في الوقت الذي تواصل فيه مصر التحقيق في الحادث الذي شهدته الحدود المصرية - الإسرائيلية وأسفر عن وفيات السبت الماضي، أكدت مصر وإسرائيل التنسيق «الكامل» لكشف ملابسات الحادث. وقد تلقى الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي (الثلاثاء) اتصالاً هاتفياً من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو. ووفق إفادة للمتحدث باسم الرئاسة المصرية، أحمد فهمي، فإن الاتصال الهاتفي تناول حادث إطلاق النار الذي شهدته الحدود المصرية - الإسرائيلية السبت الماضي، الذي أدى إلى وفيات في أفراد تأمين الحدود.
وأكد الرئيس المصري ورئيس الوزراء الإسرائيلي «أهمية التنسيق بشكل كامل لكشف جميع ملابسات الحادث، واعتزام الجانبين استمرار العمل والتنسيق في سياق العلاقات الثنائية، والسعي لتحقيق السلام (العادل والشامل) والحفاظ على الاستقرار في المنطقة.
وبينما جرى تداول روايات و«معلومات متضاربة» خلال الأيام الماضية بشأن الحادث من الجانب الإسرائيلي، دعا الخبير الأمني المصري، مساعد وزير الداخلية المصري الأسبق، عضو مجلس الشيوخ المصري، اللواء فاروق المقرحي، الجانب الإسرائيلي، للتوقف عن «هذه الروايات، خصوصاً أنها لا تستند لحقائق، وتستبق التحقيقات الجارية الآن». وأضاف المقرحي لـ«الشرق الأوسط» أن «الاتصال الهاتفي الذي أجراه رئيس الوزراء الإسرائيلي بالرئيس السيسي يشير إلى أن التحقيقات جارية بشكل (مُكثف) في الحادث من الجانبين لمعرفة أسبابه، وأن كُل جانب حريص على التوصل للحقائق (كاملة)».
وكان المتحدث العسكري للقوات المسلحة المصرية، غريب عبد الحافظ، قد أوضح في بيان السبت الماضي، أن «مجنداً من قوات تأمين الحدود الدولية مع إسرائيل، اخترق حاجز التأمين وتبادل إطلاق النيران، خلال مطاردة عناصر تهريب المخدرات، ما أدى إلى وفاة 3 أفراد من عناصر التأمين الإسرائيلية وإصابة اثنين آخرين بالإضافة إلى وفاة المجند المصري في أثناء تبادل إطلاق النيران». واستتبع ذلك بيان آخر، مساء نفس اليوم، أشار إلى أن وزير الدفاع المصري، الفريق أول محمد زكي، أجرى اتصالاً هاتفياً مع وزير الدفاع الإسرائيلي، يوآف غالانت، لبحث ملابسات الحادث، و«التنسيق المشترك لاتخاذ ما يلزم من إجراءات لمنع تكرار مثل هذه الحوادث مستقبلاً».
ووقع الحادث قرب معبر «العوجة» المتاخم للحدود المصرية - الإسرائيلية بوسط سيناء. ووفق مراقبين «تنشط في المنطقة قرب معبر (العوجة) عصابات لتهريب المخدرات والأسلحة، وشهدت المنطقة عمليات عدة للتهريب بين الحدود، كان آخرها في مطلع ديسمبر (كانون الأول) من العام الماضي، بعد اختراق مهربين مصريين السياج الحدودي والدخول إلى مناطق إسرائيلية، حيث أطلقت قوات تأمين الحدود من الجانب المصري النيران تجاه المهربين، فيما ألقت القوات الإسرائيلية على الجانب الآخر من الحدود القبض عليهم وبحوزتهم المواد المخدرة».
وهنا يشير مصدر مصري مطلع إلى أن «جميع حالات الهروب أو التسلل كانت تجري من خلال معبر (العوجة) المتاخم للحدود المصرية - الإسرائيلية»، موضحاً أن «الأرض في المعبر جبلية ممتلئة بالكهوف والوديان، ومن يعبرها يصعب العثور عليه»، لافتاً إلى أن فئتين اعتادتا التسلل من هذا المعبر أخيراً، هما عناصر تهريب المخدرات وعناصر تهريب الأسلحة، مشيراً إلى أن «(حادث الحدود)، (غير مُفتعل)».
وفي أكتوبر (تشرين الأول) عام 2016 أسفرت اشتباكات وقعت بين مهربين وعناصر من حرس الحدود المصرية ناحية «معبر العوجة» عن مقتل عامل إسرائيلي من عمال تشييد الجدار الإسرائيلي الفاصل بين مصر وإسرائيل لمنع عمليات التهريب. وسبق أن أعلن الجيش الإسرائيلي، في أغسطس (آب) الماضي، أن «هناك ارتفاعاً ملحوظاً في حجم إحباط عمليات تهريب المخدرات والوسائل القتالية على الحدود الأردنية والمصرية».
المصدر المصري المطلع ذكر أن «(حادث الحدود) يكتنفه الغموض من قبل الجانب الإسرائيلي الذي لا يريد تقديم المزيد من التوضيحات منعاً لرصد أخطاء وقع فيها»، لافتاً إلى أنه «لا مصر هاجمت إسرائيل، ولا إسرائيل هاجمت مصر، والجندي المصري كان يؤدي واجبه عندما رأى تسللاً تدخل بحكم واجبه».
عودة إلى الخبير الأمني، والبرلماني المصري اللواء المقرحي، الذي قال إن «مصر حريصة كل الحرص على التوصل لملابسات (حادث الحدود)، وذلك للرد على جميع الاستفسارات التي جرت حولها»، موضحاً أن «القاهرة اعتادت في مثل هذه الحوادث التأني في إصدار أي بيانات من جانبها، لحين اكتمال الحقائق، وعرضها بالشكل المناسب، خصوصاً أن أطراف الحادث من الجانبين تُوفوا».
ويشير المراقبون إلى أن «معاهدة السلام الموقّعة بين مصر وإسرائيل، في مارس (آذار) عام 1979، تُقسم شبه جزيرة سيناء إلى ثلاث مناطق (أ، ب، ج)، وتحظر الاتفاقية على الجانب المصري إدخال الطائرات والأسلحة الثقيلة إلى المنطقة (ج) المجاورة للحدود مع إسرائيل، وتنص على ألا يزيد عدد الجنود المصريين المنتشرين فيها على 750 جندياً». إلا أن أحد بنود الاتفاقية يسمح بأن «تقام ترتيبات أمن متفق عليها بناءً على طلب أحد الطرفين وباتفاقهما، بما في ذلك مناطق محدودة التسليح في الأراضي المصرية أو الإسرائيلية، وقوات أمم متحدة، ومراقبون من الأمم المتحدة»، وفق المراقبين.