بلدة بشري اللبنانية تشيّع ابنيها بغضب وحزن

الراعي: نعرف القاتل ونحذّر من استمرار تخاذل القضاء

بشري تشيع هيثم ومالك طوق (الشرق الأوسط)
بشري تشيع هيثم ومالك طوق (الشرق الأوسط)
TT

بلدة بشري اللبنانية تشيّع ابنيها بغضب وحزن

بشري تشيع هيثم ومالك طوق (الشرق الأوسط)
بشري تشيع هيثم ومالك طوق (الشرق الأوسط)

شيّعت بلدة بشري (شمال لبنان) اليوم (الاثنين)، بغضب وحزن ابنيها هيثم ومالك طوق اللذين قُتلا في القرنة السوداء السبت في إطلاق للنار، في وقت لا تزال فيه المواقف تشدد على أهمية عدم الانزلاق إلى فتنة طائفية.

وفي حين تتجه الأنظار إلى نتائج التحقيقات التي يجريها الجيش اللبناني، ترفض مصادر عسكرية الردّ على ما وصفتها بـ«الإشاعات»، لا سيما لجهة اتهام عناصر من الجيش بالمسؤولية عن مقتل الشابين أو أحدهما. وتقول المصادر لـ«الشرق الأوسط»: «التحقيقات مستمرة، وهناك عدد من الموقوفين من بقاعصفرين وبشري»، نافية المعلومات التي أشارت إلى توقيف عسكريين وضباط، وداعية إلى انتظار ما ستظهره النتائج.

والقرنة السوداء هي أعلى مرتفع جبلي في لبنان، تشهد نشاطا لمزارعين يتحدرون من منطقتي بشري (ذات الغالبية المسيحية) وبقاعصفرين (ذات الغالبية السنية) ، لا سيما في فصل الصيف، للاستفادة من مياه الري التي تقف بشكل أساسي خلف الإشكالات التي تُسجّل دورياً بين الطرفين وتصل أحياناً إلى تبادل لإطلاق النار، في ظل غياب أي قرار من السلطات المعنية للفصل بين الحدود.

وشاركت بقاعصفرين بشري في حدادها. ففي حين كانت بشري تغرق في حزنها وسط إقفال تام للمحال التجارية والمؤسسات السياحية، أعلن رئيس بلدية بقاعصفرين - الضنية بلال زود، في بيان، «الحداد على روح الفقيدين هيثم ومالك طوق من أبناء جيراننا في بشري، اليوم في البلدة، وإغلاق المؤسسات الرسمية فيها، وتنكيس الأعلام على مبنى البلدية». وختم: «رحم الله الفقيدين، وحمى وطننا من الفتن ما ظهر منها وما بطن».

بشري تشيع هيثم ومالك طوق (الشرق الأوسط)

وترأس البطريرك الماروني بشارة الراعي الجناز الذي أقيم لهيثم ومالك طوق في بشري، حيث صعّد من مواقفه قائلاً: «نعرف القاتل»، ومحذراً من «استمرار القضاء بتخاذله». ودعا إلى «ترسيم الحدود في منطقة القرنة السوداء وإنهاء الفتنة كما الكشف عن الفاعل أو الفاعلين والاقتصاص منهم».

وأضاف: «نؤمن بالدولة ونعرف حدودنا ونعرف القاتل وهذه ليست مجرد حادثة». وأوضح أن «شباب بشري يعلنون دائما استعدادهم للحل، ونحن جميعاً تحت سلطة القانون العادل».

وشدد الراعي على أنّه «لو قام القضاء بعمله لما كنا وصلنا اليوم إلى مأساة القرنة السوداء»، مشيراً إلى أنّ «الخوف أن يستمرّ القضاء بتخاذله فيفلت المجرمون من يد العدالة وسيشرّع ذلك الأبواب لشريعة الغاب». وطالب بـ«العدالة في ترسيم الحدود وإنهاء هذه المسألة الشائكة وبقيام الدولة»، قائلاً: «لطالما دافعنا عن أرضنا وقدّمنا الشهداء، ونحن من قاومنا كلّ محتلّ ونريد دولة تبسط سلطتها بشكل كامل وشامل».

جعجع وكرامي

من جهتها، أعلنت النائبة ستريدا جعجع (حزب «القوات اللبنانية») خلال مشاركتها في التشييع أنها اتّصلت بقائد الجيش (العماد جوزف عون)، وأبلغها أنه لا تزال هناك حاجة إلى إبقاء الموقوفين من بشرّي لبعض الوقت إلى حين اتّضاح الصورة، مشددة على أنها ستتابع الموضوع حتى النهاية «للوصول إلى حقنا في قضية القرنة السوداء بالقانون». وأكدت «التمسك بالسلم الأهلي والحرص على تطبيق القانون معرفة الحقيقة وتسليم المجرمين بأسرع وقت».

