مستوطنون يهاجمون بريطانيا بسبب تضامنها مع مدرسة فلسطينية

مستوطنة يهودية في الضفة الغربية (رويترز)
مستوطنة يهودية في الضفة الغربية (رويترز)
TT

مستوطنون يهاجمون بريطانيا بسبب تضامنها مع مدرسة فلسطينية

مستوطنة يهودية في الضفة الغربية (رويترز)
مستوطنة يهودية في الضفة الغربية (رويترز)

هاجم قادة مستوطنة «كوخفي هشاحر» الإسرائيلية القنصلية البريطانية في القدس، الجمعة، بسبب قيام موظفين مسؤولين فيها بزيارة تضامن مع مدرسة فلسطينية في التجمع البدوي رأس التين القائم على أراضي قريتي المغير وكفر مالك، شمال شرق رام الله.

واستنكر هؤلاء هذه الزيارة وطالبوا السفارة البريطانية في تل أبيب بزيارة المستوطنة لـ«الاطلاع على معاناتها أيضاً». وقال رئيس مجلس المستوطنات اليهودية في الضفة الغربية، شلومو نئمان، إن «الدبلوماسيين البريطانيين امتنعوا قبل شهر عن المشاركة في جنازة تشييع 3 مواطنات يهوديات من عائلة ضي، يحملن الجنسية البريطانية، قُتلن في عملية فلسطينية مسلحة، لأن الجنازة أُقيمت في مستوطنة، تعتبرها بريطانيا جزءاً من الضفة الغربية المحتلة. لكنهم لم يمتنعوا عن القيام بزيارة المدرسة القائمة في التجمع البدوي، مع أن المدرسة غير قانونية وأقيمت على أراضي الدولة بلا ترخيص. وفي هذا تمييز صارخ ضد اليهود، لصالح الفلسطينيين».

وردت السفارة البريطانية على ذلك، بالقول إنها وفّرت الدعم للعائلة البريطانية وترافق بقية أفراد العائلة الثكلى، وتواصل الاتصال مع السلطات الإسرائيلية بخصوص جريمة القتل الوحشي التي تعرضت لها المواطنات البريطانيات. لكن الزيارة المذكورة إلى المجمع البدوي هي من شأن القنصلية البريطانية في القدس المسؤولة عن العلاقة مع الفلسطينيين.

يذكر أن مستوطنة «كوخاف هشاحر»، أُقيمت في سنة 1975 على أراضٍ تابعة لقريتي المغير وكفر مالك، بوصفها مستوطنة عسكرية تابعة للجيش. وفي عام 1980، صادر الجيش الإسرائيلي ما يقارب 840 دونما من أراضي الفلسطينيين، بحجة الحاجة إلى حماية بؤرة استيطانية أقامتها مجموعة من الجنود السابقين في لواء «ناحال»، ثم أعلن بعد ذلك بوقت قصير عن إنشاء مستوطنة «كوخاف هشاحر» (كوكب السحر) على الأراضي المصادرة.

وقال درور إتكيس، من منظمة «كرم نافوت» الإسرائيلية، التي تعمل على مراقبة النشاط الاستيطاني، إن «الكثير من عمليات الفساد الشخصي ظهرت خلال هذه العملية، إذ إن هناك مسؤولين في الإدارة المدنية استغلوا الوضع وسيطروا على قطع أراضٍ وقاموا بغرس أشجار الزيتون وغيرها فيها». وفي عام 2020، أُقيمت على أراضي كفر مالك الشرقيّة بؤرة استيطانية جديدة تُدعى «مزرعة ميخا»، يمارس عشرات المستوطنين فيها نشاطاً زراعيّاً ويرعون الأغنام، في محاولة للتشبه بالفلسطيني صاحب المكان الأصلي واستبداله في امتلاك الأرض. ويعيش منذ سبعينات القرن الماضي، البدو من عرب الكعابنة، في هذه المنطقة وينصبون خيامهم، على مساحة تُقدّر بنحو 53 دونماً، لحمايتها من اعتداءات المستوطنين. وهي كلّها ضمن المنطقة المصنّفة (ج)، وفقاً لاتفاقية أوسلو، وهي المناطق التي تُفرض فيها السيطرة الإسرائيلية الإدارية والعسكريّة والمدنيّة المباشرة، ويُقيّد الفلسطيني فيها في وجوده وعمرانه. ويصل تعدادهم اليوم إلى نحو 300 شخص. يستند وجودهم في تلك المنطقة إلى عقودٍ شفويّة أو مكتوبة بينهم وبين أصحاب الأراضي من قريتي كفر مالك والمغير، تنصّ في بعضها على مشاركة محصول الأرض، أو على دفع مبلغ رمزي مقابل البقاء فيها، أو في بعض الأحيان دون أي مقابلٍ يُذكر.

