أول أزمة سياسية يشهدها العهد الجديد... الحكومة الكويتية تقاطع البرلمان

السعدون رفع الجلسة للشهر المقبل... ومخاوف من امتداد التعطيل

رئيس مجلس الأمة الكويتي أحمد السعدون (كونا)
رئيس مجلس الأمة الكويتي أحمد السعدون (كونا)
TT

أول أزمة سياسية يشهدها العهد الجديد... الحكومة الكويتية تقاطع البرلمان

رئيس مجلس الأمة الكويتي أحمد السعدون (كونا)
رئيس مجلس الأمة الكويتي أحمد السعدون (كونا)

فيما تبدو بوادر أزمة سياسية في الكويت، هي الأولى التي يشهدها العهد الجديد، تغيبت الحكومة (الأربعاء) عن حضور جلسة برلمانية احتجاجاً على ما يُعتقد أنها إساءة ضمنية صدرت من أحد النواب في أثناء مناقشة الردّ على الخطاب الأميري.

وبعد مطالبة رئيس المجلس أحمد السعدون، بشطب مداخلة النائب عبد الكريم الكندري، من «مضبطة» المجلس، صوت أغلبية النواب (44 صوتاً) بعدم شطب مداخلة الكندري. وفسّر المطالبون بالشطب المداخلة بأنها تتضمن مسّاً بالذات الأميرية، وهو ما يخالف الدستور.

واعتراضاً على إجراء المجلس، قاطعت الحكومة جلسة البرلمان، الأربعاء، ولا يُعلم إن كانت ستمضي قُدماً في المقاطعة أم ستكتفي بهذه الجلسة.

مجلس الأمة الكويتي «البرلمان» (كونا)

ورفع رئيس مجلس الأمة أحمد السعدون، جلسة الأربعاء، إلى 5 مارس (آذار) المقبل، لعدم حضور الحكومة.

وبعد غياب الحكومة، قال وزير الدولة لشؤون الشباب وزير الدولة لشؤون الاتصالات داود معرفي، إنّ «المادة 54 من الدستور، (تنص على أن) الأمير رئيس الدولة وذاته مصونة لا تُمس».

وقد رفع رئيس مجلس الأمة «البرلمان» أحمد السعدون، جلسة مجلس الأمة التكميلية (الأربعاء) لعدم حضور الحكومة. وقال السعدون إن الشيخ الدكتور محمد صباح السالم الصباح، رئيس مجلس الوزراء، «أبلغني في اتصال هاتفي بأن الحكومة لن تحضر الجلسة، وكذلك أبلغني نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء شريدة المعوشرجي، بعدم حضور الحكومة الجلسة على أن تُعقد يومَي الخامس والسادس من شهر مارس المقبل».

وكان من المقرر أن يتصدر تقرير اللجنة التشريعية بشأن تعديل قانون المفوضية العامة للانتخابات جدول أعمال جلسة، الأربعاء، وهو الآخر يشهد اختلافاً بين الحكومة واللجنة التشريعية، بعد موافقة الحكومة على مشروع قانون بتعديل بعض أحكام قانون المفوضية، وسط تمسك اللجنة التشريعية في تقريرها بآلية التعيين للقضاة في المفوضية، مقابل تمسك الحكومة بآلية الندب.

النائب سعود العصفور

العصفور

وأكد النائب سعود العصفور أن غياب الحكومة عن جلسة مناقشة برنامج عملها ورفضها الاحتكام إلى آلية التصويت التي شاركت بها من دون احتجاج رسمي... «عبث وتعطيل لا يمكن قبوله».

وأضاف خلال مؤتمر صحافي عقده في مجلس الأمة: «مثلما ذكرنا في سياق الرد على الخطاب الأميري... البلد معطَّل فعلياً ولا نملك رفاهية الانتظار ولا سعة الوقت في ظل حاجة ملحّة إلى العمل وبشكل فوري ومتسارع لإصلاح الأوضاع والمنافسة في إقليم يتسابق على الفرص».

