الخارجية اللبنانية «تعصر نفقات» بعثاتها الدبلوماسية بسبب الأزمة المالية

صرف 165 موظفاً وتخفيض رواتب السفراء ونقل مقرات

وزير الخارجية عبد الله بوحبيب في المؤتمر الصحافي الذي أعلن فيه خفض نفقات البعثات وإلى جانبه أمين عام الوزارة هاني شميطلي (الوكالة الوطنية)
وزير الخارجية عبد الله بوحبيب في المؤتمر الصحافي الذي أعلن فيه خفض نفقات البعثات وإلى جانبه أمين عام الوزارة هاني شميطلي (الوكالة الوطنية)
TT

الخارجية اللبنانية «تعصر نفقات» بعثاتها الدبلوماسية بسبب الأزمة المالية

وزير الخارجية عبد الله بوحبيب في المؤتمر الصحافي الذي أعلن فيه خفض نفقات البعثات وإلى جانبه أمين عام الوزارة هاني شميطلي (الوكالة الوطنية)
وزير الخارجية عبد الله بوحبيب في المؤتمر الصحافي الذي أعلن فيه خفض نفقات البعثات وإلى جانبه أمين عام الوزارة هاني شميطلي (الوكالة الوطنية)

بدأت وزارة الخارجية اللبنانية تنفيذ خطة لعصر نفقات بعثاتها الدبلوماسية، تشمل الاستغناء عن 165 موظفاً، وتخفيض رواتب دبلوماسيين وموظفين محليين، في إجراء تقشفي يستمر لمدة عامين إثر تراجع إيرادات الدولة اللبنانية والضغوط المالية والاقتصادية التي تعاني منها.

ورصدت الحكومة في موازنة عام 2022، نحو 73 مليون دولار لتغطية نفقات البعثات الدبلوماسية في الخارج من رواتب وأجور وبدل تمثيل، فضلاً عن إيجارات الأبنية وصيانتها، لكن الظروف الاقتصادية والمالية التي يعاني منها لبنان، دفعت الوزارة لاتخاذ قرار بشكل مستقل عن سياسة الحكومة لعصر النفقات، حقق وفراً بنحو 14 مليون دولار سنوياً في عام 2022 فقط، ويُضاف إلى 8 ملايين دولار في العام الذي سبقه، ليصبح مجموع الوفر نحو 22 مليون دولار.

وأعلن وزير الخارجية والمغتربين في حكومة تصريف الأعمال عبد الله بوحبيب «طلبنا من السفراء تقليص رواتبهم والمصاريف»، لافتاً إلى أن ميزانية الموظفين المحليين «بلغت 28 مليونا و750 ألف دولار، أي بانخفاض ستة ملايين دولار عن عام 2021». وأعلن صرف «165 موظفاً محلياً نالوا جميعهم تعويضات صرفهم»، فيما «خفضت الرواتب المرتفعة للموظفين الباقين».

وفي مؤتمر صحافي عقده للإعلان عن سياسة الوزارة في ترشيد الإنفاق في السفارات في الخارج، أكد بوحبيب «أن سياسة التخفيض مستمرة لجهة إيجارات المكاتب وسكن رؤساء البعثات رغم توفير حوالي مليونين و600 ألف دولار»، مشيرا إلى «أن تكلفة صيانة أملاك الدولة تم تخفيضها حوالي 14 مليون دولار في العام الماضي أي ما نسبته 75 في المائة للأبنية الإدارية و73 في المائة للأبنية السكنية».

وتمثل نفقات البعثات الدبلوماسية نحو 15 في المائة من إجمالي ميزانية رواتب القطاع العام في عام 2022، وفق دراسة أجرتها «الدولية للمعلومات»، وقال الباحث في الشركة الدكتور صادق علوية إن ميزانية الرواتب في عام 2022 بلغت 67 تريليون ليرة، بينما نفقات البعثات في الخارج بلغت 1300 مليار ليرة، وتضاعفت نظرياً 13 مرة عما كانت عليه في عام 2018، حيث بلغت 100 مليار ليرة آنذاك.

وجرت هذه الزيادة لمراعاة فوارق سعر صرف الليرة، إذ تتطلب البعثات في الخارج اعتماداً بالدولار الأميركي، خلافاً لوضع الموظفين في لبنان، فضلاً عن أن كل بعثة لها خصوصيتها بين مدينة وأخرى، لجهة مستوى الإنفاق ومتطلبات العيش وقيمة الإيجارات.

