أعاد الحكم بحبس لاعب كرة القدم المصري الدولي، رمضان صبحي، مشهد أزمات لاعبين مصريين في ساحات القضاء إلى الواجهة، بعد أن شهدت السنوات الماضية توالي القضايا التي وضعت أسماء بارزة منهم في مواقف ومواجهات قانونية حرجة، تراوحت بين نزاعات مالية إلى اتهامات جنائية.
وأصدرت محكمة جنايات مصرية، (السبت)، حكماً بالتحفظ على رمضان صبحي، وحبسه حتى موعد الجلسة المقبلة يوم الثلاثاء، على خلفية اتهامه بـ«الضلوع في وقائع انتحال صفة وتزوير محررات رسمية».
وكان رمضان صبحي قد اتُّهم في شهر مايو (أيار) الماضي بقيام فرد آخر بأداء الامتحان في أحد المعاهد الخاصة بمنطقة أبو النمرس (بمحافظة الجيزة) بدلاً منه. وفي يوليو (تموز) الماضي، ألقت الأجهزة الأمنية في مطار القاهرة الدولي القبض على اللاعب أثناء عودته من تركيا، عقب انتهاء معسكر إعداد فريقه استعداداً للموسم الجديد، تنفيذاً لقرار قضائي بـ«ضبطه وإحضاره» صادر عن النيابة العامة.
ولمع رمضان صبحي في صفوف الأهلي المصري بعد أن انضم للفريق الأول في موسم 2013 - 2014، قبل أن ينتقل إلى صفوف ستوك سيتي الإنجليزي صيف 2016، ومنه إلى هيدرسفيلد الإنجليزي، ثم العودة للأهلي معاراً لمدة 6 أشهر موسم 2018 - 2019، قبل الانضمام لنادي بيراميدز عام 2020.
وقبل صبحي، شهدت ساحات المحاكم المصرية تداول قضية لاعب الزمالك والمنتخب المصري، أحمد فتوح، الذي تعرّض للحبس بعد أن تسبب في قتل أحد أفراد الشرطة، في أثناء قيادته سيارته بالساحل الشمالي المصري في أغسطس (آب) 2024، وذكرت تحقيقات النيابة أن فتوح كان يقود السيارة تحت تأثير المخدر، وتم حبس اللاعب حتى وافقت عائلة الضحية على التصالح.

وتعرّض إمام عاشور، لاعب الأهلي، للحكم بالحبس لمدة 6 أشهر على خلفية واقعة التعدي على فرد أمن داخل أحد المراكز التجارية بالجيزة خلال العام الماضي، وانتهت الأزمة بالتصالح، بعد توصل الطرفين لاتفاق يقضي بدفع اللاعب تعويضاً للمتضرر.
ودخل إبراهيم سعيد، لاعب الأهلي والزمالك السابق، في دائرة الأزمات القانونية، حيث تم القبض عليه لتنفيذ حكم قضائي متعلق بنزاع مع طليقته، التي اتهمته لاحقاً عقب تصاعد الخلافات بينهما بسرقة مبلغ مالي.

كما تعرّض ثلاثة من فريق نادي الزمالك المصري (نبيل عماد دونجا، ومصطفى شلبي، وعبد الواحد السيد) للحبس عقب مباراة نصف نهائي السوبر المصري 2024 التي أقيمت بين الزمالك وبيراميدز في دولة الإمارات، وشهدت المباراة اعتداء اللاعبين على فرد أمن بالملعب، لتقرر محكمة أبوظبي معاقبتهم بالحبس والغرامة، قبل صدور قرار عفو رئاسي عن اللاعبين.
أما لاعب منتخب مصر السابق علي غزال، فينتظر أولى جلسات محاكمته في اتهامه بالنصب والاستيلاء على أموال رجل أعمال، بينما كان صدر ضده 26 حكماً غيابياً في قضايا تبديد وإيصالات أمانة وإصدار شيكات من دون رصيد.
وانتقلت واقعة اعتداء حسين الشحات، لاعب الأهلي، على اللاعب المغربي محمد الشيبي، لاعب بيراميدز، خلال مواجهة بين الفريقين، إلى ساحات القضاء، ما أدى لصدور حكم بحبس الشحات عاماً مع إيقاف التنفيذ لمدة 3 سنوات، إلى جانب تعويض مدني يصل إلى 100 ألف جنيه، كما تم رفض الاستئناف المقدم منه لاحقاً، وتأييد الحكم.
أما إسلام جابر، لاعب الزمالك السابق، فحكم عليه بالسجن سنة مع الشغل والنفاذ في عام 2024 في اتهامه بسرقة عقد زواج عرفي من سيدة اتهمته بإنكار زواجهما ونسب طفلهما.

وفي عام 2019، تورّط عمرو فهيم، لاعب الإسماعيلي السابق، في مشاجرة مع جيرانه، شهدت إطلاق أعيرة نارية، ليتم حبسه على ذمة التحقيقات.
وواجه أحمد السيد، لاعب الأهلي السابق، في عام 2008، اتهامات تتعلق بقضية رشوة، لتسهيل الاستيلاء على قطعة أرض، ليخضع للتحقيقات ويبقى قيد الحبس لفترة على ذمة القضية.
من جانبه، قال الناقد الرياضي المصري إسلام البشبيشي لـ«الشرق الأوسط»، إن «تكرار هذه القضايا يؤثر بالسلب على صورة الكرة المصرية واللاعب المصري في الخارج، فأي نادٍ أوروبي عند ملاحظة تكرار المشكلات الانضباطية أو التصرفات غير المألوفة المرتبطة باللاعبين المصريين، فمن الطبيعي أن يتراجع اعتماده عليهم، وأن يخشى المغامرة بالتعاقد معهم، فالسمعة تُبنى بصعوبة بالغة وتنهار في لحظة واحدة».
وأضاف البشبيشي: «عندما تصل القصة إلى الحد الذي رأيناه مع قضية لاعب بحجم رمضان صبحي، يصبح التأثير مضاعفاً وكارثياً، وهنا نتذكر سخرية البعض من مصطلح (العقلية) (Mentality) الذي طرحه محمد صلاح سابقاً، لكن الحقيقة الثابتة هي أن كرة القدم تعتمد على العقل قبل أن تكون موهبة، وهذا هو الفارق الجوهري بين لاعب يمتلك عقلية تُعلي من شأنه، ولاعب تقوده عقليته إلى السجن».
بدورها، توضح داليا الحزاوي، الخبيرة النفسية والاجتماعية، لـ«الشرق الأوسط»، أن «تكرار تورط بعض نجوم الكرة المصرية في وقائع قانونية يترك أثراً سلبياً كبيراً على الشباب والمراهقين، الذين يعدون هؤلاء اللاعبين قدوة لهم، لذا على اللاعبين أن يدركوا حجم مسؤوليتهم المجتمعية، وأن وجودهم تحت الأضواء يتطلب منهم قدراً عالياً من الالتزام والانضباط».
ودعت الحزاوي الأندية والمؤسسات الرياضية إلى وضع برامج للتربية السلوكية ضمن منظومة إعداد اللاعبين، لافتة إلى أن «واقعة رمضان صبحي تؤكد أن الشهرة لا تحمي من المُساءلة، وأن الالتزام بالسلوك القويم هو جزء لا يتجزأ من النجاح الحقيقي لأي لاعب».

