في أعقاب القرار الذي اتخذته المحكمة العليا الإسرائيلية برد التماس اليمين الذي طالبها بتنفيذ أمرها السابق بإخلاء قرية خان الأحمر الفلسطينية، توجه عدد من وزراء ونواب اليمين المتطرف في الائتلاف الحاكم إلى رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، مطالبين باستغلال القرار لـ«توجيه صفعة» للمحكمة واتخاذ قرار بالإخلاء فوراً.
وأكد الوزير عميحاي إلياهو أن المحكمة اعتمدت على موقف الحكومة، كما عبّر عنه رئيس مجلس الأمن القومي، تساحي هنغبي، خلال جلسة مغلقة مع القضاة، وقال فيها، إن إخلاء خان الأحمر يلحق ضرراً سياسياً بإسرائيل. وهذا يعني أن المحكمة منحت الحكومة ثقلها في القرار. وهذه فرصة لأن تثبت الحكومة ثقل وزنها فعلاً، فتقرر أن الخطر من سوء العلاقات انتهى، وتقرر تنفيذ الإخلاء. وعندها ستكون المحكمة مضطرة إلى القبول بالإخلاء، وسيتفهم أصدقاء إسرائيل الأمر لأنه قرار محكمة.
وكانت منظمة «رغافيم» اليمينية المتطرفة التي تعمل على تعزيز المشروع الاستيطاني، وتسريع عمليات الهدم للمباني الفلسطينية في مناطق (ج)، هي التي تقدمت بالالتماس إلى المحكمة كي تصدر أمراً يلزم الحكومة بتنفيذ قرار هدم القرية الفلسطينية وتهجير سكانها. وأكدت المنظمة أن هناك قراراً للمحكمة العليا منذ 5 سبتمبر (أيلول) 2018، يقضي بإخلاء وهدم خان الأحمر، قرب القدس، بعد رفضها التماس سكانه ضد تهجيرهم، وهدم التجمع السكاني المكون أغلبه من خيام ومساكن من الصفيح.
لكن حكومات بنيامين نتنياهو منذ ذلك الوقت امتنعت عن تنفيذ القرار، وكلما توجهت منظمات اليمين المتطرف إلى المحكمة مطالبة أن تأمر بتنفيذ قرارها، كانت الحكومة تتوجه إلى المحكمة، وتطلب إمهالها مزيداً من الوقت؛ لأن الإخلاء يمكن أن يؤدي إلى تطورات سلبية تهدد أمن إسرائيل وعلاقاتها الاستراتيجية للخطر.
وفي شهر فبراير (شباط) الماضي، قررت المحكمة العليا عقد جلسة للنظر بإخلاء وتهجير خان الأحمر، وأمهلت الحكومة حتى شهر مايو (أيار) الحالي، لتنفذ القرار. وطلبت الحكومة مهلة حتى يونيو (حزيران) المقبل، فرفضت المحكمة.
وفي حينه، حذرت المدعية العامة للمحكمة الجنائية الدولية، فاتوا بنسودا، الحكومة الإسرائيلية، من هدم خان الأحمر. وقالت بنسودا إن «تهجير السكان عنوة في أراضٍ محتلة يشكل جرائم حرب بموجب ميثاق روما».
كما وجهت إدارة الرئيس الأميركي، جو بايدن، ودول الاتحاد الأوروبي، تحذيرات شديدة اللهجة للحكومة الإسرائيلية، وطالبتها بالامتناع عن اتخاذ إجراءات أحادية الجانب في الضفة المحتلة، بما في ذلك إخلاء خان الأحمر، الذي نجحت في حشد الدعم والتضامن الدولي معه.
وفي الأسبوع الماضي، عقدت المحكمة جلسة مغلقة بطلب من مستشار الأمن القومي، تساحي هنغبي، الذي استعرض أمام القضاة الثلاثة «عدة اعتبارات سرية تمنع الحكومة من إخلاء القرية الفلسطينية»، مشدداً على أن هناك ضرراً استراتيجياً لإسرائيل في حال اتخذت قراراً بالهدم والترحيل.
وقبل القضاة موقف الحكومة، وقالوا: «صحيح أن البناء في قرية خان الأحمر بُني بشكل غير قانوني ويجب هدمه، ولكن القرار بشأنه يجب أن يكون للحكومة ووفقاً لرؤيتها، وبناءً على الاعتبارات الأمنية والسياسية التي تحددها».
وتبنى القضاة قول الحكومة، بأنه «لا يمكن إخلاء خان الأحمر في هذا التوقيت، لأسباب تتعلق بأمن الدولة وعلاقاتها الخارجية»، ورأوا أن أهمية هذه الأسباب «تتجاوز كثيراً حاجة الجمهور إلى إنفاذ قوانين التخطيط والبناء».