وزير الإعلام اللبناني «يجمد» محطة التلفزيون الرسمية وينفي إقفالها

نقابة موظفي «تلفزيون لبنان» مستمرة في إضرابها

من اجتماع لعدد من العاملين في تلفزيون لبنان (الشرق الأوسط)
من اجتماع لعدد من العاملين في تلفزيون لبنان (الشرق الأوسط)
TT

وزير الإعلام اللبناني «يجمد» محطة التلفزيون الرسمية وينفي إقفالها

من اجتماع لعدد من العاملين في تلفزيون لبنان (الشرق الأوسط)
من اجتماع لعدد من العاملين في تلفزيون لبنان (الشرق الأوسط)

أعلن وزير الإعلام اللبناني زياد مكاري تجميد بث محطة «تلفزيون لبنان» الرسمية بعد خلاف مع نقابة الموظفين التي امتنعت عن بث البرامج، احتجاجاً على تدني رواتب الموظفين التي تأثرت بانهيار العملة الوطنية المستمر منذ نحو 3 سنوات.

وأحدث قرار الوزير بلبلة إعلامية وشعبية، بعد أن فسرت الخطوة على أنها إقفال للمحطة التي كانت أول محطة تلفزيونية في البلاد. واضطر الوزير إلى الظهور إعلامياً للحديث عن الخطوة، مؤكداً أن «تلفزيون لبنان» لم يقفل، مبدياً «عتبه على وسائل الإعلام التي تداولت هذا الخبر مع أنه غير دقيق وعارٍ عن الصحة». وأشار إلى أنه لا يستطيع القيام بأمر كهذا دون العودة إلى مجلس الوزراء، وهو غير مطروح إطلاقاً.

وفي وقت لاحق أصدر مكاري بياناً، شرح فيه أن ما حصل هو «تجميد البث» وليس وقفه، «كما تصرّ على ذلك نقيبة مستخدمي تلفزيون لبنان ميرنا الشدياق»، التي وصفها بيان الوزير بأنها «حديثة العهد في العمل النقابي»، وتستخدم «الشاشة العامة وسيلة لبثّ البيانات الصادرة عنها حصراً، الأمر الذي يكبّد خزينة الدولة نفقات كبيرة غير منظورة، كالمازوت على سبيل المثال لا الحصر، إذ يحتاج التلفزيون إلى 20 ألف لتر شهرياً في مبنى تلة الخياط فقط، كما أفادنا مدير الإرسال».

وعما إذا كان من حلول لهذه المشكلة قال الوزير: «ثمة مشكلة كبيرة في تلفزيون لبنان نحاول معالجتها منذ أشهر، ووصلنا إلى خواتيمها. فكل مطالب موظفي التلفزيون استجيبت، والمبالغ المالية المنوي تحويلها مقسمة على دفعتين. الدفعة الأولى أصبحت في مصرف لبنان وسيتم صرفها قريباً. والدفعة الثانية هي من ضمن مرسوم صدر سابقاً عن وزير المالية، وسأوقعه مع رئيس مجلس الوزراء يوم الخميس 17 الحالي».

وأشار مكاري إلى أن النقابة ذاهبة باتجاه آخر، «بحيث لم تترك النقيبة الشدياق مجالاً للتشاور ولذلك تتحمل هي المسؤولية». وأكد أن تلفزيون لبنان سيعاود بث برامجه من خلال التعاون مع قسم من الموظفين يرفض المشاركة في الإضراب.

وتجدر الإشارة إلى أن مشكلة موظفي «تلفزيون لبنان» بدأت منذ عام 2020 عند اشتداد الأزمة الاقتصادية، فصارت قيمة رواتبهم بالليرة اللبنانية مقابل الدولار لا تسمح لهم بالعيش الكريم.

ومنذ تلك الفترة يجري العمل على حل مشكلتهم، بإضافة مساعدات وحوافز مالية تساهم في التعويض عليهم. إلا أن شيئاً من هذه الحلول لم يترجم على الأرض وبقيت مجرد وعود وحبر على ورق، بحسب نقابة الموظفين، وبناء عليه أعلنت إضرابها المفتوح، مطالبة بالحصول على مستحقاتها للعودة إلى العمل.

وقالت نقيبة مستخدمي تلفزيون لبنان ميرنا الشدياق لـ«الشرق الأوسط»: «الوزير كان معنا وساندنا في قرارنا، وقال بالحرف: (أنا حدكن) ومطالبكم محقة. فما الذي حصل حتى يأخذ هذا القرار المفاجئ؟».

