لماذا تتميز مصر في لعبة رفع الأثقال بالبطولات البارالمبية؟

6 ميداليات حققها الرباعون في «باريس 2024»

الرباعة نادية فكري لحظة التتويج بالميدالية البرونزية (اللجنة البارالمبية المصرية)
الرباعة نادية فكري لحظة التتويج بالميدالية البرونزية (اللجنة البارالمبية المصرية)
TT

لماذا تتميز مصر في لعبة رفع الأثقال بالبطولات البارالمبية؟

الرباعة نادية فكري لحظة التتويج بالميدالية البرونزية (اللجنة البارالمبية المصرية)
الرباعة نادية فكري لحظة التتويج بالميدالية البرونزية (اللجنة البارالمبية المصرية)

يسدل الستار، الأحد، على فعاليات دورة الألعاب البارالمبية في باريس، فيما تبرز أسماء أبطال مصر في لعبة رفع الأثقال بشكل لافت، بعد أن نجح الربّاعون والربّاعات المصريون في تحقيق 6 ميداليات في اللعبة، من بين 7 ميداليات حققتها البعثة المصرية البارالمبية خلال المنافسات، حافظت بها مصر على تصدرها كأكثر دولة عربية تحقيقاً للميداليات البارالمبية عبر تاريخ البطولة.

وشاركت مصر في المنافسات البارالمبية ببعثة تضم 54 لاعباً ولاعبة يمثلون 10 رياضات على رأسها رفع الأثقال (13 لاعباً)، وكرة الطائرة جلوس، وكرة الهدف، وألعاب القوى البارالمبية، والسباحة البارالمبية، والتجديف البارالمبي، وتنس الطاولة البارالمبي، والبوتشيا، والباراكياك، الباراتايكوندو.

وجاء التفوق المصري خلال منافسات «بارالمبياد باريس 2024» مع تحقيق الربّاع محمد المنياوي (وزن 59 كيلوغراماً) والرباعة رحاب أحمد رضوان (وزن 55 كيلوغراماً) ميداليتين ذهبيتين، بالإضافة لميداليتين فضيتين حققتهما فاطمة محروس (وزن 67 كيلوغراماً) ومحمد صبحي (وزن 88 كيلوغراماً)، وميداليتين برونزيتين لكل من صفاء حسن (وزن 79 كيلوغراماً) ونادية فكري (وزن 86 كيلوغراماً).

الرباعة المصرية فاطمة محروس تحتفل بالميدالية الفضية (اللجنة البارالمبية المصرية)

وحققت مصر 184 ميدالية متنوعة خلال مشاركاتها السابقة في دورات الألعاب البارالمبية، بواقع 49 ذهبية و69 فضية و66 برونزية، كان نصيب لعبة رفع الأثقال منها 75 ميدالية، بواقع 22 ذهبية و32 فضية و21 برونزية، وفق إحصاءات اللجنة المنظمة لأولمبياد باريس 2024 للألعاب الأوليمبية والبارالمبية.

وجنباً إلى جنب مع الوقوف على منصات التتويج في باريس، كان التميز المصري حاضراً مع تكريم الرباعة فاطمة عمر، لاعبة الأثقال المعتزلة مؤخراً، حيث قامت اللجنة البارالمبية الدولية بتكريمها على هامش منافسات السيدات، وجاء التكريم لدورها الكبير في اللعبة طوال فترة مشاركتها؛ إذ حققت 6 ميداليات بارالمبية في تاريخها، بدأتها بدورة سيدني 2000.

وتدعو تلك النتائج وهذا السجل المشرف إلى التساؤل: لماذا تتميز مصر في لعبة رفع الأثقال بالبطولات البارالمبية؟

الناقدة الرياضية المصرية، هبة الله محمد، قالت لـ«الشرق الأوسط»: «إن تميز مصر في رفع الأثقال لا يقتصر فقط على هذه النسخة من الدورة البارالمبية، فمنذ أول مشاركاتها في البطولات، أرقامها تتسم بالتميز بشكل كبير للغاية في هذه اللعبة، وهو ما يمتد أيضاً للدورات الأولمبية، فمصر حاضرة دائماً على منصات التتويج في رفع الأثقال».

