السوريون في تركيا يخشون الترحيل بعد الانتخابات

لا فرق إذا فاز إردوغان أو كليتشدار أوغلو

زبائن في مطعم سوري بحي فاتح في إسطنبول في 29 أبريل الماضي (أ.ب)
زبائن في مطعم سوري بحي فاتح في إسطنبول في 29 أبريل الماضي (أ.ب)
TT

السوريون في تركيا يخشون الترحيل بعد الانتخابات

زبائن في مطعم سوري بحي فاتح في إسطنبول في 29 أبريل الماضي (أ.ب)
زبائن في مطعم سوري بحي فاتح في إسطنبول في 29 أبريل الماضي (أ.ب)

بات السوريون في تركيا يشعرون بأنه لا مغيث لهم ولا ظهير سيدافع عنهم بعد الانتخابات الرئاسية والبرلمانية التي تشهدها البلاد، الأحد.

بدأ القلق يتسرب إلى أوساط اللاجئين السوريين في تركيا بعدما أخذت مفاوضات التطبيع مع نظام الرئيس بشار الأسد طابعاً جدياً، بدا فيه أن أنقرة هي الطرف الذي يستعجل النتيجة، لا سيما أن مسألة العودة الآمنة للاجئين هي أحد المبادئ الرئيسية التي يخوض الجانب التركي المفاوضات، التي ترعاها روسيا، على أساسها.

وعلى الجانب الآخر، تبدو المعارضة التركية حازمة في موقفها بشأن إعادة السوريين إلى بلادهم خلال عامين، عبر إعادة العلاقات مع الأسد، وبالتنسيق مع الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة، وهو ما لا يختلف كثيراً عما تقول به الحكومة.

انتخابات تركيا مبعث قلق للنازحين السوريين (أ.ف.ب)

المعنى أنه لو كرر إردوغان فوزه برئاسة تركيا، أو فاز مرشح المعارضة كمال كليتشدار أوغلو، فإن الوضع بالنسبة للسوريين لن يختلف.

فقد قال إردوغان في أحدث تصريحاته التي تناول فيها القضية، إن عملية العودة الطوعية للاجئين السوريين إلى بلادهم قد بدأت.

وأضاف، خلال إجابته عن أسئلة مجموعة من الشباب التقاهم بالقصر الرئاسي في أنقرة ليل الخميس - الجمعة، في إطار حملته الانتخابية: «أنشأنا حتى الآن أكثر من 100 ألف منزل في الشمال السوري عبر مؤسساتنا الحكومية ومنظماتنا المدنية، وقد بدأ المهاجرون العودة إلى هذه المنازل».

السوريون يخشون الترحيل مهما كانت هوية الفائز بانتخابات تركيا (أ.ب)

ولم يفوّت إردوغان الفرصة للهجوم على المعارضة، التي تعهدت بإعادة اللاجئين السوريين إلى بلادهم في حال تولت السلطة في تركيا، قائلاً: «لا أؤيد هذا المفهوم، هذا ظلم. لا سيما أن العودة الطوعية للسوريين قد بدأت بالفعل ونحن سنقدم الدعم اللازم لهم».

ونفى أن تكون هناك تسهيلات للطلاب السوريين في الالتحاق بالجامعات، كما تزعم المعارضة، قائلاً: «هناك طلاب حاصلون على الجنسية التركية يجتهدون ويحصلون على درجات جيدة، ويجتازون الامتحانات المؤهلة للالتحاق بالجامعات».

ومنحت السلطات التركية الجنسية الاستثنائية لنحو 300 ألف سوري، بحسب الإحصاءات الرسمية.

ويشكو الأتراك من معاملة تفضيلية للسوريين في الدراسة والعلاج، لا سيما مع انتشار مكاتب لحجز مقاعد الدراسة بالجامعات للسوريين، والعرب عموماً، مقابل مبالغ مالية، ما يقلص فرصهم في الحصول على مقاعد على الرغم من خوض اختبارات صعبة للحصول على فرصة للدراسة بالجامعات.

على الجانب الآخر، لا يخفي السوريون خوفهم من الوضع الذي ستصبح عليه تركيا بعد الانتخابات، مع تبني المعارضة وحزب «العدالة والتنمية» الحاكم نهجاً واحداً تجاههم الآن.

