عنايتي لـ«الشرق الأوسط»: رئيسي كلفني توثيق العلاقات مع السعودية

السفير العنزي قدم أوراق اعتماده لوزير الخارجية الإيراني

وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان يتسلم أوراق اعتماد السفير السعودي عبد الله بن سعود العنزي في طهران (رويترز)
وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان يتسلم أوراق اعتماد السفير السعودي عبد الله بن سعود العنزي في طهران (رويترز)
TT

عنايتي لـ«الشرق الأوسط»: رئيسي كلفني توثيق العلاقات مع السعودية

وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان يتسلم أوراق اعتماد السفير السعودي عبد الله بن سعود العنزي في طهران (رويترز)
وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان يتسلم أوراق اعتماد السفير السعودي عبد الله بن سعود العنزي في طهران (رويترز)

قال الدكتور علي رضا عنايتي، السفير الإيراني الجديد لدى السعودية، إنه سيعمل خلال الفترة المقبلة على توظيف كافة الجهود لتعزيز وتطوير العلاقات الثنائية بين طهران والرياض، مبيناً أن الجانبين لديهما العزم والإرادة الجادة لتنمية هذه العلاقات، وأن المستقبل واعد بإذن الله.

وأوضح عنايتي، في تصريحات خاصة لـ«الشرق الأوسط»، هي الأولى له منذ بدء ممارسة مهامه رسمياً في الرياض الأسبوع الماضي، أن الرئيس الإيراني الدكتور إبراهيم رئيسي حثّه خلال لقائه قبيل توجهه للسعودية، على توظيف كافة الجهود لتوثيق عرى الأخوة والصداقة بين إيران والسعودية، والمضي قدماً في تنمية العلاقات.

وصل الثلاثاء السفير الإيراني الجديد في الرياض علي رضا عنايتي لبدء مهامه رسمياً (إرنا)

وكان السفير عنايتي قد وصل الرياض الثلاثاء الماضي، 5 سبتمبر (أيلول). وفي اليوم نفسه، وصل نظيره السعودي عبد الله العنزي العاصمة الإيرانية طهران، وباشر السفيران مهامهما رسمياً، تنفيذاً لاتفاق استئناف العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، الذي وقّع في بكين برعاية صينية.

وأضاف الدكتور عنايتي: «في البدایة، أعبر عن سروري لتمثیل بلدي سفیراً لدی المملكة العربية السعودية، البلدان جاران وشقیقان ومؤثران في المنطقة والإقليم والعالم الإسلامي، وفي الوقت نفسه أريد التأكيد على ما حمّلني به السید الرئيس الدکتور إبراهیم رئيسي لدی لقائه، لتوظیف الجهود کافة لتوثیق عری الأخوة والصداقة بین الجمهوریة الإسلامية الإيرانية والمملكة العربية السعودية والمضي قدماً في تنمیة العلاقات».

ولفت السفير الإيراني إلى أن إيران تنظر إلى السعودية كشريك استراتيجي يحظى بأهمية كبرى، وقال: «نحن نری أن المملكة شريك استراتيجي یحظى بأهمية کبری، في إطار سياسة حسن الجوار التي تتبعها الحكومة الحالية».

وتابع: «ما تم تحقیقه خلال الأشهر الستة الماضية يبشر بالخیر والمستقبل الواعد، ولدينا العزم والإرادة الجادة نحو تنمية العلاقات الإيرانية السعودية، وقد لمسنا نفس الشعور لدی إخواننا نحو العلاقات السعودية الإيرانية».

وأشار الدكتور علي رضا عنايتي إلى أن ذلك يضع عليه «مسؤولية كبيرة أولاً في تطویر العلاقات البينية وتوطیدها، ومن ثم استخدامها لصالح الإقليم، بناء علی المصالح المشتركة والاحترام المتبادل والمسؤولية الجماعية».

وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان مستقبلاً نظيره الإيراني حسين أمير عبداللهيان في الرياض، 17 أغسطس (أ.ف.ب)

وكان وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان، أكد في تصريحات سابقة أن استئناف بعثات البلدين أعمالها، ومباشرة السفيرين مهامهما، خطوة أخرى لتطوير العلاقات بين البلدين، مشدداً على حرص الرياض على بحث سبل تفعيل الاتفاقيات السابقة مع طهران، خصوصاً تلك المتعلقة بالجوانب الأمنية والاقتصادية.