وهو ما أرجعته إلى «انتشار اللعبة بشكل كبير جداً في كل المحافظات المصرية، كما أنها لا تحتاج إلى إمكانيات أو مصروفات طائلة أو مستوى اقتصادي معين لمن يمارسها، على عكس الألعاب الفردية الأخرى بشكل عام التي تحتاج إلى الإنفاق على المعدات أو توفير مكان للتدريب والممارسة، مقارنة بالسباحة على سبيل المثال، بل على العكس، رفع الأثقال هناك من يمارسها بأبسط وأقل المعدات، خصوصاً في الأماكن الشعبية والريفية، ومنها يخرج العديد من الأبطال».

ولفتت إلى أن «نجاح الرباعين المصريين في النسخة البارالمبية 2024 على وجه التحديد يرجع إلى وجود المدرب شعبان يحيى الدسوقي، وهو لاعب وبطل بارالمبي سابق حقق 5 ميداليات في مشاركات سابقة، وبالتالي فهو ذو خبرة طويلة وعلم كبير جداً برياضة رفع الأثقال».

وتشير الناقدة الرياضية إلى أن «التميز المصري في رفع الأثقال انعكس أيضاً من خلال تكريم الرباعة السابقة فاطمة عمر، فهي أول امرأة مصرية وعربية تحقق هذا الإنجاز الرياضي، ومن الصعب تكرار تاريخها مستقبلاً».

لعبة رفع الأثقال حققت 6 ميداليات متنوعة (اللجنة البارالمبية المصرية)

وحملت نسخة باريس 2024 الرقم 14 في تاريخ المشاركات المصرية في دورات الألعاب البارالمبية، التي بدأتها بدورة عام 1972 بمدينة هايدلبيرج الألمانية، وكانت أول مشاركة للعرب أيضاً.

بدوره، قال المحلل والناقد الرياضي محمد البرمي: «إن تميز مصر في لعبة رفع الأثقال بالبطولات البارالمبية يعود إلى ما يتميز به اللاعبون من قدرات بدنية عالية، خصوصاً في الرياضات التي تعتمد على القوة البدنية، إلى جانب جينات هؤلاء الأبطال، حيث يحملون روحاً وعزيمة كبيرة للتحدي وإصراراً على تحقيق النجاح رغم ظروفهم الصعبة».

ويضيف لـ«الشرق الأوسط»، أن «التركيبة الاجتماعية للمصريين تميل إلى لعبتين في الأساس هما رفع الأثقال وكمال الأجسام، حيث تنتشران بشكل كبير لكونهما مناسبتين اقتصادياً للعديد من الفئات، بل لا نبالغ إذا قلنا إن أي شخص لديه إعاقة واتجه لممارسة الرياضة يكون تفكيره الأول هو رفع الأثقال، كما أن الرياضتين هما أيضاً وسيلة للهروب من الأحوال المعيشية لدى كثيرين، لذا دائماً ما نجد قصص نجاح عديدة للرياضيين المصريين، سواء الأصحاء أو ذوو الاحتياجات الخاصة، في هاتين اللعبتين».

ويوضح المحلل الرياضي أن «رفع الأثقال تحديداً هي دائماً رهان اللجنة البارالمبية المصرية، ويكون التركيز الأكبر عليها دائماً في البعثات الرياضية».


مقالات ذات صلة

الأخضر يتأهّب للصين… متعب يواصل «الغياب» ومانشيني يواجه الإعلام

رياضة سعودية مانشيني المدير الفني للأخضر (المنتخب السعودي)

الأخضر يتأهّب للصين… متعب يواصل «الغياب» ومانشيني يواجه الإعلام

واصل المنتخب السعودي لكرة القدم، الأحد، تدريباته في مركز داليان الرياضي استعداداً لمواجهة الصين، الثلاثاء المقبل.

