نقص المياه والمساعدات يُرهق مخيمات الشمال السوري

ظهور أمراض جلدية خطيرة بين أطفال النازحين

نازح سوري يحمل قطعة ثلج متجهاً إلى خيمته في مخيم «الرصيف» شمال إدلب (الشرق الأوسط)
نازح سوري يحمل قطعة ثلج متجهاً إلى خيمته في مخيم «الرصيف» شمال إدلب (الشرق الأوسط)
TT

نقص المياه والمساعدات يُرهق مخيمات الشمال السوري

نازح سوري يحمل قطعة ثلج متجهاً إلى خيمته في مخيم «الرصيف» شمال إدلب (الشرق الأوسط)
نازح سوري يحمل قطعة ثلج متجهاً إلى خيمته في مخيم «الرصيف» شمال إدلب (الشرق الأوسط)

وسط موجة حر شديدة، تصاعدت شكاوى نحو مليون ونصف مليون نازح يعيشون في مخيمات عشوائية وفقيرة، من نقص المياه الحاد، من المنظمات الإنسانية الدولية، مع ظهور أمراض جلدية على أجساد الأطفال، ومخاوف من انتشارها على نطاق أوسع.

ويتوجه عشرات الآباء يومياً بأطفالهم من المخيمات الحدودية مع تركيا وغيرها في شمال غربيّ سوريا، نحو المستشفيات العامة والخاصة على حد سواء، بحثاً عن علاج سريع لإصابات جلدية (بقع حمراء مؤلمة وجَرَب)، ظهرت مؤخراً على أجساد أبنائهم، قبل أن يبلغ الأمر حد الإصابات الفردية ويصل إلى العدوى الجماعية. عند غرفة انتظار أحد أطباء الجلدية في مدينة الدانا، شمال إدلب، ينتظر أبو سامر وابنه ذو السنوات العشر (المصاب بالجرب)، مع العشرات من المصابين بأمراض جلدية مختلفة، دورهم لرؤية الطبيب ومعاينة الحالات المصابة وصف العلاجات اللازمة والسريعة لها، التي وصفها البعض بالخطيرة، ما إن تفشّت في أوساط الناس وبخاصة بين النازحين في المخيمات المكتظة بالبشر.

نازح في مخيّم «ترمانين» غرب حلب يرطّب جوانب الخيمة بالماء للتخفيف من درجات الحرارة (الشرق الأوسط)

ويعزو أبو سامر (38 عاماً)، وهو نازح من ريف حلب الجنوبي إلى أحد المخيمات في منطقة أطمة الحدودية شمال إدلب، السبب في حالة ابنه الصحية وظهور علامات الإصابة بالجرب على مختلف أنحاء جسده، إلى قلة النظافة بسبب نقص المياه ومحدودية الكمية المخصصة لأسرته المؤلفة من 5 أشخاص من المياه التي تقدمها إحدى المنظمات الإنسانية، وهي 125 لتراً يومياً (أي 25 لتراً للفرد الواحد يومياً)، ويجري استخدامها والتصرف بها بتقنين شديد، إما للشرب وتبريد الأغطية خلال موجة الحر الحالية، وإما لغسيل أواني الطعام. أما غسيل الملابس والاستحمام، فكل أسبوع مرة واحدة، وربما ذلك هو السبب في تفشي الأمراض الجلدية بين الناس وبخاصة في المخيمات. ويضيف: «قد لا أفلح في معالجة ولدي من مرض الجرب وقد يتطور الأمر إلى إصابة باقي أفراد العائلة عن طريق العدوى، ما دام السبب لا يزال قائماً حتى الآن وهو قلة المياه، وكذلك مئات الحالات المصابة بأمراض جلدية منها الخطيرة في مخيمات النازحين التي تشكّل خطراً على الناس ككل نظراً للاكتظاظ البشري فيها والحمامات الجماعية وكذلك خزانات مياه الشرب، التي تعدّ عوامل رئيسية في انتقال العدوى سواء أمراضاً جلدية وغيرها من الأمراض بين الناس».