وتشير شدياق إلى أنه من المعيب أن يتقاضى موظفو تلفزيون لبنان ما بين المليون و5 ملايين ليرة. وجميع موظفي الدولة وقطاعات أخرى أخذوا مستحقاتهم ونالوا رواتبهم والتحفيزات المالية إلا تلفزيون لبنان. وتتساءل: «هل الأمر مقصود؟ ولماذا كل هذا التأخير؟». وتؤكد أن قرار الوزير سيكون مؤقتاً إلى حين إيجاد الحل. وختمت: «إنهم يستخفون بحقوقنا ويتجاهلونها. والأسوأ أنهم يحاولون إحداث انقسام بين مديري الأقسام في تلفزيون لبنان لينجوا بفعلتهم. فهل يعقل هذا؟ إنه لأمر معيب جداً».

وبالنسبة لقرار وزير الإعلام زياد مكاري، أكد النقيب السابق حنا بويري لـ«الشرق الأوسط»، أن الوزير لا يستطيع قانونياً أخذ أي إجراء رسمي بخصوص تلفزيون لبنان. وهو لا يستطيع إيقاف البث وما قام به فقط إيقاف البرمجة. ويوضح في سياق حديثه: «قراره لم يصدر مكتوباً بل كان شفهياً، لأن قرارات من هذا النوع يلزمها توقيع رئاسة مجلس الوزراء».

وأضاف: «المرسوم الذي صدر بخصوص دفع المساعدات والتحفيزات طبق على الجميع إلا على موظفي تلفزيون لبنان. ولا نعرف الأسباب الحقيقية التي تقف وراء عرقلة تنفيذه. لقد حصلنا فقط على راتبنا الشهري، وهو أمر غير مقبول، لأن الأعلى أجراً بين الموظفين يتقاضى 5 ملايين ليرة فقط».

وكان تلفزيون لبنان قد توقف عن بث برامجه صباح الجمعة، مكتفياً بوضع الـ«كولور بارز» على شاشته، للإشارة إلى صمته المؤقت وليس إلى وقف البث.


مقالات ذات صلة

لماذا تم حظر ظهور «المنجمين» على التلفزيون الرسمي في مصر؟

يوميات الشرق مبنى التلفزيون المصري «ماسبيرو» (تصوير: عبد الفتاح فرج)

لماذا تم حظر ظهور «المنجمين» على التلفزيون الرسمي في مصر؟

أثار إعلان «الهيئة الوطنية للإعلام» في مصر حظر ظهور «المنجمين» على التلفزيون الرسمي تساؤلات بشأن دوافع هذا القرار.

فتحية الدخاخني (القاهرة )
شمال افريقيا الكاتب أحمد المسلماني رئيس الهيئة الوطنية للإعلام (موقع الهيئة)

مصر: «الوطنية للإعلام» تحظر استضافة «العرّافين»

بعد تكرار ظهور بعض «العرّافين» على شاشات مصرية خلال الآونة الأخيرة، حظرت «الهيئة الوطنية للإعلام» في مصر استضافتهم.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
يوميات الشرق قرارات «المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام» أثارت جدلاً (تصوير: عبد الفتاح فرج)

​مصر: ضوابط جديدة للبرامج الدينية تثير جدلاً

أثارت قرارات «المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام» بمصر المتعلقة بالبرامج الدينية جدلاً في الأوساط الإعلامية

محمد الكفراوي (القاهرة )
الولايات المتحدة​ ديبورا والدة تايس وبجانبها صورة لابنها الصحافي المختفي في سوريا منذ عام 2012 (رويترز)

فقد أثره في سوريا عام 2012... تقارير تفيد بأن الصحافي أوستن تايس «على قيد الحياة»

قالت منظمة «هوستيدج إيد وورلدوايد» الأميركية غير الحكومية إنها على ثقة بأن الصحافي أوستن تايس الذي فقد أثره في سوريا العام 2012 ما زال على قيد الحياة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
المشرق العربي شخص يلوّح بعلم تبنته المعارضة السورية وسط الألعاب النارية للاحتفال بإطاحة الرئيس السوري بشار الأسد في دمشق (رويترز)

فور سقوطه... الإعلام السوري ينزع عباءة الأسد ويرتدي ثوب «الثورة»

مع تغيّر السلطة الحاكمة في دمشق، وجد الإعلام السوري نفسه مربكاً في التعاطي مع الأحداث المتلاحقة، لكنه سرعان ما نزع عباءة النظام الذي قمعه لعقود.

