كيشيدا في جدة لتعزيز أمن الطاقة وتطوير العلاقات

رئيس الوزراء الياباني في زيارته الأولى للسعودية وسط توقعات بارتفاع مستوى التعاون الثنائي

وصل عدد الشركات اليابانية المسجلة في السعودية 101 شركة. صورة من استقبال رئيس الوزراء الياباني لدى وصوله إلى محافظة جدة الأحد (واس)
وصل عدد الشركات اليابانية المسجلة في السعودية 101 شركة. صورة من استقبال رئيس الوزراء الياباني لدى وصوله إلى محافظة جدة الأحد (واس)
TT

كيشيدا في جدة لتعزيز أمن الطاقة وتطوير العلاقات

وصل عدد الشركات اليابانية المسجلة في السعودية 101 شركة. صورة من استقبال رئيس الوزراء الياباني لدى وصوله إلى محافظة جدة الأحد (واس)
وصل عدد الشركات اليابانية المسجلة في السعودية 101 شركة. صورة من استقبال رئيس الوزراء الياباني لدى وصوله إلى محافظة جدة الأحد (واس)

وصل رئيس الوزراء الياباني فوميو كيشيدا، اليوم الأحد، إلى السعودية في زيارة رسمية هي الأولى من نوعها منذ توليه رئاسة الوزراء في أكتوبر (تشرين الأول) عام 2021، حاملاً عدداً من الأهداف أهمها تأمين إمدادات نفطية ثابتة إلى رابع أكبر مستورد للنفط في العالم، فضلاً على تعزيز أمن الطاقة، بجانب تطوير العلاقات الاقتصادية والتعاون مع السعودية، وفقاً لوسائل إعلام يابانية.

وتتمتّع زيارة كيشيدا بميزة خاصة، بينما تأتي بعد أشهر من مساعدة السعودية لليابان في إجلاء أكثر من 60 مواطناً يابانياً، خلال أزمة السودان الحالية، الأمر الذي قدرته عالياً الحكومة اليابانية.

خصوصيّة تاريخية

تحظى العلاقات الدبلوماسية السعودية ـ اليابانية بخصوصيّات كثيرة، إذ بدأت قبل نحو 7 عقود، عندما عُيّنت توسدا يوتاكا مفوضةً في السعودية، واتخذت السعودية خطوات إضافية عندما فتحت سفارتها في اليابان في العام نفسه، وعُين أسعد الفقيه سفيراً ومفوضاً سعودياً في اليابان عام 1957، وطلبت اللجنة اليابانية في السعودية الإذن بفتح سفارة في السعودية، وافتُتحت في عام 1958.

كما ظهر حرص البلدين على زيادة التعاون خلال العقود الماضية، من خلال قيام الراحل الملك فهد بن عبد العزيز، ورئيس الوزراء الياباني الأسبق ريوتارو هاشيموتو، بصياغة الشراكة الشاملة نحو القرن الحادي والعشرين، خلال زيارة هاشيموتو الأولى للسعودية في عام 1997.

وفي المقابل، أجرى الملك الراحل عبد الله بن عبد العزيز زيارةً إلى اليابان، عندما كان ولياً للعهد في عام 1998، ووقّع «أجندة التعاون السعودي الياباني» مع رئيس الوزراء الياباني الأسبق كييزو أوبوتشي، بالإضافة إلى ذلك زار وزير الخارجية الياباني الأسبق يوهي كونو السعودية في عام 2001، وأعلن خلال الزيارة عن مبادراته في ثلاثة مجالات: (تشجيع الحوار بين الحضارات مع العالم الإسلامي، وتطوير مصادر المياه، والحوار السياسي الواسع المتعدد).

قفزات تاريخية

حققت زيارة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز إلى اليابان في عام 2017، وكذلك زيارتا الأمير محمد بن سلمان ولي العهد رئيس مجلس الوزراء إلى اليابان في عامي 2016 و2019، قفزة نوعية في العلاقات التاريخية بين الرياض وطوكيو، خصوصاً أنها شهدت وضع حجر الأساس لشراكة متطورة بين البلدين، وتأسيس الفريق المشترك لـ«الرؤية السعودية - اليابانية 2030».

وأكدت المصادر نفسها أن العلاقات السعودية اليابانية شهدت تطوراً ونموّاً مطّرداً، تُوِّج في زيارة الملك سلمان بن عبد العزيز لليابان في 2017، بالتوقيع على المذكرة الرسمية «للرؤية السعودية - اليابانية 2030»، ضمن برنامج تعاون متكامل يضم 9 قطاعات، وتشارك في تنفيذه 65 جهة حكومية سعودية ويابانية.

