الحياة تدب في غزة... والجانب الإسرائيلي يحتفل

الخسائر الأولية لكل يوم خلال العدوان بلغت 10 ملايين دولار

طابور عند محل لبيع الفلافل في مدينة غزة صباح الأحد (أ.ف.ب)
طابور عند محل لبيع الفلافل في مدينة غزة صباح الأحد (أ.ف.ب)
TT

الحياة تدب في غزة... والجانب الإسرائيلي يحتفل

طابور عند محل لبيع الفلافل في مدينة غزة صباح الأحد (أ.ف.ب)
طابور عند محل لبيع الفلافل في مدينة غزة صباح الأحد (أ.ف.ب)

دبّت الحياة سريعاً في قطاع غزة، بعد 5 أيام من قتال سيطر عليه صوت الصواريخ والانفجارات ورائحة البارود والدم.

وعادت حركة الفلسطينيين في الشوارع كالمعتاد، في حين فتحت المحالّ التجارية والأسواق أبوابها؛ في محاولة لاستعادة نسق الحياة الطبيعي.

وأعلن المكتب الإعلامي الحكومي عودة الدوام، الأحد، في المؤسسات الحكومية والوزارات، باستثناء المؤسسات التعليمية التي ستستأنف عملها، الاثنين؛ حفاظاً على سلامة الطلبة، والتأكد من عدم وجود أية مخلفات من عدوان الاحتلال.

وأوضح المكتب، في بيان، أن كل المؤسسات الحكومية ستشرع، اليوم، بتنفيذ خطة العمل؛ للانتهاء من حصر الأضرار، وترميم البنى التحتية، وإغاثة المتضررين جراء العدوان.

كانت مصر قد وضعت اتفاقاً لوقف إطلاق النار بين إسرائيل و«الجهاد الإسلامي»، دخل حيز التنفيذ، العاشرة مساء السبت، بعد 5 أيام من القتال.

وسرعان ما استُبدل بأزيز الصواريخ أصوات الهتافات وأبواق السيارات في شورع غزة، بعد التهدئة فوراً، يوم السبت، وتدفق الغزيّون إلى الشوارع محتفلين بوقف إطلاق النار، وهم يلوِّحون بالأعلام الفلسطينية، ويرفعون لافتات النصر.

وبموجب الاتفاق، أعادت سلطات الاحتلال الإسرائيلي فتح معبريْ بيت حانون «إيرز» المخصص للأفراد، و«كرم أبو سالم» المخصص للبضائع، كما فتحت سواحل القطاع أمام حركة الصيد.

ومع ساعات صباح الباكر، تدفقت الشاحنات المحمَّلة بالوقود والبضائع، داخل معبر «كرم أبو سالم»، وغادر العمال والمرضى من المعابر، وعاد العالقون الى القطاع، لكن كل ذلك لم يُخفِ حجم الدمار والخَسارة والفقد، وبدأ فلسطينيون، دُمّرت منازلهم، بتفقُّد حجم الأضرار، في حين فتحت بيوت العزاء للمعزِّين، في وقت بدأت فيه وزارة الداخلية فرض الأمن والنظام.

وقال المتحدث باسم وزارة الداخلية والأمن الوطني بقطاع غزة، إياد البزم، إن الأجهزة الأمنية والشرطية شرعت بتطبيق خطة إعادة انتشار، في جميع محافظات قطاع غزة، فور الإعلان عن انتهاء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة؛ لتقديم الخدمة للمواطنين، وتأمين الأماكن المستهدَفة، وإزالة آثار العدوان.

وأهاب البزم بالمواطنين عدم الاقتراب من الأماكن التي تعرضت للقصف والاستهداف، وحذَّر من العبث في تلك الأماكن، حيث ما زالت طواقم هندسة المتفجرات وسائر الإدارات المختصة تقوم بواجبها في إزالة كل مخلفات العدوان.

وقال إن الأجهزة المختصة بوزارة الداخلية والأمن الوطني شرعت، منذ اللحظات الأولى لبدء العدوان، بالعمل وفق خطة الطوارئ المجهزة مسبقاً؛ من أجل الحفاظ على استقرار الجبهة الداخلية ومتانتها، وحماية ظهر المقاومة.

