قتلى ومصابون في غارات روسية على سوق خضراوات بجسر الشغور

تشهد محافظة إدلب منذ أيام تبادلاً للقصف عند خطوط التماس

تصاعد الدخان من مبنى في أعقاب غارة روسية شمال غربي سوريا (أ.ف.ب)
تصاعد الدخان من مبنى في أعقاب غارة روسية شمال غربي سوريا (أ.ف.ب)
TT

قتلى ومصابون في غارات روسية على سوق خضراوات بجسر الشغور

تصاعد الدخان من مبنى في أعقاب غارة روسية شمال غربي سوريا (أ.ف.ب)
تصاعد الدخان من مبنى في أعقاب غارة روسية شمال غربي سوريا (أ.ف.ب)

قتل 11 شخصاً على الأقل، بينهم 7 مدنيين، جراء غارات لطائرات روسية على مناطق في شمال غربي سوريا يسيطر عليها مقاتلون معارضون، بينها سوق مزدحمة لبيع الخضراوات، وفق ما أفاد به «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، اليوم (الأحد).

وقال مدير «المرصد»، رامي عبد الرحمن، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «استُشهد 6 مدنيين... جراء الغارات الجوية على جسر الشغور غرب إدلب»، إضافة إلى «3 عسكريين (مقاتلين معارضين) بالقصف الجوي الروسي اليوم على منطقة الجسر» في المحافظة ذاتها.

وأوضح عضو مجلس الدفاع المدني في إدلب، أحمد يازجي، أن الغارات أدت إلى سقوط «9 شهداء»، من دون أن يحدد ما إذا كانت الحصيلة تشمل المقاتلين. وأكد المرصد ومراسل الوكالة الفرنسية، في المكان أن القصف طال سوقاً للخضراوات والفاكهة. وقالت «الخوذ البيضاء» إن بين المصابين في الهجوم الذي استهدف سوقاً للخضراوات والفاكهة، حالات خطرة.

واعتبر يازجي أن «هذا الاستهداف استهداف مباشر للسوق الشعبية التي تُعد مصدر دخل أساسياً للمزارعين».

إلى ذلك، أشار عبد الرحمن إلى مقتل مدني ومقاتل في غارة على أطراف مدينة إدلب، موضحاً أن 30 شخصاً أُصيبوا بجروح جراء الغارات الجوية، اليوم (الأحد). ورجح ارتفاع عدد الضحايا نظراً لوجود «حالات خطرة» بين المصابين. وقال مدير «المرصد»، إن الغارات الروسية جاءت رداً على هجمات بطائرات مسيرة خلال الأسبوع الماضي أدَّت إلى مقتل 4 مدنيين، بينهم طفلان. وتشهد سوريا منذ عام 2011 نزاعاً دامياً تسبب بمقتل نحو نصف مليون شخص، وألحق دماراً هائلاً بالبنى التحتية والقطاعات المنتجة، وأدى إلى نزوح وتشريد ملايين داخل البلاد وخارجها. ومنذ 2015، قدمت روسيا دعماً عسكرياً مباشراً لقوات الرئيس بشار الأسد، أتاح لها، معطوفاً على دعم توفّره أيضاً إيران وحلفاء آخرون، استعادة السيطرة على مناطق واسعة من البلاد. وتسيطر «هيئة تحرير الشام» («جبهة النصرة» سابقاً) على نحو نصف مساحة إدلب ومناطق محدودة محاذية من محافظات حماة وحلب واللاذقية. وتؤوي المنطقة 3 ملايين شخص، غالبيتهم من النازحين. ومنذ مارس (آذار) 2020، يسري وقف لإطلاق النار أعلنته موسكو حليفة دمشق وتركيا الداعمة للفصائل المقاتلة، بعد هجوم واسع لقوات النظام تمكنت خلاله من السيطرة على نصف مساحة إدلب.

طفل مصاب بالقصف الروسي يتلقى العلاج في مستشفى القانية بجسر الشغور (أ.ف.ب)

وتشهد المنطقة بين الحين والآخر قصفاً متبادلاً تشنه أطراف عدة، كما تتعرض لغارات من جانب قوات النظام وروسيا، رغم أن وقف إطلاق النار لا يزال صامداً إلى حد كبير. وتشهد المحافظة منذ أيام تبادلاً للقصف عند خطوط التماس أدى لسقوط قتلى وجرحى، بينهم مدنيون.