«الشرق الأوسط» (دمشق)

انتخاب رئيس للبنان يتأرجح مناصفة بين التفاؤل والتشاؤم

من آخر جلسة فاشلة لانتخاب رئيس للجمهورية (البرلمان اللبناني)
من آخر جلسة فاشلة لانتخاب رئيس للجمهورية (البرلمان اللبناني)
TT

انتخاب رئيس للبنان يتأرجح مناصفة بين التفاؤل والتشاؤم

من آخر جلسة فاشلة لانتخاب رئيس للجمهورية (البرلمان اللبناني)
من آخر جلسة فاشلة لانتخاب رئيس للجمهورية (البرلمان اللبناني)

يصعب على الكتل النيابية التكهُّن، منذ الآن، بأن جلسة انتخاب رئيس للجمهورية المقررة في التاسع من يناير (كانون الثاني) المقبل ستنتهي إلى ملء الشغور الرئاسي، في ظل الغموض الذي يكتنف مواقفها، مع انقطاع التواصل بين المعارضة و«الثنائي الشيعي» (حركة أمل و«حزب الله») للتفاهم على رئيس توافقي، وكثرة عدد المرشحين الذين سيخضعون حكماً إلى غربلة، بالتلازم مع انكبابها على حسم خياراتها الرئاسية، بدءاً من مطلع العام الجديد؛فجلسة انتخاب الرئيس تبقى قائمة، ولا مجال لتأجيلها، في ظل الضغوط الدولية لإخراج انتخابه من المراوحة، لكن هذا لا يعني أن «الدخان الأبيض» سيتصاعد من القاعة العامة للبرلمان، حتى لو بقيت مفتوحة لدورات متتالية؛ ما لم تبادر الكتل النيابية لتقديم التسهيلات لانتخابه، الذي يبقى حتى الساعة يتأرجح مناصفةً بين التفاؤل والتشاؤم، وهذا يفرض التلاقي في منتصف الطريق للتوافق على رئيس يحظى بحيثية مسيحية وازنة يُرضِي الشيعة، ويتمتع بالمواصفات التي حددتها اللجنة «الخماسية» لإنقاذ لبنان؛ خصوصاً أن انتخابه بات ملحّاً ليأخذ على عاتقه، بالتعاون مع حكومة فاعلة محصَّنة، بحزمة من الإصلاحات، مواكبة تطبيق القرار «1701» لإنهاء الحرب مع إسرائيل، وإعادة إدراج اسم لبنان على لائحة الاهتمام الدولي.

ومع أن اسم قائد الجيش لا يزال يتقدم السباق الرئاسي، فإن مَن يؤيده من النواب ليسوا في وارد ترشيحه للرئاسة إلا في حال توافرت لهم الضمانات، بحصوله على ثلثَي أعضاء البرلمان، أي 86 نائباً، حسماً للجدل حول تعديل الدستور.

وفي المقابل، فإن رئيس المجلس النيابي، نبيه بري، الذي لا يبدي حماسة لتعديل الدستور، سيواجه صعوبة، كما يقول مصدر نيابي وسطي لـ«الشرق الأوسط»، في التوافق على رئيس يتناغم انتخابه مع التحولات التي شهدتها المنطقة، ما دام الاصطفاف بداخل البرلمان بدأ يتغير مع توجه أكثرية النواب المنتمين للطائفة السنية للتموضع في منتصف الطريق بين المعارضة وخصومها، وعلى رأسهم الثنائي الشيعي الذي بات يفتقر إلى تأييد بعضهم ممن اقترعوا في جلسة الانتخاب الأخيرة لمرشحه زعيم تيار «المردة»، سليمان فرنجية، في مواجهة منافسه، الوزير السابق جهاد أزعور. وبكلام آخر، فإن انتخاب الرئيس في الدورة الأولى بحاجة لتأمين النصاب بأكثرية ثلثي أعضاء البرلمان، أي 86 نائباً، لانعقادها وتأمين انتخاب الرئيس بنفس العدد، فيما انعقاد دورة الانتخاب الثانية يتطلب حضور الثلثين، على أن يُنتخب رئيساً بأكثرية مطلقة، «أي نصف عدد النواب زائد واحد (65 نائباً)». لذلك، ومع استعداد الكتل النيابية لحسم خيارها، فإنها قد تجد نفسها في مأزق يستعصي على هذا أو ذاك؛ تأمين تأييد 65 نائباً لمرشحها في جميع دورات الانتخاب، مع امتناع مؤيدي عون عن ترشيحه، ما لم يتأمن العدد النيابي المطلوب لإيصاله للرئاسة، رغم أن الرئيس السابق للحزب «التقدمي الاشتراكي»، وليد جنبلاط، كان أول مَن أيَّده، وهذا لم يلقَ ارتياح حليفه بري، بذريعة أنه استعجل في قراره، وكان الأفضل له التريُّث لبعض الوقت. ويؤكد المصدر النيابي أن انصراف الكتل النيابية لجوجلة أسماء المرشحين سيضع قوى المعارضة في اجتماعها الموسع في الثاني من الشهر المقبل أمام حسم موقفها ترشحاً، واقتراعاً، في ضوء القرار النهائي لرئيس حزب «القوات اللبنانية»، سمير جعجع، بخوضه المعركة أو عزوفه عن الترشح، رغم أن عدداً من النواب المنتمين إلى كتلته بادروا إلى ترشيحه. ويقول إن المطلوب من المعارضة أن تقول كلمتها، لأنه لم يعد في مقدورها اتباع سياسة المناورة، قبل أسبوع من موعد جلسة الانتخاب، وبات عليها الخروج من حالة الإرباك وتفويت الفرصة على خصومها الذين يراهنون على أن انقسامها في تأييدها للعماد عون سيضعف قدرتها على الإتيان برئيس يكون لها القرار الراجح في إيصاله إلى بعبدا.

