تزامناً مع أداء نحو مليوني حاج مناسك الركن الخامس من الإسلام، ترصد «الشرق الأوسط» سلسلة عمليات العمارات وعمليات التوسعة التي شهدها المسجد الحرام قبل العهد السعودي.
بعد أن فتح النبي - صلى الله عليه وسلم - مكة عام 8هـ - 629م، أمر بإزالة الأصنام كما قام بكسوة الكعبة وتطييبها، ولكنه لم يدخِل أي تعديلات على عمارة الكعبة وما حولها. وبدأت أولى التوسعات للمسجد الحرام في عهد الخليفة عمر بن الخطاب في عام 17هـ - 638م، حين قدِم إلى مكة ورأى حاجة المسجد إلى التوسعة، وقام بشراء الدُّور المحيطة وأضاف مساحتها التي بلغت (1400 متر مربع تقريباً) إلى المسجد. وفي عام 26هـ - 646م، أمر الخليفة عثمان بن عفان، بتوسعة المسجد وأحاط المطاف من جميع جهاته بظلة (رواق) ليستظل بها المصلون من حرارة الشمس. ثم جاءت توسعات أخرى في زمن عبد الله بن الزبير عام 65هـ - 684م، والوليد بن عبد الملك عام 91هـ - 709م، والخليفة العباسي أبو جعفر المنصور عام 137هـ - 754م. أما أكبر التوسعات في عهد الدولة العباسية فكانت في زمن الخليفة المهدي، وشهد المسجد الحرام توسعتين للمهدي الأولى عام 160هـ – 776م وكانت تلك التوسعة في الجهات الشرقية والغربية والشمالية من المسجد وجلب له أساطين الرخام من مصر والشام، وبعض هذه الأعمدة وتيجانها يعود تاريخها إلى حضارات قديمة كالرومانية والإغريقية. وجاءت بعدها توسعتان أو زيادتان محدودتان، الأولى في زمن الخليفة العباسي المعتضد عام 281هـ - 894م، والثانية في زمن الخليفة المقتدر عام 306هـ – 918م. ومنذ ذلك التاريخ ولأكثر من ألف عام لم يزد في مساحة المسجد الحرام أي زيادة حتى جاء العهد السعودي.
هناك تبريرات كثيرة تساق لذلك، لكنني أرى أن أكثر الخلفاء الذين وسّعوا المسجد الحرام أدركوا الحاجة إلى التوسعة في أثناء أدائهم الحج أو العمرة، حيث وقفوا بأنفسهم على ما يتطلبه المسجد الحرام من زيادة؛ بينما معظم الولاة والسلاطين في الدول المتعاقبة بعد ذلك لم يحجّوا أو يزوروا مكة ليروا حال المسجد الحرام وكانوا يعتمدون على ما يرفع لهم من تقارير أو طلبات.