نواف العقيّل (داليان (الصين) )
رياضة عالمية كيفن دي بروين (أ.ف.ب)

دي بروين: سنواجه أفضل منتخب لفرنسا... وقادرون على الفوز

يتطلع البلجيكي كيفن دي بروين نجم مانشستر سيتي الإنجليزي إلى تحسين نتائج منتخب بلاده أمام فرنسا، عندما يلتقي الفريقان في دوري أمم أوروبا لكرة القدم.

«الشرق الأوسط» (بروكسل)
رياضة عالمية السلطات الكويتية سمحت لنحو خمسة آلاف مشجع عراقي بدخول أراضيها (أ.ب)

«تصفيات كأس العالم»: رحلات جوية للجماهير العراقية لمساندة أسود الرافدين أمام الكويت

أعلنت شركة الخطوط الجوية العراقية، الأحد، تسيير رحلات جوية للجماهير العراقية إلى دولة الكويت لدعم المنتخب الأول لكرة القدم في لقائه بنظيره الكويتي الثلاثاء.

«الشرق الأوسط» (بغداد)
رياضة عالمية ديدييه ديشان (رويترز)

ديشان: مبابي ليس لاعباً محورياً خالصاً

أكد مدرب منتخب فرنسا ديدييه ديشان أنه يواصل العمل على إيجاد طريقة للحصول على أفضل أداء من كيليان مبابي.

«الشرق الأوسط» (باريس)
رياضة عالمية مارك ماركيس (أ.ف.ب)

جائزة سان مارينو الكبرى: ماركيس يفوز بالسباق وبانيايا أكبر المستفيدين

فاز الإسباني مارك ماركيس بسباق جائزة سان مارينو الكبرى ضمن بطولة العالم للدراجات النارية عن فئة «موتو جي بي» الأحد.

«الشرق الأوسط» (روما)

عمر قرادة... البطل الأردني الذي تجاوز صعوبات «الإعاقة» ليرفع ذهبيتين بارالمبيتين

عمر قرادة متوشحاً بعلم بلاده خلال التتويج (الأولمبية الأردنية)
عمر قرادة متوشحاً بعلم بلاده خلال التتويج (الأولمبية الأردنية)
TT

عمر قرادة... البطل الأردني الذي تجاوز صعوبات «الإعاقة» ليرفع ذهبيتين بارالمبيتين

عمر قرادة متوشحاً بعلم بلاده خلال التتويج (الأولمبية الأردنية)
عمر قرادة متوشحاً بعلم بلاده خلال التتويج (الأولمبية الأردنية)

بابتسامة عريضة ترتسم على وجهه، تجسد شعور الفخر والإنجاز، التقينا البطل الأردني عمر قرادة بعد انتهائه من منافسات رفع الأثقال في ملعب أديداس أرينا في باريس، حيث انتظرناه بجوار الوفد الأردني طويلاً للحديث معه عن إنجازه البارالمبي.

كانت زوجته والوفد الأردني في استقباله، ينتظرونه بفارغ الصبر، ليحتفلوا معاً بإنجازه. لحظات مليئة بالفرح والاعتزاز وكان عمر ينتظرها منذ سنوات.

رافقت «الشرق الأوسط» قرادة خلال رحلته البارالمبية، حيث حصد الميدالية الذهبية في رفع الأثقال للمرة الثانية في مسيرته وهي الميدالية الوحيدة للأردن في هذه الألعاب. قرادة، الرياضي الذي تجاوز كل الصعوبات، لم يعتبر إعاقته عائقاً، بل اعتبرها دافعاً للنجاح، وقال لنا بصراحة وهدوء: «إعاقتي هي تشوه خِلْقي. وُلدت هكذا، والحمد لله، أنا متأقلم مع وضعي الحالي».