تطوير موارد الأتربة النادرة

ومن المتوقع توقيع اتفاق بين الرياض وطوكيو على استثمار مشترك لتطوير «موارد الأتربة النادرة»، حيث ستساعد اليابان في تسريع تطوير الموارد التي يجري تعدينها في السعودية مثل النحاس والحديد والزنك، حيث أشارت مصادر صحافية يابانية، إلى أن رئيس الوزراء الياباني وولي العهد السعودي سيتفقان على استثمار لتطوير موارد الأتربة النادرة، وسط سعي البلدين إلى الاستثمارات المشتركة في مجال المعادن الأرضية النادرة.

وفي حديثٍ صحافي، أكد رئيس الوزراء الياباني فوميو كيشيدا أن «السعودية شريك استراتيجي مهم لبلاده، وستشهد هذه الشراكة توسّعاً ملحوظاً لتشمل قـطاعات عديدة ومتنوعة».

أرقام اقتصادية

بلغ حجم التبادل التجاري بين السعودية واليابان، خلال السنوات من (2017 – 2022) أكثر من 600 مليار ريال، بينما بلغ عام 2021 نحو 125 مليار ريال منها 102 مليار ريال صادرات سعودية لليابان، و23 مليار ريال واردات يابانية إلى السعودية، كما نما معدل التجارة خلال (2020 – 2021) بنسبة 49 في المائة، والصادرات بنسبة 46.7 في المائة، والواردات بنسبة 4.4 في المائة.

ووصل عدد الشركات اليابانية المسجلة في السعودية 101 شركة، منها 38 شركة بالمنطقة الشرقية و37 شركة بمنطقة الرياض و23 شركة بمنطقة مكة المكرمة، بإجمالي رأس مال في السجل التجاري بلغ نحو 4.749.706 مليون دولار، تنشط في قطاعات الصناعة التحويلية، والتشييد، والخدمات الإدارية، والمهنية والعلمية والتقنية، وتجارة الجملة والتجزئة، والمعلومات والاتصالات، بعدد موظفين بلغ 13878 موظفاً، ونسبة سعودة تقدر بـ57 في المائة.

بينما يبلغ عدد الشركات السعودية المستثمرة في اليابان 66 شركة تقريباً طبقاً لأرقام رسمية غير محدّثة، وقُدِّر حجم رأس المال الاستثماري السعودي في اليابان في عام 2020 بنحو 102.6 مليون دولار.

جانب من اجتماع سابق لمجلس الأعمال السعودي - الياباني المشترك (اتحاد الغرف التجارية السعودية)

تناغم في مشاريع الطاقة

يؤكّد البلدان بشكل مستمر دعمهما لاستقرار أسواق النفط العالمية، وتعد السعودية أكبر مصدر موثوق به للنفط الخام إلى اليابان، ويتعاون البلدان في مجال توليد الكهرباء باستخدام الهيدروجين والأمونيا، حيث صدّرت السعودية إلى اليابان في عام 2021 أول شحنة من «الأمونيا الزرقاء» على مستوى العالم.

وتعد «أرامكو السعودية» أكبر مورد للنفط إلى اليابان، إذ صدرت في عام 2021 قرابة 40 في المائة من إجمالي الواردات النفطية في اليابان، وقد أسست شركة «سابك» في اليابان، مكتباً لإدارة عمليات الشركة في طوكيو منذ عام 1994، كما يوجد لدى الشركة موقع تصنيعي واحد في «موكا»، ومركز تقني، وتتطلع الشركة لتعزيز الشراكة التقنية والبحثية بين البلدين.

«الرؤية السعودية - اليابانية 2030»

بدا لافتاً أن عام 2022 شهد تعاوناً استثمارياً مميّزاً بين السعودية واليابان تحقيقاً لمستهدفات «الرؤية السعودية - اليابانية 2030»، عبر ملتقيات ومنتديات استثمارية، نتج عنها تبادل 15 مذكرة تفاهم استثمارية بين الجانبين، وفي هذا الإطار تبرز الشراكة بين عملاق النفط السعودي «أرامكو» وشركة «سوميتومو» اليابانية، بوصفها أكبر استثمار ياباني في السعودية.

كما أسّست «أرامكو» مواقع تسليم استراتيجية في جزيرة «أوكيناوا» اليابانية، وتورد من خلالها المنتجات المكررة إلى أكثر من 6400 محطة في اليابان، وتمتلك حصص ملكية بنسبة 100 في المائة من شركة «أرامكو آسيا اليابان»، وتمتلك أيضاً حصص ملكية بنسبة 70 في المائة بشركة «إس إتش بي بي» اليابانية المحدودة، كما تمتلك حصص ملكية بنسبة 70 في المائة من أسهم شركة «سابك للبتروكيماويات اليابان المحدودة».