عامل في إحدى المنظمات الإنسانية يزوِّد مخيماً للنازحين شمال غربي سوريا بمياه الشرب (الشرق الأوسط)

«نتمنى ألا يأتي الصيف وحره الشديد الذي يرهق فينا الكبير والصغير وحتى الرضيع»... بهذه الكلمات وصفت السيدة أم محمد (28 عاماً) معاناتها وأطفالها، التي تتكرر كل عام مع قدوم فصل الصيف، وهي لاجئة في مخيم «درعمان» غربيّ حلب، ضمن خيمة سقفها من البلاستيك ذي اللون الأزرق الذي يضاعف درجات الحرارة داخل الخيمة.

وتقول: «قضينا أسبوعاً كاملاً ونحن نعالج طفلتنا (5 أعوام) في أحد المستشفيات العامة في المنطقة، بعد تعرضها للإصابة بالتهابات معوية، وكان السبب في ذلك اعتماد أسرتي في مياه الشرب على بئر قديمة قريبة من المخيم، التي اتضح أن مياهها غير صالحة للشرب بتاتاً، والأمر الذي دفعنا للاعتماد عليها في توفير مياه الشرب هو قلة المياه التي نحصل عليها من إحدى المنظمات الإنسانية الدولية العاملة في المنطقة، وكميتها لا تتعدى 30 لتراً يومياً للفرد الواحد، في حين لا تسمح ظروف زوجي المادية بشراء مياه عن طريق صهاريج نقل المياه التي يبلغ سعر الصهريج الواحد منها (40 برميلاً) 200 ليرة تركية (أي ما يعادل 8 دولارات)، بينما لا يتجاوز أجره اليومي من عمله في البناء 40 ليرة تركية».

وأكدت مصادر طبية في إدلب وريف حلب الخاضعة لسلطة المعارضة في شمال غربيّ سوريا، أن المشافي والمراكز الطبية في تلك المنطقة، سجّلت تعرُّض ما يزيد على 1790 شخصاً بينهم أطفال، بأمراض مختلفة منها الحمى والكوليرا والجرب، ناجمة عن ارتفاع درجات الحرارة وقلة النظافة وقلة المياه خلال موجة الحر التي تشهدها المنطقة.

وقالت منظمة «منسقو استجابة سوريا»، التي تهتم برصد الجانب الإنساني في شمال غربيّ سوريا ومخيمات النازحين، في بيان لها، إن «أكثر من 811 مخيماً للنازحين في شمال غربيّ سوريا، تعاني من انعدام المياه اللازمة، إضافةً إلى انخفاض مخصصات المياه في باقي المخيمات نتيجة تخفيض الدعم من المنظمات الدولية، وارتفاع معدل استهلاك المياه، مع ارتفاع درجات الحرارة بشكل كبير والتي من المتوقع أن تزداد خلال الأيام القادمة، كما طالبت بالعمل على حماية الأطفال وبخاصة (الرضع) وكبار السن من موجات الحر الحالية، ودعت المنظمات الإنسانية بشكل عاجل إلى تحمل مسؤوليتها الإنسانية والأخلاقية تجاه النازحين والمخيمات التي يقطنها أكثر من مليون ونصف المليون مدنيّ في مواجهة درجات الحرارة العالية».

وتشهد محافظة إدلب ومناطق حلب ومخيمات النازحين، وقفات احتجاجية لمنظمات إنسانية وجهات إنسانية وطبية وسياسية، بشكل شبه يومي، بسبب عدم وصول مجلس الأمن إلى قرار نهائي بشأن تمديد إدخال المساعدات الإنسانية عبر الحدود (باب الهوى) شمال إدلب، وذلك بعد فشل المجلس بالتوافق على مقترح قدمته البرازيل وسويسرا في 11 يوليو (تموز) الجاري، بشأن تمديد إدخال المساعدات لمدة عام، بسبب استخدام روسيا حق الفيتو لمنع القرار، الذي قدمت بعده الأخيرة مقترحاً يتيح تمديد إدخال المساعدات الإنسانية لمدة 6 أشهر، ولم توافق عليه سوى الصين، وأعقبه إعلان النظام السوري، الخميس (الماضي)، منح الأمم المتحدة ووكالاتها المتخصصة إذناً باستخدام معبر «باب الهوى» الحدودي مع تركيا، لإيصال المساعدات الإنسانية إلى شمال غربيّ سوريا لمدة ستة أشهر، شرط التنسيق مع حكومة النظام.



