جلسة حاسمة في قضية اغتصاب الطفلة اللبنانية لين طالب

فحوص الحمض النووي تؤشر إلى تورّط خالها بالجريمة

الطفلة الضحية (وكالة الأنباء المركزية)
الطفلة الضحية (وكالة الأنباء المركزية)
TT

جلسة حاسمة في قضية اغتصاب الطفلة اللبنانية لين طالب

الطفلة الضحية (وكالة الأنباء المركزية)
الطفلة الضحية (وكالة الأنباء المركزية)

تتكشّف يوماً بعد يوم خيوط جريمة اغتصاب الطفلة لين طالب والتسبب بوفاتها، إذ حصرت قاضي التحقيق الأول في شمال لبنان سمرندا نصّار، الشبهات بمتّهم واحد هو نادر أبو خليل، خال الطفلة الضحيّة ابنة السنوات الست، بعدما استجوبته يوم الخميس الماضي، وأصدرت مذكرة توقيف وجاهية بحقّه، على أن تعقد الثلاثاء جلسة حاسمة تستجوب فيها والدة الطفلة وجدّيها (والدا الأم)، وتجري مواجهات بينهم.

وعشية الجلسة الثالثة، قطعت القاضية نصّار الشكّ باليقين لجهة مسؤولية الخال عن الجريمة التي هزّت الرأي العام اللبناني والعالمي، وأكد مصدر متابع لمجريات التحقيق لـ«الشرق الأوسط»، أن «الشبهات تعزّزت تجاه الخال الذي جرى استجوابه وتوقيفه يوم الخميس الماضي رغم إنكاره لما أقدم عليه؛ خصوصاً لجهة مطابقة فحوص الحمض النووي التي أخذت من الطفلة الضحية ومنه». وأشار المصدر إلى أن نصّار «تلقّت أجوبة للاستنابات التي سطرتها إلى الأجهزة الأمنية وطلبت فيها تفريغ محتوى هاتف الخال وتحديد الموقع الجغرافي لوجوده أثناء حصول الجريمة».

ولم يغيّر إنكار المشتبه شيئاً في مسار التحقيق، ولا في الاقتناعات التي تكوّنت تجاه مسؤوليته عن الجريمة. وقال المصدر القضائي الذي رفض ذكر اسمه: «منذ تسلّمها الفحوص المخبرية وأجوبة الاستجوابات سارعت القاضي نصّار إلى استدعاء الخال واستجوابه، فأنكر في البداية ما نسب إليه لكنها واجهته بالأدلة لجهة تطابق فحوص الحمض النووي، والأدلة التي ضبطت على هاتفه، حيث تناقض في أقواله وأعطى معلومات كاذبة تناقض ما قاله»، لافتاً إلى أن نصّار «تمكنت من الإمساك بخيوط الجريمة، ونجحت في مقاطعة المعلومات وتقارير الأطباء ونتائج الحمض النووي وتحديد المسؤول عن الجريمة».

ومن المقرر أن تكون جلسة الثلاثاء حاسمة، وقد تستغرق وقتاً طويلاً؛ حيث تخضع والدة الطفلة للاستجواب مجدداً بالإضافة إلى جدّها وجدّتها (والدا الأم)، وقد تجري القاضية نصّار مواجهة بينهم، وتعيد استجواب الخال الذي بات مشتبهاً رئيسياً في القضية. وقال المصدر نفسه إن «كل المعطيات تفيد بأن أم الطفلة وجدّيها كانوا على علم بواقعة اغتصابها من قبل الخال، إلّا أنهم تستروا على الجريمة حتى لا يكتشف أمره ويجري توقيفه، كما أنهم امتنعوا عن عرض الطفلة على طبيب وتقديم العلاج الطبي لها، رغم معرفتهم أن وضعها الصحي والنفسي يتدهور سريعاً».

غير أن المحامي محمد حسنة، وكيل الدفاع عن والدة الطفلة وجدّيها، نفى علم وكلائه بتعرض الطفلة للاغتصاب قبل وفاتها، وأوضح أن والدة لين وجدّها لم يُستجوبا بعد، وقال لـ«الشرق الأوسط»: «لدي معطيات بأنهم لا يعلمون شيئاً عن واقعة الاغتصاب إلا بعد وفاة الطفلة، رغم وجود شكوك بحقهم لهذه الناحية»، لافتاً إلى أن «جلسة الثلاثاء ستكون فاصلة وتنجلي فيها كلّ الحقائق». وأضاف المحامي حسنة: «حضرت جلسة استجواب المدعو نادر بو خليل (الخال) بتكليف من القاضية نصّار، وفوجئت خلال الجلسة بأن الحمض النووي العائد للخال مطابق لما وجد في الضحية، لقد علمت بذلك خلال الجلسة من قبل القاضية، وأصبت بالصدمة عندما واجهته بهذا الدليل، عندها توقفت عن المثول عنه، وطلبت الانسحاب من التوكيل ومتابعة التحقيق لأنني أرفض التوكل عن مغتصب طفلة، بمعزل عن أن الدفاع حق مقدس وهذا ما حصل».

