النجمة اللبناني... إصرار على «كأس التحدي» رغم أهوال الحرب

الزعني لـ «الشرق الأوسط»: كرة القدم ما زالت تمنحنا «فسحة أمل»

النجمة اللبناني أصر على المشاركة في كأس التحدي الآسيوي رغم الظروف الصعبة (الشرق الأوسط)
النجمة اللبناني أصر على المشاركة في كأس التحدي الآسيوي رغم الظروف الصعبة (الشرق الأوسط)
TT

النجمة اللبناني... إصرار على «كأس التحدي» رغم أهوال الحرب

النجمة اللبناني أصر على المشاركة في كأس التحدي الآسيوي رغم الظروف الصعبة (الشرق الأوسط)
النجمة اللبناني أصر على المشاركة في كأس التحدي الآسيوي رغم الظروف الصعبة (الشرق الأوسط)

رغم مآسي الحرب والظروف الأمنية الصعبة التي يعيشها لبنان، ما زال الأمل حاضراً في الرياضة اللبنانية، إذ يقاتل نادي النجمة اللبناني لتمثيل الوطن في المحافل الدولية في وجود العديد من التحديات التي تواجهه.

وعكس قرار إلغاء مشاركة المنتخب في البطولة الودية بفيتنام، التي كانت تعدُّ مرحلةً تحضيريةً مهمةً لكأس آسيا 2027، وكذلك إلغاء مشاركة منتخب الناشئين دون 17 عاماً في التصفيات الآسيوية لأسباب تتراوح بين رفض الأهالي وصعوبات السفر، حجم الضغوط التي تواجهها الرياضة اللبنانية.

أمام كل ذلك اتخذ نادي النجمة قراراً جريئاً بالمشاركة في كأس التحدي الآسيوي المقررة في بوتان نهاية الشهر الحالي، رافعاً اسم لبنان وسط أجواء متوترة.

 كرة القدم مازالت تمنح فسحة من الأمل لإسعاد الناس (الشرق الأوسط)

وتقام منافسات دور المجموعات بنظام الدوري المجزأ من مرحلة واحدة، وذلك عبر التجمع في دولة واحدة، خلال الفترة من 26 أكتوبر (تشرين الأول) ولغاية 2 نوفمبر (تشرين الثاني)، ووقع فريق النجمة اللبناني في المجموعة الأولى إلى جانب إيست بنغال (الهند)، وباشوندارا كينغز (بنغلاديش)، بارو (بوتان المستضيف).

وبالرغم من الظروف القاسية، لم تتوقف تدريبات فريق النجمة، ويستمر الفريق في التمارين اليومية على «ملعب الصفاء» في بيروت، ورغم غياب مديره الفني الصربي دراغان يوفانوفيتش، الموجود في بلاده، إلا أن هناك شكوك حول التحاقه ببعثة الفريق في قطر.

كما سيلتحق اللاعب بلال صباغ أيضاً بالبعثة في قطر قادماً من النرويج، حيث كان يقيم مع عائلته منذ بداية الحرب، إلى جانب اللاعبين الأجانب الثلاثة من غانا الذين سينضمون إلى الفريق في قطر قبل التوجه إلى بوتان.

وهناك احتمال ألا يعود اللاعبون الأجانب إلى لبنان بسبب عدم وضوح مصير الدوري المحلي.

رئيس نادي النجمة، مازن الزعني، أشار في تصريحاته لـ«الشرق الأوسط» إلى أن المشاركة في البطولة ليست خياراً بل واجب، قائلاً: «القرار مفروض علينا، وعلينا المشاركة باسم لبنان. المشكلة الأساسية اليوم تكمن في السفر، لأن الرحلات محدودة. اللاعبون مستعدون للسفر وترك عائلاتهم خلفهم فقط لتمثيل لبنان ورفع علمه في الخارج، ولإظهار أن هناك فسحةَ أمل لم نفقدها في الرياضة أو كرة القدم أو الإنجازات. إن شاء الله سنسعد جمهورنا».

وأوضح الزعني أن الاستعدادات للسفر كانت مرهقة، قائلاً: «عملية الحجز كانت مجهوداً كبيراً، وأود أن أشكر الاتحاد اللبناني لكرة القدم على مساعدته لنا في تأمين معسكر في قطر بالتنسيق مع الاتحاد القطري قبل التوجه إلى بوتان. هذا بحد ذاته إنجاز. نحن الآن نحاول مع شركة الطيران (ميدل إيست) تأمين رحلة يوم 18 أو 19 الشهر الحالي، وإن شاء الله تسير الأمور كما نأمل».