عمر، البالغ من العمر 43 عاماً، متزوج منذ 9 سنوات ولم يُرزق بأطفال بعد، إلا أن رضاه وقبوله لما تكتب له الحياة كان واضحاً في حديثه. يعمل في المجلس الأعلى لشؤون الأشخاص المعوقين الأردنيين، ويحظى بدعم كبير من بيئة عمله التي تتيح له التفرغ قبل كل بطولة بستة أشهر للتحضير. هذا التوازن بين عمله ورياضته، الذي يعتبره مفتاح نجاحه، هو ما جعله قادراً على العطاء في كلا المجالين دون أي عناء.

شارك عمر في سبع بطولات دولية خلال أربعة أعوام (الأولمبية الأردنية)

بدأت مسيرة عمر في رياضة رفع الأثقال عام 2003، عندما كان في الثانية والعشرين من عمره. قرر حينها الدخول في هذه الرياضة لأنه وجد فيها شغفاً خاصاً، وقال عن تلك الفترة: «اخترت رياضة رفع الأثقال لأنني أحببتها، والحمد لله، ظللت مستمرا بها».

كانت الرياضة بوابته إلى العالم، فتحت أمامه فرصاً جديدة، وسافر وتعلم الكثير. أول نجاحاته الكبيرة جاءت في الألعاب البارالمبية بكين 2008 بميدالية فضية، وأكمل الحلم البارالمبي عام 2016 في ريو دي جانيرو وتوجه بفضية أخرى، وإصراره وعمله قاداه إلى ذهبية طوكيو عام 2020 واختتمها اليوم في باريس 2024 بذهبية ثانية.

على مدار أربع سنوات، شارك عمر في سبع بطولات دولية، محققاً الذهب في كل منها. وعندما جاء موعد الألعاب البارالمبية في باريس، كان مستعداً بحماس وإصرار على تحقيق الذهبية الثانية. وقد نجح في ذلك بالفعل، حيث رفع علم الأردن بين 162 دولة، محققاً إنجازاً تاريخياً لوطنه. قال عمر عن تلك اللحظة: «كانت فرحة لا توصف».

خلال منافسات رفع الأثقال في ملعب أديداس أرينا (الأولمبية الأردنية)

في رحلاته ومنافساته، ترافقه زوجته أسماء شكري التي تشاركه نفس الشغف الرياضي. فهي بدورها بطلة في رفع الأثقال وتحتل المركز الرابع عالمياً. عمر وزوجته يمثلان دعماً متبادلاً لبعضهما البعض، حيث قال بفخر: «هي حافز لي وأنا حافز لها، ومستمران معاً في هذه الرياضة».

بعد هذا الإنجاز في باريس، يتحضر عمر لهدف جديد: الألعاب البارالمبية في لوس أنجليس 2028. وهو يدرك أن الطريق طويل، لكن شغفه وإصراره يجعلانه مستعداً للمحطات التأهيلية المقبلة بثقة وحماس.

يظهر عمر رضاه وقبوله لما تكتب له الحياة (الشرق الأوسط)

أهدى عمر إنجازه الأخير للملك عبد الله الثاني والعائلة الهاشمية، كما عبر عن امتنانه لأهله وأصدقائه وكل من وقف بجانبه ودعمه خلال مسيرته. أعرب أيضاً عن تقديره العميق للداعمين من الشركات، مشيراً إلى أهمية دعم رياضات ذوي الإعاقة لضمان توفير الإمكانيات اللازمة للرياضيين.

في ختام حديثه، وجّه عمر رسالة ملهمة لكل الأشخاص ذوي الإعاقة: «الالتزام والإصرار والتحدي سيوصلونكم إلى الهدف. نحن أصحاب طاقة ولسنا أصحاب إعاقة». بهذه الكلمات، يلخص عمر رحلته التي تمثل الإصرار على تجاوز الصعاب وتحقيق الأحلام.