وتتمثّل أهمية هذه العقود بدورها القانوني في حماية البدو ومنع ترحيلهم، إذ يقتحم الجيش الإسرائيلي المنطقة بشكلٍ دوري لتهجير البدو بحجة «عدم ملكيتهم للأرض»، وهو شكلٌ من أشكال التهديد الذي يطول معظم الفلسطينيين في مناطق (ج)، وبالأخصّ البدو منهم. وعندما أقام هؤلاء مدرسة لتعليم أولادهم، ضاعف المستوطنون اعتداءاتهم. وقام الأهالي بالمقابل بدعوة الدبلوماسيين الأوروبيين لزيارتهم والاطلاع على عسف الممارسات الإسرائيلية ضدهم. وفي كل زيارة كهذه يثير المستوطنون ضجة سياسية.



ماكرون قريباً في لبنان... وتأكيد فرنسي على دعم «غير مشروط» بعد انتخاب عون

الرئيس الجديد جوزيف عون جالساً على كرسي الرئاسة في قصر بعبدا لأول مرة بعد انتخابه الخميس (أ.ف.ب)
الرئيس الجديد جوزيف عون جالساً على كرسي الرئاسة في قصر بعبدا لأول مرة بعد انتخابه الخميس (أ.ف.ب)
TT

ماكرون قريباً في لبنان... وتأكيد فرنسي على دعم «غير مشروط» بعد انتخاب عون

الرئيس الجديد جوزيف عون جالساً على كرسي الرئاسة في قصر بعبدا لأول مرة بعد انتخابه الخميس (أ.ف.ب)
الرئيس الجديد جوزيف عون جالساً على كرسي الرئاسة في قصر بعبدا لأول مرة بعد انتخابه الخميس (أ.ف.ب)

عجلت فرنسا في الإعراب عن سرورها بانتخاب العماد جوزيف عون رئيساً للجمهورية في الجولة الثانية من جلسة مجلس النواب، وعدّت أن وصوله إلى «قصر بعبدا» يأتي «في لحظة تاريخية وحاسمة بالنسبة إلى لبنان، هذا الانتخاب يضع حداً لسنتين من الشغور الرئاسي الذي أضعف لبنان. ويفتح صفحة جديدة للبنانيين، وينبغي أن يكون الانتخاب مصدر أمل لهم ولجميع شركاء لبنان وأصدقائه»، فيما أعلن «الإليزيه» أن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون سيزور «لبنان قريبا جدا»، بعد اتصال هاتفي جمعه مع الرئيس عون وتمنّى فيه الرئيس الفرنسي «كل النجاح» لنظيره اللبناني.

وكانت وزارة الخارجية الفرنسية، قد قالت بعد دقائق قليلة من انتهاء العملية الانتخابية، في بيان قرأه كريستوف لوموان، الناطق باسمها، إن انتخاب الرئيس الجديد «مصدر تشجيع لفرنسا، التي عملت جاهدةً على إعادة تشغيل المؤسسات اللبنانية عبر التعبئة الكاملة للوزير جان نويل بارو، وبعثة المساعي الحميدة التي يقودها منذ يونيو (حزيران) 2023 الممثل الشخصي لرئيس الجمهورية في لبنان، جان إيف لودريان، بالتعاون الوثيق، بالطبع، مع شركائنا في (اللجنة الخماسية)».

هذا وذكرت الرئاسة الفرنسية أن الرئيس ماكرون «أبلغ الرئيس عون بأنّ فرنسا ستواصل جهودها الرامية للتوصل سريعاً إلى تشكيل حكومة قادرة على جمع اللبنانيين وتلبية تطلعاتهم واحتياجاتهم وإجراء الإصلاحات اللازمة لتحقيق الانتعاش الاقتصادي وإعادة الإعمار والاستقرار والأمن وسيادة لبنان».

