واشنطن «ترفض» غياب المساءلة في لبنان

طالبت بـ«إتمام التحقيقات» في انفجار المرفأ

الدمار الذي لحق بمبنى الإهراءات في مرفأ بيروت بعد الانفجار (رويترز)
الدمار الذي لحق بمبنى الإهراءات في مرفأ بيروت بعد الانفجار (رويترز)
TT

واشنطن «ترفض» غياب المساءلة في لبنان

الدمار الذي لحق بمبنى الإهراءات في مرفأ بيروت بعد الانفجار (رويترز)
الدمار الذي لحق بمبنى الإهراءات في مرفأ بيروت بعد الانفجار (رويترز)

كررت إدارة الرئيس جو بايدن، مطالبتها السلطات اللبنانية بـ«إتمام التحقيقات» في انفجار 4 أغسطس (آب) 2020 في مرفأ بيروت، مؤكدة أن غياب المساءلة «أمر مرفوض»، بل يوجب «إصلاحاً قضائياً» في لبنان.

ومنذ 23 ديسمبر (كانون الأول) 2021، علقت التحقيقات في الانفجار، وهو من أكبر الانفجارات غير النووية في التاريخ الحديث، بعد سلسلة من الطعون القانونية التي قدمها سياسيون مشتبه فيهم ضد القاضي طارق بيطار، الذي يشرف على هذه التحقيقات. وقدم السياسيون اللبنانيون أكثر من 25 طلباً لإقالة بيطار وقضاة آخرين معنيين بالقضية. وفي يناير (كانون الثاني) 2023، أوقف المدعي العام اللبناني غسان عويدات سعي بيطار لاستئناف التحقيق، وأمر بإطلاق جميع المشتبه فيهم الـ17 الذين أوقفوا في إطار التحقيقات.

ورداً على سؤال لـ«الشرق الأوسط» في الذكرى السنوية الثالثة للانفجار الذي أدى إلى مقتل أكثر من 220 شخصاً وجرح آلاف آخرين، وأحدث دماراً هائلاً في العاصمة اللبنانية، قال ناطق باسم وزارة الخارجية الأميركية إن «الولايات المتحدة لا تزال تقف إلى جانب الشعب اللبناني، بخاصة ضحايا مأساة مرفأ بيروت وذويهم». وأضاف: «أوضحنا مع المجتمع الدولي منذ الانفجار، أننا نحض السلطات اللبنانية على الإسراع في إنجاز تحقيق شفاف وسريع في الانفجار المروع»، مؤكداً أن «الافتقار إلى التقدم في اتجاه المساءلة أمر غير مقبول، ويبرز الحاجة إلى إصلاح قضائي واحترام أكبر لسيادة القانون».

وفي هذه المناسبة، جددت منظمة «هيومان رايتس ووتش» الأميركية المستقلة، ونحو 300 من الهيئات والشخصيات والناجين وذوي الضحايا، مطالبتها الدول الأعضاء في مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان بـ«دعم إنشاء بعثة دولية مستقلة ومحايدة لتقصي الحقائق في تفجير مرفأ بيروت عام 2020»، مؤكدين أن «هناك أكثر من ثلاث سنوات من التدخل السياسي المستمر في التحقيق المحلي».

كان مجلس حقوق الإنسان ندد بـ«العرقلة والتدخل المستشريين في التحقيق المحلي اللبناني». وأفادت المنظمات بأنه «بعد أكثر من 5 أشهر، لم تتخذ السلطات اللبنانية أي خطوات ذات مغزى لضمان تقدم التحقيق المحلي أو اعتماد قانون في شأن استقلال القضاء بما يتمشى والمعايير الدولية». ورأت أنه ينبغي للدول الأعضاء في الأمم المتحدة «تقديم قرار بإنشاء بعثة لتقصي الحقائق لدعم حقوق الضحايا والناجين»، من خلال الوصول إلى «الحقيقة والعدالة والإنصاف، بما في ذلك التعويضات، وإظهار أن مثل هذا التقاعس المتعمد من السلطات اللبنانية له عواقب».