وتزداد المخاوف أكثر، حتى لدى من حصلوا على الجنسية، بشكل استثنائي، بعدما أعلنت المعارضة أنه سيتم مراجعة هذه الحالات، واحدة واحدة، وسيتم إلغاء الجنسية لمن حصل عليها دون استيفاء شروطها.

يقول بعض السوريين، ومنهم أحمد عمر، الذي افتتح محلاً للبقالة في حي أفجلار في إسطنبول لـ«الشرق الأوسط»: «أخشى أن تفوز المعارضة، هؤلاء لن يتركونا نعيش هنا، سيلاحقون من يعملون هنا، بسبب وعودهم للأتراك بمنحهم فرص العمل التي احتلها السوريون».

أما شقيقه محمد، الذي يعمل في مصنع للجلود، فقال إن هناك الكثيرين من السوريين يعملون بشكل غير قانوني، ويحصلون على أقل من الحد الأدنى للأجور (8500 ليرة تركية)، وآخرين لديهم أعمالهم الخاصة في مهن بسيطة مثل النقل والحرف اليدوية وحتى جمع الورق وبيعه، «لكننا كنا نشعر بالأمان وبأن الحياة معنا تسير بشكل جيد حتى رغم المعاناة المادية». وأضاف أنهم «لا يعلمون المصير الذي يواجهونه حال عودتهم. يقولون إنهم سيوفرون لنا عودة آمنة، لكن من أين سنعرف أن هذه الوعود ستتحقق، وكيف سيستعيد الناس أملاكهم عند العودة».

وتقول الحكومة التركية إن نحو نصف مليون سوري عادوا طوعاً إلى بلادهم بعد سيطرة القوات التركية وفصائل ما يعرف بـ«الجيش الوطني السوري»، الموالي لتركيا، على مناطق في شمال سوريا.

نسوة سوريات في حديقة عامة بحي فاتح في إسطنبول في أبريل الماضي (أ.ب)

عبد الله محمود، الذي يعمل في ورشة لتصنيع الأثاث في منطقة الفاتح بإسطنبول، لفت إلى أن الوضع في تركيا تغيّر حتى قبل الانتخابات، ولم يعد هناك قبول للسوريين حتى في الشارع التركي، وتصاعدت نبرة الكراهية في كل مكان مع تراجع الوضع الاقتصادي في تركيا في فترة وباء «كورونا» وما بعدها. أضاف: «يتهمنا الناس بأننا السبب في البطالة وغلاء الأسعار. مع أننا نعمل بأجور أقل مما يحصل عليها الأتراك ونكتوي بنيران الأسعار مثلهم».

ويعيش في تركيا نحو 3.6 مليون سوري، منهم نحو 1.7 مليون شخص في الولايات التركية الحدودية مع سوريا. وفي إسطنبول نفسها يعيش نحو 550 ألفاً من العدد الإجمالي للسوريين. وقد ازدادت وطأة الحياة عليهم مع اتهامهم بأنهم السبب في كل شيء، من البطالة والغلاء وارتفاع إيجارات البيوت إلى مستوى خيالي، كما قال لـ«الشرق الأوسط» أحمد إبراهيم الذي يعمل في مخبز سوري في منطقة أسنيورت في إسطنبول.



جدعون ساعر... ليبرالي يميني قاد أول تمرد على نتنياهو

جدعون ساعر (رويترز)
جدعون ساعر (رويترز)
TT

جدعون ساعر... ليبرالي يميني قاد أول تمرد على نتنياهو

جدعون ساعر (رويترز)
جدعون ساعر (رويترز)

من هو النائب جدعون ساعر الذي يتفاوض معه رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، لشغل منصب وزير الدفاع في حال قرر تنفيذ خطة إقالة غالانت من منصبه؟

النائب ساعر، الذي يُعدّ شخصية جدلية، حظي لسنين طويلة بإجماع المراقبين والخبراء، من اليمين والوسط وحتى من اليسار، على أنه صاحب قيم ومبادئ. هي قيم الليبرالية اليمينية مع مبادئ سياسية راديكالية، لكنه كان من أشد المقاتلين ضد الفساد، سواء أكان ذلك عندما عمل محامياً أم عندما عمل صحافياً أم عندما خاض غمار السياسة وصار نائباً في البرلمان ثم وزيراً للداخلية ووزيراً للقضاء. ويُعدّ صاحب كلمة، ولديه قواعد صارمة للسياسي الذي يحترم الجمهور.