من جانبه، قال السفير السعودي لدى طهران عبد الله العنزي، فور وصوله الأسبوع الماضي، إن توجيهات القيادة السعودية تؤكد أهمية تعزيز العلاقات، وتكثيف التواصل واللقاءات بين البلدين، ونقلها نحو آفاق أرحب «لأن المملكة وإيران جارتان، وتمتلكان كثيراً من المقومات الاقتصادية والموارد الطبيعية والمزايا التي تسهم في تعزيز أوجه التنمية والرفاهية والاستقرار والأمن في المنطقة، بما يعود بالنفع المشترك على البلدين والشعبين الشقيقين».

ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان التقى وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان في جدة، 18 أغسطس 2023 (واس)

وقام وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان بزيارة رسمية للسعودية في أواخر أغسطس (آب) الماضي، التقى خلالها ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، كما عقد جلسة مباحثات رسمية مع نظيره السعودي الأمير فيصل بن فرحان، واتفق الوزيران خلال لقائهما على إطلاق مرحلة جديدة بين البلدين تتسم بتعزيز التعاون الثنائي، بما يخدم المصالح المشتركة والاحترام المتبادل، وكذا الأمن الإقليمي.

وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان يتسلم أوراق اعتماد السفير السعودي عبد الله بن سعود العنزي في طهران (رويترز)

على صعيد آخر، قدّم السفير السعودي عبد الله بن سعود العنزي أوراق اعتماده لوزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان، وكان السفير السعودي قد وصل إلى طهران الأسبوع الماضي، وقال إن توجيهات القيادة السعودية «تؤكد أهمية تعزيز العلاقات وتكثيف التواصل واللقاءات بين المملكة وإيران، ونقلها نحو آفاق أرحب».



السعودية: إقامة دولة فلسطين ليست مرتبطة بقبول الإسرائيليين

TT

السعودية: إقامة دولة فلسطين ليست مرتبطة بقبول الإسرائيليين

وزير الخارجية السعودية الأمير فيصل بن فرحان متحدثاً يوم الخميس خلال منتدى «مبادرة الاستثمار» بالرياض (رويترز)
وزير الخارجية السعودية الأمير فيصل بن فرحان متحدثاً يوم الخميس خلال منتدى «مبادرة الاستثمار» بالرياض (رويترز)

قال وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان، الخميس، إن التطبيع مع إسرائيل ليس مطروحاً على الطاولة قبل إيجاد حل لإقامة دولة فلسطينية، مشدداً على أنه «يجب تطبيق حل الدولتين وترجمته إلى خطوات ملموسة... وضمان حق الفلسطينيين في تقرير المصير».

وأكد الوزير بن فرحان خلال مشاركته الخميس، على هامش منتدى «مبادرة الاستثمار» في الرياض، أن «إقامة دولة فلسطينية ليست مرتبطة بما إذا كان الإسرائيليون يقبلون بذلك أم لا، لكنه مرتبط بقواعد ومبادئ القانون الدولي، وقرارات الأمم المتحدة».

وبعدما شدد وزير الخارجية السعودي على أن «فلسطين يجب أن تكون عضواً في الأمم المتحدة في أسرع وقت ممكن»، حذر من أن «أمن المنطقة على المحك إذا لم نعالج حقوق الفلسطينيين، ونجد طريقة للمضي قدماً نحو إقامة دولة فلسطينية».

وجدد وزير الخارجية السعودي التأكيد على موقف السعودية بأن «التطبيع مع إسرائيل ليس مطروحاً على طاولة التفاوض حتى نرى حل الدولة وإقامة الدولة الفلسطينية». وزاد: «ليس فقط التطبيع مع المملكة على المحك ولكن الوضع مع المنطقة كلها من ناحية التطبيع في خطر، إذا لم نجد حلاً ومساراً واضحاً لإقامة الدولة الفلسطينية».

وزير الخارجية السعودية الأمير فيصل بن فرحان متحدثاً يوم الخميس خلال منتدى «مبادرة الاستثمار» بالرياض (رويترز)

وبشأن مساعي التهدئة في غزة، قال بن فرحان إن «مفاوضات وقف إطلاق النار انهارت مراراً بسبب المطالب الجديدة من إسرائيل».

