السيسي يدعو لأولوية مسار التنمية قبل تعزيز الحريات

خلال افتتاحه مشروعات جديدة في الإسكندرية

الرئيس المصري خلال افتتاحه مشروعات جديدة بالإسكندرية (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري خلال افتتاحه مشروعات جديدة بالإسكندرية (الرئاسة المصرية)
TT

السيسي يدعو لأولوية مسار التنمية قبل تعزيز الحريات

الرئيس المصري خلال افتتاحه مشروعات جديدة بالإسكندرية (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري خلال افتتاحه مشروعات جديدة بالإسكندرية (الرئاسة المصرية)

جدد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي تأكيده على أولوية مسار التنمية، في مقابل تعزيز مساحة الحريات، وقال في مداخلة على هامش افتتاح مشروعات جديدة (الخميس)، إن «هناك من يطالب بمنح مساحة أكبر من الحريات للناس لتتكلم، وهذا صحيح، لكن الناس لن تستمر في الكلام، بل ستتركنا وتهاجر عبر البحر»، في إشارة إلى مراكب الهجرة «غير الشرعية».

ودائما ما يقول المسؤولون المصريون إنهم يعتمدون «مقاربة شاملة» فيما يتعلق بملف حقوق الإنسان والحريات، «توازن بين حماية الحريات الأساسية وحقوق الإنسان من جانب، وحفظ الأمن والاستقرار وعدم الإضرار بمصالح المواطنين وحقوقهم الاقتصادية والاجتماعية من جانب آخر».

وقال السيسي، في كلمته خلال افتتاح محطة «تحيا مصر» متعددة الأغراض في الإسكندرية، إنه «سبق أن أشار من قبل إلى أن البنية الأساسية في أفريقيا تحتاج إلى آلاف المليارات، لتكوين دول قابلة للحياة، ولإيقاف الاقتتال»، مشيرا إلى أن «فقدان الأمل هو السبب في الاقتتال بين الشعوب».

وأضاف أنه «لخلق الأمل لا بد من البناء وبكثرة، وليس فقط بناء الطرق»، مشيرا إلى أنه «يوجه حديثه للمصريين والمسؤولين، ولمن يهتم في العالم بمعرفة أسباب عدم استقرار الدول». وتابع مخاطبا المصريين إنه «لم يتم حرمان الناس في سبيل تنفيذ المشروعات»، لكنه اعترف في الوقت نفسه بأن «الدولة قست على نفسها من أجل تنفيذها»، واستطرد: «نحفر من أجل مستقبل بلدنا».

الرئيس المصري خلال افتتاحه مشروعات جديدة بالإسكندرية (الرئاسة المصرية)

بدوره، أوضح عضو مجلس الشيوخ المصري الدكتور عبد المنعم سعيد، أن تصريحات السيسي مفادها أنه «لا يمكن للناس أن يمارسوا الحرية دون توفير احتياجاتهم الأساسية من أكل وشرب».

وقال سعيد لـ«الشرق الأوسط» إن «البنية الأساسية هي أساس الحريات، ولا يمكن الفصل بينهما أو اختيار مسار دون الآخر»، وأضاف: «ليس من المعقول أن يدلي الفرد برأيه دون طعام»، موضحا أن «الديمقراطية تتطور مع تقدم عمليات البناء وتطور الصناعة والطب وغيرها من المجالات»، وشدد على أن «الحرية يجب أن تكون مضمونا ترتكز عليه عملية البناء، وليست مجرد آراء».

وخلال الافتتاح وجه الرئيس المصري حديثه للضيوف الأجانب، وقال: «أرجو ألا يضايقكم حديثي، أنتم شيء ونحن شيء آخر، نحن نمثل جنوب المتوسط بتحدياته، ومشاكله، وهي التحديات التي انتهيتم منها قبل زمن بإنشاء شبكات من الطرق والسكك الحديدية التي تربط القارة الأوروبية كلها»، وأضاف: «نعمل الآن لإنجاز الأشياء نفسها حتى نعيش».

الرئيس المصري خلال افتتاحه مشروعات جديدة بالإسكندرية (الرئاسة المصرية)

وعادة ما يكون ملف الحريات وحقوق الإنسان قاسما مشتركا في مناقشات المسؤولين المصريين مع نظرائهم في أوروبا وأميركا، وتحدث الرئيس المصري في مارس (آذار) الماضي، عقب مباحثاته مع رئيسة وزراء الدنمارك ميتا فريدركسن خلال زيارتها للقاهرة، عن أن «رؤية مصر في مجال حقوق الإنسان تعتمد على تطوير حياة الإنسان في كل المجالات، طبقا لمعايير المنظمات الدولية في هذا المجال».

