في مدينة الباب السورية التابعة لفصائل موالية لتركيا (أ.ف.ب)
TT

تركيا تخطط لتوحيد إدارة مناطق سيطرتها شمال سوريا بتعيين حاكم واحد

ساحة رئيسية في مدينة الباب السورية التابعة لفصائل موالية لتركيا (أ.ف.ب)
ساحة رئيسية في مدينة الباب السورية التابعة لفصائل موالية لتركيا (أ.ف.ب)

تخطط تركيا لتوحيد إدارة المناطق الخاضعة لسيطرة قواتها وفصائل ما يعرف بـ«الجيش الوطني السوري» الموالي لها، شمال وشمال شرقي سوريا، عبر تعيين حاكم واحد يتولى سلطات إدارة تلك المناطق بدلاً من 7 ولاة عُينوا للتنسيق هناك، وذلك بهدف منع الارتباك في إدارة تلك المناطق.

وكشفت مصادر مطلعة على الخطة، عن أنه يجري العمل حالياً على وضع نظام جديد للتنسيق بين أنقرة والمجالس المحلية في 13 منطقة مختلفة، في مقدمتها أعزاز وجرابلس والباب وعفرين وتل أبيض ورأس العين.

وحسب صحيفة «تركيا» القريبة من الحكومة، التي نقلت عن تلك المصادر (الثلاثاء)، سيتم تعيين حاكم واحد (والي) للمناطق الآمنة التي تسيطر عليها القوات التركية والفصائل شمال سوريا، بهدف إزالة ارتباك السلطة هناك وإدارة العلاقات بدرجة عالية من التنسيق مع أنقرة.

ولفتت إلى أنه ومن خلال تقديم مختلف أنواع الدعم اللوجيستي والفني للمجالس المحلية في المناطق الآمنة، التي تم إنشاؤها شمال سوريا عبر العمليات العسكرية التركية الثلاث «درع الفرات»، «غصن الزيتون» و«نبع السلام»، سيتم أيضاً تنفيذ الكثير من المشروعات للحفاظ على أمن المنطقة ووقف عمليات الهجرة خارج الحدود، وتشجيع العودة الطوعية للاجئين السوريين في تركيا.

صورة أرشيفية لمخيم باب السلامة قرب الحدود التركية 2016 (غيتي)

وأعلن الرئيس التركي رجب طيب إردوغان العام الماضي، عن خطة لإعادة أكثر من مليون من اللاجئين السوريين في تركيا إلى بلادهم بشكل طوعي إلى المناطق الآمنة التي قامت القوات التركية بإنشائها شمال سوريا، وأن العمليات ستستمر لتأمين شريط حدودي بعمق 30 إلى 40 كيلومتراً لاستيعاب هؤلاء اللاجئين.

وتهدف تركيا في الأساس، إلى إقامة حاجز بهذا العمق لإبعاد القوات الكردية المنضوية في تحالف قوات سوريا الديمقراطية (قسد) عن حدودها، وقطع الصلة بين وحدات حماية الشعب الكردية، أكبر مكونات «قسد» في شمال سوريا، وحزب العمال الكردستاني في شمال العراق.

نموذج حلب

ومؤخراً، كشفت تقارير عن تشكيل الحكومة التركية بتعليمات من الرئيس رجب طيب إردوغان، آلية ثلاثية للعمل على تسريع جهود العودة الطوعية للاجئين السوريين إلى بلادهم، بالتركيز على التنمية الاقتصادية والاجتماعية في محافظة حلب بشمال غربي سوريا، فيما يُعرف بـ«نموذج حلب».

وقالت صحيفة «صباح» القريبة من الحكومة التركية، إن إردوغان أصدر تعليمات بتشكيل آلية ثلاثية من ممثلين لوزارة الداخلية، وحزب «العدالة والتنمية» الحاكم وكتلته البرلمانية، لتحفيز السوريين على العودة الطوعية إلى الأماكن التي يتم تطهيرها في شمال سوريا، بواسطة القوات التركية والفصائل الموالية لأنقرة.

وأضافت أن الآلية الثلاثية ستركز عملها على «إنعاش الحياة الاقتصادية والتجارية في المناطق التي تم تطهيرها في شمال سوريا، وتشجيع رجال الأعمال، بمن فيهم الأتراك، على إقامة مشروعات ومصانع ومنشآت هناك لتوفير فرص عمل للعائدين».

