الرئاسة: الإدارة الأميركية «توغل في الخطيئة» إن بَنَت سفارتها على أرض فلسطينية في القدس

المخطط يقع على أرض ملكية خاصة ورثها مقدسيون ومواطنون أميركيون

الموقع السابق لثكنة «ألنبي» المرشحة لبناء السفارة الأميركية عليها
الموقع السابق لثكنة «ألنبي» المرشحة لبناء السفارة الأميركية عليها
TT

الرئاسة: الإدارة الأميركية «توغل في الخطيئة» إن بَنَت سفارتها على أرض فلسطينية في القدس

الموقع السابق لثكنة «ألنبي» المرشحة لبناء السفارة الأميركية عليها
الموقع السابق لثكنة «ألنبي» المرشحة لبناء السفارة الأميركية عليها

دعت الرئاسة الفلسطينية، الإدارة الأميركية إلى التراجع عن الخطوات «غير القانونية» التي اتخذتها الإدارة السابقة لبناء سفارتها في مدينة القدس المحتلة، مؤكدة أن احترام القانون الدولي هو الشرط الأساس لنجاح أي حل سياسي.

وقالت الرئاسة إن قرار الولايات المتحدة بناء سفارة في القدس ليس مجرد انتهاك لقرار مجلس الأمن الدولي رقم 478، لكنه أيضاً اختراق للضمانات التي قدمتها واشنطن للجانب الفلسطيني لعملية السلام في الشرق الأوسط، والتي تظل القدس في مجملها قضية تفاوضية ضمن قضايا الوضع النهائي.

كان الرئيس السابق دونالد ترمب قد اعترف بالقدس عاصمة لإسرائيل في ديسمبر (كانون الأول) 2017 وأمر بنقل السفارة الأميركية من تل أبيب إلى هناك.

المقر السابق للسفارة الأميركية في تل أبيب (أناضول)

وهاجمت الرئاسة قرار الولايات المتحدة غير القانوني الاعتراف بالقدس عاصمة للسلطة القائمة بالاحتلال، ورأت أن بناء سفارة على أرض ملكية خاصة ووقفية، جرى الاستيلاء عليها عام 1948 من مالكين فلسطينيين، بين ورثتهم سكان القدس ومواطنون أميركيون، ينتهك القانون الدولي ويؤيد سياسات الضم والفصل العنصري، بدلاً من سياسات تخدم السلام العادل والدائم.

ولفتت إلى أن مبنى السفارة الأميركية يقع على ممتلكات فلسطينيين، ما يضفي الشرعية على القوانين الإسرائيلية العنصرية بدلاً من رفضها، مثل قانون ممتلكات الغائبين.

واتهمت الرئاسة الإدارة الأميركية، بأنها «توغل في الخطيئة» وهي تعلم أن بعض الملاك الشرعيين للأرض هم مواطنون أميركيون، ما يجعلها مخالفة كبيرة وفق القانون الدولي، ويلقي بظلال من الشك على استعداد واشنطن لحماية حقوق الفلسطينيين الأميركيين.

مخطط السفارة الأميركية في القدس كما أوردته مواقع إسرائيلية

كانت لجنة التخطيط والبناء الإسرائيلية، في مدينة القدس، قد وافقت هذا الأسبوع على مخططات تقدمت بها الولايات المتحدة لبناء السفارة الأميركية على مساحة 63 دونماً على أرض ملكية خاصة ووقفية، تمت مصادرتها عام 1948 من مُلّاك فلسطينيين، بين ورثتهم سكان القدس ومواطنون فلسطينيون أميركيون.

الولايات المتحدة مضت في المشروع، على الرغم من اعتراضات سابقة حقوقية ومن أصحاب الأرض الأصليين.

كان مركز «عدالة» للشؤون القانونية للمواطنين العرب في إسرائيل، قد وجّه رسالة إلى وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، وإلى السفير الأميركي في إسرائيل، توماس نايدز. معترضاً على مخطط البناء، وقال إنه يقدم هذا الاعتراض باسم 12 وريثاً لهذه الأراضي، بينهم مواطنون أميركيون وأردنيون وسكان القدس الشرقية. والمجمع المذكور مخطط لأن يقام على قطعة أرض كانت تُعرف سابقاً باسم ثكنة «ألنبي».

منظر يُظهر المسجد الفلسطيني في حي العيسوية بالقدس الشرقية (إ.ب.أ)

وجاء في الاعتراض أن «مصادرة هذه الأراضي من أصحابها تمّت بعد النكبة عام 1950 تحت قانون أملاك الغائبين، وسُجلت على أنها أراضي دولة، وخُصصت لاحقاً لحكومة الولايات المتحدة، واتُّخذ القرار بإيداع المخطط في 15 فبراير (شباط) 2021 في جلسة قدم فيها 4 من وزارة الخارجية الأميركية المخطط كما أعدته الحكومة الأميركية». وفي الجلسة المذكورة «جرى توضيح أن مبادرة البرنامج جاءت بعد قرار الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب، بدءاً من ديسمبر 2017 بشأن نقل السفارة الأميركية إلى القدس والاعتراف بها عاصمةً لإسرائيل، كما جرى توضيح نية الحكومة الأميركية بناء سفارتها في القدس».