ومع أن الحكومة في ميزانيتها راعت هذه الخصوصية، بدأ مسار التقشف في إنفاق الوزارة منذ عام 2021، بقرار «طوعي» إثر تدهور سعر صرف الليرة مقابل الدولار الأميركي، وتراجع عائدات الحكومة اللبنانية. وقالت مصادر دبلوماسية لـ«الشرق الأوسط» إن الوزارة «اتخذت القرار بتدبير داخلي من دون أن تطلب الحكومة ذلك، أو يُدرج الطلب ضمن السياسة العامة للدولة»، وشددت على أن القرار «يهدف للحفاظ على البعثات وعدم إقفالها، إثر العجز في ميزانية الدولة اللبنانية» بعد الأزمة التي ضربت لبنان بدءاً من خريف عام 2019، ولفتت المصادر إلى أن الخارجية «هي الوزارة الوحيدة التي قامت بهذا التدبير»، وشمل عصر النفقات «رواتب الموظفين المحليين والسفراء والملحقين الاقتصاديين، إلى جانب نقل مواقع بعض السفارات من مكان إلى آخر، لتخفيض قيمة إيجارات المقرات»، إلى جانب تخفيض بدلات التمثيل وبدل الاغتراب وإيجارات دور السكن وصيانة الأبنية الإدارية والسكنية.

ووسط تأكيد المصادر أن «صلب العمل الدبلوماسي لم يتأثر إلى حد كبير» بعد تخفيض الموارد والموظفين المحليين، قالت المصادر إن الضغوط «زادت على الموظفين الباقين، ورُميت الأعباء عليهم»، لكن الإجراء تصفه المصادر بـ«الضروري»، حيث «لا يمكن أن نكمل من دون تدابير مشابهة لعصر النفقات»، وهي خطة «مستمرة لعامين إضافيين». ولم تنفِ المصادر أن قرار الاستغناء عن خدمات موظفين «أنتج إشكالية، حيث اعتبر البعض منهم نفسه متضرراً، وتقدم بدعاوى قضائية ضد الوزارة في لبنان».

ويعد هذا الإجراء بديلاً عن اقتراحات أخرى كانت سادت في وقت سابق، ومن بينها تعليق عمل بعض البعثات الدبلوماسية والقنصليات في الخارج. وتقدمت الوزارة بهذا الطلب إلى الحكومة لمناقشته في آخر جلسة لمجلس الوزراء عُقدت قبل انتهاء ولاية الرئيس السابق ميشال عون، لكن الطلب لم يُدرج على جدول أعمال الجلسة، ولم يُدرس. وكان يقضي بتعليق العمل في 17 بعثة لبنانية في الخارج من أصل 98 بعثة.

وإلى جانب عصر النفقات، مضت الوزارة في خطة زيادة الإيرادات. وأكد الوزير بوحبيب في المؤتمر الصحافي زيادة الرسوم القنصلية، شارحاً: «جاءت الزيادة لتمويل المصاريف المختلفة لـ15 بعثة تقريباً، وهذه التكاليف تُدفع عادة من الفائض»، كما «يتم دفع تعويضات الصرف من هذه الرسوم أيضاً». ولفت إلى مساهمة المغتربين اللبنانيين (الانتشار اللبناني) بدفع هذه التكاليف من خلال الرسوم «لضمان استمرارية عمل بعثاتنا في الخارج».

ووفق وزير الخارجية، «لم يعد بإمكاننا إقامة الاحتفالات الرسمية كما يلزم، لكن هذا لا يعني أن هذه الاحتفالات الرسمية تصنف من باب الهدر»، وأكد التزام السفراء في مراعاة أمور لوجيستية في نقل مقر السفارات وسكنهم، وقال إن «جميع السفراء منضبطون في هذا الإطار، والوزارة هي من تعطي الإرشادات في هذا الخصوص، لكي يتم اختيار مقار منخفضة التكلفة».