كذلك، جدّد النائب عن طرابلس فيصل كرامي تأكيده أن «لا قلق على الوحدة الدّاخلية والسلم الأهلي في ظل الوعي الذي يتحلى به الجميع الذين رفضوا الفتنة، ولجأوا إلى الأجهزة الأمنية والقضائية». وطالب الحكومة بـ«حل الخلافات العقارية في الجرود» (جرود القرنة السوداء)، منتقداً «سياسة التمييع». وقال كرامي، في حديث إذاعي: «لا يمكن المراهنة دائماً على وعي الشعب من دون تقديم الحلول، وندعو إلى عدم استباق الأمور في انتظار التحقيقات»، رافضاً الربط بين حادثة القرنة السوداء والملفات الخلافية بين بشري والضنية.

من جهته، أثنى النائب طوني فرنجية (نجل زعيم «تيار المردة» سليمان فرنجية) على حكمة أهالي بشري، وكتب بعد تقديمه العزاء في الشابين، عبر حسابه «تويتر»: «حكمة أهلنا في بشري في التعاطي مع مصابهم الأليم يجب أن تُلاقى بتحقيق جديّ شفاف وسريع جداّ يُحدد المسؤوليات ويظهر الفاعلين ويحقق العدالة».

وكتب النائب إلياس حنكش (حزب «الكتائب») عبر حسابه على «تويتر» قائلاً: «المطلوب من القوى الأمنية والسلطة القضائية استكمال التحقيقات بأسرع وقت ممكن في جريمة قتل الشابين مالك طوق وهيثم طوق غدراً في بشري وتوقيف المجرمين ومحاسبتهم».

وأدان «المجلس الوطني لرفع الاحتلال الإيراني عن لبنان» و«لقاء سيدة الجبل» في اجتماعهما المشترك عند الحادثة، "الأحداث الأليمة التي أودت بحياة كل من هيثم ومالك طوق في منطقة قرنة السوداء». ودعوا الجميع إلى «التروي بانتظار نتائج التحقيق لتحديد المسؤولية الجرمية وتسليم المجرمين للقضاء»، رافضين في الوقت عينه، أي استثمار سياسي أو طائفي لهذا الموضوع الأليم. وأدانا من جهة أخرى «تلكؤ الدولة اللبنانية وعجزها في استكمال أعمال المساحة والتحديد للمناطق العقارية بين الأقضية والقرى؛ مما سبب الكثير من الدماء في كثير من المناطق وآخرها في القرنة السوداء ومنطقة جرد القمّوعة بين فنيدق وعكار العتيقة».


مقالات ذات صلة

ميقاتي: استهداف إسرائيل الجيش اللبناني رسالة دموية

المشرق العربي جانب من الأضرار التي أصابت مركز الجيش اللبناني في منطقة العامرية في قضاء صور إثر استهدافه بقصف إسرائيلي مباشر (أ.ف.ب)

ميقاتي: استهداف إسرائيل الجيش اللبناني رسالة دموية

رأى رئيس الحكومة نجيب ميقاتي أن استهداف إسرائيل مركزاً للجيش اللبناني بالجنوب يمثل رسالة دموية مباشرة برفض مساعي التوصل إلى وقف إطلاق النار.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي جنود من الجيش اللبناني على متن آليات عسكرية (أرشيفية - رويترز)

قتيل و18 جريحاً من الجيش اللبناني في قصف إسرائيلي على حاجز أمني

أفادت وسائل إعلام لبنانية اليوم (الأحد)، بإصابة عدد من العسكريين بعدما استهدفت إسرائيل حاجز العامرية الأمني على طريق الناقورة في جنوب البلاد.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي رئيس البرلمان اللبناني خلال مناقشته بنود الورقة الأميركية مع الموفد الرئاسي الأميركي آموس هوكستين (أ.ف.ب)

مساهمة بريطانية في استحداث مراكز عسكرية للجيش اللبناني على الحدود الجنوبية

تصدرت عودة النازحين إلى بلداتهم في جنوب لبنان أولويات المفاوض اللبناني الذي أزال جميع العوائق أمام عودتهم بمجرد التوصل إلى اتفاق لوقف النار.