البروفسور رشيد الخالدي متحدثاً في جامعة كولومبيا

وقبل ذلك وجه البروفسور رشيد خالدي، المؤرخ وأستاذ الدراسات العربية في جامعة كولومبيا الأميركية، وهو ابن إحدى العائلات الفلسطينية التي تملك جزءاً من قطعة الأرض التي جرى الاستيلاء عليها سنة 1948، رسالة بشأن هذه الأرض لوزيرة الخارجية، مادلين أولبرايت، في عام 1999، أرفق بها وثائق مستفيضة تُظهر أن 70 في المائة على الأقل من هذه الأرض مملوكة للاجئين الفلسطينيين، بمن في ذلك عشرات من ورثة المواطنين الأميركيين.

وتمضي الإدارة الأميركية في مخطط بناء سفارتها في وقت لم تفِ فيه بوعودها للفلسطينيين بإعادة تشغيل القنصلية الأميركية في القدس.

وقالت الرئاسة «إن المضيّ قدماً في بناء السفارة على أرض جرى الاستيلاء عليها من ملاك فلسطينيين هُجِّروا من غربيّ القدس عام 1948 يعد تعدياً سافراً على حقوق اللاجئين الفلسطينيين التي يكفلها القانون الدولي، وصفعة أميركية - إسرائيلية مشتركة على وجه أي آمال متبقية لتحقيق حل الدولتين».

وأضافت: «مهما أصرت إسرائيل والولايات المتحدة على فرض مثل هذا الأمر الواقع المعادي للحقوق الفلسطينية التاريخية في القدس، فإن ذلك لا يغيّر من إقرار المجتمع الدولي بأن القدس الشرقية هي جزء من الأرض المحتلة منذ عام 1967، وأن الوضع الدائم لمدينة القدس بأكملها لا يُحسم إلا بتحقيق مفاوضات الحل الدائم».


مقالات ذات صلة

نتنياهو: لا تغيير في ترتيبات الصلاة بالبلدة القديمة في القدس

شؤون إقليمية رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (أ.ب)

نتنياهو: لا تغيير في ترتيبات الصلاة بالبلدة القديمة في القدس

قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، اليوم (الأربعاء)، إنه لا يوجد أي تغيير في ترتيبات الصلاة في البلدة القديمة بالقدس.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
شؤون إقليمية وزير الأمن القومي الإسرائيلي المتطرف إيتمار بن غفير داخل المسجد الأقصى 17 يوليو الحالي (أ.ف.ب)

بن غفير يُعلن عن تغيير الواقع في الأقصى

تصريح بن غفير بجعل المسجد الأقصى مفتوحاً لصلاة اليهود 24 ساعة عُدّ إحراجاً لرئيس وزرائه بنيامين نتنياهو، الذي يقوم بزيارة ذات حساسية بالغة للولايات المتحدة.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي فلسطينيون يفرون من الجزء الشرقي من خان يونس بعد أوامر إسرائيلية بالإخلاء (رويترز)

«هدنة غزة»: «تحركات جديدة» تعزز جهود «المرحلة الأولى»

تتراجع نقاط «الخلاف العلني» في مسار مفاوضات «هدنة غزة»، مع «تحركات جديدة»، تشمل مناقشات إسرائيلية للانسحاب من كامل القطاع بأول مراحل تنفيذ مقترح بايدن.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شؤون إقليمية وزير الأمن القومي الإسرائيلي المتطرف إيتمار بن غفير (أ.ف.ب)

بن غفير يثير الغضب مجدداً عقب اقتحام باحات المسجد الأقصى

اقتحم وزير الأمن القومي الإسرائيلي المتطرف إيتمار بن غفير، صباح اليوم (الخميس)، باحات المسجد الأقصى المبارك، تحت حماية الشرطة.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي مستوطنون يقتحمون الأقصى (أرشيفية - وفا)

عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى

اقتحم عشرات المستوطنين اليوم (الثلاثاء)، باحات المسجد الأقصى في مدينة القدس المحتلة، بحماية الشرطة الإسرائيلية.

«الشرق الأوسط» (القدس)

أزمات طاحنة تعصف بلبنان قد تتفاقم إذا اندلعت حرب مع إسرائيل

صورة عامة للعاصمة اللبنانية بيروت (رويترز)
صورة عامة للعاصمة اللبنانية بيروت (رويترز)
TT

أزمات طاحنة تعصف بلبنان قد تتفاقم إذا اندلعت حرب مع إسرائيل

صورة عامة للعاصمة اللبنانية بيروت (رويترز)
صورة عامة للعاصمة اللبنانية بيروت (رويترز)

يدور الصراع بين جماعة «حزب الله» وإسرائيل في وقت يعاني فيه لبنان من أزمات مالية وسياسية طاحنة، مما يزيد حجم المخاطر بالنسبة إلى بلد يعيش أوضاعاً صعبة، إذا تصاعدت حدة الأعمال القتالية وتحولت إلى حرب شاملة.