ويسأل المصدر: ماذا لو قرَّر رئيس «التيار الوطني الحر»، النائب جبران باسيل، الاستدارة نحو تأييده لجعجع، مع أنها تستبعد ذلك؛ كونه أول من بادر إلى إعداد لائحة بأسماء المرشحين تداول فيها مع بري و«حزب الله»؛ رغبة منه بتقديم نفسه على أنه أحد صانعي الرؤساء، ويكشف أنه تشاور مع الحزب الذي أبلغه بأنه لا يضع «فيتو» عليهم، وهم 3، يتردد أن الثنائي لا يمانع تأييدهم. ويلفت إلى أن المعارضة تراقب ما يُنسب للفريق الآخر بأن الثنائي الشيعي يدرس تأييده لترشيح أزعور الذي لا يزال اسمه في عِداد المرشحين. في محاولة، من وجهة نظره، لإحراج المعارضة وإرباكها، ويقول إن المعارضة لن تكون منزعجة وترحِّب بهذه الخطوة، وتسأل عن مدى استعداده، أي الثنائي، لتأييده الذي يتسبب بإزعاج حليفه فرنجية الذي تبنى ترشيحه في دورة الانتخاب الأخيرة ضد منافسه أزعور، ويصر «حزب الله» على ترشيحه مجدداً، ربما لقطع الطريق على جعجع في حال قرَّر الترشح. وعليه، فإن بري، كما يقول المصدر، سينزل بكل ثقله لانتخاب رئيس توافقي، مهما طالت دورات الانتخاب، وبالتالي لن يسمح بأن تنتهي كسابقاتها من الجلسات بتعطيل انتخابه. لكن تبقى كلمة الفصل للميدان النيابي، وما إذا كان الثنائي الشيعي سيعيد النظر في موقفه من تعديل الدستور، بعد أن يكون استخدمه في وجه عون لتحسين شروطه؛ بدءاً بتقاسمه الشراكة، بانتخابه، باعتبار أن لا تسوية إلا مع بري ولا يمكن تخطيه.

رئيس البرلمان اللبناني خلال مناقشته بنود الورقة الأميركية مع الموفد الرئاسي الأميركي آموس هوكستين (أ.ف.ب)

فهل ستحمل جلسة الانتخاب مفاجأة غير محسوبة مع ارتفاع موجة التأييد الدولي والإقليمي لقائد الجيش، وإن كانت مصادر بري لا تصنّف الزيارة المرتقبة للوسيط الأميركي، آموس هوكستين، لبيروت في خانة مواكبة انتخاب الرئيس؛ فهي تحصرها في معالجة الخروق الإسرائيلية، لتثبيت وقف إطلاق النار في الجنوب، فور انتهاء مفعول الهدنة المنصوص عليها في الاتفاق الذي رعته الولايات المتحدة الأميركية. وأخيراً هل يبقى الاصطفاف النيابي بحالته الراهنة على نحو يعطل انتخاب الرئيس؟ أم أن الضغوط الدولية ستشكل رافعة لا يمكن مقاومتها محلياً، وتؤدي إلى خفض منسوب التشاؤم لدى أكثرية النواب؛ بأن الجلسة المفتوحة لن تُفرج عن انتخاب الرئيس، وستأخذ البلد إلى مزيد من التأزم، وتقحمه في مأزق يحمّل مَن يعطل انتخابه مسؤولية لا يمكنه تجاوز تبعاتها؛ كونها تتعدى الداخل إلى المجتمع الدولي.