تقرير: مقتل القيادي بـ«حزب الله» علي موسى دقدوق بغارة إسرائيلية في سوريا

الضابط الأميركي كيفين بيرغنير يعلن للصحافيين في بغداد اعتقال علي موسى دقدوق 2 يوليو (تموز) 2007 (أ.ف.ب - غيتي)
الضابط الأميركي كيفين بيرغنير يعلن للصحافيين في بغداد اعتقال علي موسى دقدوق 2 يوليو (تموز) 2007 (أ.ف.ب - غيتي)
TT

تقرير: مقتل القيادي بـ«حزب الله» علي موسى دقدوق بغارة إسرائيلية في سوريا

الضابط الأميركي كيفين بيرغنير يعلن للصحافيين في بغداد اعتقال علي موسى دقدوق 2 يوليو (تموز) 2007 (أ.ف.ب - غيتي)
الضابط الأميركي كيفين بيرغنير يعلن للصحافيين في بغداد اعتقال علي موسى دقدوق 2 يوليو (تموز) 2007 (أ.ف.ب - غيتي)

قال مسؤول دفاعي أميركي كبير إن قائداً كبيراً في «حزب الله» اللبناني كان قد ساعد في التخطيط لإحدى أجرأ وأعقد الهجمات ضد القوات الأميركية، خلال حرب العراق، قُتل في غارة إسرائيلية على سوريا.

واعتقلت القوات الأميركية علي موسى دقدوق، بعد مداهمة عام 2007، عقب عملية قتل فيها عناصرُ يتنكرون في صورة فريق أمن أميركي، خمسة جنود أميركيين. ووفقاً لموقع «إن بي سي» الأميركي، أطلقت السلطات العراقية سراحه لاحقاً.

وأضاف المسؤول الدفاعي الأميركي، وفق ما نقل عنه موقع «إن بي سي»، أن تفاصيل الضربة الجوية الإسرائيلية غير معروفة، متى حدثت، وأين وقعت في سوريا، وهل كان هدفها دقدوق تحديداً.

الغارة المعقدة، التي ساعد دقدوق في التخطيط لها، حدثت في مجمع عسكري مشترك أميركي-عراقي في كربلاء، في 20 يناير (كانون الثاني) 2007.

تنكَّر مجموعة من الرجال في زي فريق أمن عسكري أميركي، وحملوا أسلحة أميركية، وبعضهم كان يتحدث الإنجليزية، ما جعلهم يَعبرون من عدة نقاط تفتيش حتى وصلوا قرب مبنى كان يأوي جنوداً أميركيين وعراقيين.

كانت المنشأة جزءاً من مجموعة من المنشآت المعروفة باسم «محطات الأمن المشترك» في العراق، حيث كانت القوات الأميركية تعيش وتعمل مع الشرطة والجنود العراقيين. كان هناك أكثر من عشرين جندياً أميركياً في المكان عندما وصل المسلّحون.

حاصرت العناصر المسلّحة المبنى، واستخدموا القنابل اليدوية والمتفجرات لاختراق المدخل. قُتل جندي أميركي في انفجار قنبلة يدوية. بعد دخولهم، أَسَر المسلّحون جندين أميركيين داخل المبنى، واثنين آخرين خارج المبنى، قبل أن يهربوا بسرعة في سيارات دفع رباعي كانت في انتظارهم.

طاردت مروحيات هجومية أميركية القافلة، ما دفع المسلّحين لترك سياراتهم والهروب سيراً على الأقدام، وخلال عملية الهرب أطلقوا النار على الجنود الأميركيين الأربعة.

وفي أعقاب الهجوم، اشتبه المسؤولون الأميركيون بأن المسلّحين تلقّوا دعماً مباشراً من إيران، بناءً على مستوى التنسيق والتدريب والاستخبارات اللازمة لتنفيذ العملية.

وألقت القوات الأميركية القبض على دقدوق في مارس (آذار) 2007. وكما يذكر موقع «إن بي سي»، أثبتت أن «فيلق القدس»، التابع لـ«الحرس الثوري الإيراني»، كان متورطاً في التخطيط لهجوم كربلاء. واعترف دقدوق، خلال التحقيق، بأن العملية جاءت نتيجة دعم وتدريب مباشر من «فيلق القدس».

واحتجز الجيش الأميركي دقدوق في العراق لعدة سنوات، ثم سلَّمه إلى السلطات العراقية في ديسمبر (كانون الأول) 2011.

وقال المسؤول الأميركي: «قالت السلطات العراقية إنها ستحاكم دقدوق، لكن جرى إطلاق سراحه خلال أشهر، مما أثار غضب المسؤولين الأميركيين. وعاد للعمل مع (حزب الله) مرة أخرى بعد فترة وجيزة».