وأكد الزعني أن اللاعبين على أتم الجهوزية للسفر، مشدداً على أن «أحداً لم يعترض على السفر، وكل من يستطيع الذهاب سيلبي النداء. اللاعبون الأجانب معنا لأن لدينا استحقاقاً آسيوياً مهماً، ونأمل تحقيق نتيجة جيدة لأن فريقنا يعد من أفضل الفرق في الدوري اللبناني بلاعبيه المحليين والأجانب. التدريبات مستمرة بشكل يومي على (ملعب الصفاء)، ولم تتوقف رغم الظروف الأمنية».

وقال رئيس نادي النجمة إن إلغاء مشاركة المنتخبات الخارجية بسبب الظروف القاهرة زاد من عزيمة الفريق، مؤكداً: «إلغاء المنتخبات الخارجية أعطانا دفعاً إضافياً، وزادنا إصراراً على تمثيل لبنان ورفع اسمه، وإدخال الفرحة على قلوب شعبنا رغم كل الصعوبات».

وتحدث الزعني عن إمكانية عودة الدوري، مشيراً إلى أن الحديث عن الموضوع لا يزال مبكراً «إذا استطعنا الاستمرار في الدوري، سنكمل. لكن هناك أندية في الجنوب تردد أنها لن تكمل الموسم، وهذا أمر مؤسف. إذا لم تشارك العديد من الفرق، لا يمكننا الاستمرار بأربع أو خمس فرق فقط. الأمور صعبة، ونحن نعيش كل يوم بيومه، وسنرى ما سيحدث».

وختم الزعني برسالة مؤثرة للجماهير، قائلاً: «قلوبنا معكم وحزننا واحد. نحن نسعى لإدخال الفرحة إلى قلوبكم رغم الألم الذي نعيشه يومياً. إذا حققنا ما نطمح إليه، ستكون فرحتكم أكبر وستعوض قليلاً عن المعاناة التي نعيشها جميعاً».

وشارك نادي النجمة في بطولة كأس الاتحاد الآسيوي 11 مرة، وكان آخرها في الموسم الماضي. وفي هذا الموسم، يسجل الفريق مشاركته الأولى في كأس التحدي الآسيوي، وهي البطولة الجديدة التي أطلقها الاتحاد الآسيوي مؤخراً. وكانت أفضل مشاركات النجمة في عام 2005، عندما وصل إلى نهائي كأس الاتحاد الآسيوي لكنه خسر أمام الفيصلي الأردني في المباراة النهائية 3-2.


مقالات ذات صلة

إنريكي: الانتصارات في الدوري الفرنسي لا تكفي للفوز بـ«أبطال أوروبا»

رياضة عالمية لويس إنريكي (رويترز)

إنريكي: الانتصارات في الدوري الفرنسي لا تكفي للفوز بـ«أبطال أوروبا»

حافظ باريس سان جيرمان على سجله الخالي من الهزائم في دوري الدرجة الأولى الفرنسي لكرة القدم بفوزه 3-صفر على تولوز أمس (الجمعة).

رياضة عالمية رفع بوسطن رصيده إلى 13 فوزاً مقابل 3 خسارات في وصافة المنطقة الشرقية (رويترز)

«إن بي إيه»: فوز صعب لحامل اللقب... ووريرز إلى ربع نهائي الكأس

سجل جايلن براون 31 نقطة و11 متابعة وقاد بوسطن سلتيكس حامل اللقب إلى فوز صعب على مضيفه واشنطن ويزاردز 108-96، الجمعة في دوري كرة السلة الأميركي للمحترفين.

«الشرق الأوسط» (لوس انجليس)
رياضة عالمية تأهلت هولندا بفضل انتصار بوتيك فان دي زاندسخولب وتالون غريكسبور (رويترز)

هولندا تهزم ألمانيا… وتتأهل لنهائي كأس ديفيز لأول مرة

حققت هولندا إنجازا تاريخيا بالتأهل لنهائي كأس ديفيز للتنس لأول مرة في تاريخها بتغلبها 2-صفر على ألمانيا في قبل النهائي اليوم الجمعة.

«الشرق الأوسط» (ملقة)
رياضة سعودية الأمير عبد الله بن فهد خلال تتويج الفائزين (الشرق الأوسط)

بيتندورف «سوبر» نهائي الرياض لقفز الحواجز

توّج الفارس فيكتور بيتندورف بطلاً لنهائي الرياض في منافسات الفردي ضمن التصفيات النهائية لبطولة لونجين العالمية لقفز الحواجز.

لولوة العنقري (الرياض ) منيرة السعيدان (الرياض )
رياضة سعودية ماكغريغور لدى خروجه من قاعة المحكمة (رويترز)

بعد 6 سنوات من الحادثة... المحكمة تعلنها: ماكغريغور معتدٍ جنسي

خلصت هيئة محلفين إلى أن الآيرلندي كونور ماكغريغور البطل السابق للفنون القتالية المختلطة اعتدى جنسياً على امرأة في حفل بدبلن في 2018 وألزمته بدفع تعويض لها.