وترى قاضية التحقيق الأول في الشمال أن أفعال المشتبه به، تنطبق على مضمون المادتين 504 و506 من قانون العقوبات اللبناني، وتنصّ الأولى على: «ﯾﻌﺎﻗب ﺑﺎﻷﺷﻐﺎل اﻟﺷﺎﻗﺔ ﻣدة ﺧﻣس ﺳﻧوات ﻋﻠﻰ اﻷﻗل ﻣن ﺟﺎﻣﻊ ﺷﺧﺻﺎً ﻏﯾر زوجه، ﻻ ﯾﺳﺗطﯾﻊ اﻟﻣﻘﺎوﻣﺔ ﺑﺳﺑب ﻧﻘص ﺟﺳدي أو ﻧﻔﺳﻲ أو ﺑﺳﺑب ﻣﺎ اﺳﺗﻌﻣل ﻧﺣوه ﻣن ﺿروب اﻟﺧداع، وﻻ ﺗﻧﻘص اﻟﻌﻘوﺑﺔ ﻋن ﺳﺑﻊ ﺳﻧوات إذا ﻛﺎن اﻟﻣﻌﺗدى ﻋﻠﯾه ﻟم ﯾﺗم اﻟﺧﺎﻣﺳﺔ ﻋﺷرة ﻣن ﻋﻣره».

كما تنصّ المادة 506 على أنه «إذا جامع قاصراً بين الخامسة عشرة والثامنة عشرة من عمره أحد أصوله شرعياً كان أو غير شرعي أو أحد أصهاره لجهة الأصول وكل شخص يمارس عليه سلطة شرعية أو فعلية أو أحد خدم أولئك الأشخاص عوقب بالأشغال الشاقة لمدة لا تقل عن خمس سنوات (...) ولا تنقص العقوبة عن سبع سنوات أشغالاً شاقة في حال كان القاصر دون الخامسة عشرة من عمره، أما إذا كان القاصر دون الثانية عشرة من عمره فلا تنقص العقوبة عن تسع سنوات أشغالاً شاقة».

أما والدة الطفلة وجدّاها فهم يلاحقون بكتم المعلومات، سنداً للمادة 408 من قانون العقوبات اللبناني، التي تنص على أنه «من شهد أمام سلطة قضائية أو قضاء عسكري أو إداري، فجزم بالباطل أو أنكر الحق أو كتم بعض أو كل ما يعرفه من وقائع القضية التي يُسأل عنها، عوقب بالحبس من ثلاثة أشهر إلى ثلاث سنوات». وأكد مصدر قضائي أن «المحكمة التي ستنظر في القضية لاحقاً، ستشدد العقوبة بحقّ الخال لأن جريمة الاغتصاب أودت بحياة الطفلة، وقد تصل عقوبته إلى الأشغال الشاقة مدّة 20 عاماً، كما أن العقوبة ستكون أكثر قساوة بحق بقية المدعى عليهم، باعتبار أن إخفاء جرم الاغتصاب والامتناع عن عرض الطفلة على طبيب أديا إلى وفاتها».



الجيش الإسرائيلي يصل إلى مشارف نهر الليطاني في جنوب لبنان

دبابة إسرائيلية محملة على شاحنة خلال نقلها إلى الحدود مع جنوب لبنان في الجليل الأعلى (إ.ب.أ)
دبابة إسرائيلية محملة على شاحنة خلال نقلها إلى الحدود مع جنوب لبنان في الجليل الأعلى (إ.ب.أ)
TT

الجيش الإسرائيلي يصل إلى مشارف نهر الليطاني في جنوب لبنان

دبابة إسرائيلية محملة على شاحنة خلال نقلها إلى الحدود مع جنوب لبنان في الجليل الأعلى (إ.ب.أ)
دبابة إسرائيلية محملة على شاحنة خلال نقلها إلى الحدود مع جنوب لبنان في الجليل الأعلى (إ.ب.أ)

نفّذت القوات الإسرائيلية أوسع اختراق بري داخل العمق اللبناني منذ بدء الحرب، بوصولها إلى مشارف نهر الليطاني من جهة ديرميماس، ودخلت إلى أطراف البلدة، وذلك في محاولة لفصل النبطية عن مرجعيون، والتمهيد لهجوم على بلدة الطيبة من الجهتين الغربية والشمالية، وتحييد تلة الطيبة التي تشرف شرقاً على سهل الخيام الذي يستعد الجيش الإسرائيلي لتمديد عمليته البرية إليه، في محاولة للسيطرة على مدينة الخيام.

