«كأس أفريقيا»: هل تنجح موريتانيا في تجاوز دور المجموعات؟

يعيش المنتخب الموريتاني فترة تألق حالياً (د.ب.أ)
يعيش المنتخب الموريتاني فترة تألق حالياً (د.ب.أ)
TT

«كأس أفريقيا»: هل تنجح موريتانيا في تجاوز دور المجموعات؟

يعيش المنتخب الموريتاني فترة تألق حالياً (د.ب.أ)
يعيش المنتخب الموريتاني فترة تألق حالياً (د.ب.أ)

يعيش المنتخب الموريتاني فترة تألق حالياً بدأت بصعوده لأول مرة في تاريخه إلى نهائيات كأس الأمم الأفريقية لكرة القدم عام 2019، واستمرت ببلوغ البطولة للمرة الثالثة على التوالي بمشاركته في نهائيات كوت ديفوار الشهر الحالي، التي يأمل أن يتجاوز فيها دور المجموعات.

ويتطلع منتخب موريتانيا «المرابطون» لمواصلة تألقه في كوت ديفوار وتمديد سلسلة النجاحات التي حققها في الأعوام الأخيرة، بعد أن شارك في نهائيات 2019 في مصر و2022 في الكاميرون، وبينهما شارك في كأس العرب 2021 في الدوحة.

وتستضيف كوت ديفوار النسخة 34 من البطولة في الفترة من 13 يناير (كانون الثاني) إلى 11 فبراير (شباط) بعدما كان من المفترض إقامتها في يونيو (حزيران) 2023، لكنها تأجلت ستة أشهر بسبب المخاوف من الطقس في غرب أفريقيا في هذا التوقيت.

وتقام البطولة في كوت ديفوار للمرة الثانية بعد نسخة 1984 حين توجت الكاميرون باللقب.

ويخوض المنتخب الموريتاني البطولة ضمن المجموعة الرابعة إلى جوار منتخبات الجزائر وبوركينا فاسو وأنغولا، وفرصته تبدو ضعيفة في تجاوز الدور الأول الذي لم يتجاوزه أيضا في نسختي 2019 و2022.

ورغم صعوبة التأهل للأدوار الإقصائية لكن موريتانيا تأهلت للنهائيات على حساب منتخبات قوية مثل الغابون والسودان البطل السابق، فيما احتلت المركز الثاني خلف الكونغو الديمقراطية.

واحتل «المرابطون» المركز 105 في تصنيف الاتحاد الدولي «الفيفا» الشهر الماضي، فيما كان أفضل تصنيف له المركز 81 في يوليو (تموز) 2017.

وخسرت موريتانيا من الكونغو وتعادلت مع السودان في التصفيات المؤهلة لكأس العالم 2026 في الولايات المتحدة وكندا والمكسيك.

ويملك الفريق نقطة واحدة من مباراتين في المركز قبل الأخير بالمجموعة الثانية من التصفيات التي يتصدرها منتخبا السنغال والسودان بأربع نقاط.

رغم صعوبة التأهل للأدوار الإقصائية لكن موريتانيا تأهلت للنهائيات على حساب منتخبات قوية (رويترز)

وخاض المنتخب الموريتاني مباراته الدولية الأولى أمام مدغشقر في أبيدجان في كوت ديفوار، وانتهت بفوز مدغشقر 5 - 1، في حين كانت أكبر هزيمة في تاريخه عام 1972 عندما خسر أمام غينيا 14 - صفر، في حين كان أكبر انتصار على الصومال 8 - 2.

وبدأت صحوة موريتانيا في العقد الماضي رغم أنها كانت تحتل المركز 206 في تصنيف الفيفا عام 2012 كأسوأ تصنيف في تاريخها، وذلك بعد الانسحاب من تصفيات كأس العالم 2010، والحرمان من المشاركة في البطولات والمباريات الدولية.

وعلى مدار نحو نصف قرن، لم يتمكن الفريق من المشاركة في أي بطولة قارية، لكن كانت المشاركة الأولى في بطولة أفريقيا للمحليين 2014 بعد رفع الإيقاف الدولي.

وفي 18 نوفمبر (تشرين الثاني) 2018، تأهلت موريتانيا للمشاركة في كأس الأمم الأفريقية 2019 في مصر لأول مرة في تاريخها، لكنها ودعت البطولة مبكرا بتعادلين مع أنغولا وتونس وهزيمة قاسية من مالي 4 - 1.