أثناء ذلك بدأت غزة تُحصي الخسائر والأضرار. وقالت وزارة الاقتصاد الوطني في غزة إن الخسائر الأولية لكل يوم، خلال العدوان، بلغت 10 ملايين دولار، نتيجة تعطل العملية الإنتاجية.

وأوضح مدير عام السياسات والتخطيط بوزارة الاقتصاد الوطني د. أسامة نوفل أن طواقم حصر الأضرار بدأت بمهامّها الميدانية. وأشار إلى أن الخسائر الأولية شملت قطاعات الإنتاج والتصدير والاستيراد، والعمال، وأصحاب المحالّ التجارية، الذين تعطلت أعمالهم نتيجة العدوان.

يُذكر أن إسرائيل قتلت، خلال العدوان، 33 فلسطينياً، وأصابت 147، ودمّرت عشرات المنازل، في أكثر من 330 هجوماً على القطاع، قابله إطلاق أكثر 1100 صاروخ من غزة، شلَّ الحياة بالكامل في مستوطنات الغلاف، وبشكل جزئي في المدن الإسرائيلية الأبعد.

وأبلغت قيادة الجبهة الداخلية في إسرائيل سكان المستوطنات القريبة من القطاع، بالبقاء بالقرب من الملاجئ ليلاً، وأعلنت أن القيود على التحركات والتجمعات في نطاق 40 كيلومتراً من غزة ستُرفَع، ظهر الأحد.

وأُعيد فتح الطرق، بالقرب من الحدود التي أُغلقت؛ خوفاً من هجمات صاروخية موجَّهة مضادة للدبابات، في الساعة 6 صباحاً، الأحد، بعد تقييمات عسكرية. وبالمثل، رُفعت القيود المفروضة على السكان في نطاق 40 كيلومتراً من غزة، في الوقت نفسه.

وكانت قيادة الجبهة الداخلية قد فرضت إغلاق المدارس، وإغلاق أماكن العمل، إذا لم يكن لدى العاملين غرفة محصَّنة يمكنهم الوصول إليها في الوقت المناسب، ومنعت التجمعات في الهواء الطلق، التي تزيد عن 10 أشخاص لمن هم بالقرب من القطاع الفلسطيني، بينما مُنع أكثر من تجمع 100 شخص في الأماكن المغلقة.

والأحد، سمح لمدارس التربية الخاصة بالعمل في المناطق القريبة من غزة؛ بشرط وجود غرفة محصَّنة يمكن لأطفال المدارس والمعلمين الوصول إليها في الوقت المناسب.



إسرائيل تطبق الحصار على مدينة الخيام تمهيداً لاقتحامها

عناصر من الدفاع المدني يعملون في موقع غارة إسرائيلية استهدفت منطقة البسطا في بيروت (رويترز)
عناصر من الدفاع المدني يعملون في موقع غارة إسرائيلية استهدفت منطقة البسطا في بيروت (رويترز)
TT

إسرائيل تطبق الحصار على مدينة الخيام تمهيداً لاقتحامها

عناصر من الدفاع المدني يعملون في موقع غارة إسرائيلية استهدفت منطقة البسطا في بيروت (رويترز)
عناصر من الدفاع المدني يعملون في موقع غارة إسرائيلية استهدفت منطقة البسطا في بيروت (رويترز)

قطعت القوات الإسرائيلية خطوط الإمداد إلى مدينة الخيام الحدودية في جنوب لبنان، وأحكمت طوقاً نارياً على المقاتلين الموجودين فيها بالقصف المدفعي والجوي، بعد تقدمها إلى بلدة ديرميماس المشرفة على مجرى نهر الليطاني، في محاولة للتوغل إلى وسط المدينة التي لا يزال مقاتلو «حزب الله» يوجدون فيها، ويحاولون التصدي للقوات الإسرائيلية، وذلك بعد 25 يوماً من محاولات السيطرة على المدينة الاستراتيجية.

وتزامنت تلك المحاولات البرية مع مجازر متنقلة، تركزت في بيروت، حيث قُتل 20 شخصاً على الأقل في غارة فجراً، كما انتقلت مساء إلى شرق لبنان، حيث قُتل 13 شخصاً في حصيلة أولية في بوداي وشمسطار... كما تزامنت مع إعلان وزارة الدفاع الأميركية، أن الوزير لويد أوستن أكد لوزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس أهمية ضمان سلامة وأمن قوات الجيش اللبناني وأفراد قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (اليونيفيل).