وتسلّط التطورات الحاصلة في السعودية الضوء على مساهمة «الرؤية السعودية اليابانية 2030» في تعزيز العلاقات الثقافية بين البلدين، وانعكس ذلك في إقامة فعاليات يابانية في السعودية وتعليم اللغة اليابانية، وافتتاح شركة «مانجا» السعودية مكتباً في طوكيو، وتوقيعها اتفاقيات ومذكرات تفاهم مع العديد من الشركات اليابانية، ومشاركة المملكة في معرض «أوساكا إكسبو في 2025»، بالنظر إلى أن السعودية تعدّ شريكاً ثقافياً لليابان، وتشارك في فعاليات ثقافية يابانية، أهمها «معرض طوكيو الدولي للكتاب»، الذي تشارك فيه منذ عام 2010 بوصفها ضيف شرف، عبر ندوات وأنشطة وعروض سعودية تقليدية، إضافة إلى الكتب، ومن أبرز الأنشطة الثقافية بين الدولتين إقامة الأسبوع الثقافي الياباني في أبريل (نيسان) 2017، الذي صاحبه إحياء فرقة أوركسترا فنية يابانية مكونة من 85 فرداً حفلاً موسيقياً كبيراً في «مركز الملك فهد الثقافي» في العاصمة السعودية الرياض.

تعزيز الثقافة اليابانية

جدير بالذكر أن العلاقات في المجالات الثقافية بين السعودية واليابان، عزّزت الحضور الياباني في الوسط السعودي الذي تمثل في إقامة فعاليات يابانية مثل «قرى الأنمي» في المواسم، واستضافة عدد من الفنانين والفنانات من اليابان، وشهدت المملكة لأول مرة إجراء اختبارات الكفاءة في اللغة اليابانية JLPT بجامعة الملك سعود في الرياض كأحد أوجه الاهتمام بالثقافة اليابانية.



السعودية تؤكد على التعاون السلمي لتحقيق الأمن العالمي

السفير عبد المحسن بن خثيلة يتحدث خلال مؤتمر مراجعة معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية (البعثة السعودية بجنيف)
السفير عبد المحسن بن خثيلة يتحدث خلال مؤتمر مراجعة معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية (البعثة السعودية بجنيف)
TT

السعودية تؤكد على التعاون السلمي لتحقيق الأمن العالمي

السفير عبد المحسن بن خثيلة يتحدث خلال مؤتمر مراجعة معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية (البعثة السعودية بجنيف)
السفير عبد المحسن بن خثيلة يتحدث خلال مؤتمر مراجعة معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية (البعثة السعودية بجنيف)

أكدت السعودية على التعاون الدولي السلمي كوسيلة لتحقيق الازدهار والاستقرار والأمن العالمي، مشددة على أهمية معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية، وضرورة تنفيذها بشكل كامل لتحقيق عالم خالٍ منها.

جاء ذلك في بيان ألقاه السفير عبد المحسن بن خثيلة، المندوب السعودي الدائم لدى الأمم المتحدة والمنظمات الدولية بجنيف خلال أعمال اللجنة التحضيرية الثانية لـ«مؤتمر مراجعة معاهدة عدم الانتشار»، حيث دعا بن خثيلة إلى بذل جهود دولية أكثر فاعلية لتحقيق أهداف هذه المعاهدة وعالميتها، حاثاً الدول غير الأطراف على الانضمام إليها، وإخضاع جميع منشآتها النووية للضمانات الشاملة للوكالة الدولية للطاقة الذرية.

وشدد على ضرورة وفاء الدول المسلحة نووياً بالتزاماتها بموجب المادة السادسة من المعاهدة، وأن الطريقة الوحيدة لضمان عدم استخدام تلك الأسلحة هي القضاء التام عليها، والحفاظ على التوازن بين الركائز الثلاث للمعاهدة، ومصداقيتها في تحقيق أهدافها، منوهاً بدعم السعودية للوكالة؛ لدورها الحاسم في التحقق من الطبيعة السلمية للبرامج النووية.

جانب من مشاركة السفير عبد المحسن بن خثيلة في افتتاح أعمال المؤتمر (البعثة السعودية بجنيف)

وأكد بن خثيلة الحق في الاستخدام السلمي للتكنولوجيا النووية بموجب المادة الرابعة من المعاهدة، مع الالتزام بأعلى معايير الشفافية والموثوقية في سياستها الوطنية ذات الصلة وأهمية التنمية الاقتصادية، داعياً جميع الأطراف للتعاون من أجل تعزيز الاستخدام السلمي لصالح التنمية والرفاه العالميين.

وبيّن أن المسؤولية عن جعل الشرق الأوسط منطقة خالية من الأسلحة النووية تقع على عاتق المجتمع الدولي، خاصة مقدمي قرار عام 1995 بشأن المنطقة.

وأدان السفير السعودي التصريحات التحريضية والتهديدات التي أطلقها مؤخراً أحد أعضاء الحكومة الإسرائيلية بشأن استخدام تلك الأسلحة ضد الفلسطينيين، عادّها انتهاكاً للقانون الدولي، وتهديداً للسلم والأمن العالميين.

ودعا إلى تكثيف التعاون بين الأطراف في المعاهدة لتحقيق نتائج إيجابية في «مؤتمر المراجعة» المقبل لعام 2026، بهدف تحقيق عالم آمن وخالٍ من الأسلحة النووية.