ولفتت الصحيفة إلى أن واحداً من أهم وأبرز الجوانب في خريطة الطريق التي تعمل عليها الآلية، هو التركيز على محافظة حلب، التي تعد العاصمة الاقتصادية لسوريا والعمل على إحيائها من الناحيتين الاقتصادية والاجتماعية.

ومن أجل ذلك، تواصل تركيا محادثاتها مع الجانبين الروسي والسوري لضم حلب إلى خريطة الطريق، في خطوة تهدف إلى توفير فرص عمل لمئات الآلاف من اللاجئين السوريين الذين سيتم تشجيعهم على العودة إلى بلادهم.

صورة متداولة على مواقع التواصل الاجتماعي (الاثنين) لعمال في أثناء تغيير أسماء قرى بعفرين إلى اللغة التركية

تتريك ممنهج

ويقول ناشطون ومراصد تعمل على الأرض في شمال سوريا، إن تركيا لم تدّخر جهداً لتكريس الأمر الواقع من خلال تبني سياسات «تتريك» ممنهجة، بعد عملياتها العسكرية الثلاث في المنطقة في الفترة ما بين 2016 و2019، حيث عمدت إلى تغيير السجل المدني للسكان الأصليين في المناطق، وسحبت البطاقة الشخصية والعائلية السورية من القاطنين في تلك المناطق واستبدلت بها أخرى تركية.

كما تم تغيير أسماء غالبية الشوارع والأحياء في تلك المناطق، إلى أخرى تركية، وفرض التعامل باللغة والليرة التركيتين، بشكل خاص في مدن الباب وعفرين وجرابلس وأعزاز وأخترين ومارع ورأس العين وتل أبيض.

وأصبحت خدمات الصحة والتعليم والبريد والصرافة والكهرباء والمياه والهاتف، وغيرها من مستلزمات الحياة اليومية تدار بواسطة أتراك، واستبدلت بالليرة السورية الليرة التركية، كما تم استبدال بمناهج الدراسة مناهج تركية في المدارس في تلك المناطق. كما افتتحت فروعاً لبعض الجامعات التركية، مثل جامعة «حران» في شانلي أورفا، شمال سوريا، وتم فرض اللغة التركية في مناطق سيطرة القوات التركية والفصائل لخلق جيل منتمٍ للثقافة التركية.

فرع جامعة حران التركية في شمال سوريا

وأكدت مراصد حقوقية أن سياسات التتريك أخذت طابعاً أكثر ضراوة في المناطق ذات الأغلبية الكردية في سوريا، مثل عفرين ورأس العين وتل أبيض، ما دفع بمئات الآلاف من الأكراد إلى هجرتها. كما تمت إزالة المعالم الكردية وتغيير الأسماء الكردية للشوارع والمراكز والأحياء واستبدال بها أخرى تركية، ورُفع العلم التركي وصور الرئيس رجب طيب إردوغان فوق المدارس والمستشفيات، وجميع المراكز والمؤسسات والساحات، بهدف إحداث تغييرات ديموغرافية جذرية وطمس الهوية الكردية لتلك المناطق، واستبدال نازحين سوريين بسكانها الأكراد الأصليين، وبخاصة من التركمان القادمين من المناطق السورية المنكوبة الأخرى، أو باللاجئين العائدين من تركيا.

انتهاكات حقوقية

وتخضع المجالس المحلية التي تدير المناطق الواقعة بين جرابلس والباب وعفرين، التي تتبع الحكومة السورية المؤقتة، التي تتخذ من تركيا مقراً لها، للسيطرة المباشرة من تركيا، ويتسلم موظفوها رواتبهم منها مباشرة.

وذكر مسؤول من الجماعات المعارضة الموالية لتركيا في مارس (آذار) 2019 أن مجلس عفرين يتبع إدارياً لولاية هطاي التركية.

وكشف تقرير لمفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان، في يونيو (حزيران) 2018، عن أن والي هطاي عيّن اثنين من المسؤولين الأتراك للإشراف على الحكم في منطقة عفرين. وتقدم السكان في مدينة الباب بطلب الحصول على بطاقات هوية جديدة صادرة عن السلطات التركية، وجرى تعميم المشروع على المناطق الأخرى لاحقاً.