الدكتور عايد المناع

عايد مناع

وقال المحلل السياسي الكويتي الدكتور عايد مناع، لـ«الشرق الأوسط»، إن انسحاب الحكومة من جلسة الأربعاء، بادرة على وجود «مؤشرات سلبية واضحة، إذ لا يُعقل أن تتغيب الحكومة التي للتوّ تمّ تشكيلها وأدّت اليمين الدستورية أمام مجلس الأمة، كما لا يُعقل أن تبحث عن أي عذر للغياب، خصوصاً أن المجلس ما زال يناقش الردّ على الخطاب الأميري، وبالتالي فإن ما نشهده بوادر أزمة».

لكن هل يمكن تفعيل المادة (106) من الدستور التي تعطي رئيس الدولة الحق في تعليق عمل البرلمان لمدة شهر؟ قال مناع: «احتمال استخدام المادة (106) من الدستور التي تنصّ على تأجيل الجلسات لمدة شهر هو احتمال وارد، وقد يكون سابقاً لأزمة أيضاً مرتقبة، إنْ لم يخفف البرلمان من ضغوطه باتجاهات معينة».

يضيف: «لا يمكن إغفال الاحتمال الأسوأ، حتى وإن كان ضمن الإطار الدستوري، أي حلّ مجلس الأمة، والدعوة لانتخابات جديدة، وهذا الاحتمال ليس هناك ما يبرره كثيراً، فالمساءلة النيابية للحكومة أمر طبيعي ومعتاد، بصرف النظر عن الاتفاق او الاختلاف مع هذه المساءلات والاستجوابات لكن لا يُستبعد إطلاقاً أن يتمّ حلّ المجلس».

ويبقى السؤال: ماذا بعد الحلّ؟ يجيب مناع: «سيعود نفس المجلس بشكل مشابه أو قريب من التشكيلة الحالية ونعود إلى نفس الحالة السياسية المتأزمة مرة أخرى».

يضيف: «أعتقد أن الأجواء المستقبلية على صعيد العلاقة بين السلطتين قد يشوبها بعض التكدر، ولذلك لا بدّ أن تُبنى على رؤية وبرنامج مشتركين، وهناك مواقف حكومية من بعض المتطلبات النيابية مثل زيادة الرواتب والقروض وأشباهها من المتطلبات الشعبية، وهي مواقف لا ينبغي أن تكون مبرراً لشلّ العمل البرلماني ومنع البرلمان من مواصلة عمله».

أولى الأزمات

وهذه هي الأزمة التي يشهدها العهد الجديد منذ تسلم أمير البلاد الشيخ مشعل الأحمد، مقاليد السلطة في 16 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، وهي الأولى في حكومة الشيخ محمد صباح السالم الصباح.

يُذكر أنه صدر، في 4 يناير (كانون الثاني) الحالي، أمرٌ أميري بتعيين الشيخ الدكتور محمد صباح السالم الصباح رئيساً لمجلس الوزراء، في حين صدر في 17 من الشهر نفسه، المرسوم الأميري بتشكيل الوزارة الجديدة التي تضم 13 وزيراً وأدّوا اليمين الدستورية أمام سمو الأمير في اليوم نفسه.

وكان أمير الكويت الشيخ مشعل الأحمد الصباح، قد اختار في لقائه مع الحكومة الجديدة بعد أدائها اليمين الدستورية، في 17 يناير الماضي برئاسة الشيخ محمد صباح السالم، أن يصف المرحلة الجديدة التي تُباشر فيها الحكومة الجديدة مهامّها، بأنها مرحلة جديدة عنوانها «الإصلاح والتطوير»، ركائزها «العمل والإشراف والرقابة والمحاسبة»، وإطارها «الواجبات والحقوق الوطنية».

كان الأمير الشيخ مشعل الأحمد في أول خطاب له بعد أدائه اليمين الدستورية أمام مجلس الأمة «البرلمان»، يوم 20 ديسمبر الماضي، قد شنّ هجوماً شديداً على الحكومة و«مجلس الأمة»، متهماً إياهما بالتواطؤ في الإضرار بمصالح البلاد.