«الشرق الأوسط» (دبلن)

سيلين حيدر... أيقونة منتخب لبنان التي دفعت ضريبة الحرب

TT

سيلين حيدر... أيقونة منتخب لبنان التي دفعت ضريبة الحرب

الفتاة الطموح كانت تقترب من أن تمثل لبنان في منتخبه الوطني وتخوض أولى مبارياتها (أ.ف.ب)
الفتاة الطموح كانت تقترب من أن تمثل لبنان في منتخبه الوطني وتخوض أولى مبارياتها (أ.ف.ب)

سيلين حيدر، لاعبة منتخب لبنان للشابات وقائدة فريق أكاديمية بيروت، قصة رياضية شابة خطفتها أقدار الحرب من ملاعبها إلى سرير المستشفى. في لحظة واحدة، تحوَّل حلم اللاعبة التي تعشق الحياة وتعيش من أجل كرة القدم إلى صراع مرير مع إصابة خطيرة في الرأس، نتيجة قصف إسرائيلي استهدف منطقة الشياح، مكان إقامتها.

سيلين ليست فقط لاعبة موهوبة، هي ابنة الوطن الذي دفعها لتحمل مسؤوليات أكبر من عمرها، وهي مَن رفعت راية لبنان في بطولات غرب آسيا، وحملت معها طموحات جيل يؤمن بأن الرياضة أداة تغيير، لا ضحية للظروف. أصابتها شظايا الحديد التي اخترقت سلام بيتها، لكن صوت والدتها، سناء شحرور، لا يزال يردد: «ابنتي بطلة، ستعود لتقف وتكمل حلمها».

 

والدة سيلين حيدر تمنى نفسها بسلامة ابنتها (الشرق الأوسط)

 

وسط الألم، تقف عائلتها وزملاؤها ومدربوها كتفاً بكتف، يعزفون لحن الأمل. من كلمات صديقاتها عن شخصيتها الحنونة وضحكتها التي لم تفارق وجهها، إلى حملات الدعم التي نظمها زملاؤها في الفريق، الكل يترقب اللحظة التي تستيقظ فيها سيلين لتُكمل رحلتها، ليس فقط على أرض الملعب، بل في الحياة نفسها.

في ظل ظروفٍ مأساوية، تسرد والدتها، سناء شحرور، تفاصيل لحظة لا تُنسى، لحظة اختلط فيها الخوف بالأمل. رسالة بسيطة من سيلين تطلب وجبتها المفضلة تحولت إلى كابوسٍ بعد دقائق، عندما أُصيبت إثر تطاير شظايا الحديد. وبينما كانت الأم تمني نفسها بتحضير الطعام، وجدت نفسها تواجه الحقيقة المُرّة في المستشفى في قسم العناية الفائقة.

 

عباس حيدر والد اللاعبة سيلين (الشرق الأوسط)

القصة بدأت عندما اضطرت عائلتها للنزوح من منزلهم بسبب الحرب، في حين بقيت سيلين وحدها في المنزل لتكمل دراستها الجامعية، بعد قرار وزير التربية اللبناني عباس الحلبي باستكمال التعليم، رغم الحرب. وفي إحدى الليالي، أرسلت سيلين رسالة لوالدتها عبر تطبيق «واتساب»، تطلب منها إعداد وجبتها المفضلة. بضحكة خفيفة، ردَّت الأم: «وجهك فقري، سأقوم بإعدادها لك». دقائق بعد ذلك، تلقت الأم اتصالاً غيّر حياتها؛ الرقم الغريب على الهاتف أخبرها بأن ابنتها تعرضت لإصابة في الرأس.

جمع من أصدقاء اللاعبة يلتفون في المستشفى الذي ترقد فيه (الشرق الأوسط)

 

لم تصدِّق الأم ما سمِعَتْ، لا سيما أن سيلين كانت قد أبلغت بأنها ابتعدت عن مكان الاستهداف. شعرت بالذعر والارتباك وبدأت تبحث عن معلومات متضاربة حول حالتها، وتقول شحرور: «لم أعد أعرف ماذا أفعل وكنت في موقف لا أحسد عليه صرت أتجول في البيت من دون جدوى. اتصلت بوالدها وذهب لمستشفى السان جورج قبلي، لأنني كنت بعيدة جداً عنها».