ويرى المحامي الحقوقي وعضو مجلس أمناء «الحوار الوطني» نجاد البرعي في حديثه لـ«الشرق الأوسط»، أنه «لا يوجد تعارض بين توفير البنية الأساسية، وتعزيز الحريات»، مشيرا إلى أن «حديث السيسي لا يعني الفصل بينهما، بل على العكس فإن الرئيس السيسي لا يمانع أن يعبر الناس عن آرائهم».

وأطلقت مصر في سبتمبر (أيلول) 2021 «الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان»، التي يمتد تنفيذها لـ5 سنوات، وتشمل 4 محاور سياسية واقتصادية واجتماعية وثقافية، تستهدف «مفهوما شاملا لحقوق الإنسان، بالتكامل مع المسار التنموي القومي لمصر الذي يرسخ مبادئ تأسيس الجمهورية الجديدة ويحقق أهداف رؤية مصر 2030»، بحسب بيان من الرئاسة المصرية في حينه.


مقالات ذات صلة

مصر والبرازيل لرفع العلاقات الثنائية إلى مستوى «الشراكة الاستراتيجية»

شمال افريقيا الرئيس عبد الفتاح السيسي  ونظيره البرازيلي لولا دا سيلفا قبل اجتماع في ريو دي جانيرو (ا.ف.ب)

مصر والبرازيل لرفع العلاقات الثنائية إلى مستوى «الشراكة الاستراتيجية»

قال المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية، اليوم (الاثنين)، إن الرئيس عبد الفتاح السيسي، وقع مع الرئيس البرازيلي لولا دا سيلفا، بياناً مشتركاً بشأن ترقية…

«الشرق الأوسط» (ريو دي جانيرو)
شؤون إقليمية جانب من اجتماع الوفدين المصري والتركي في مقر وزارة التعليم العالي والبحث العلمي بالقاهرة (من حساب رئيس مجلس العليم العالي التركي في «إكس»)

مصر وتركيا تتفقان على إنشاء جامعة مشتركة في القاهرة

تم الاتفاق على إنشاء جامعة مصرية - تركية مشتركة بالقاهرة تنفيذاً لمذكرة تفاهم وُقِّعت بين الجانبين خلال زيارة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي لأنقرة في سبتمبر.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
العالم العربي صورة أرشيفية من لقاء بين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عام 2017 (رويترز)

مصر وأميركا في عهد ترمب: لا عقبات ثنائية... وتباين حول «مفاهيم السلام»

جاء فوز دونالد ترمب بانتخابات الرئاسة الأميركية مُحمّلاً بتطلعات مصرية لتعزيز الشراكة الاستراتيجية بين الجانبين، والعمل معاً من أجل إحلال «سلام إقليمي».

فتحية الدخاخني (القاهرة)
شمال افريقيا تصاعد الدخان من المباني التي تعرّضت لقصف جوي إسرائيلي في صور جنوب لبنان (أ.ب)

السيسي يؤكد على أهمية وقف إطلاق النار العاجل في لبنان وغزة

أكد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، اليوم (الخميس)، خلال استقباله رئيس المخابرات الأميركية، أهمية التوصل بشكل عاجل لوقف إطلاق النار في لبنان وغزة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شؤون إقليمية فلسطينيون ينظرون إلى الأضرار بعد انسحاب القوات الإسرائيلية من المنطقة المحيطة بمستشفى كمال عدوان في جباليا شمال قطاع غزة (رويترز)

مقترح أميركي للهدنة في غزة... وإسرائيل تبحث «مشروع اتفاق جديد»

أعلنت إسرائيل أمس (الاثنين)، أنها ناقشت مع المفاوضين المجتمعين في قطر «مشروع اتفاق» بشأن الإفراج عن رهائن محتجزين في غزة.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)

شبكة حوثية لتجنيد مئات اليمنيين للقتال في أوكرانيا

تكريم أحد المقاتلين اليمنيين في صفوف القوات الروسية (إعلام محلي)
تكريم أحد المقاتلين اليمنيين في صفوف القوات الروسية (إعلام محلي)
TT

شبكة حوثية لتجنيد مئات اليمنيين للقتال في أوكرانيا

تكريم أحد المقاتلين اليمنيين في صفوف القوات الروسية (إعلام محلي)
تكريم أحد المقاتلين اليمنيين في صفوف القوات الروسية (إعلام محلي)

في تسجيل مصور مدته نحو دقيقة، يروي شاب يمني أنه تم التغرير به وبزملائه الذين يظهرون معه في الفيديو، للذهاب إلى روسيا للعمل لدى شركات أمنية خاصة، ليجدوا أنفسهم في جبهات الحرب الروسية مع أوكرانيا.