ومما قاله الشيخ مشعل الأحمد، الذي تَسلّم الحُكم خَلفاً لأخيه الأمير الراحل، الشيخ نواف الأحمد الصباح، في خطابه أمام البرلمان: «إن الحكومة والمجلس توافقا على الإضرار بمصالح الكويت، وما حصل في تعيينات المناصب القيادية دليل على عدم الإنصاف»، ومن ثم أشار إلى «ما حصل من تغيير للهوية الكويتية، وملف العفو وتداعياته، والتسابق لإقرار قانون رد الاعتبار، كأنها صفقة تبادل مصالح بينهما».



العيسى: «وثيقة بناء الجسور» نقلة نوعية في العمل الإسلامي المشترك

جانب من فعاليات مؤتمر «بناء الجسور بين المذاهب الإسلامية» بمكة المكرمة مارس الماضي (الشرق الأوسط)
جانب من فعاليات مؤتمر «بناء الجسور بين المذاهب الإسلامية» بمكة المكرمة مارس الماضي (الشرق الأوسط)
TT

العيسى: «وثيقة بناء الجسور» نقلة نوعية في العمل الإسلامي المشترك

جانب من فعاليات مؤتمر «بناء الجسور بين المذاهب الإسلامية» بمكة المكرمة مارس الماضي (الشرق الأوسط)
جانب من فعاليات مؤتمر «بناء الجسور بين المذاهب الإسلامية» بمكة المكرمة مارس الماضي (الشرق الأوسط)

أكّد الدكتور محمد العيسى، أمين عام رابطة العالم الإسلامي رئيس هيئة علماء المسلمين، الثلاثاء، أن إقرار المجلس الوزاري الإسلامي لـ«وثيقة بناء الجسور بين المذاهب الإسلامية» من خلال إشادته بمخرجاتها «يُمثِّل نقلةً نوعيّةً مهمّةً في مسار العمل الإسلامي المشترك، عبر تضافر الدعم الرسمي مع الحِراك العُلمائي، نحو خدمة الأمّة، وتعزيز التضامن بين شُعُوبها، والتصدي لمُسبِّبات الفتنة والفُرقَة والصِّراع».

كان مجلسُ وزراء خارجية دول المنظمة قد أقَرّ خلال دورته الخمسين في العاصمة الكاميرونية ياوندي، الوثيقةَ التاريخيةَ التي أصدَرَتْها الرابطة «انطلاقاً من إدراكِ دولهم أهميتها البالغة في مد جسور لتجاوز مآسي المُعتركِ الطائفي بنزعته المنتحلة على هدي الإسلام، وطيِّ صفحةٍ دامَ أَمدُها، وتعدّدتْ أضرارُها، من السِّجالاتِ العقيمةِ التي تجاوزت الحوار الفاعل والمثمر لتتردى إلى مهاتراتٍ لم تزد الأمة الواحدة إلا شتاتاً وفُرقة، وما توالَدَ عن ذلكم التجاوز من مواجعَ وفواجع؛ حجبَتْها عن فاعلية دورِها الرِّيادي، وشُهودها الحضاري في إطار مشتركاتها الجامعة، ولكلٍّ هويته المذهبية التي يتم تداولها في إطار فاعلية الحوار وأدبه الرفيع».

كان إعلان الوثيقة قد صدر مع ختام أعمال مؤتمر «بناء الجسور بين المذاهب الإسلامية» في شهر مارس (آذار) الماضي، برعاية خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، وبمشاركة واسعةٍ من كِبار المُفتين والعُلماء من مختلف المذاهب والطوائف الإسلامية من حولِ العالم. وتتكوّنُ من ثمانية وعشرين بنداً تُغطّي جميع محاور التنوع والاختلاف والتعدد بين المذاهب الإسلامية؛ معتمدةً في رُؤاها على الالتفاف حول هدي القرآن الكريم والسنة النبوية توحيداً للكلمة والعمل.

وثمّن الدكتور العيسى رعاية الملك سلمان، وولي العهد الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز، ودعمهما الكبير للمؤتمر، وما تَبذله السعودية من جهودٍ جليلةٍ في توحيد كلمة الأمّة، وتعزيز تضامُنها؛ انطلاقاً من دَورها الإسلامي الرِّيادي، وشَرَف خدمتها للحرمين الشريفين ورعاية قاصديهما.