موازياً بين الرغبة في التفوّق الدراسي وبين تحقيق حلمه بأن يُصبح بطلاً أولمبياً في الكاراتيه، حمل الأردني عبد الرحمن المصاطفة مبضع الجراح بيد، وترك اليد الأخرى فارغةً للدفاع عن النفس، ملتزماً بما تعنيه عبارة «كاراتيدو» باللغة اليابانية.
وحسب وكالة الصحافة الفرنسية، لا يرى المصاطفة أي تعارض بين ممارسته للرياضة القتالية الشهيرة وبين دراسته للطب، على اعتبار أن الكاراتيه رياضة دفاعية تتميز بالأخلاق العالية والانضباط، وهو ما احتاجه بالفعل في امتهانه للمهنة الإنسانية.
على مسافة أيام من انطلاق منافسات الكاراتيه في دورة الألعاب الآسيوية في هانغتشو الصينية، يبدو حامل برونزية أولمبياد طوكيو متأهباً للمنافسة بقوة، «أنا ذاهبٌ لحصد الذهب».
يقول المصاطفة: «تدرّبت جيداً الفترة الماضية وانخرطت أيضاً بمعسكرات، وأرى نفسي منافساً رئيسياً وأساسياً في الألعاب الآسيوية».
يبدأ المصاطفة الذي حاز سابقاً على فضية وبرونزية في دورتي إنتشيون 2014 وجاكرتا 2018 توالياً، منافسات الكاراتيه وزن تحت 67 كلغ في 7 أكتوبر (تشرين الأول).
«تأثرت بأفلام الأكشن»، يروي البطل الأردني حكايته مع اللعبة القتالية، التي بدأت عام 2002 بعمر الست سنوات، عندما كان يشاهد أفلام الحركة (أكشن) مع والده، «كنت أذهب خِلسة إلى الغرفة الثانية وأحاول تطبيق نفس حركات الكاراتيه التي أشاهدها في الفيلم. ذات مرة، رآني والدي وأنا أطبق الحركات، فاصطحبني في اليوم التالي إلى مركز كاراتيه قريب من المنزل».
يضيف: «شجعني والدي كثيراً، فهو كان لاعب كاراتيه عام 1986».
يتوقف المصاطفة كثيراً عن دور والده في مسيرته «كانت لديّ رغبة ملحة بأن أكون طالباً متميزاً في المدرسة، وأن أكون طبيباً، كما كان حلمي أن أكون بطلاً للعالم والأولمبياد».
يضيف عبد الرحمن، وهو الابن الأكبر لعائلة مكوّنة من ثلاثة ذكور وثلاث فتيات «والدي كان داعماً أساساً لهذه الفكرة. كان يساعدني في تنظيم وقتي ويدعمني مادياً، والفضل يعود، بعد الله، إلى والدي وأسرتي».
وعن سرّ نجاحه في التوفيق بين دراسته الطب والكاراتيه، قال المصطافة (27 عاماً) إن «الرغبة الحقيقية النابعة من القلب، وتنظيم الوقت، هما عاملان رئيسيان في تحقيق النجاح المزدوج».
قال: «مثال على ذلك، عندما يكون لديّ بطولة قريبة وامتحان بعد فترة طويلة، أركز أكثر على التدريبات لأن الأولوية تكون للبطولة، على أن أدرس محاضراتي لاحقاً، والعكس صحيح، عندما تقترب الامتحانات تكون الأولوية للدراسة».
بعد إحرازه برونزية أولمبياد طوكيو، قاربت والدة عبد الرحمن طموح ابنها المشترك، وقالت: «أشعر اليوم بالفخر لهذا الإنجاز والتفوّق الذي حققه ابني على الصعيد الرياضي في الألعاب الأولمبية والأكاديمي بحصوله على شهادة الدكتوراه».
وعما إذا ما استفاد من الكاراتيه أثناء دراسته للطب، قال المصاطفة: «تعلمت في الكاراتيه الانضباط بشكل عام، وخصوصاً ضبط النفس، فالكاراتيه باليابانية هي الكاراتيدو وتعني اليد الفارغة، وتعطي دلالة أنك لن تهاجم أحداً. من لا يحمل العصا أو السلاح لن يهجم على الناس، فهو إنسان يريد أن يدافع عن نفسه فقط إذا ما تعرض للهجوم».
ويتابع: «الكاراتيه من رياضات الدفاع عن النفس، وتعلمت منها ضبط النفس واحترام الآخر. هما عاملان أساسيان استفدت منهما كثيراً في الطب وساهما في تكوين شخصيتي».
وكما تداخلت اهتماماته بين «نقيضين مفترضين» هما الكاراتيه والطب، يتخذ المصاطفة أيضاً من بطل الملاكمة العالمي محمد علي كلاي، وشاعر الجاهلية عنترة بن شداد قدوتين في الحياة.
لكن البطل الأردني، الذي أنهى دراسة الطب في الأردن، أوجد قاسماً مشتركاً آخر بين الكاراتيه ومهنته، إذ يسعى إلى «التخصص في إحدى الجامعات في الخارج لدراسة جراحة إصابات الرياضيين».