وتم ربط المناطق الـ13 الخاضعة لسيطرة القوات التركية وفصائل المعارضة التي تديرها مجالس تتبع الحكومة السورية المؤقتة، إدارياً، بالولايات التركية الحدودية مع سوريا: هطاي، وغازي عنتاب، وشانلي أورفا، وتدار جميع الأنشطة من خلال المؤسسات التركية.

مقاتلون من «فرقة الحمزة» التي فرضت واشنطن عليها عقوبات لتورطها في انتهاكات خطيرة بعفرين (مواقع تواصل)

وتحدثت منظمات حقوقية عالمية عن تردي الحالة الاقتصادية والأمنية والإنسانية في تلك المناطق، وتم الإبلاغ عن انتهاكات لحقوق الإنسان. وقالت لجنة حقوق الإنسان المستقلة التابعة للأمم المتحدة -في تقرير أصدرته في 31 يناير (كانون الثاني) 2019- إن هناك أكثر من 50 جماعة مسلحة منتشرة في شمال سوريا، ويعاني سكان تلك المناطق، وبخاصة عفرين، التي كانت ذات غالبية كردية قبل سيطرة تركيا عليها، أعمال النهب المستمرة ممّن يُفترض بهم أن يكونوا في خدمة وحماية المواطنين.

وذكر التقرير أن غياب القانون والانضباط وتكرار حالات الاختطاف والتعذيب وانتشار العصابات، حوّل حياة الناس إلى جحيم لا يطاق.

ويقول المواطنون إنهم اشتكوا كثيراً عند الشرطة المحلية والسلطات التركية، لكن دون جدوى. وتلقت اللجنة تقارير عن المضايقات التي يتعرض لها المدنيون من الجماعات المسلحة ومطالبتهم بالرشى لتسيير أبسط أمورهم اليومية وبخاصة عند نقاط التفتيش التي تسيطر عليها الفصائل.



«اليونيفيل»: قلقون إزاء استمرار تدمير إسرائيل للمناطق السكنية جنوب لبنان

آلية عسكرية تتبع قوات «اليونيفيل» في بلدة الخيام بجنوب لبنان (أ.ف.ب)
آلية عسكرية تتبع قوات «اليونيفيل» في بلدة الخيام بجنوب لبنان (أ.ف.ب)
TT

«اليونيفيل»: قلقون إزاء استمرار تدمير إسرائيل للمناطق السكنية جنوب لبنان

آلية عسكرية تتبع قوات «اليونيفيل» في بلدة الخيام بجنوب لبنان (أ.ف.ب)
آلية عسكرية تتبع قوات «اليونيفيل» في بلدة الخيام بجنوب لبنان (أ.ف.ب)

أكدت قيادة القوات الدولية العاملة في جنوب لبنان (يونيفيل)، اليوم الخميس، أن «أي أعمال تهدد وقف الأعمال العدائية الهش يجب أن تتوقف».

وقالت «اليونيفيل»، في بيان، «تستمر (اليونيفيل) في حثّ الجيش الإسرائيلي على الانسحاب في الوقت المحدد، ونشر القوات المسلحة اللبنانية في جنوب لبنان والتنفيذ الكامل للقرار 1701 بوصفه مساراً شاملاً نحو السلام»، وفقاً لـ«وكالة الأنباء الألمانية».

وأضافت: «هناك قلق إزاء استمرار التدمير الذي يقوم به الجيش الإسرائيلي في المناطق السكنية والأراضي الزراعية وشبكات الطرق في جنوب لبنان، وهذا يشكل انتهاكاً للقرار 1701»، مشيرة إلى أن «(اليونيفيل) تعمل بشكل وثيق مع القوات المسلحة اللبنانية بينما تقوم بتسريع جهود التجنيد وإعادة نشر القوات إلى الجنوب».

وأكدت «اليونفيل» أن البعثة مستعدة للقيام بدورها في دعم البلدين في الوفاء بالتزاماتهما وفي مراقبة التقدّم، ويشمل ذلك «ضمان خلو المنطقة الواقعة جنوب نهر الليطاني من أي أفراد مسلحين أو أصول أو أسلحة غير تلك التابعة لحكومة لبنان و(اليونيفيل)، فضلاً عن احترام الخط الأزرق».

ودخل قرار وقف إطلاق النار في لبنان حيز التنفيذ فجر 27 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، وتخرق إسرائيل الاتفاق منذ سريانه بشكل يومي.