وزارة الصحة: كل مستشفيات غزة ستتوقف عن العمل خلال 48 ساعة

فلسطيني يحمل طفلة صغيرة مصابة داخل مستشفى كمال عدوان في قطاع غزة (أ.ف.ب)
فلسطيني يحمل طفلة صغيرة مصابة داخل مستشفى كمال عدوان في قطاع غزة (أ.ف.ب)
TT

وزارة الصحة: كل مستشفيات غزة ستتوقف عن العمل خلال 48 ساعة

فلسطيني يحمل طفلة صغيرة مصابة داخل مستشفى كمال عدوان في قطاع غزة (أ.ف.ب)
فلسطيني يحمل طفلة صغيرة مصابة داخل مستشفى كمال عدوان في قطاع غزة (أ.ف.ب)

حذرت وزارة الصحة في قطاع غزة من توقف جميع مستشفيات القطاع عن العمل أو تقليص خدماتها خلال 48 ساعة بسبب نقص الوقود، إذ ترفض إسرائيل دخوله للقطاع الذي تشن عليه حرباً منذ أكثر من عام.

وقال المدير العام للمستشفيات الميدانية الطبيب مروان الهمص، في مؤتمر صحافي لوزارة الصحة في مدينة خان يونس: «نوجه الإنذار العاجل ونحذر من أن مستشفيات قطاع غزة كاملة ستتوقف عن العمل أو تقلص من خدماتها خلال 48 ساعة بسبب عرقلة الاحتلال لإدخال الوقود».

وأضاف، وفقاً لوكالة الصحافة الفرنسية: «ندعو المؤسسات الدولية لاستغلال قرار محكمة الجنائية الدولية لوقف حرب الإبادة الجماعية في قطاع غزة، وإدخال كل ما يحتاج إليه قطاع غزة من وقود ودواء واحتياجات أساسية، وإرسال وفود طبية لقطاع غزة عامة وشماله خاصة».

وفي وقت سابق، قالت الوزارة، في بيان: «في ساعات متأخرة من ليلة أمس، أعادت قوات الاحتلال استهداف مستشفى كمال عدوان شمال قطاع غزة، وأصابت 6 من الكوادر الطبية العاملة، بينها حالات خطيرة أدخلت إلى العناية المركزة».

وأضاف البيان: «أدى الاستهداف أيضاً إلى تدمير مولد الكهرباء الرئيسي بالمستشفى، وثقب خزانات المياه ليصبح المستشفى من غير أكسجين ولا مياه، الأمر الذي ينذر بالخطر الشديد على حياة المرضى والطواقم العاملة داخل المستشفى حيث يوجد 80 مريضاً و8 حالات في العناية المركزة».

وأدانت وزارة الصحة «هذا العمل الإجرامي المتكرر والمستمر على مستشفى كمال عدوان شمال قطاع غزة، ونكرر مناشدتنا للمؤسسات الدولية والإنسانية ضرورة توفير الحماية للمستشفيات والكوادر الصحية في قطاع غزة، بحسب ما كفلته ونصت عليه القوانين الدولية».

وباشر الجيش الإسرائيلي عملية عسكرية برية كبيرة في شمال قطاع غزة في السادس من أكتوبر (تشرين الأول) لمنع مقاتلي «حماس» من إعادة تشكيل صفوفهم على ما أفاد.

وقال الدفاع المدني في قطاع غزة، الجمعة، إنه انتشل جثث 12 قتيلاً وعشرات الجرحى إثر غارتين إسرائيليتين استهدفتا منزلين أحدهما شرق مدينة غزة والآخر في جنوبها.

وأعلن الجيش الإسرائيلي، الجمعة، أنه قتل في قطاع غزة 5 من عناصر «حماس» ضالعين في هجوم السابع من أكتوبر 2023، غداة إصدار المحكمة الجنائية الدولية مذكرات توقيف بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع السابق يوآف غالانت، وقائد «كتائب القسام» الجناح المسلح لحركة «حماس» محمد الضيف، بشبهة ارتكاب جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب في النزاع الدائر في قطاع غزة منذ شنت حركة «حماس» هجوماً غير مسبوق على إسرائيل في السابع من أكتوبر 2023.

وأسفرت حملة الجيش الإسرائيلي في غزة حتى الآن عن مقتل أكثر من 44 ألف شخص على الأقل، معظمهم من المدنيين النساء والأطفال، وفقاً لبيانات وزارة الصحة التي تديرها «حماس» وتعتبرها الأمم المتحدة موثوقة.