وأفادت وسائل إعلام لبنانية بأن الجيش الإسرائيلي نصب حاجزاً عند مفرق ديرميماس في جنوب لبنان ليفصل بين مرجعيون والنبطية. وقطع الجيش الإسرائيلي الطريق عند المدخل الغربي لبلدة ديرميماس قرب محطة وقود، بالسواتر الترابية، حيث تتمركز آليات تابعة له. وأوردت تقارير إعلامية أن القوات الإسرائيلية منعت دوريات قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (اليونيفيل) والجيش اللبناني من المرور باتجاه مرجعيون.

5 كيلومترات

وقالت مصادر لبنانية مواكبة لتطورات المعركة في الجنوب، إن القوات الإسرائيلية تقدمت من بلدة كفركلا التي تسيطر عليها، باتجاه الغرب عبر حقول الزيتون، لمسافة تصل إلى 5 كيلومترات، مستفيدة من غياب مقاتلي الحزب في تلك المناطق المسيحية، مثل محيط القليعة وبرج الملوك وديرميماس. وقالت المصادر لـ«الشرق الأوسط» إن تلك الثغرة «مكنت القوات الإسرائيلية من الوصول إلى مشارف نهر الليطاني، للمرة الأولى منذ عام 2006 وفصلت النبطية عن مرجعيون»، علماً بأن المدفعية الإسرائيلية كانت قد قطعت ذلك الطريق مراراً على مدار الأشهر الماضية، كما نفذت مسيّرات عمليات اغتيال عليها.

دبابة إسرائيلية على مثلث مرجعيون - ديرميماس - القليعة قرب نهر الليطاني بجنوب لبنان (متداول)

ومهّدت إسرائيل لهذا التقدم، بتغطية نارية. وقالت مصادر أمنية لبنانية في الجنوب إن المدفعية الإسرائيلية «لم تهدأ طوال ليل الخميس - الجمعة في استهداف المرتفعات المطلة على ديرميماس، سواء في قلعة الشقيف، أو أرنون ويحمر ووادي زوطر ودير سريان»، لافتة إلى أن هذا التمهيد المدفعي «يسعى عادة إلى توفير تغطية نارية تواكب تقدم المشاة»، وأكدت المصادر أن التحركات البرية الإسرائيلية «سارت على إيقاع قصف جوي عنيف، وتحليق للمسيّرات، لتأمين القوة المتقدمة». ورجحت أن مسار العبور سلك كفركلا - تل النحاس - برج الملوك باتجاه ديرميماس، وأشارت إلى أن البلدة «شبه خالية من السكان، إذ تضم بضع عائلات فقط، كما لا يحظى (حزب الله) بوجود فيها».

وأطلق «حزب الله» صواريخه باتجاه القوات الإسرائيلية في تلك المنطقة، حسبما قال في ثلاثة بيانات، أكد فيها أنه استهدف التجمعات والآليات الإسرائيلية على تخوم ديرميماس بالصواريخ. وتحدثت وسائل إعلام عن «رشقات صواريخ متتالية استهدفت تجمعات إسرائيلية في الخيام ومحيط تل النحاس وصاروخ موجه استهدف تحركات آلية في كروم الزيتون قرب محطة مرقص في أطراف ديرميماس».

دبابة وجرافة

وانتشرت صورة في وسائل الإعلام اللبنانية لدبابة إسرائيلية تتمركز وراء مرتفع مكشوف من جهة الشرق (بلدة القليعة)، لكنه محمي من جهتي الغرب والشمال. أما من الجهة الجنوبية، فتشرف عليه بلدة ديرميماس التي دخلت إليها القوات الإسرائيلية.

وقال الباحث في الشؤون العسكرية والاستراتيجية مصطفى أسعد إن الصورة التي تداولتها وسائل إعلام لبنانية وتظهر جرافة تسير وراء دبابة على مثلث القليعة - مرجعيون - ديرميماس «تعني أن قوة مهاجمة من المشاة انتقلت من المنطقة وأمنتها، سواء سيراً على الأقدام أو بآليات مدولبة وسريعة، ودخلت إلى بلدة ديرميماس».