وأبدى الشاب الذي غطى وجهه، وزملاؤه رغبتهم في العودة إلى اليمن، ورفضهم أن يقتلوا كما قُتِل زملاؤهم.

وتكشّف، أخيراً، كثير من التفاصيل حول تجنيد القوات المسلحة الروسية لمئات الرجال اليمنيين للقتال في أوكرانيا، من خلال عملية تهريب غامضة، تبين وجود كثير من أوجه التعاون المتنامية بين موسكو والجماعة الحوثية في اليمن.

كما كشفت صحيفة «فايننشيال تايمز» البريطانية في تقرير لها، الأحد الماضي، عن تفاصيل تحويل مئات الرجال اليمنيين إلى مقاتلين في صفوف الجيش الروسي، من خلال «عملية تهريب غامضة».

وفي هذه التسجيلات تتكشف جوانب من تفاصيل ما تمارسه مجموعة من المهربين الحوثيين الذين يستغلون الظروف الاقتصادية الصعبة لليمنيين لتنفيذ حملة تجنيد للمئات منهم، وإرسالهم للقتال إلى جانب القوات الروسية، وتعمل هذه المجموعة من داخل اليمن ومن دول عربية أخرى، بالتعاون مع آخرين داخل الأراضي الروسية.

وتسهل الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية في اليمن قبل نحو عشرة أعوام، تجنيدَ كثير من الشباب اليمنيين الذين نزحوا خارج البلاد وفشلوا في البحث عن فرص عمل أو الوصول إلى دول أوروبا، سواء بالهجرة الشرعية أو غير الشرعية لتقديم طلبات لجوء.

وتمكن السماسرة من تجنيد المئات من هؤلاء وإرسالهم للقتال في روسيا، وفق ما أكدته مصادر مقربة من عائلاتهم وأخرى في الحكومة اليمنية.

وفي مقطع مصور آخر، يظهر مجموعة من الشبان اليمنيين، ويذكر أحدهم أنهم كانوا يعملون في سلطنة عمان، وأن شركة للمعدات الطبية تابعة للقيادي الحوثي عبد الولي الجابري أغرتهم بالحصول على عمل لدى شركة روسية في المجال الأمني وبرواتب مجزية.

مجموعة من الشبان اليمنيين المجندين في معسكر تدريب روسي يرفعون العلم اليمني (إكس)

ويضيف: «غرورا بنا بأنهم سيدفعون رواتب شهرية تعادل 2500 دولار لكل فرد، وعند وصولنا إلى المطار في روسيا، استقبلنا مندوبون عن وزارة الدفاع الروسية، وأبلغونا أنه سيتم توظيفنا حراسَ أمن في منشآت».

وبعد يومين من وصولهم، تم إرسالهم إلى معسكرات للتدريب، حيث يجري إعدادهم للقتال منذ شهرين، ولم يتقاضوا من الرواتب التي وُعِدوا بها سوى ما بين 185 دولاراً و232 دولاراً (ما بين 20 إلى 25 ألف روبل فقط).

ويؤكد الشاب أن الروس أخذوا 25 من زملائه إلى الجبهات، وأن هؤلاء جميعاً لقوا مصرعهم؛ إما داخل العربات التي كانوا يستقلونها، أو داخل المباني التي كانوا يتمركزون فيها، بينما هو وبقية زملائه ينتظرون، بقلق، نقلهم من موقع وجودهم في معسكر قريب من الحدود الأوكرانية، إلى الجبهات. وطالب الحكومة اليمنية بالتدخل لإعادتهم إلى بلدهم.

شركة أدوية للسمسرة

لكن أحد اليمنيين، واسمه أحمد، وهو على معرفة بإحدى المجموعات التي تم تجنيدها، يوضح أنه وأصدقاء له حذروا هؤلاء الشبان من الذهاب إلى روسيا؛ لأن هناك حرباً قد يتورطون فيها، إلا أنهم ردوا عليه بأنهم قادرون على الفرار إلى أوروبا لطلب اللجوء كما فعل المئات من اليمنيين سابقاً، حين وصلوا إلى روسيا البيضاء، ومن هناك تم تسهيل نقلهم إلى الأراضي البولندية.

