عقد الرئيس التركي رجب طيب إردوغان اجتماعاً ثلاثياً مع رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس ورئيس المكتب السياسي لحركة «حماس» إسماعيل هنية، بمقرّ الرئاسة التركية في أنقرة الأربعاء.
عُقد الاجتماع بشكل مغلق. وكشفت مصادر لـ«الشرق الأوسط»، عن أن الاجتماع ركّز بشكل أساسي على اجتماع أمناء الفصائل الفلسطينية المقرّر عقده بالقاهرة يومي 29 و30 يوليو (تموز) الحالي، والعمل على إنجاح الحوار الفلسطيني - الفلسطيني.
وأضافت المصادر أن الاجتماع تناول آخر التطورات في الأراضي الفلسطينية والتصعيد الإسرائيلي في جنين والضفة الغربية، والاعتداءات على المسجد الأقصى وقطاع غزة.
وجاء الاجتماع الثلاثي عقب اجتماع لوفدي السلطة الفلسطينية برئاسة الرئيس محمود عباس، وحركة «حماس»، برئاسة هنية؛ لبحث سبل تهيئة الأجواء لإنجاح اجتماع الأمناء العامين للفصائل في القاهرة.
وصرّح عضو المكتب السياسي لحركة «حماس»، حسام بدران، بأن اللقاء شهد نقاشاً صريحاً وعميقاً، وجاء في إطار استكمال مشاورات الحركة مع مختلف القوى والفصائل الفلسطينية بغرض التحضير الجيد لاجتماع الأمناء العامين في العاصمة المصرية، الذي يبدأ السبت ويستمر يومين.
وقال بدران: إن وفد «حماس» أكد أن «المقاومة الشاملة هي السبيل الأنجع لمواجهة الاحتلال والمخاطر المحدقة بالقضية الفلسطينية». وأضاف أن الوفد أكد أيضاً أنه «لا بد أن تتناسب مخرجات اجتماع الأمناء العامين مع طموحات وآمال الشعب الفلسطيني»، وطالب بالتحضير الجيد لهذا الاجتماع مع ضرورة تهيئة الظروف الميدانية لإنجاحه.
وذكر بدران أن الوفدين اتفقا على «ضرورة توحيد الجهود الوطنية لمواجهة المخاطر المحدقة بالقضية الفلسطينية، وبخاصة مشروعات الحكومة الإسرائيلية المتطرفة التي تريد ابتلاع الأرض وتوسيع الاستيطان والسيطرة على مقدرات الشعب الفلسطيني، وفي مقدمة ذلك الخطر الأساسي المتعلق بالضفة الغربية والقدس المحتلة».
اللقاء الأول
وكان اللقاء هو الأول بين عباس وقيادة «حماس» منذ اجتماعه مع هنية في يوليو العام الماضي، في الجزائر، بمبادرة من الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون على هامش احتفالات ذكرى استقلال الجزائر.
ولم يصدر أي تعليق عن الرئاسة الفلسطينية على اللقاء مع وفد «حماس» في أنقرة.
ويعقد اجتماع الأمناء العامين للفصائل الفلسطينية في القاهرة، للمرة الأولى منذ سنوات، بعدما دعا إليه عباس في وقت سابق من يوليو الحالي على خلفية عملية عسكرية للجيش الإسرائيلي في مخيم جنين في الضفة الغربية أدت إلى مقتل 12 وعشرات الجرحى.
ودأبت مصر منذ سنوات على استضافة اجتماعات الفصائل الفلسطينية، في محاولة لإنهاء الانقسام الداخلي المستمر منذ عام 2007، غير أن سلسلة اتفاقيات وتفاهمات تم التوصل إليها لم تجد طريقها للتنفيذ.
وبحث إردوغان وعباس في أنقرة، الثلاثاء، التطورات في الأراضي الفلسطينية وتصاعد الهجمات الإسرائيلية في الفترة الأخيرة في جنين والضفة الغربية، والاعتداءات على المسجد الأقصى إلى جانب الحوار الفلسطيني – الفلسطيني المقرّر عقده في القاهرة.
قلق تركي
وكان عباس قد وصل إلى أنقرة، مساء الاثنين، في وقت تتصاعد فيه المخاوف من تجدد العنف والهجمات الإسرائيلية على الأراضي الفلسطينية، كما وصل هنية إلى أنقرة مساء الثلاثاء. وتشعر تركيا بالقلق من أن يؤدي تصاعد التوتر إلى خلق دوامة جديدة من العنف، وتعرب عن ذلك في تصريحاتها الرسمية، وتدعو إلى «التصرف بحكمة في الأمور التي تشكّل حساسية خاصة للشعب الفلسطيني والعالم الإسلامي».
وقال إردوغان، في مؤتمر صحافي مع عباس، في ختام مباحثاتهما في أنقرة مساء الثلاثاء: إن تركيا لا يمكنها قبول «الممارسات الإسرائيلية الرامية إلى تغيير الوضع التاريخي للأماكن المقدسة بفلسطين، وعلى رأسها المسجد الأقصى».
وأكد أن «الطريق الوحيدة لسلام عادل ودائم في المنطقة تمر من الدفاع عن رؤية حل الدولتين»، مضيفاً أن «وحدة الفلسطينيين وتوافقهم» أحد العناصر الأساسية في هذه المرحلة، وأنه أعرب مجدداً للرئيس محمود عباس عن استعداد تركيا لتقديم أشكال الدعم كافة في هذا الصدد.
وقال إردوغان: إن إقامة دولة فلسطينية مستقلة عاصمتها القدس الشرقية على حدود عام 1967 وعلى أساس معايير الأمم المتحدة «شرط ضروري من أجل السلام والاستقرار لمنطقتنا بأسرها».
وشدد على أن «تركيا ستواصل الدفاع عن القضية الفلسطينية بأقوى صورة، ودعم الجهود كافة لتعزيز أمن الشعب الفلسطيني ورخائه»، لافتاً إلى أن القضية الفلسطينية لم تحظ بالاهتمام الذي تستحقه على جدول أعمال المجتمع الدولي منذ فترة طويلة.
وعبّر الرئيس التركي عن قلقه البالغ جراء الخسائر المتزايدة في الأرواح في الأراضي الفلسطينية بسبب الاعتداءات الإسرائيلية، قائلاً: «نشعر بقلق عميق إزاء الخسائر المتزايدة في الأرواح والدمار والتوسع الاستيطاني غير القانوني وعنف المستوطنين».
تعويل على تركيا
بدوره، قال الرئيس الفلسطيني محمود عباس: إن «فلسطين وشعبها يعوّلون كثيراً على الموقف التركي الذي وقف دوماً إلى جانب الحق الفلسطيني»، مؤكداً عمق العلاقات الأخوية التي تربط بلدينا وشعبينا الشقيقين، مثمّنين مواقف تركيا الثابتة والداعمة لحقوق الشعب الفلسطيني.
وأضاف عباس «نواجه اليوم حكومة إسرائيلية يمينية متطرفة، تسعى بكل قوّتها لتدمير ما تبقى من أسس العملية السياسية... إسرائيل تقوم بذلك عبر ممارسات عنصرية واستعمارية مدروسة ومخطط لها، فضلاً عن تنصلها من تنفيذ التزاماتها جميعاً، وآخرها التزامات العقبة وشرم الشيخ».