لم تكن الهزيمة 1 - 0 أمام تشيلسي مساء السبت مجرّد كبوة في ديربي لندن، بل جرس إنذار حقيقي للمدرب توماس فرانك الذي وجد نفسه فجأة في مواجهة أسئلة قاسية من الجماهير واللاعبين على حد سواء.
وبحسب شبكة «The Athletic»، كانت جماهير توتنهام هوتسبير تأمل أن يضع فرانك حدّاً لسلسلة الإخفاقات الكوميدية أمام تشيلسي في المواسم الأخيرة؛ من خسارة 4 - 1 في 2023 بعد طردي أودوغي وروميرو، إلى سقوط 4 - 3 العام الماضي رغم التقدم بهدفين في أول 11 دقيقة.
لكن هذه المرة، رغم أن النتيجة تبدو «مشرفة» رقمياً، فإن الأداء كان الأسوأ في عهد فرانك حتى الآن.
توتنهام سدد ثلاث كرات فقط طوال المباراة، أقل من عدد تبديلاته (ستة)، وبلغت قيمة «الأهداف المتوقعة» للفريق 0.05 فقط؛ وهو أدنى معدل للفريق في الدوري الإنجليزي منذ بدء تسجيل هذه الإحصائية عام 2012.
مقابل ذلك، صنع تشيلسي فرصاً تعادل 3.03، ولولا تألق الحارس غوليلمو فيكاريو وإهدار جيمي غيتنز لكانت النتيجة ثقيلة.
قال فرانك بعد المباراة: «هذا مؤلم جداً. لم يسبق لي أن درّبت فريقاً خلق فرصاً قليلة إلى هذا الحد. علينا أن نراجع كل شيء؛ لأن المشكلة ليست في الهجوم فقط، بل في الترابط بين الخطوط».
تبدّد صبر جماهير «السبيرز» مع نهاية المباراة. فحين اختار فيكاريو لعب ركلة حرة قصيرة بدل إرسالها إلى منطقة الجزاء، تعالت الصيحات الغاضبة في المدرجات، وتحوّلت إلى صافرات استهجان عند صافرة النهاية.
أما اللاعبون، فبدا عليهم الانفعال أيضاً: ميكي فان دي فين وديد سبنس غادرا الملعب مباشرة إلى النفق بعد المباراة، متجاهلين فرانك ومساعده أندرياس يورغسون رغم محاولاتهما إيقافهما.
المدرب حاول التهدئة قائلاً: «إنها مجرد لحظة غضب... الكل محبط، وأنا كذلك».
لكن المشهد كان أوضح من أي تبرير... هناك شرخٌ داخلي يتسع.
توتنهام بدا بلا روح، بلا سرعة، وبلا أي فكرة هجومية واضحة.
اعتمد الفريق على الكرات الثابتة وكأنها وسيلته الوحيدة للتسجيل، لكن حارس تشيلسي روبرت سانشيز كان حاسماً في كل كرة عرضية.
محمد قدوس حاول مراراً الهروب خلف مارك كوكوريا دون نجاح، بينما بدا تشافي سيمونز، الذي دخل بديلاً منذ الدقيقة الخامسة، عاجزاً بدنياً وذهنياً، بل وتسبب في هدف المباراة بخطأ فادح في التمرير الخلفي.
من أصل أربع مباريات على ملعب توتنهام هذا الموسم، فاز الفريق مرة واحدة فقط، ولم يتجاوز معدل xG حاجز 1.0 في أي منها. أرقام تُظهر بوضوح عجز فرانك الهجومي رغم تحسّن الصلابة الدفاعية.
بدأت جماهير النادي ووسائل الإعلام تقارن بين فرانك وسلفه نونو سانتو الذي أُقيل في نوفمبر (تشرين الثاني) 2021 بعد بدايات متشابهة: مدرب ناجح مع فريقين متوسّطين (برنتفورد، وولفرهامبتون)، أسلوب براغماتي، ثم انهيار مبكر وثورة جماهيرية.
الاختلاف الوحيد هو أن فرانك كان الخيار الأول لإدارة النادي بعد رحيل أنجي بوستيكوغلو، ما يجعل الموقف أكثر حساسية.
فبعد أن كانت الجماهير تشكو من المبالغة في الهجوم في عهد بوستيكوغلو، باتت الآن تشتكي من انعدام الشجاعة والإبداع.
رغم الصورة القاتمة، يمكن النظر إلى غضب اللاعبين على أنه علامة حياة داخل المجموعة.
المدافع بيرغفال رفض الخروج بعد إصابة في الرأس واحتجّ على الطاقم الطبي، وفرانك ركل زجاجة ماء بعد هدف تشيلسي، بينما أظهر قدوس وبنتانكور وبالينيا روحاً قتالية في الالتحامات.
لكن كل هذا الحماس لا يُغني عن الحقيقة: الفريق بلا حلول هجومية، وبلا هوية واضحة.
يدخل توتنهام فترة عصيبة تمتد حتى أوائل ديسمبر (كانون الأول)، بمباريات أمام أربعة من فرق الموسم الماضي الستة الكبار، إضافة إلى رحلات مرهقة في دوري الأبطال إلى موناكو وباريس سان جيرمان.
الهزيمتان الأخيرتان في الدوري والخروج المبكر من كأس الرابطة جعلت المؤشرات تقلق جماهير النادي من تكرار سيناريو الفوضى.
ربما لا يزال الوقت مبكراً للحكم على مشروع فرانك، لكن الأداء أمام تشيلسي كان تحذيراً صارخاً: من دون شرارة إبداع، قد يتحوّل التفاؤل الذي صاحب التغيير إلى خيبة أمل مألوفة جداً لجماهير السبيرز.