أحد الشباب اليمنيين داخل عربة عسكرية روسية وتفيد المعلومات بمصرعه داخل العربة (فيسبوك)

وبحسب ما أفاد به أحد أعضاء الجالية اليمنية في روسيا لـ«الشرق الأوسط»، فإن سماسرة يقومون بإغراء شبان يمنيين للذهاب إلى روسيا للعمل لدى شركات مقابل رواتب تصل إلى 2500 دولار شهرياً، ويتم نقل الراغبين إلى عواصم عربية؛ منها مسقط وبيروت ودمشق، ليجري نقلهم إلى الأراضي الروسية.

ويتابع أنه، وبعد وصولهم، تم إدخالهم معسكرات للتدريب على الأسلحة، بزعم أنهم موظفون لدى شركة أمنية، لكنهم بعد ذلك يرسلون إلى جبهات القتال في أوكرانيا، حيث يوجد شبان عرب من جنسيات أخرى ذهبوا إلى روسيا للغرض نفسه.

ويقدر ناشطون وأفراد في الجالية اليمنية في روسيا بأن هناك نحو 300 شاب يمني يرفضون الذهاب إلى جبهات القتال ويريدون العودة إلى بلدهم، وأن هؤلاء كانوا ضحية إغراءات بسبب الظروف الاقتصادية التي يعيشها اليمن نتيجة الحرب المستمرة منذ عشرة أعوام.

وطبقاً لأحد الضحايا الذين نشروا أسماء وأرقام المتورطين في هذه العملية، فإن أبرز المتهمين في عمليات التجنيد، عبد الولي الجابري، وهو عضو في البرلمان التابع للجماعة الحوثية، ويساعده في ذلك شقيقه عبد الواحد، الذي عينته الجماعة مديراً لمديرية المسراخ في محافظة تعز.

القيادي الحوثي الجابري المتهم الرئيسي بتجنيد الشبان اليمنيين خلال زيارة صالح الصماد رئيس مجلس الحكم الحوثي السابق له بعد إصابته في المعارك (إعلام حوثي)

وتضم المجموعة، وفقاً لهذه الرواية، شخصاً يدعى هاني الزريقي، ومقيم في روسيا منذ سنوات، ومحمد العلياني المقيم في دولة مجاورة لليمن.

تخفّي السماسرة

ويتهم اثنان من أقارب المجندين الجابري ومعاونيه بترتيب انتقال المجندين من اليمن إلى البلد المجاور، ومن هناك يتم إرسالهم إلى موسكو، بحجة العمل لدى شركات أمنية خاصة، وأن هؤلاء السماسرة يحصلون على مبالغ بين 10 إلى 15 ألف دولار عن الفرد الواحد.

وانتقل القيادي الحوثي الذي يدير الشركة أخيراً إلى مكان غير معروف، وبدّل أرقام هواتفه وانقطع تواصله مع الضحايا، بعد انتشار مقاطع مسجلة لمناشداتهم الحكومة اليمنية التدخل لإعادتهم إلى بلدهم.

وعينت الجماعة الحوثية الجابري، إلى جانب عضويته بالبرلمان التابع لها، قائداً لما يسمى بـ«اللواء 115 مشاة»، ومنحته رتبة عميد، بينما صدر بحقه حكم إعدام في عام 2020 من محكمة في مناطق سيطرة الحكومة، كما أن ابن أخيه، جميل هزاع، سبق وعُيِّن في اللواء نفسه، في منصب أركان عمليات، وهو حالياً عضو ما يسمى مجلس الشورى التابع للجماعة.

ولا تقتصر مهام سماسرة التجنيد على إرسال شبان من اليمن للقتال في روسيا، بل تتضمن تجنيد عدد من اليمنيين المقيمين هناك للقتال في صفوف الجيش الروسي.

وأُعْلِن منتصف العام الحالي عن مقتل الدبلوماسي اليمني السابق في موسكو، أحمد السهمي، في إحدى الجبهات، حيث كان يقاتل إلى جانب القوات الروسية، وبحسب رواية زملاء له، أنه وبعد انتهاء فترة عمله، أقدم على المشاركة في القتال من أجل الحصول على راتب يمكنه من مواجهة التزاماته لعائلته وأطفاله.

ومنذ شهر، كرّم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الشاب اليمني، سعد الكناني، الذي قُتل في جبهة لوغانسك، وكان قد حصل على الجنسية الروسية قبل فترة قصيرة من التحاقه بالقتال في صفوف القوات الروسية.