كشفت مصادر عسكرية عليا في تل أبيب، أن الجيش الإسرائيلي، كما يفعل في كل حرب، حرص على إجراء تجارب على أسلحة وتقنيات جديدة مختلفة، بينها المنظومة الصاروخية الدفاعية «مقلاع داود»، التي تستخدم للمرة الثانية بشكل فاعل، وأجهزة رصد وتنصت ومتابعة ذات تقنية تكنولوجية عالية.
ويأتي هذا الاستخدام ليس فقط من باب العقيدة القتالية، التي تبحث عن الجديد باستمرار كما في كل جيش في العالم، إنما من باب العقيدة التجارية لشركات الأسلحة الإسرائيلية الحكومية، التي تحرص على بيع الأسلحة المجربة، ما يجعلها أكثر رواجا بين الجيوش التي تشتريها. وفي سنوات سابقة، كان الجيش الإسرائيلي يبادر إلى عملية حربية -كبيرة او محدودة- مرة كل 3 - 4 سنوات، واضعا لها عدة أهداف، منها إدخال الجنود في تدريب عملي لحرب مباشرة وليس فقط تدريبات نظرية، وكذلك إجراء تجارب على أداء الأسلحة أو الذخيرة الجديدة الصنع.
وتوقف الجيش عن هذه الوتيرة السريعة للعمليات الحربية، فقط في ظل حكم بنيامين نتنياهو، وتحديدا منذ سنة 2014، حيث دخل في صدام مباشر معه في عدة قضايا وصار يخشى أن يتم تسخير الحرب لخدمة مصالحه الشخصية والمعركة التي يخوضها مع القضاء.
وفي الشهور الأخيرة، اعترض الجيش على خوض عملية حربية، فراح يتعرض لانتقادات واسعة من اليمين المتطرف الشريك في الحكم، لدرجة اتهامه بالجبن والتخلي عن العقيدة القتالية وقيم المواجهة الصدامية والإقدام. واتهموه بعدم الجرأة على دخول مخيم جنين للاجئين أو مخيم شعفاط أو حي القصبة في نابلس وأنه يتراخى مع «حماس» وقطاع غزة.
ورأى الجيش أن الحرب يمكنها أن تنقذ نتنياهو من موجة الاحتجاج الكبرى في الشارع، لذلك لم يتحمس لها. ولكن، وبما أنه دخل الحرب هذه المرة، فقد عاد إلى تقليده السابق وراح يجرب نوعا جديدا من الأسلحة والأدوات القتالية.
وتحدثت المصادر الأمنية عن استخدام وسائل قتالية أخرى في العملية الحربية ضد «الجهاد الإسلامي» في غزة، تشمل أجهزة رصد واتصال دقيقة، ساعدت على تنسيق العمليات بين الجيش والمخابرات وأتاحت اغتيال ثلاثة من قادة الجهاد في آن واحد خلال وقت قصير (خلال ثانيتين فقط حسب رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو).
كما تحدثت عن استخدام آليات جديدة متطورة، في الطائرات المسيرة، التي تعد اختراعا إسرائيليا بالكامل. فقد تم استخدام هذه الطائرات في اغتيال عدد آخر من قادة «الجهاد» وإصابة أهداف عدة تحت الأرض.
ومن أبرز التجديدات، بالطبع، استخدام منظومة «مقلاع داود»، التي تعد واحدة من أربع منظومات دفاعية يعتمدها الجيش الإسرائيلي، هي: «القبة الحديدية»، المخصصة لرصد واعتراض الصواريخ قصيرة المدى حتى مسافة 70 كيلومتراً، ومنظومتا «السهم 2 و3»، وهما معدّتان لاعتراض الطائرات المقاتلة وكذلك الصواريخ الباليستية طويلة المدى.
وهناك أيضا، منظومة «مقلاع داود» لتغطية التهديدات التي تقع بين نطاق اختصاص «القبة الحديدة» ومنظومتا «السهم»، مثل تهديدات الصواريخ متوسطة وطويلة المدى (بين 70 و270 كيلومتراً)، ومجابهة التقنيات التكنولوجية المتطورة مثل صواريخ «إسكندر» الروسية مثلاً. ويميزها أنها تنقض على الهدف وتلتصق به مهما فعل من مناورات تهرب، وتتمتع بقدرات عالية للتشويش على رادارات العدو. ولديها قدرة أيضا على اعتراض صواريخ «كروز»، والطائرات المسيّرة المتقدمة.
وكانت منظومة «مقلاع داود» قد دخلت الخدمة في سنة 2017، وتم استخدامها مرة واحدة عام 2018 مع صواريخ سوريا ذات الصنع الروسي (إس 200)، لكنها فشلت. وتم استخدامها هذه المرة (الأربعاء)، باعتراض صاروخ فلسطيني فوق أجواء منطقة تل أبيب. وقد تحدث وزير الدفاع، يوآف غالانت، عن هذه التجربة بأنها تمت بنجاح.
وعليه، وعلى الرغم من عدم التكافؤ بين قوتي الجيش الإسرائيلي، الذي يعد تاسع أقوى جيوش العالم، وتنظيم «الجهاد الإسلامي»، فإن هذا الجيش يعد العملية الحربية التي سميت «السهم الواقي» فرصة لإجراء التجارب على الأسلحة والقنابل المتطورة.