ويتبادل «حزب الله» إطلاق النار مع إسرائيل منذ بداية الحرب على غزة في أكتوبر (تشرين الأول)، وازدادت احتمالات التصعيد بعد أن هددت إسرائيل بضرب جماعة «حزب الله» بقوة، إذ تتهمها بالتسبب في مقتل 12 طفلاً وصبياً في هجوم صاروخي على ملعب كرة قدم في هضبة الجولان المحتلة. وينفي «حزب الله» مسؤوليته عن الهجوم.

ورغم احتواء الصراع نسبياً حتى الآن، فإنه يُلقي بثقله على بلد تثقل كاهله الأزمات الداخلية منذ خمس سنوات. وأجبر الصراع نحو 95 ألف شخص على الفرار من جنوب لبنان، وفقاً لمكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية.

وفيما يلي نظرة عامة على المشكلات التي تواجه لبنان:

* انهيار اقتصادي

لا يزال لبنان يعاني تبعات انهيار مالي كارثي ضرب البلاد في 2019.

ونجم هذا الانهيار عن ارتفاع معدلات الإنفاق، وهو ما أدى إلى غرق العملة المحلية وإفقار قطاع كبير من السكان وإصابة البنوك بالشلل، وترتب على ذلك أكبر موجة هجرة منذ الحرب الأهلية التي دارت رحاها بين عامي 1975 و1990.

ووصف البنك الدولي حالة الانهيار هذه بأنها واحدة من أشد فترات الكساد في العصر الحديث. وانخفضت قيمة إجمالي الناتج المحلي للبنان من 55 مليار دولار في 2018 إلى 31.7 مليار دولار في 2020. ولم تنفّذ الحكومة الإصلاحات اللازمة للتعافي حتى الآن.

وأصدر البنك الدولي تقريراً في مايو (أيار)، أوضح فيه استمرار تأثر لبنان بالأزمة، وخلص فيه إلى أن معدل الفقر زاد بأكثر من ثلاثة أمثال في البلاد خلال العقد المنصرم ليصل إلى 44 في المائة من السكان.

من جولات القصف الإسرائيلي على جنوب لبنان (رويترز)

وجاء في التقرير أيضاً أن واحداً من كل ثلاثة لبنانيين وقع في براثن الفقر في 2022 في خمس محافظات شملتها الدراسة، من بينها بيروت. وبينما تقدم مطاعم بيروت الجديدة خدماتها للأغنياء، قال تقرير البنك الدولي إن ثلاثاً من كل خمس أسر خفضت إنفاقها على الغذاء.

وقال صندوق النقد الدولي في مايو إن عدم اتخاذ إجراءات بخصوص الإصلاحات الاقتصادية الضرورية ما زال يُلحق خسائر فادحة بالاقتصاد والسكان. وأضاف أن النظام المصرفي يفتقر إلى استراتيجية ذات مصداقية وقابلة للتطبيق مالياً.

* توتر سياسي

ليس للبنان رئيس أو حكومة تتمتع بصلاحيات كاملة منذ انتهاء ولاية ميشال عون، الرئاسية في أكتوبر (تشرين الأول) 2022، مما ترك فراغاً غير مسبوق.

وتتولى حكومة رئيس الوزراء نجيب ميقاتي، مهام تصريف الأعمال منذ ذلك الحين. ويتعين على الفصائل اللبنانية المنقسمة بشدة التوصل إلى اتفاق من أجل شغل منصب الرئاسة وتشكيل حكومة تتمتع بصلاحيات كاملة. ولم تُحل مثل هذه الأزمات السابقة إلا من خلال الوساطة الأجنبية، ولكن لم تظهر أي علامة على التدخل الفعال هذه المرة، وفق ما ذكرته وكالة الصحافة الفرنسية.

رجل يقف بالقرب من بوابة متضررة حول ملعب لكرة القدم بعد غارة من لبنان على قرية مجدل شمس بمنطقة الجولان التي ضمتها إسرائيل (أ.ف.ب)

* أزمة اللاجئين السوريين

بعد مرور 13 عاماً على اندلاع الصراع السوري، لا يزال لبنان موطناً لأكبر عدد من اللاجئين نسبةً إلى عدد السكان في العالم، إذ يعيش على أراضيه نحو 1.5 مليون سوري نصفهم لاجئون مسجلون رسمياً لدى المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين. ويبلغ عدد السكان اللبنانيين نحو أربعة ملايين.

لاجئة سورية تحتضن ابنتها بعد غارة إسرائيلية أدت إلى إصابة 3 أطفال سوريين في سهل الخيام بجنوب لبنان (أ.ف.ب)

ويتراجع حجم التمويل المخصص للأزمة السورية، وهو ما يعكس معاناة المانحين الذين يتعاملون مع صراعات أخرى حول العالم. وعلى الرغم من خلافاتها، تتفق الأطراف من مختلف الأطياف السياسية في لبنان على ضرورة عودة السوريين إلى وطنهم.