وفي نسخة الكاميرون 2022، ودعت البطولة بعد ثلاث هزائم أمام تونس ومالي وغامبيا.

وتطمح موريتانيا في تحقيق نتائج جيدة في نسخة كوت ديفوار بقيادة المدرب أمير عبدو الذي تولى المسؤولية خلفا للفرنسي كورنتين مارتنز الذي قاد الفريق بين عامي 2014 و2021.

ويعود إلى مارتنز الفضل في النتائج الإيجابية لموريتانيا في السنوات الأخيرة وجهود الاتحاد المحلي للعبة، فضلا عن وجود لاعبين محترفين في أوروبا أبرزهم علي عبيد «ألكوركون الإسباني»، وعبد الله با «أوكسير الفرنسي»، ومختار سعيد الحسين «بلد الوليد الإسباني»، وأبو بكاري كويتا مهاجم «سانت ترويدن البلجيكي».

ويتصدر كويتا البالغ عمره 25 عاما هدافي فريقه في الدوري البلجيكي برصيد 11 هدفاً هذا الموسم، ويحتل المركز الثالث في ترتيب هدافي المسابقة متأخرا عن المتصدر بثلاثة أهداف بعد 20 مباراة.

وكان كويتا أحد اللاعبين البارزين الذين أقنعهم الاتحاد الموريتاني بالدفاع عن ألوان المنتخب الوطني، والفضل في ذلك لعبدو الذي سافر إلى بروكسل لإقناع اللاعب.

وستبدأ موريتانيا مشوارها في النهائيات بمواجهة بوركينا فاسو في 16 يناير قبل لقاء أنغولا ثم الجزائر في ختام مبارياتها بالدور الأول في 23 من الشهر ذاته.


مقالات ذات صلة

«رالي اليابان»: نوفيل ينتفض ويقترب من لقب بطولة العالم

رياضة عالمية تييري نوفيل سائق هيونداي يقترب من لقب بطولة العالم للراليات (أ.ف.ب)

«رالي اليابان»: نوفيل ينتفض ويقترب من لقب بطولة العالم

نجح تييري نوفيل سائق هيونداي في اقتناص نقاط في رالي اليابان بختام الموسم، السبت، ليقترب من لقبه الأول لبطولة العالم.

«الشرق الأوسط» (طوكيو)
رياضة سعودية فريق الرياض للبولو يتوج بلقب البطولة (الشرق الأوسط)

تشيسترتون للبولو: الرياض يكسب القاهرة… ويحافظ على اللقب

حافظ فريق الرياض السعودي للبولو على لقبه للموسم الـ2 على التوالي، بطلاً لبطولة تشيسترتون للبولو، وذلك بعد فوزه على فريق القاهرة بنتيجة 6-5 في المباراة النهائية.

«الشرق الأوسط» (دبي )
رياضة عالمية لاعبو فالنسيا يحتفلون بأحد الأهداف الأربعة في مرمى بيتيس (إ.ب.أ)

«لا ليغا»: فالنسيا يغادر مؤخرة الترتيب بنقاط بيتيس

كلّل فريق فالنسيا عودته إلى المنافسة عقب الفيضانات المدمرة في شرق البلاد، بفوز كبير على ضيفه ريال بيتيس 4-2.

«الشرق الأوسط» (فالنسيا)
رياضة عالمية نوفاك ديوكوفيتش يضم أندي موراي لجهازه التدريبي (أ.ف.ب)

ديوكوفيتش يعلن انضمام موراي إلى جهازه التدريبي

أعلن نجم كرة المضرب الصربي، نوفاك ديوكوفيتش، السبت، أن منافسه البريطاني المعتزل آندي موراي سينضم إلى جهازه التدريبي.

«الشرق الأوسط» (بلغراد)
رياضة عالمية ليفركوزن اكتسح ضيفه هايدنهايم بخماسية (أ.ف.ب)

«البوندسليغا»: ليفركوزن ودورتموند يستعيدان ذاكرة الانتصارات

استعاد فريقا باير ليفركوزن، حامل اللقب، وبوروسيا دورتموند نغمة الانتصارات في دوري الدرجة الأولى الألماني لكرة القدم (البوندسليغا).