نذير رضا (بيروت)
المشرق العربي قائد الجيش اللبناني جوزف عون (أرشيفية - رويترز)

قائد الجيش اللبناني: وحداتنا منتشرة في الجنوب ولن تتركه

أكد قائد الجيش اللبناني جوزف عون، اليوم (الخميس)، إن قواته منتشرة في جنوب البلاد ولن تتركه فهو جزء لا يتجزأ من السيادة الوطنية.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
شؤون إقليمية رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يظهر إلى جانب وزير الدفاع يسرائيل كاتس ومسؤولين آخرين (أ.ف.ب)

بموجب أي اتفاق لوقف الحرب... إسرائيل تطالب بالحق في مهاجمة «حزب الله»

طالب مسؤولون إسرائيليون، اليوم (الأربعاء)، بحرية مهاجمة «حزب الله» اللبناني، في إطار أي اتفاق لوقف إطلاق النار، الأمر الذي يثير تعقيداً محتملاً.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب - بيروت)

الجيش الإسرائيلي يهاجم أهدافاً في البقاع... ويطالب سكان قرى جنوبية بإخلائها

أحد أفراد الدفاع المدني يسير بين أنقاض موقع دمرته غارة إسرائيلية ببيروت (رويترز)
أحد أفراد الدفاع المدني يسير بين أنقاض موقع دمرته غارة إسرائيلية ببيروت (رويترز)
TT

الجيش الإسرائيلي يهاجم أهدافاً في البقاع... ويطالب سكان قرى جنوبية بإخلائها

أحد أفراد الدفاع المدني يسير بين أنقاض موقع دمرته غارة إسرائيلية ببيروت (رويترز)
أحد أفراد الدفاع المدني يسير بين أنقاض موقع دمرته غارة إسرائيلية ببيروت (رويترز)

قال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، أفيخاي أدرعي، إن الجيش هاجم بنى عسكرية مجاورة لمعبر جوسية الحدودي شمال البقاع، التي قال إن «حزب الله» اللبناني يستخدمها في نقل الأسلحة.

ودعا الجيش الإسرائيلي السلطات السورية واللبنانية إلى «العمل لمنع استخدام المعابر المدنية لأغراض إرهابية».

وأضاف المتحدث باسم «حزب الله» أنه يستغل المعابر المدنية، ومن ضمنها معبر جوسية، لنقل الأسلحة التي يعود مصدرها إلى إيران عبر سوريا؛ حيث يتم استخدام هذه الوسائل القتالية ضد إسرائيل وقوات الجيش الإسرائيلي العاملة في لبنان.

وطالب الجيش الإسرائيلي في بيان، اليوم (الأحد)، سكان 5 بلدات في جنوب لبنان بإخلائها تمهيداً لقصفها، محذراً السكان من التوجه جنوباً. والبلدات الخمس هي: زوطر الشرقية وزوطر الغربية وأرنون ويحمر والقصيبة.

وقال الجيش الإسرائيلي: «عليكم إخلاء منازلكم فوراً والانتقال إلى شمال نهر الأولي. لضمان سلامتكم، يجب عليكم الإخلاء دون تأخير. كل من يوجد بالقرب من عناصر (حزب الله) أو منشآته أو أسلحته يعرض حياته للخطر».

كما قال الجيش الإسرائيلي في بيان منفصل إن صفارات الإنذارات دوت في وسط البلاد بسبب صواريخ أُطلِقت من لبنان.

وأضاف الجيش أنه رصد 6 قذائف عبرت من لبنان إلى الأراضي الإسرائيلية، وقال إن قواته الجوية اعترضت 5 صواريخ منها، وسقط الأخير في منطقة مفتوحة.

وقصفت القوات الإسرائيلية ليلاً أطراف الماري، قرب حاجز الجيش، بالقذائف الفوسفورية، بالتزامن مع تنفيذ غارات على مدينة الخيام، وتفخيخ المنازل وتفجيرها، بعد تدمير مسجد طيرحرفا، بحسب ما أوردته «الوكالة الوطنية للإعلام» اللبنانية، الأحد.

وطالت الغارات كفرشوبا، الخيام، النبطية حي الراهبات، النبطية الفوقا وبين النميرية والشرقية، ما أدى إلى مقتل 3 أشخاص، ونفذت غارة من مسيرة على دوحة كفررمان، وفقاً لوكالة الأنباء اللبنانية الرسمية.

كما قصفت المدفعية الإسرائيلية صباح اليوم بلدات يحمر الشقيف، الجبل الأحمر بين حاروف وشوكين وزبدين، وأغارت على أرنون وكفرتبنيت وحرش علي الطاهر ومحيط قلعة الشقيف، مجرى اللليطاني بين زوطر وديرسريان، وبين شوكين وميفدون، وأطراف كفرصير، بالإضافة إلى شنها 3 غارات على عين قانا في إقليم التفاح.

وقالت الوكالة اللبنانية: «أغار الطيران المعادي على طريق الخردلي، مما أدى إلى قطع الطريق بين النبطية ومرجعيون، بعدما كان الجيش وقوات (اليونيفيل) قد فتحاه أول من أمس، إثر غارة عليه».