بسبب مواقفه المبدئية، تنازل ساعر عن منصب سكرتير الحكومة، في أول حكومة لبنيامين نتنياهو؛ لأنه تعهد للأميركيين بتطبيق اتفاقات أوسلو. وتنازل عن منصب رئيس كتل الائتلاف في عهد آرييل شارون؛ لأنه عارض قراره الانسحاب من قطاع غزة. وتنازل عن منصب وزير في حكومة نتنياهو الثالثة؛ لأنه رآه مراوغاً. وكان أول من تمرد على قيادة نتنياهو لحزب «الليكود»، بل راح ينافسه على رئاسة الحزب والحكومة. وعندما هزمه نتنياهو بنسبة 70 في المائة مقابل 30 في المائة، أقام ساعر حزباً جديداً وقرر أن أفضل طريقة لإسقاط نتنياهو هي الالتفاف عليه من اليمين. وصرح مرات عدة، بأن إسرائيل في وضع خطير تحت قيادة نتنياهو، والمهمة الوطنية الأسمى هي التخلص من قيادته. وعندما طلب منه صحافي في «القناة الـ12» أن يوقّع على تعهد بألا يعود للتعاون مع نتنياهو، وقّع على التعهد بلا تردد في بث حي.

معارضون للحكومة الإسرائيلية يشاركون في احتجاج أمام منزل عضو الكنيست جدعون ساعر في تل أبيب يوم الاثنين (أ.ف.ب)

لذلك، فإن قبوله عروض نتنياهو اليوم بتفكيك حزبه والعودة إلى «الليكود» وتراجعه عن كل وعوده للجمهور، يشكل ضربة قاصمة للقيم والمبادئ التي تباهى بها، بل لمسيرته التاريخية أيضاً. فهو عندما كان فتى تمرّد على مفاهيم والديه السياسية. فوالده الطبيب المولود في الأرجنتين ووالدته المولودة في بخارى، عاشا في كيبوتس (تعاونية اشتراكية)، ووالده كان الطبيب الخاص لأول رئيس وزراء إسرائيلي، ديفيد بن غوريون، لكن الابن كان ميالاً للحيروت (الذي أصبح الليكود)، وهو حزب الرأسمالية المتشددة، ورافضاً للسلام مع الفلسطينيين على أساس حل الدولتين. وعندما وقّع مناحيم بيغن اتفاق السلام مع مصر، انضم الشاب الصغير جدعون ساعر إلى حزب «هتحيا» (النهضة). وعلى طول الطريق ظل يحارب السياسيين الفاسدين. واعتزل السياسة لفترة حتى يتفرغ لزوجته الثانية، النجمة الإعلامية اليسارية، غئولا إيبن، وطفليهما. وتقبّل قرار إحدى ابنتيه الشابتين من زواجه الأول، الارتباط بشاب عربي. وقال: «هذا قرارها الحر» (انفصلا فيما بعد وتزوجت من شاب يهودي).

لهذا كله، قوبل انضمامه المحتمل اليوم لحكومة نتنياهو باستغراب واستهجان في الحلبة السياسية. وهناك من يعتقد أن خطوته المتوقعة سببها نتائج استطلاعات الرأي التي تشير منذ نحو سنتين، وبشكل مثابر ومنهجي، إلى أنه في حال إجراء انتخابات اليوم، فإن ساعر سيسقط، ولن يتجاوز نسبة الحسم. كما أن انضمامه إلى الحكومة سيعني أنه أصبح شريكاً في خطة نتنياهو لمعاقبة يوآف غالانت، مثلما عوقب هو (ساعر) نفسه في الماضي؛ لأنه تجرأ على مخالفة نتنياهو الرأي.

عاجل «حزب الله» يحمل إسرائيل مسؤولية انفجار أجهزة الاتصالات في لبنان ويقول إن «المجرم» سينال بالتأكيد قصاصه العادل