جدعون ساعر... ليبرالي يميني قاد أول تمرد على نتنياهو

جدعون ساعر (رويترز)
جدعون ساعر (رويترز)
TT

جدعون ساعر... ليبرالي يميني قاد أول تمرد على نتنياهو

جدعون ساعر (رويترز)
جدعون ساعر (رويترز)

من هو النائب جدعون ساعر الذي يتفاوض معه رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، لشغل منصب وزير الدفاع في حال قرر تنفيذ خطة إقالة غالانت من منصبه؟

النائب ساعر، الذي يُعدّ شخصية جدلية، حظي لسنين طويلة بإجماع المراقبين والخبراء، من اليمين والوسط وحتى من اليسار، على أنه صاحب قيم ومبادئ. هي قيم الليبرالية اليمينية مع مبادئ سياسية راديكالية، لكنه كان من أشد المقاتلين ضد الفساد، سواء أكان ذلك عندما عمل محامياً أم عندما عمل صحافياً أم عندما خاض غمار السياسة وصار نائباً في البرلمان ثم وزيراً للداخلية ووزيراً للقضاء. ويُعدّ صاحب كلمة، ولديه قواعد صارمة للسياسي الذي يحترم الجمهور.

بسبب مواقفه المبدئية، تنازل ساعر عن منصب سكرتير الحكومة، في أول حكومة لبنيامين نتنياهو؛ لأنه تعهد للأميركيين بتطبيق اتفاقات أوسلو. وتنازل عن منصب رئيس كتل الائتلاف في عهد آرييل شارون؛ لأنه عارض قراره الانسحاب من قطاع غزة. وتنازل عن منصب وزير في حكومة نتنياهو الثالثة؛ لأنه رآه مراوغاً. وكان أول من تمرد على قيادة نتنياهو لحزب «الليكود»، بل راح ينافسه على رئاسة الحزب والحكومة. وعندما هزمه نتنياهو بنسبة 70 في المائة مقابل 30 في المائة، أقام ساعر حزباً جديداً وقرر أن أفضل طريقة لإسقاط نتنياهو هي الالتفاف عليه من اليمين. وصرح مرات عدة، بأن إسرائيل في وضع خطير تحت قيادة نتنياهو، والمهمة الوطنية الأسمى هي التخلص من قيادته. وعندما طلب منه صحافي في «القناة الـ12» أن يوقّع على تعهد بألا يعود للتعاون مع نتنياهو، وقّع على التعهد بلا تردد في بث حي.

معارضون للحكومة الإسرائيلية يشاركون في احتجاج أمام منزل عضو الكنيست جدعون ساعر في تل أبيب يوم الاثنين (أ.ف.ب)

لذلك، فإن قبوله عروض نتنياهو اليوم بتفكيك حزبه والعودة إلى «الليكود» وتراجعه عن كل وعوده للجمهور، يشكل ضربة قاصمة للقيم والمبادئ التي تباهى بها، بل لمسيرته التاريخية أيضاً. فهو عندما كان فتى تمرّد على مفاهيم والديه السياسية. فوالده الطبيب المولود في الأرجنتين ووالدته المولودة في بخارى، عاشا في كيبوتس (تعاونية اشتراكية)، ووالده كان الطبيب الخاص لأول رئيس وزراء إسرائيلي، ديفيد بن غوريون، لكن الابن كان ميالاً للحيروت (الذي أصبح الليكود)، وهو حزب الرأسمالية المتشددة، ورافضاً للسلام مع الفلسطينيين على أساس حل الدولتين. وعندما وقّع مناحيم بيغن اتفاق السلام مع مصر، انضم الشاب الصغير جدعون ساعر إلى حزب «هتحيا» (النهضة). وعلى طول الطريق ظل يحارب السياسيين الفاسدين. واعتزل السياسة لفترة حتى يتفرغ لزوجته الثانية، النجمة الإعلامية اليسارية، غئولا إيبن، وطفليهما. وتقبّل قرار إحدى ابنتيه الشابتين من زواجه الأول، الارتباط بشاب عربي. وقال: «هذا قرارها الحر» (انفصلا فيما بعد وتزوجت من شاب يهودي).

لهذا كله، قوبل انضمامه المحتمل اليوم لحكومة نتنياهو باستغراب واستهجان في الحلبة السياسية. وهناك من يعتقد أن خطوته المتوقعة سببها نتائج استطلاعات الرأي التي تشير منذ نحو سنتين، وبشكل مثابر ومنهجي، إلى أنه في حال إجراء انتخابات اليوم، فإن ساعر سيسقط، ولن يتجاوز نسبة الحسم. كما أن انضمامه إلى الحكومة سيعني أنه أصبح شريكاً في خطة نتنياهو لمعاقبة يوآف غالانت، مثلما عوقب هو (ساعر) نفسه في الماضي؛ لأنه تجرأ على مخالفة نتنياهو الرأي.

عاجل «حزب الله» يحمل إسرائيل مسؤولية انفجار أجهزة الاتصالات في لبنان ويقول إن «المجرم» سينال بالتأكيد قصاصه العادل