«الشرق الأوسط» (ليفركوزن)

سيلين حيدر... أيقونة منتخب لبنان التي دفعت ضريبة الحرب

TT

سيلين حيدر... أيقونة منتخب لبنان التي دفعت ضريبة الحرب

الفتاة الطموح كانت تقترب من أن تمثل لبنان في منتخبه الوطني وتخوض أولى مبارياتها (أ.ف.ب)
الفتاة الطموح كانت تقترب من أن تمثل لبنان في منتخبه الوطني وتخوض أولى مبارياتها (أ.ف.ب)

سيلين حيدر، لاعبة منتخب لبنان للشابات وقائدة فريق أكاديمية بيروت، قصة رياضية شابة خطفتها أقدار الحرب من ملاعبها إلى سرير المستشفى. في لحظة واحدة، تحوَّل حلم اللاعبة التي تعشق الحياة وتعيش من أجل كرة القدم إلى صراع مرير مع إصابة خطيرة في الرأس، نتيجة قصف إسرائيلي استهدف منطقة الشياح، مكان إقامتها.

سيلين ليست فقط لاعبة موهوبة، هي ابنة الوطن الذي دفعها لتحمل مسؤوليات أكبر من عمرها، وهي مَن رفعت راية لبنان في بطولات غرب آسيا، وحملت معها طموحات جيل يؤمن بأن الرياضة أداة تغيير، لا ضحية للظروف. أصابتها شظايا الحديد التي اخترقت سلام بيتها، لكن صوت والدتها، سناء شحرور، لا يزال يردد: «ابنتي بطلة، ستعود لتقف وتكمل حلمها».

 

والدة سيلين حيدر تمنى نفسها بسلامة ابنتها (الشرق الأوسط)

 

وسط الألم، تقف عائلتها وزملاؤها ومدربوها كتفاً بكتف، يعزفون لحن الأمل. من كلمات صديقاتها عن شخصيتها الحنونة وضحكتها التي لم تفارق وجهها، إلى حملات الدعم التي نظمها زملاؤها في الفريق، الكل يترقب اللحظة التي تستيقظ فيها سيلين لتُكمل رحلتها، ليس فقط على أرض الملعب، بل في الحياة نفسها.

في ظل ظروفٍ مأساوية، تسرد والدتها، سناء شحرور، تفاصيل لحظة لا تُنسى، لحظة اختلط فيها الخوف بالأمل. رسالة بسيطة من سيلين تطلب وجبتها المفضلة تحولت إلى كابوسٍ بعد دقائق، عندما أُصيبت إثر تطاير شظايا الحديد. وبينما كانت الأم تمني نفسها بتحضير الطعام، وجدت نفسها تواجه الحقيقة المُرّة في المستشفى في قسم العناية الفائقة.

 

عباس حيدر والد اللاعبة سيلين (الشرق الأوسط)

القصة بدأت عندما اضطرت عائلتها للنزوح من منزلهم بسبب الحرب، في حين بقيت سيلين وحدها في المنزل لتكمل دراستها الجامعية، بعد قرار وزير التربية اللبناني عباس الحلبي باستكمال التعليم، رغم الحرب. وفي إحدى الليالي، أرسلت سيلين رسالة لوالدتها عبر تطبيق «واتساب»، تطلب منها إعداد وجبتها المفضلة. بضحكة خفيفة، ردَّت الأم: «وجهك فقري، سأقوم بإعدادها لك». دقائق بعد ذلك، تلقت الأم اتصالاً غيّر حياتها؛ الرقم الغريب على الهاتف أخبرها بأن ابنتها تعرضت لإصابة في الرأس.

جمع من أصدقاء اللاعبة يلتفون في المستشفى الذي ترقد فيه (الشرق الأوسط)

 

لم تصدِّق الأم ما سمِعَتْ، لا سيما أن سيلين كانت قد أبلغت بأنها ابتعدت عن مكان الاستهداف. شعرت بالذعر والارتباك وبدأت تبحث عن معلومات متضاربة حول حالتها، وتقول شحرور: «لم أعد أعرف ماذا أفعل وكنت في موقف لا أحسد عليه صرت أتجول في البيت من دون جدوى. اتصلت بوالدها وذهب لمستشفى السان جورج قبلي، لأنني كنت بعيدة جداً عنها».

وتكمل شحرور بأنها حين وصلت إلى المستشفى، وجدت ابنتها مغطاة بالدماء، لا تستطيع الحركة، وقد أُصيبت بكسر في الجمجمة ونزف في الرأس. المشهد كان مرعباً، لكن الأم لم تفقد الأمل. وقفت بجوارها وهي تصرخ: «قومي يا سيلين!»، ولكن الأطباء كانوا يؤكدون أن وضعها حرج للغاية، وأن المسألة مسألة وقت.. وتضيف: «الأطباء يقولون لنا إنها مسألة وقت؛ سأنتظرها سنة واثنتين وثلاثاً لكي تستيقظ».

