شهدت الانتخابات البرلمانية الكويتية، مشاركة مرتفعة، قبل ساعات من إغلاق صناديق الاقتراع في الساعة الثانية عشرة ليلاً، في وقت يترقب فيه الكويتيون أن تسفر هذه الانتخابات عن تصحيح في المسار السياسي، وتحقيق الاستقرار المنشود.
ومن المقرر أن يبدأ فرز وإعلان النتائج فجر الجمعة. ومع ارتفاع نسبة المشاركة، فإن مراقبين توقعوا أن يشهد المجلس الجديد تغييراً محدوداً بدخول أعضاء من الشباب والمستقلين.
وهذه أول انتخابات تُجرى في عهد أمير البلاد الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح، والأولى في ظل حكومة رئيس الوزراء محمد صباح السالم الصباح.
ويختار الناخبون الذين يحق لهم التصويت وعددهم 834733 ناخبا وناخبة 50 نائباً، ويبلغ عدد المرشحين 200 مرشح بينهم 13 سيدة، في عملية اقتراع تجرى وفقا لنظام الدوائر الخمس والصوت الواحد.
وتأتي هذه الانتخابات إثر صدور المرسوم رقم 16 لسنة 2024 في 15 فبراير (شباط) الماضي بحل مجلس الأمة وفقا للمادة 107 من الدستور «وبناء على ما بدر من مجلس الأمة من تجاوز للثوابت الدستورية في إبراز الاحترام الواجب للمقام السامي وتعمد استخدام العبارات الماسة غير المنضبطة».
كما صدر في مطلع شهر مارس (آذار) الماضي المرسوم رقم 29 لسنة 2024 بشأن دعوة الناخبين لانتخاب أعضاء مجلس الأمة وحدد اليوم موعدا للاقتراع.
وتشهد هذه الانتخابات حماساً ملحوظاً في ظل سعي عدد من أعضاء البرلمان السابق لتعزيز حضورهم في المشهد النيابي المقبل.
وشهدت الساعات الأولى لبدء التصويت في الثانية عشرة ظهر الخميس حضوراً متوسطاً، لكنه بدأ في الازدياد مع حلول المساء، ويتوقع أن تشهد الساعات الأخيرة قبيل إغلاق مراكز الاقتراع إقبالاً أكبر.
ووصف نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الدفاع ووزير الداخلية بالوكالة الشيخ فهد اليوسف الصباح نسبة الإقبال على التصويت من إجمالي المواطنين الذين يحق لهم التصويت بـ«فوق الممتازة».
وحتى الساعة الثامنة ليلاً قبل أربع ساعات من انتهاء التصويت كانت نسبة الاقتراع في الدوائر الانتخابية تتراوح بين 33 و44 بالمائة، ومن المتوقع أن تشهد ارتفاعاً قبيل انتهاء التصويت.
تصحيح المسار
وهذه أول انتخابات تجري في عهد أمير البلاد الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح، الذي دعا المواطنين في كلمة بمناسبة العشر الأواخر من شهر رمضان لحسن اختيار المرشحين، كما أعرب عن أمله في أن «تسفر الانتخابات المقبلة عن مجلس متميز بوجوه ذات فكر مستنير»، كما حذر من المقاطعة وقال: «نتطلع إلى مشاركة أبناء وطننا العزيز في الانتخابات ومن يقاطعها فإنه يفرّط في حقه الدستوري».
وطالما دعا الأمير منذ كان ولياً للعهد لتصحيح المسار. ووجه انتقادات لاذعة لعمل السلطتين التشريعية والتنفيذية في أول خطاب له بعد أدائه اليمين الدستورية أمام مجلس الأمة (البرلمان)، في 20 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، متهماً إياهما بالتواطؤ في الإضرار بمصالح البلاد. وقال الشيخ مشعل الأحمد في خطابه أمام البرلمان: «إن الحكومة والمجلس توافقا على الإضرار بمصالح الكويت، وما حصل في تعيينات المناصب القيادية دليل على عدم الإنصاف».
