تصاعدت أزمة الأرض المخصصة لنادي الزمالك المصري في منطقة السادس من أكتوبر لإنشاء فرع جديد للنادي، حيث أصدرت وزارة الشباب والرياضة بياناً أكدت فيه ضرورة الحفاظ على استقرار النادي، فيما تحقق النيابة العامة في بلاغات بخصوص هذه الأزمة تحمل شبهة إهدار للمال العام.
وكان نادي الزمالك حصل على قطعة أرض بحدائق أكتوبر (غرب القاهرة) قبل أكثر من عقدين ولم يقم بتنفيذ أي أعمال بها، وقررت الحكومة سحب قطعة الأرض من النادي وإعادة تخصيصها في أعمال أخرى مع استنفاد إدارة النادي المهل الممنوحة لتنفيذ الإنشاءات.
وقالت النيابة العامة في بيان (الأحد) إنها تباشر التحقيق في بلاغات اتهمت النادي بأنه أقدم وقبل صدور موافقة الرئاسة أو استخراج تراخيص البناء على بيع أجزاء من المباني قبل إنشائها لجهات رسمية تعد أموالها من الأموال العامة، ولا يرتبط نشاطها بالنشاط الرياضي للنادي، متحصلاً على مبالغ قدرت بنحو 780 مليون جنيه (الدولار يساوي 47.45 جنيه في البنوك).
وأكدت النيابة أنه يجري حالياً فحص أوجه إنفاق المبالغ المتحصلة، بما يثير شبهة إهدار المال العام، مع ندب لجنة من خبراء «إدارة الكسب غير المشروع» و«الأموال العامة» لفحص الوقائع محل التحقيق، على أن تعلَن نتائج أعمال اللجنة فور ورود تقريرها.
وجاء بيان النيابة العامة بعد وقت قصير من بيان رسمي صدر عن مجلس إدارة نادي الزمالك، مناشداً الرئيس بالتدخل مع إعلان رفض المجلس لمقترح الحصول على أرض بديلة للأرض المسحوبة من النادي، مؤكداً رفض قرار سحب الأرض مع التمسك باستعادتها واستكمال إنشاء الفرع.
وأصدرت وزارة الشباب والرياضة، الاثنين، بياناً أكدت خلاله حرصها الكامل على السعي منذ البداية في الحفاظ على استقرار نادي الزمالك نحو العمل على إيجاد حلول قانونية ومستدامة لتجاوز هذا الأمر بما يحقق المصلحة العامة، وبما يضمن استقرار النادي ويحفظ حقوقه ومقدراته، وذلك في إطار القوانين واللوائح المنظمة وبالتنسيق مع كل مؤسسات الدولة.
وشددت الوزارة على عدم الإدلاء بأي تصريحات أو اتخاذ إجراءات في هذا الشأن إلا بعد انتهاء النيابة العامة من أعمالها، التزاماً منها باحترام القانون وسرية التحقيقات.
وحصل النادي على قطعة الأرض عام 2003 لكن جرى سحبها أكثر من مرة بسبب عدم جدية التنفيذ والالتزام بشروط التخصيص، وكان آخر قرار للسحب عام 2020 وحصل النادي على مهلة انتهت في أبريل (نيسان) 2024 للانتهاء من الأعمال الإنشائية لكن ما جرى الانتهاء منه وفق معاينة من «هيئة المجتمعات العمرانية» أظهر أن نسبة التنفيذ لم تتجاوز 2 في المائة، وفق بيان النيابة العامة.
وكانت وزارة «الإسكان» قد أعلنت في أغسطس (آب) الماضي سحب قطعة الأرض المخصصة للفرع الثاني للنادي على خلفية عدم تنفيذ المنشآت المتفق عليها وبناءً على انتهاء المهلة الزمنية التي منحها الرئيس السيسي للنادي في 2021 لاستكمال أعمال البناء.
وقال عضو مجلس إدارة الزمالك أحمد سليمان، في تدوينة عبر حسابه على «فيسبوك»، إن مجلس الإدارة مستعد للمحاسبة على أي خطأ والمثول أمام أي جهة لتحمل مسؤوليته مطالباً بـ«الحفاظ على كيان نادي الزمالك وتاريخه».
وأكد عضو لجنة «الشباب والرياضة» بمجلس النواب (البرلمان) ضياء الدين بصل لـ«الشرق الأوسط»، أن أزمة النادي لم تطرح داخل البرلمان بسبب عدم إحالتها من أي جهة بالإضافة إلى تفاقمها خلال فترة الإجازة البرلمانية وانشغال المجلس في الوقت الحالي بالانتخابات، مشيراً إلى أن البرلمان لا يملك آلية فعلية للتدخل في الأمر.
وأضاف أن حل الأزمة سيكون عبر الحكومة في المقام الأول ممثلة في مجلس الوزراء الذي وافق على سحب قرار تخصيص الأرض ويمكن أن يعيدها ويسمح بإطالة فترة تنفيذ الإنشاءات التي لم يتم الانتهاء منها حتى الآن، لافتاً إلى أن تدخل رئيس الجمهورية أو رئيس الحكومة سيكون الحل الواقعي للأزمة الحالية.
فيما قال المحامي المصري محمد عبد الراضي لـ«الشرق الأوسط»، إن التحقيقات التي تجريها النيابة العامة بحسب البيان الذي أصدرته مرتبطة بأوجه إنفاق الأموال التي جرى الحصول عليها باعتبار أن الشركات التي دفعت هذه الأموال شركات حكومية، مشيراً إلى أن «تبديد مجلس الإدارة لهذه الأموال والحصول عليها مقابل بيع أو تأجير ما لم يصدر قرار بإنشائه مخالفة قانونية واضحة».
وأوضح أنه «في حال ثبوت وجود مخالفات مالية يتم تجميد المجلس وتشكيل لجنة مؤقتة لإدارة النادي»، لافتاً إلى أن تحرك الوزارة رسمياً لن يكون إلا بعد صدور بيان نهائي من النيابة، مشيراً إلى أن «الموضوع الآن لم يعد الاحتفاظ بالأرض من عدمه فحسب ولكن تشعب لأمور أخرى أكثر تعقيداً من الناحية القانونية»، على حد تعبيره.