وتكمل شحرور بأنها حين وصلت إلى المستشفى، وجدت ابنتها مغطاة بالدماء، لا تستطيع الحركة، وقد أُصيبت بكسر في الجمجمة ونزف في الرأس. المشهد كان مرعباً، لكن الأم لم تفقد الأمل. وقفت بجوارها وهي تصرخ: «قومي يا سيلين!»، ولكن الأطباء كانوا يؤكدون أن وضعها حرج للغاية، وأن المسألة مسألة وقت.. وتضيف: «الأطباء يقولون لنا إنها مسألة وقت؛ سأنتظرها سنة واثنتين وثلاثاً لكي تستيقظ».

في المستشفى، تجلس الأم يومياً بجانب سرير سيلين، تتحدث معها، تخبرها عن زيارات الأصدقاء، وتعدها بأطيب الأكلات عندما تستيقظ، وتخبرها بأنها ستشتري لها دراجة نارية جديدة، تحاول أن تمنحها القوة بالكلمات، رغم أن سيلين لا تستجيب. تقول الأم: «قلت لها إنني رأيتُ في الحلم أنها استيقظت وغمرتني. أنا أنتظر هذا الحلم يتحقق، حتى لو استغرق الأمر سنوات».

 

هنا خلف هذا الباب الموصد ترقد لاعبة منتخب لبنان نتيجة إصابتها (الشرق الأوسط)

 

أما والدها عباس حيدر، فيصف وضعها بالمستقر دون تحسُّن كبير. يحكي عن شظية حديد أصابت رأسها نتيجة القصف الإسرائيلي، مما تسبب بكسر في الجمجمة ونزف داخلي أدى إلى دخولها في غيبوبة. ويشيد والدها بدعم الاتحاد اللبناني لكرة القدم قائلاً: «منذ اللحظة الأولى، لم يترك الاتحاد اللبناني لكرة القدم عائلة سيلين وحدها؛ قام رئيس الاتحاد السيد هاشم حيدر بتأمين نقلها من مستشفى سان جورج إلى مستشفى الروم، وتابع حالتها بشكل مباشر. الأمين العام للاتحاد جهاد الشحف، رغم غيابه عن لبنان، ظل على اتصال مستمر مع العائلة».

عباس يحاول جاهداً أن تتماسك أعصابه عند الكلام، يحكي ويفضفض لعله يخفف من وطأة الألم؛ فابنته المدللة وآخر العنقود بحالة فُرِضت عليها بسبب الحرب التي يعيشها لبنان منذ شهرين تقريباً، ويقول بحرقة: «سيلين تنتظر دعاء الجميع لتعود لحياتها وفريقها ومنتخب لبنان، وكي تعود أقوى، وتُتوَّج بلقب غرب آسيا، وترفع اسم لبنان، وسننتظرها لترفع علم لبنان مجدداً مع أصدقائها. هذا الجيل الذي يجب أن يبني لبنان وطناً حراً علمانياً بعيداً عن كل الطوائف والمذاهب التي خربت بلدنا».

زملاؤها في فريق أكاديمية بيروت كانوا أيضاً في صدمة كبيرة. ميشال أبو رجيلي، صديقتها وزميلتها في الفريق، قالت إنها لم تصدق في البداية أن إصابة سيلين خطيرة، لكنها أدركت حجم الكارثة بعد سماع الأخبار. تروي كيف أن سيلين كانت دائماً مبتسمة داعمة لزميلاتها ومحبة للحياة. تتذكر رسالتها في عيد ميلادها: «عقبال المليون دولار»، وتقول إنها تنتظر عودتها لتعيد البهجة إلى الفريق.

 

حلم اللاعبة الشابة بات ضحية الحرب (الشرق الأوسط)

 

مدربها في الفريق سامر بربري تحدث عن التزامها العالي وتطورها المذهل كلاعبة. انضمت إلى أكاديمية بيروت منذ ثلاث سنوات، وتدرجت من فريق دون الـ17 عاماً إلى ما دون الـ19. وحققت مع الفريق عدة بطولات، من بينها لقب بطولة الشابات في الموسم الماضي ولقب السيدات، وصفها بأنها قائدة بالفطرة، محترفة في الملعب، وضحكتها لا تفارق وجهها.

رغم الألم الذي تعيشه العائلة، لا تزال والدة سيلين تحتفظ بأمل كبير: «رسالتي للعالم أن سيلين ليست مجرد لاعبة، بل هي رمز لجيل يحب الحياة. أتمنى أن تنتهي الحرب، وأن نعيش أياماً أفضل. الشعب اللبناني لا ينكسر، وسيلين ستعود لتكمل حلمها وترفع علم لبنان مجدداً».

زملاء سيلين نظموا حملة تبرعات لدعم الناس المحتاجة، وأطلقوا دعوات للصلاة من أجل شفائها. الجميع ينتظر اللحظة التي تفتح فيها سيلين عينيها وتبتسم مجدداً، فكما قالت زميلتها ميشال إن الحياة تليق فقط بأولئك الذين يحبون الحياة كسيلين.