تواصل «الشرق الأوسط» في هذا التقرير سلسلتها المخصصة لرصد تاريخ البطولة الأعرق في القارة السمراء «كأس الأمم الأفريقية»، فبعد نجاح النسخة الأولى والثانية اللتين أقيمتا في 1957 على أرض السودان و1959 في مصر، جاء الدور على المؤسس الثالث للاتحاد الأفريقي لكرة القدم، إثيوبيا لتنظيم البطولة، حيث تقرر إجراء النسخة الثالثة في يناير (كانون الثاني) من عام 1962.
وبعد زيادة عدد الدول المستقلة والمنضمة تحت لواء الاتحاد الأفريقي لكرة القدم، التي وصلت لـ9 منتخبات، تقرر إجراء تصفيات تمهيدية للمرة الأولى في تاريخ البطولة، حيث تقرر أولاً تأهل منتخبي مصر (حامل اللقب) وإثيوبيا (البلد المضيف) إلى النهائيات مباشرة، على أن تقام التصفيات بين المنتخبات السبعة المتبقية لتحديد فريقين يتأهلان للنهائيات.
وبعد انسحاب السودان من التصفيات، تقرر إجراء قرعة بين المنتخبات الستة على مرحلتين، المرحلة الأولى منها هي لعب كل فريقين بنظام الذهاب والعودة، لتتنافس الفرق الثلاثة المتأهلة على مقعدين متاحين بجوار مصر وإثيوبيا، حيث وضعت القرعة تونس ضد المغرب، ونيجيريا ضد غانا، وكينيا ضد أوغندا.
وفي البداية انسحبت المغرب، لتتأهل تونس للدور التمهيدي الفاصل، فيما تأهلت نيجيريا على حساب غانا بعد تعادل الفريقين ذهاباً وإياباً، سلبياً في نيجيريا و2-2 في غانا لتجرى قرعة بين المنتخبين ويفوز بها المنتخب النيجيري. أما في المواجهة الثالثة فتبادل منتخبا كينيا وأوغندا الفوز ذهاباً وإياباً، كل في أرضه وبنفس النتيجة هدف نظيف، ليطلب الفريقان إجراء مباراة فاصلة أقيمت في أوغندا وحسمها أصحاب الأرض بهدفين للاشيء، لتتأهل أوغندا للدور الفاصل.
وبتأهل منتخبات أوغندا وتونس ونيجيريا للدور الفاصل، أجريت القرعة التي أهلت منتخب أوغندا للنهائيات مباشرة، فيما تواجه المنتخبان التونسي والنيجيري في مباراتين ذهاباً وإياباً، وحققت نيجيريا الفوز على أرضها بنتيجة هدفين لهدف، فيما لم تكتمل مباراة الإياب وانسحبت نيجيريا في الدقيقة 65 وكانت النتيجة وقتها التعادل الإيجابي بهدفين لكل فريق، ليقرر الاتحاد الأفريقي اعتبار تونس فائزة بنتيجة هدفين نظيفين، وتتأهل تونس للنهائيات بمجموع المباراتين 3-2.
وهنا يكتمل عقد المتأهلين بعد تأهل كل من منتخب تونس وأوغندا بجوار مصر وإثيوبيا.
واستضاف ملعب هيلا سيلاسي بالعاصمة الإثيوبية أديس أبابا النهائيات في يناير (كانون الثاني) من عام 1962، حيث قامت إثيوبيا بتنظيم البطولة بشكل جيد بعدما حظيت باهتمام كبير من إمبراطور إثيوبيا وقتها، هيلا سيلاسي، الذي أراد التتويج بالبطولة المقامة على أرضه بأي ثمن.
عادت البطولة لنظام خروج المغلوب، فأقيمت مباراة الدور نصف النهائي الأولى بين إثيوبيا وتونس، وحسمها أصحاب الأرض بفوز كبير بأربعة أهداف لهدفين، رغم أن تونس تقدمت أولاً بهدفين سجلهما عمار مريشكو ومنصف شريف، إلا أن إثيوبيا عادت برباعية سجلها لوتشيانو فالساو (هدفين) وجيرما تكله وواركو مانجيستو، ليحقق المنتخب الإثيوبي أول فوز له في تاريخ مشاركاته ببطولة كأس الأمم الأفريقية، ويصعد للمباراة النهائية.
في المباراة الثانية من نصف نهائي البطولة، التي جمعت المنتخبين المصري والأوغندي، نجحت أوغندا في افتتاح التسجيل أولاً بواسطة جوناثان، قبل أن ينتفض الفراعنة في الشوط الثاني ويحرز بدوي عبد الفتاح وصالح سليم هدفين حسما النتيجة لمنتخب مصر، الذي صعد للمباراة النهائية لمواجهة المنتخب الإثيوبي صاحب الأرض.
وشهدت البطولة إقامة مباراة لتحديد صاحب المركز الثالث لأول مرة في تاريخ البطولة، وجمعت المباراة بين منتخبي تونس وأوغندا تحت قيادة الحكم الكيني لورنزو، حيث فازت تونس بثلاثية نظيفة سجلها صالح الجديدي والشاذلي العويني وراشد المدرب، ليحقق نسور قرطاج برونزية البطولة والميدالية الأولى في تاريخهم في البطولات الأفريقية.
وأقيمت المباراة النهائية يوم 21 يناير (كانون الثاني) 1962، حيث امتلأ ملعب هيلا سيلاسي في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا عن آخره استعداداً للحدث الكبير والمنتظر، حيث سيقود الحكم الأوغندي ويلسون بروكس مواجهة مصر حامل اللقب وإثيوبيا الدولة المضيفة.
واستطاع المنتخب المصري إنهاء الشوط الأول متقدماً بهدف نجم الترسانة بدوي عبد الفتاح، قبل أن يعادل اللاعب جيرما تكله النتيجة لإثيوبيا، ليعود بدوي عبد الفتاح ويسجل ثاني أهداف الفراعنة، إلا أن واركو مانجستو سجل التعادل لإثيوبيا قبل نهاية الوقت الأصلي للقاء.
في الأوقات الإضافية أضاف أصحاب الأرض هدفين بواسطة كل من إيتالو فاسالو وواركو مانجستو، لتفوز إثيوبيا بالمباراة 4-2 وتتوج للمرة الأولى بالبطولة القارية.
ودرب منتخب مصر في هذه البطولة المدرب الوطني محمد الجندي وساعده حنفي بسطان، فيما مثل منتخب مصر في المباراة النهائية تشكيلة مكونة من الحارس عادل هيكل (الأهلي)، أحمد مصطفى (الزمالك)، رأفت عطية (الزمالك)، طارق سليم (الأهلي)، محمد صديق «شحتة» (الإسماعيلي)، محمد بدوي (المصري)، رفعت الفناجيلي (الأهلي)، بدوي عبد الفتاح (الترسانة)، صالح سليم (الأهلي)، طه إسماعيل (الأهلي)، ميمي الشربيني (الأهلي).
فيما جلس احتياطياً كل من الحارس عبد الجليل حميدة (الأهلي)، أمين الإسناوي (السويس)، مصطفى رياض (الترسانة)، أحمد عفت (الزمالك)، سمير قطب (الزمالك).