وأفاد رئيس بلدية البلدة، في تصريحات لوسائل إعلام محلية، بحصول «توغل إسرائيلي بسيط داخل البلدة»، مشيراً إلى أن الجنود الإسرائيليين «توغلوا بين حقول الزيتون من جهة بلدة كفركلا».

ويقول «حزب الله» إنه لم يقم مراكز تجمع عسكري له في أراضي بلدات مسيحية أو درزية في الجنوب، وذلك في ظل رفض من تلك المكونات لوجود الحزب في أراضيهم. ويقول مقربون منه إنه يحجم عن ذلك لسببين؛ أولهما «سبب سياسي، لتجنب السجال مع أبناء الطوائف الأخرى»، وثانيهما «لضرورات أمنية».

مسيرة إسرائيلية تحلق في أجواء الضاحية الجنوبية لبيروت (رويترز)

مرتفعات الطيبة

وتسعى القوات الإسرائيلية من هذا التقدم إلى الإشراف على مجرى نهر الليطاني، الذي يُعتقد أن جزءاً من منصات الإسناد الصاروخي لـ«حزب الله» توجد فيه، وهي المنصات التي تمنع القوات الإسرائيلية من التقدم في بلدة الخيام. كما تسعى إلى الالتفاف على بلدة الطيبة الاستراتيجية التي تضم مرتفعات مشرفة على نهر الليطاني من الغرب، ومرتفعات مشرفة على سهل الخيام من جهة أخرى. ولم تدخل إليها القوات الإسرائيلية من جهة الشرق بعد، رغم المحاولات للتوغل فيها، ورغم الغارات الجوية التي استهدفتها على مدى أشهر.

وفي حال التوغل من جهة ديرميماس، فإن القوات الإسرائيلية ستفتح مجالاً للتوغل في الطيبة من الجهتين الغربية والشمالية، إضافة إلى محور مركبا - العديسة من الجهة الشرقية، وذلك في محاولة لتحقيق اختراق والتفاف عليها.

«الطيبة» لتأمين التوغل بـ«الخيام»

وتعد بلدة الطيبة أبرز الموانع التي تحول دون افتتاح القوات الإسرائيلية جبهة من الجهة الغربية للتقدم باتجاه مدينة الخيام، كون الدبابات الإسرائيلية «ستكون تحت نيران الصواريخ المضادة للدروع في حال العبور بسهل الخيام»، وهو ما حال دون افتتاح الجيش الإسرائيلي لمحور توغل جديد من الجهة الغربية للتقدم إلى الخيام التي فشل مرتين في السيطرة عليها، الأولى قبل أسبوعين حين توغل من الجهتين الشرقية والجنوبية، والمرة الثانية قبل أيام حين أضاف محوراً جديداً من شمال شرق المدينة قرب إبل السقي، وتمكن في المرتين من الوصول إلى أطرافها الشرقية والجنوبية، وبينها أسفل معتقل الخيام، فيما تعرضت آلياته لاستهداف ناري حين توسعت من المطلة إلى سهل الخيام (جنوب غرب) باتجاه المدينة.

القبة الحديدية تعترض صواريخ أطلقها «حزب الله» باتجاه شمال إسرائيل (إ.ب.أ)

وقال «حزب الله» إنه استهدف تجمعات إسرائيلية 6 مرات على أطراف الخيام الشرقية والجنوبية بالصواريخ، كما أطلق مقاتلوه صواريخ مضادة للدروع باتجاه إحدى الدبابات الإسرائيلية على مشارف الخيام، مما أدى إلى احتراقها.

وتقول المصادر إن القوات الإسرائيلية «تسعى للسيطرة على إحدى مدينتين، إما بنت جبيل وإما الخيام»، وذلك بعد التوغل في عدة قرى، وتفجير المنازل فيها، ومسحها بالكامل. ويعد الدخول إلى بنت جبيل معقداً من الناحية العسكرية، كونها مدينة كبيرة وتتضمن أحياء واسعة ومترامية الأطراف، وقد فشلت محاولات سابقة للتوغل فيها والسيطرة عليها، رغم القتال على أطرافها، خصوصاً الحي الواقع على تخوم عيناثا.

وأفادت وسائل إعلام لبنانية باشتباكات عنيفة في مدينة الخيام، حيث «تُسمع بوضوح أصوات الانفجارات والاشتباكات بالأسلحة الرشاشة»، بالتزامن مع قصف مدفعي عنيف وغارات على مدينة الخيام.