وتحدث شهود عيان، في مدينة جسر الشغور (50 كيلومتراً غرب إدلب)، فقالوا إنه بينما كانت تشهد سوق الهال لبيع الخضراوات والفاكهة الواقعة بمحيط المدينة عند الساعة 10 من صباح الأحد، حركة تسوق كبيرة للمواطنين والمزارعين، تعرضت لعدة غارات جوية مفاجئة بصواريخ فراغية شديدة الانفجار نفذتها مقاتلات روسية؛ ما أسفر عن وقوع قتلى من المدنيين وإصابة أكثر من 30 آخرين، وتضرر عدد من السيارات والآليات الزراعية.

خطر المباني المتصدعة

وهرعت إثر ذلك فرق الدفاع المدني السوري (الخوذ البيضاء) والطواقم الطبية لانتشال القتلى والمصابين، وإعلانها وقوع مجزرة مروعة، مع إطلاق مناشدة ونداء عاجل للتبرع بالدم نظراً لأعداد المصابين والجرحى. في حين تشهد أحياء مدينة جسر الشغور التي تؤوي نحو 30 ألف نسمة، حالة من الترقب والهلع من تصاعد حدة الغارات الجوية، لا سيما أن مباني المدينة بمعظمها متصدعة جراء الغارات الجوية السابقة والزلزال.

وتزامن القصف مع التصعيد بالقصف البري للقوات الحكومية على المناطق ذاتها، منها منطقة بسبت غرب إدلب ووقوع قتيلين وعدد من الجرحى، في تطور وتصعيد لافت، بعد ارتفاع أعداد الضحايا إلى 18 قتيلاً، بينهم أطفال.

شاحنة في سوق للخضراوات في أعقاب غارة روسية استهدفت سوقاً شعبية بجسر الشغور (إ.ب.أ)

ولا يستبعد العقيد مصطفى البكور، وهو أحد الضباط المنشقين ويعمل ضمن فصائل المعارضة، أن يكون التصعيد مرتبطاً بمخرجات اجتماع «أستانة 20» الأخير، الذي عُقد قبل أيام بين روسيا وتركيا وإيران في العاصمة الكازاخية.

ولفت أيضاً إلى أن التطور المهم في أسلوب عمل الفصائل باستخدام الطائرات المسيرة في مهاجمة مناطق سيطرة الحكومة، كما جرى خلال الأيام الماضية في ديرشميل وسلحب ومناطق أخرى، قد يكون أحد أسباب هذا التصعيد.

عين على M4

من جانبه، قال عمر حاج حمود، وهو ناشط (معارض) في إدلب، إنه «لا يمكن إهمال ما تم التشاور والاتفاق حوله في اجتماعات أستانة، بين تركيا وروسيا وإيران، حول جملة من الاتفاقات، وفي مقدمتها إعادة فتح الطريق الدولي حلب - اللاذقية، أو ما يُعرف بـM4. الذي يمر بمحاذاة مدينة أريحا وجبل الزاوية جنوب إدلب وجسر الشغور غربها».

أما ما تتعرض له المناطق ذاتها من تصعيد غير مسبوق، سواء بالقصف البري المتواصل على مدار 6 أيام، ودخول المقاتلات الروسية على مشهد التصعيد وقصف أهداف مدنية «فقد يكون مقدمة لإفراغ المنطقة من المدنيين، ومن ثم التقدم والسيطرة على الطريق الدولية والمناطق الواقعة جنوبها، رغم وجود نحو 28 نقطة وقاعدة عسكرية تركية في تلك المنطقة. وذلك، على غرار ما حصل في نهاية 2019 وبداية 2020، عندما تقدمت قوات النظام بإسناد جوي مئات الكيلومترات نحو مناطق الشمال السوري، وتجاوزها 8 قواعد عسكرية تركية، وصولاً إلى مدينة سراقب غرب إدلب وانسحابها بعد ذلك إلى مناطق جبل الزاوية وغرب حلب».