في المستشفى، تجلس الأم يومياً بجانب سرير سيلين، تتحدث معها، تخبرها عن زيارات الأصدقاء، وتعدها بأطيب الأكلات عندما تستيقظ، وتخبرها بأنها ستشتري لها دراجة نارية جديدة، تحاول أن تمنحها القوة بالكلمات، رغم أن سيلين لا تستجيب. تقول الأم: «قلت لها إنني رأيتُ في الحلم أنها استيقظت وغمرتني. أنا أنتظر هذا الحلم يتحقق، حتى لو استغرق الأمر سنوات».

 

هنا خلف هذا الباب الموصد ترقد لاعبة منتخب لبنان نتيجة إصابتها (الشرق الأوسط)

 

أما والدها عباس حيدر، فيصف وضعها بالمستقر دون تحسُّن كبير. يحكي عن شظية حديد أصابت رأسها نتيجة القصف الإسرائيلي، مما تسبب بكسر في الجمجمة ونزف داخلي أدى إلى دخولها في غيبوبة. ويشيد والدها بدعم الاتحاد اللبناني لكرة القدم قائلاً: «منذ اللحظة الأولى، لم يترك الاتحاد اللبناني لكرة القدم عائلة سيلين وحدها؛ قام رئيس الاتحاد السيد هاشم حيدر بتأمين نقلها من مستشفى سان جورج إلى مستشفى الروم، وتابع حالتها بشكل مباشر. الأمين العام للاتحاد جهاد الشحف، رغم غيابه عن لبنان، ظل على اتصال مستمر مع العائلة».

عباس يحاول جاهداً أن تتماسك أعصابه عند الكلام، يحكي ويفضفض لعله يخفف من وطأة الألم؛ فابنته المدللة وآخر العنقود بحالة فُرِضت عليها بسبب الحرب التي يعيشها لبنان منذ شهرين تقريباً، ويقول بحرقة: «سيلين تنتظر دعاء الجميع لتعود لحياتها وفريقها ومنتخب لبنان، وكي تعود أقوى، وتُتوَّج بلقب غرب آسيا، وترفع اسم لبنان، وسننتظرها لترفع علم لبنان مجدداً مع أصدقائها. هذا الجيل الذي يجب أن يبني لبنان وطناً حراً علمانياً بعيداً عن كل الطوائف والمذاهب التي خربت بلدنا».

زملاؤها في فريق أكاديمية بيروت كانوا أيضاً في صدمة كبيرة. ميشال أبو رجيلي، صديقتها وزميلتها في الفريق، قالت إنها لم تصدق في البداية أن إصابة سيلين خطيرة، لكنها أدركت حجم الكارثة بعد سماع الأخبار. تروي كيف أن سيلين كانت دائماً مبتسمة داعمة لزميلاتها ومحبة للحياة. تتذكر رسالتها في عيد ميلادها: «عقبال المليون دولار»، وتقول إنها تنتظر عودتها لتعيد البهجة إلى الفريق.

 

حلم اللاعبة الشابة بات ضحية الحرب (الشرق الأوسط)

 

مدربها في الفريق سامر بربري تحدث عن التزامها العالي وتطورها المذهل كلاعبة. انضمت إلى أكاديمية بيروت منذ ثلاث سنوات، وتدرجت من فريق دون الـ17 عاماً إلى ما دون الـ19. وحققت مع الفريق عدة بطولات، من بينها لقب بطولة الشابات في الموسم الماضي ولقب السيدات، وصفها بأنها قائدة بالفطرة، محترفة في الملعب، وضحكتها لا تفارق وجهها.

رغم الألم الذي تعيشه العائلة، لا تزال والدة سيلين تحتفظ بأمل كبير: «رسالتي للعالم أن سيلين ليست مجرد لاعبة، بل هي رمز لجيل يحب الحياة. أتمنى أن تنتهي الحرب، وأن نعيش أياماً أفضل. الشعب اللبناني لا ينكسر، وسيلين ستعود لتكمل حلمها وترفع علم لبنان مجدداً».

زملاء سيلين نظموا حملة تبرعات لدعم الناس المحتاجة، وأطلقوا دعوات للصلاة من أجل شفائها. الجميع ينتظر اللحظة التي تفتح فيها سيلين عينيها وتبتسم مجدداً، فكما قالت زميلتها ميشال إن الحياة تليق فقط بأولئك الذين يحبون الحياة كسيلين.