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون متحدثاً لسفراء بلده عبر العالم الاثنين الماضي... وقد لعب دوراً ميسِّراً ساهم في انتخاب العماد جوزيف عون رئيساً للجمهورية اللبنانية (أ.ف.ب)

بيد أن الدور الفرنسي لم يتوقف عند بارو وبعثة لودريان؛ إذ إن الرئيس إيمانويل ماكرون أدى درواً خاصاً وفاعلاً عبر الاتصالات الكثيرة التي أجراها مع المسؤولين اللبنانيين، الذين دعا بعضهم إلى باريس، والبعض الآخر تواصل معه عبر الهاتف، حتى في الأيام الأخيرة. فضلاً عن ذلك، أجرى ماكرون مشاورات عدة مع الجانب الأميركي ومع أطراف عربية، خصوصاً مع المملكة العربية السعودية، وكذلك مع مصر والأردن وقطر والإمارات. كذلك لعبت الخلية الدبلوماسية في «قصر الإليزيه» دوراً مهماً، ممثلة في مانويل بون، مستشار الرئيس للشؤون الدبلوماسية، وآن كلير لو جاندر، مستشارته لشؤون الشرق الأوسط والعالم العربي.

باريس تدعو لتعجيل تشكيل حكومة داعمة للرئيس الجديد

لم تكتف باريس بالتهنئة؛ بل وجهت مجموعة من الرسائل؛ أولاها دعوة السلطات والسياسيين اللبنانيين إلى «الانخراط في إنهاض مستدام» للبنان الغارق منذ سنوات في أزمات متعددة الأشكال سياسياً واقتصادياً ومالياً واجتماعياً، فضلاً عن إعادة إعمار ما تهدم بسبب الحرب بين إسرائيل و«حزب الله» وما نتج عنها من دمار مخيف. والطريق إلى ذلك، يمر، وفق «الخارجية» الفرنسية، عبر «تشكيل حكومة قوية، وداعمة لرئيس الجمهورية، وقادرة على لمّ شمل اللبنانيين والاستجابة لتطلعاتهم واحتياجاتهم، وإجراء الإصلاحات اللازمة لانتعاش لبنان الاقتصادي واستقراره وأمنه وسيادته».

وسبق لفرنسا أن أسدت، مع دول رئيسية أخرى، هذه النصائح للبنان منذ سنوات كثيرة وقبل الشغور الرئاسي؛ لا بل إنها دعت منذ عام 2018 السلطات اللبنانية إلى القيام بإصلاحات سياسية (الحوكمة) واقتصادية يحتاجها لبنان، ويطالب بها المجتمع الدولي والمؤسسات المالية والاقتصادية الإقليمية والدولية؛ لمد يد العون والمساعدة للبنان. ويتعين التذكير بأن مؤتمر «سيدر» الذي دعت إليه فرنسا واستضافته في عام 2018، وعد بتقديم 11 مليار دولار للبنان قروضاً ومساعدات؛ شرط إتمام الإصلاحات، وهو الأمر الذي لم يحدث.

الرئيس اللبناني الجديد مستعرضاً الحرس الجمهوري لدى وصوله إلى قصر بعبدا الخميس (د.ب.أ)

دعم غير مشروط للبنان

ترى باريس أن انتخاب العماد عون يمكن أن يساهم في أمرين؛ الأول: الذهاب إلى استقرار لبنان من جهة؛ وثانياً، من جهة أخرى، «التنفيذ السليم، في المستقبل القريب، لوقف إطلاق النار» بين لبنان وإسرائيل بموجب الاتفاق المبرم في 26 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، الذي دفعت باريس إليه بالتعاون مع الولايات المتحدة الأميركية.

بيد أن الرسالة الأخرى التي شددت عليها وزارة الخارجية الفرنسية عنوانها أن باريس «ملتزمة بحزم» بتحقيق هذا الأمر (احترام وقف إطلاق النار وتنفيذ القرار الدولي رقم «1701»)، وذلك «إلى جانب الولايات المتحدة الأميركية و(قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان - يونيفيل)».

وزيرا خارجية فرنسا والولايات المتحدة يتحدثان للصحافة بمقر وزارة الخارجية الفرنسية الأربعاء (أ.ف.ب)

وبكلام قاطع، أرادت فرنسا أن تقول إنها إذا كان لها دور عبر مشاركتها في «اللجنة الخماسية» وفي دفع الطبقة السياسية اللبنانية إلى الوصول لانتخاب رئيس الجمهورية الجديد، إلا إنها لن تتخلى عن لبنان مستقبلاً. وجاء في بيان «الخارجية» أن فرنسا «وقفت إلى جانب لبنان والشعب اللبناني، وستواصل القيام بذلك، وهو الأمر الذي يعلم به رئيس الجمهورية اللبنانية الجديد جوزيف عون».