وجاء في بيان للوزارة أن أوستن شدد، خلال اتصال مع نظيره الإسرائيلي، على التزام الولايات المتحدة بالتوصل إلى حل دبلوماسي للصراع في لبنان، بما يسمح «بعودة المدنيين الإسرائيليين واللبنانيين إلى منازلهم في المناطق الحدودية». وحث أوستن حكومة إسرائيل على اتخاذ خطوات بغية تخفيف الأوضاع الإنسانية السيئة في غزة، وأكد التزام أميركا بضمان الإفراج عن جميع المحتجزين.

عمال إنقاذ يبحثون عن ناجين جراء غارة إسرائيلية استهدفت شمسطار في شرق لبنان (أ.ف.ب)

معركة الخيام

وقالت مصادر مواكبة للتطورات الميدانية في جنوب لبنان، إن القوات الإسرائيلية تقدمت بالفعل إلى أحياء داخل مدينة الخيام، انطلاقاً من أطرافها الجنوبية والشرقية، ووسعت دائرة التوغل إلى الأطراف الشمالية الشرقية، بغرض إحكام الطوق على المدينة، لكنها شككت في روايات السيطرة على وسط المدينة ومركزها الحيوي، قائلة إن القتال في الأحياء الداخلية «لا يزال مستمراً، بدليل أن القصف المدفعي وقصف المسيرات والغارات الجوية لا تزال تستهدف المدينة».

وقطعت القوات الإسرائيلية خطوط الإمداد الناري المتوقع من الحقول المواجهة للأطراف الغربية، عبر السيطرة على أطراف برج الملوك وتل النحاس وبساتين الزيتون في القليعة المشفرة على سهل مرجعيون، كما توسعت غرباً باتجاه مجرى الليطاني في محاولة لمنع الإسناد المدفعي والصاروخي للقوات المدافعة عن المدينة.

وقالت المصادر إن القوات الإسرائيلية نفذت شعاعاً نارياً لمسافة سبعة كيلومترات على الأقل حول الخيام، لمنع رمايات الصواريخ المضادة للدروع، وذلك بقصف مدفعي مكثف وغارات جوية وغارات المسيرات، لافتة إلى أن القصف الجوي والمدفعي «يستهدف أيضاً أحياء المدينة». وقالت إن هذا الضغط الناري الهائل، «دفع (حزب الله) للاعتماد على المسيرات الانتحارية لضرب تجمعات الجيش الإسرائيلي في محاور التوغل وداخل الأحياء، إلى جانب القصف الصاروخي الذي يستهدف محيط المدينة ومداخلها الشرقية والجنوبية والشمال الشرقي».

رجال أمن لبنانيون في وسط بيروت وتبدو خلفهم صورة لأمين عام «حزب الله» السابق حسن نصر الله (أ.ب)

وأفادت قناة «المنار» الناطقة باسم «حزب الله» بـ«محاولة التفاف جديدة» نفذتها القوات الإسرائيلية من جهة نبع ابل السقي التي تؤدي إلى الأحياء الشمالية لمدينة الخيام، عبر تحرك لعدد من الجرافات والدبابات، انطلاقاً من وطى الخيام شرقاً في ظل سماع أصوات انفجارات ورشقات رشاشة في المحيط. وأفادت أيضاً بأن عدداً من آليات الجيش الإسرائيلي «غادرت من شرقي الخيام باتجاه الوطى ومنها نحو منطقة الوزاني» الواقعة في الجنوب الشرقي.

وأفادت «الوكالة الوطنية للإعلام» الرسمية اللبنانية بأن الجيش الإسرائيلي «يستعمل منذ ليل الجمعة، شتى أنواع الأسلحة في عملية توغله ومحاولة سيطرته على البلدة، التي تعدّها إسرائيل بوابة استراتيجية تمكنها من التوغل البري السريع، خلافاً لما حدث في بعض البلدات الجنوبية الأخرى»، لافتة إلى أن «هذه المحاولات تترافق مع تصعيد واضح في القصف الجوي والمدفعي الإسرائيلي في اليومين الماضيين».