ليلة الرعب البيروتية... الغارات الإسرائيلية تزنّر العاصمة اللبنانية

TT

ليلة الرعب البيروتية... الغارات الإسرائيلية تزنّر العاصمة اللبنانية

عناصر الدفاع المدني يبحثون عن الضحايا تحت أنقاض المبنى المدمر في بيروت (أ.ب)
عناصر الدفاع المدني يبحثون عن الضحايا تحت أنقاض المبنى المدمر في بيروت (أ.ب)

تحوّلت العاصمة بيروت إلى هدف أساسي للجيش الإسرائيلي، الثلاثاء، بعد تحذيرات أطلقها المتحدث باسمه أفيخاي أدرعي، إلى مناطق وأحياء بيروتية للمرة الأولى، ما أثار حالة من الرعب والخوف في أوساط المواطنين الذي خرجوا من منازلهم قبل تنفيذ التهديدات، لا سيما أن المناطق المُحددة مكتظة بالسكان، ومعظمها لا يُعدّ محسوباً على «حزب الله».

وفيما أفادت «القناة 12» الإسرائيلية بأن تل أبيب جهّزت خطة عسكرية كاملة للساعات الأربع والعشرين الأخيرة من الحرب مع لبنان، بدأ استهداف بيروت ظهر الثلاثاء بغارة على منطقة النويري، القريبة من وسط العاصمة، ما أدى إلى مقتل 7 أشخاص وإصابة آخرين.

وأفادت «الوكالة الوطنية للإعلام» اللبنانية بأن غارة «نفذها الطيران الحربي المعادي» استهدفت مبنى «في المنطقة الواقعة بين النويري والبسطة في بيروت». ودمّرت الغارة «مبنى مؤلفاً من 4 طوابق يؤوي نازحين»، وفق الوكالة.

ومن موقع الغارة في النويري، وقفت رولا إلى جانب زوجها وسام جعفر باكية تحتضن ابنها الذي فقد لوقت قصير: «كنا في البيت، وفجأة وقعت الضربة، طرنا، والجدران كلها تناثرت علينا (...) الصدمة كانت صعبة جداً».

وبعد النويري التي استُهدفت دون إنذار، توالت التحذيرات الإسرائيلية لمناطق في العاصمة بيروت، بحيث قال أدرعي إنها تستهدف فروعاً لـ«القرض الحسن». وقال في منشور له على منصة «إكس»: «يواصل الجيش الإسرائيلي العمل بقوة لتفكيك بنى (حزب الله). على المدى الزمني القريب سنقوم بمهاجمة فروع عدة لجميعة (القرض الحسن)؛ حيث تحتوي هذه الفروع على أموال تمويل إيرانية وأخرى من مصادر الدخل لـ(حزب الله) التي تُستخدم في الواقع لإدارة وتخزين مصالح الحزب»، مضيفاً: «هذه الغارات ستُشكل ضربة إضافية لسلسلة التمويل الإيرانية لـ(حزب الله) الذي يستخدم هذه الجمعية لأغراضه العسكرية».

وفي منشورات متلاحقة، حذّر أدرعي السكان الموجودين في مبانٍ محددة على الخرائط في مناطق رأس بيروت والمزرعة والمصيطبة وزقاق البلاط لإخلائها، إضافة إلى مبانٍ في مدينتي صيدا وصور، علماً بأنها المرة الأولى أيضاً التي يستهدف فيها وسط مدينة صيدا.

وخلال أقل من ساعة على التحذيرات التي جعلت العائلات تخرج من منازلها على وجه السرعة من دون أن تعرف الوجهة التي ستذهب إليها، بدأت الغارات الإسرائيلية باستهداف منطقة النويري مرة ثانية، ومن ثم مارالياس (كانت قد استُهدفت قبل نحو أسبوع)، وبربور والمزرعة وشارع الحمرا، ومناطق أخرى للمرة الأولى.

وفيما أدى هذا الخوف إلى زحمة سير خانقة في كل أحياء وشوارع العاصمة، اضطرت عائلات من بعض المناطق، ولا سيما الفقيرة منها، على غرار منطقة الجناح، للخروج سيراً على الأقدام.

عمليات بحث عن ضحايا تحت أنقاض أحد المباني الذي استهدف في غارة إسرائيلية (أ.ب)

وفي تعليق منه على التصعيد، قال عضو كتلة «حزب الله» النائب أمين شري، بينما كان يتفقد موقع الغارة في بيروت، إن «العدو الإسرائيلي» قبل «التسوية يريد أن ينتقم من كل جمهور المقاومة ومن كل اللبنانيين» مشيراً إلى «عشرات الإنذارات» التي وجهها الجيش الإسرائيلي قبل استهداف ضاحية بيروت الجنوبية، معقل الحزب.