وعلى أثر هذا الخطاب تقدمت حكومة الشيخ أحمد نواف الأحمد الصباح باستقالتها، وأُعلن منتصف يناير (كانون الثاني) تشكيل أول حكومة في عهد الشيخ مشعل برئاسة الشيخ محمد صباح السالم الصباح.
ويتطلع الكويتيون للمجلس الجديد ليحقق الاستقرار السياسي المنشود، بعد ما يزيد على عامين من الاضطراب الذي شهدته العملية السياسية، وتعد هذه الانتخابات ثامن انتخابات تشريعية منذ عام 2012، وهي رابع انتخابات برلمانية تنظم في الكويت منذ عام 2020، فقد أجريت انتخابات في الخامس من ديسمبر 2020، وعقد المجلس أولى جلساته في 15 ديسمبر من ذلك العام وتم حله في الثاني من أغسطس (آب) 2022، وفي 29 سبتمبر (أيلول) 2022، أُجريت انتخابات برلمانية، لكن هذا المجلس تم إبطاله في 19 مارس (آذار) 2023 بقرار من المحكمة الدستورية، وإبطال العملية الانتخابية بأكملها، وعودة مجلس الأمة 2020، بسبب بطلان مرسوم حل مجلس الأمة 2020، تبعته انتخابات مجلس الأمة في 6 يونيو (حزيران) 2023، وفي 15 فبراير 2024 صدر مرسومٌ أميريٌّ بحل المجلس.
وقد تمّ حلّ مجلس الأمة السابق 2023 في فبراير الماضي، بعد نحو تسعة شهور على بدء أعماله. وشهدت الكويت منذ بَدء الحياة البرلمانية فيها قبل 61 عاماً حلّ مجلس الأمة 12 مرّة.
وتأتي هذه الانتخابات أيضاً وسط تحديات عدة، خصوصاً مع سعي الحكومات المتعاقبة في الكويت إلى تنفيذ خطة إصلاحية أقرّت في عام 2018 لتنويع الاقتصاد والحدّ من الاعتماد على البترول، فيما يشير محللون إلى أن الإصلاحات السياسية ضرورية في المرحلة المقبلة.
دوائر وأرقام
ويتنافس في الدائرة الانتخابية الأولى 41 مرشحا على أصوات ناخبي الدائرة وعددهم 104038 ناخبا وناخبة (50398 ذكور - 53640 إناث) في حين يتنافس في الدائرة الثانية 39 مرشحا على أصوات الناخبين البالغ عددهم 95302 ناخب وناخبة (46639 ذكور - 48663 إناث).
أما في الدائرة الثالثة فيتنافس 32 مرشحا على أصوات 143693 ناخبا وناخبة (68991 ذكور - 74702 إناث) فيما يتنافس في الدائرة الرابعة 48 مرشحا للحصول على أصوات 220932 ناخبا وناخبة (106534 ذكور - 114398 إناث).
وفي الدائرة الانتخابية الخامسة يتنافس 40 مرشحا على أصوات 270768 ناخبا وناخبة (133386 ذكور - 137382 إناث) وتعد هذه الدائرة أكبر الدوائر الانتخابية الخمس من حيث عدد الناخبين.
وزير العدل
وأكد وزير العدل وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية فيصل الغريب استعداد وزارة العدل للعملية الانتخابية من جميع النواحي، موضحاً أنه تم تشكيل فرق عمل ولجان فنية ولجان إدارية لتسهيل عملية الاقتراع.
وقال الغريب: «نحثّ الشعب الكويتي على المشاركة في العملية الانتخابية»، مذكراً بتأكيد أمير البلاد على «المشاركة وحُسن اختيار المرشح ونبذ الخلافات ورصّ الوحدة الوطنية التي هي نبراس لنا وهي تماسك الشعب الكويتي».
وأشار الغريب إلى الالتزام بمواعيد استقبال الناخبين، موضحاً أنه لن يتم إدخال أي شخص بعد انقضاء الوقت المحدد للتصويت.