ووصف الاعتداءات الإسرائيلية في شمال قطاع غزة بأنها «شكل من أشكال الإبادة الجماعية التي تغذي دائرة العنف»، مشيراً إلى أن الهجوم الإسرائيلي على القطاع «أدى إلى كارثة إنسانية».

إيران

وفي السياق الإقليمي، قال الأمير فيصل إن العلاقات مع إيران تسير في الاتجاه الصحيح، رغم التعقيدات الإقليمية الجيوسياسية. وأضاف: «أجرينا محادثات صادقة وواضحة لنفهم نقاط بعضنا البعض، ونتأكد من عدم وجود سوء فهم، أعتقد بناء على ذلك الاتصال المباشر أننا سنكون قادرين ببطء على البناء باتجاه المزيد من الاستقرار والعلاقات القوية التي يمكنها أن تخدم مصالح ليس فقط دولتينا ولكن الاستقرار الإقليمي، ونقوم بذلك بتنسيق كبير مع حلفائنا في مجلس التعاون الخليجي».

ورأى وزير الخارجية السعودي أن طهران تدرك خطورة التصعيد في المنطقة وتفضل تجنبه، وقال: «أوضحت لنظيري الإيراني (عباس عراقجي) أنه من المهم أن نتجنب أي تصعيد آخر، وأشعر شخصياً أنهم يدركون خطر التصعيد ويفضلون تجنبه، لكن بالطبع لديهم حساباتهم الاستراتيجية التي تخصهم وعليهم أن يقوموا بها».

الأمير محمد بن سلمان لدى لقائه الوزير عباس عراقجي في الرياض يوم الأربعاء (واس)

وشرح الأمير فيصل أن من أسباب تباعد العلاقات مع إيران كان سلوكها الإقليمي الذي لم يكن مواتياً لتحقيق الاستقرار من المنظور السعودي، وقال: «كنا واضحين جداً في حواراتنا الصادقة والصريحة مع الإيرانيين كجزء من حوارنا في بكين، وأعتقد أننا نجري هذه الحوارات بطريقة تضمن سيرنا في الاتجاه الصحيح».

وأكد الوزير عدم صحة إجراء أي تمرينات مشتركة مع طهران، وقال: «ليس من المرجح أن تكون هنالك تمرينات عسكرية في الوقت القريب».

الخليج والتصعيد

وأوضح الأمير فيصل، أن السعودية تحديداً ودول الخليج بشكل عام قادرة على التعامل مع النزاعات الإقليمية بطريقة تسمح لها بمواصلة مسار التقدم والحفاظ على الأمن والاستقرار.

وأضاف: «تشاهدون الإنجازات والتقدم الكبير في رؤية 2030، حتى مع بعض الرياح المعادية أحياناً فيما يتعلق بالصراعات في المنطقة - وهذه إشارة إيجابية - استطعنا بناء نضج في الاقتصاد السعودي واقتصاد الخليج بما يسمح لنا أن نتحمل ونقف في وجه أي آثار جانبية من الأحداث الجيوسياسية».

واستبعد الوزير بن فرحان وجود أي غموض في السياسة الخارجية السعودية، مبيناً أن المملكة كانت واضحة جداً تجاه جميع القضايا، ومنها قضية غزة.

جانب من أعمال القمة الخليجية - الأوروبية في بروكسل (مجلس التعاون الخليجي)

وتابع: «في قضية غزة، طالبنا بوقف إطلاق النار منذ البداية، كنا واضحين فيما يتعلق بأحداث السابع من أكتوبر (تشرين الأول) المرعبة، وأن الرد المفرط من إسرائيل سيكون خطيراً، ورأينا رد فعلها وهجومها العسكري المستمر على غزة، الذي أدى إلى كوارث إنسانية (...) وسنواصل العمل لإيجاد طرق للخروج من الأزمة، نمارس سياسة خارجية واضحة جداً مبنية على التوجيهات الحكيمة الواضحة وعلى منظور ألا ننجر إلى مواجهة من أي شكل».

لبنان

وعبّر وزير الخارجية السعودية عن أمله في رؤية وقف لإطلاق النار في لبنان خلال الساعات المقبلة أو الوقت القريب، لكنه استدرك بالقول: «لست متأكداً إذا كانت هذه هي الحالة فعلاً ليس لدي التفاصيل، وربما لسنا جزءاً من المفاوضات المباشرة الجارية، لكن بالطبع ندعم جهود الولايات المتحدة التي تتطلع لإيجاد مسار لوقف إطلاق النار، آمل أن يتحقق ذلك، والأمر نفسه لغزة».