وقالت الوكالة إن الجيش الإسرائيلي «يحاول في خطته للتقدم البري في البلدة، تطويقها من جميع الجوانب والمحاور، مع غطاء جوي وبري واسع»، مضيفة: «ولا تقتصر خطة الجيش الإسرائيلي في الخيام على التوغل البري فقط، بل شملت تنفيذ عمليات تفخيخ بعض المنازل والمباني ونسفها، كما حدث في بعض البلدات الجنوبية الأخرى مثل العديسة ويارون وعيترون وميس الجبل».

وتعدّ بلدة الخيام ذات رمزية خاصة بالنسبة للبنانيين؛ إذ كانت أول منشأة يحررها أهالي الجنوب بعد تطبيق إسرائيل القرار الدولي 425 في 25 مايو (أيار) 2000، وهو اليوم الذي يُطلق عليه «حزب الله»: «يوم التحرير».

طرق الإمداد

ومهد الجيش الإسرائيلي لهذا التقدم بقطع طريق النبطية - مرجعيون بالكامل، عبر استهداف الطريق عند نقطة الخردلي بغارة جوية، على وقع قصف مدفعي كثيف للمنطقة. وتحدثت الوكالة الوطنية عن قصف عنيف بالمدفعية الثقيلة للخيام، وسهل مرجعيون وأطراف جديدة مرجعيون وأطراف القليعة.

الدخان يتصاعد نتيجة غارة إسرائيلية استهدفت الضاحية الجنوبية لبيروت (أ.ف.ب)

أما «حزب الله» فأعلن عن استهداف مقاتليه لتجمعات إسرائيلية عند مثلّث دير ميماس - كفركلا وشرقي الخيام، وتحدث عن تراجع نسبي للتحركات الإسرائيلية في دير ميماس بعد انسحاب جرافة ودبابة والإبقاء على عدد من الدبابات بين كروم الزيتون وبعض الآليات قرب الدير غرب البلدة.

وأعلن الحزب أن مقاتليه اشتبكوا، صباح السبت، مع قوة من الجيش الإسرائيلي حاولت التسلل باتجاه الأطراف الغربية لبلدة دير ميماس في جنوب لبنان. وقال الحزب في بيان صدر عنه إن الاشتباكات التي وقعت صباحاً، شملت استخدام الأسلحة الرشاشة والصاروخية، وأسفرت عن وقوع إصابات بين جنود القوة الإسرائيلية بين قتيل وجريح. وأشار البيان إلى أن الجيش الإسرائيلي قام بسحب المصابين من منطقة الاشتباك تحت غطاء ناري ودخاني كثيف.

وأعلن رئيس بلدية ديرميماس جورج نكد أن «جيش العدو الإسرائيلي دخل إلى بلدة ديرميماس يوم الجمعة، وتمركز عند أطراف البلدة في محيط دير مار ميما وتلة لوبية وبين بساتين الزيتون المحيطة بالبلدة، وأن هناك نحو العشرين شخصاً ما زالوا في البلدة فقط، ومن بينهم سيدة حامل، وتقوم البلدية بالتواصل مع الصليب الأحمر الدولي لإجلاء الأهالي».

القطاع الغربي

وعلى المحور الجنوبي، تقدمت القوات الإسرائيلية على أطراف بلدة البياضة، انطلاقاً من محيط شمع ومنطقة تلة أرميس، فيما تجددت الاشتباكات في بلدة الجبين الواقعة شرق طيرحرفا، كما تعرضت القوات الإسرائيلية لاستهدافات صاروخية في بلدة يارين.

وأعلن «حزب الله» أن مقاتليه، وبعد رصد تحركات لقوة إسرائيلية تحاول التقدم باتجاه بلدة البياضة، اشتبكوا معها عند الأطراف الشرقية للبلدة، وامتدت الاشتباكات لساعات. كما أعلن عن استهداف دبابة غربي بلدة شمع بصاروخ موجه.

وشهدت منطقتا البياضة ووادي حامول في القطاع الغربي اشتباكات عنيفة بين مقاتلي «حزب الله» وقوة إسرائيلية حاولت التوغل إلى المنطقة للالتفاف على بلدة الناقورة والتمركز في منطقة البياضة؛ كونها موقعاً استراتيجياً كاشفاً للساحل الممتد بين الناقورة وصور، حيث دارت اشتباكات بالأسلحة الرشاشة والصاروخية، وسُمِعَ صداها في مدينة صور، فيما قامت المدفعية الإسرائيلية بقصف البياضة ومنطقتي حامول والتلال بين شمع والبياضة.