ونفى الأمير فيصل بن فرحان حدوث «فك ارتباط» بين السعودية ولبنان، لكنه شدد على أن «الأمر يعود للبنانيين في حل مشاكلهم السياسية».

وأكد الوزير أن المملكة لطالما كانت موجودة مع لبنان بشكل أو بآخر، وقال: «الأمر يرجع للبنانيين، أن يبحثوا ويسعوا لاتجاه يضع لبنان على المسار الصحيح، ليس ذلك راجعاً لأي تأثير خارجي، أو أي دولة أو قوة خارجية تخبرهم بما عليهم أن يقوموا به، أو أن تملي عليهم المسار السياسي في لبنان».

الدخان يتصاعد من جراء غارات إسرائيلية استهدفت بلدة الخيام جنوب لبنان (أ.ف.ب)

وفي رده على سؤال عما إذا كانت إيران تمارس ضغطاً على بعض الأطراف اللبنانية، أجاب بن فرحان بقوله: «آمل حقاً أن تفعل إيران مثلنا باتجاه نزع فتيل الأزمات في المنطقة وليس فقط لبنان، وهذا بالطبع تركيز حواري مع نظيري الإيراني، ما سمعته من الإيرانيين أنهم بالفعل يتجهون حقاً تجاه وقف دورة التصعيد، وأنه ليس في مصلحتهم، آمل أن يترجموا ذلك حقيقة إلى خطوات عملية».

وأضاف: «الطريقة الوحيدة لنزع فتيل التصعيد في المنطقة هو أن يتخذ الجميع قراراً واعياً، لأن المزيد من التصعيد خطر ويغامر بجميع الأطراف، وكذلك إسرائيل تحتاج إلى وقف التصعيد».

أميركا وانتخاباتها

وفي شأن العلاقات بواشنطن، جدد وزير الخارجية السعودي التأكيد على قوة ومتانة العلاقات بالولايات المتحدة الأميركية، مبيناً أن المملكة لديها «شراكة استراتيجية مهمة جداً ومفيدة من الناحية الاقتصادية والجيواستراتيجية مع أميركا لعقود طويلة، واليوم علاقات العمل بيننا من الأفضل على الإطلاق خاصة الأمن القومي والتعاون الاقتصادي تحرز تقدماً جيداً جداً».

وفي تعليقه بشأن الاتفاقيات التي يجري العمل عليها مع واشنطن، قال بن فرحان: «نعمل مع الولايات المتحدة في عدة أشياء بعضها يمكن أن ينجز سريعاً، والآخر ما زلنا نعمل عليه، خاصة ما يتعلق بالتجارة والذكاء الاصطناعي وغير ذلك، وهذا لا يرتبط بأي أطراف ثالثة».

وتابع: «ما يتعلق باتفاقيات التعاون الدفاعي، فربما تكون أكثر تعقيداً وبالطبع نرحب بأي فرصة لإبرامها قبل انتهاء مدة الإدارة الحالية، لكن هذا يعتمد على عوامل عدة أخرى بعضها خارج سيطرتنا، وفي النهاية إذا وصلنا لها فسيكون جيداً، وإذا لم نصل لها فما زالت ستبقى لدينا علاقات قوية للتعاون مع الولايات المتحدة».

المرشح الرئاسي الجمهوري والرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب والمرشحة الرئاسية الديمقراطية ونائبة الرئيس الأميركي كامالا هاريس (رويترز)

وأكد الأمير فيصل بن فرحان أن المملكة جاهزة «للعمل مع أيٍّ من الإدارتين، أو أحد المرشحين، الذي يثق فيه الشعب الأميركي». مبيناً أن الأمر «يرجع إليهم لتقرير من سيكون الرئيس التالي، قمنا بعمل جيد تاريخياً مع الإدارتين سواء الديمقراطية أو الجمهورية، وعملنا مع الرئيس (دونالد) ترمب سابقاً بشكل جيد، ولكن كذلك نعرف الفريق الذي يعمل حالياً مع إدارة بايدن، ونائبة الرئيس (كامالا) هاريس جزء من هذا الفريق، وكنا قادرين على بناء علاقات عمل قوية، لذلك لا توجد لدينا تفضيلات».