هل نجحت النرويج في توجيه رسائلها السياسية بمباراة إسرائيل؟

«لجنة فلسطين في النرويج» دعت إلى مظاهرة واسعة قبل المباراة بأيام (رويترز)
«لجنة فلسطين في النرويج» دعت إلى مظاهرة واسعة قبل المباراة بأيام (رويترز)
TT

هل نجحت النرويج في توجيه رسائلها السياسية بمباراة إسرائيل؟

«لجنة فلسطين في النرويج» دعت إلى مظاهرة واسعة قبل المباراة بأيام (رويترز)
«لجنة فلسطين في النرويج» دعت إلى مظاهرة واسعة قبل المباراة بأيام (رويترز)

قبل انطلاق مباراة النرويج وإسرائيل بتصفيات كأس العالم في أوسلو، تمنّى قائد المنتخب الإسرائيلي، إيلي داسا، أن تبقى الأنظار مركّزة على كرة القدم لا على السياسة، قائلاً في المؤتمر الصحافي: «كرة القدم ينبغي ألا تختلط بالسياسة أبداً. لا يهم إن كانت إسرائيل أو أي دولة أخرى، فهذه اللعبة يجب أن تُستخدم لتوحيد الناس»، وذلك وفقاً لشبكة «The Athletic»، لكن أمنيته لم تتحقق.

في مدرجات ملعب «أوليفول» بالعاصمة النرويجية، كان نحو مائة مشجع إسرائيلي يرفعون لافتة تقول: «دعوا الكرة تتكلم!»، فيما كانت الجماهير النرويجية ترد بلافتات وأعلام ضخمة لفلسطين كُتب على أحدها: «دعوا الأطفال يعيشون».

المظاهرات استمرت طيلة يوم المباراة (أ.ب)

صافرات الاستهجان رافقت النشيد الوطني الإسرائيلي، وارتفعت الأعلام الفلسطينية في أرجاء المدرجات، بينما دوّت هتافات: «حرروا فلسطين» مع اقتراب صافرة النهاية، بعد أن سحق المنتخب النرويجي ضيفه بخماسية نظيفة قادها إيرلينغ هالاند بثلاثية كاملة، في أمسية كروية طغت عليها رمزية الموقف أكثر من نتيجة المباراة.

كانت المباراة ثمرة تحضيرات أمنية امتدت لأشهر. فمنذ صدور قرعة التصفيات في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، بدا واضحاً أن استضافة إسرائيل في أوسلو ستكون حدثاً بالغ الحساسية. وأعلنت السلطات النرويجية أن إجراءات الأمن في العاصمة لم تشهد مثيلاً لها منذ «أولمبياد 1994 الشتوي».

دوّت هتافات «حرروا فلسطين» مع اقتراب صافرة النهاية (إ.ب.أ)

«الاتحاد النرويجي لكرة القدم (إن إف إف)» قلّص السعة الجماهيرية بمقدار 2500 مقعد، وأغلق الصفوف الثلاثة الأولى من المدرجات لمنع أي محاولة اقتحام للملعب، كما تُركت المقاعد فوق القسم المخصص لمشجعي إسرائيل خالية تماماً.

الأمين العام للاتحاد، كارل بيتر لوكن، قال إن «التحضيرات استغرقت نحو عام كامل لضمان أمن الجميع»، فيما دعت رئيسة «الاتحاد» عضو اللجنة التنفيذية في «يويفا»، ليزا كلافينيس، الجماهير إلى التزام الاحترام. لكن موقفها السياسي الصريح ألقى بظلاله على أجواء اللقاء.

صافرات الاستهجان رافقت النشيد الوطني الإسرائيلي

كلافينيس كانت من أبرز الأصوات الأوروبية التي طالبت في الأشهر الماضية بإيقاف إسرائيل عن المشاركة في بطولات الاتحادَين «الدولي» و«الأوروبي»؛ مما جعلها عرضة لانتقادات حادة من الصحافة الإسرائيلية خلال المؤتمر الصحافي.

سألها بعض الصحافيين عمّا إذا كانت تدين «هجمات 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023»، التي أسفرت عن مقتل 1200 شخص وأسر 250 آخرين، فردّت مؤكدة أنها فعلت ذلك مراراً، لكنها في الوقت ذاته شددت على «ضرورة احترام القانون الدولي وحقوق الإنسان».

جدل إضافي أثاره قرار الاتحاد النرويجي التبرع بعائدات التذاكر لمنظمة «أطباء بلا حدود» العاملة في غزة؛ إذ عدّه البعض استفزازاً لإسرائيل، لكن كلافينيس ردّت بالقول: «لم يكن القصد مطلقاً الاستفزاز. أردنا فقط أن نحول مناسبة رياضية مهمة إلى فرصة لدعم العمل الإنساني. نحن ندين (هجمات 7 أكتوبر)، لكن إسرائيل لا تحتاج مساعدات مالية من النرويج».

كما نفت أن تكون النرويج قد دفعت فعلاً نحو قرار أوروبي لحظر إسرائيل، موضحة أن «هناك زخماً أوروبياً بعد تقارير لجنة التحقيق التابعة للأمم المتحدة التي اتهمت إسرائيل بارتكاب إبادة في غزة، لكن هذا لم يكن بمبادرة نرويجية».

في شوارع أوسلو، كانت «لجنة فلسطين في النرويج» قد دعت إلى مظاهرة واسعة قبل المباراة بأيام، ولم يتغير الموعد رغم إعلان الهدنة الأخيرة في غزة. تجمّع نحو ألف متظاهر في ساحة «سبيكيرسوبا» وسط المدينة عند الثانية بعد الظهر، على بعد خطوات من البرلمان الذي كان يستعد لجلسة الافتتاح بحضور الملك هارالد الخامس. رفع المحتجون صور ضحايا القصف في غزة وبطاقات حمراء ترمز إلى الإدانة، وساروا أكثر من 3 أميال شمالاً نحو ملعب «أوليفول»، حيث كانت الشرطة تنتظرهم بحواجز معدنية وسيارات مكافحة الشغب.

داخل الاستاد، كان المنتخب الإسرائيلي قد وصل وسط إجراءات أمنية مشددة. وعندما سُئل القائد داسا عمّا إذا كان يرى ذلك تجربة غريبة، أجاب بسخرية: «غريبة لمن؟ بالنسبة إلينا؛ هذا طبيعي». وبالفعل، لم يخلُ المشهد من توتر حين حاولت مجموعة صغيرة اختراق الحواجز في نهاية الشوط الأول، لتطلق الشرطة الغاز المسيل للدموع وتسيطر على الموقف سريعاً.

على أرض الملعب، كان كل شيء يسير في اتجاه واحد. رغم أن هالاند أضاع ركلتي جزاء متتاليتين تصدى لهما الحارس دانيال بيريتس (إحداهما أُعيدت بسبب التسلل)، فإن النرويجيين أنهوا نصف الساعة الأول بثلاثية: هدف لهالاند وهدفان عكسيان من مدافعين إسرائيليين: عنان خالايلي وإيدان نحمياس. وفي الشوط الثاني، أكمل نجم مانشستر سيتي ثلاثيته برأسيّتين متتاليتين، ليقضي على آمال إسرائيل في بلوغ نهائيات «كأس العالم 2026» في الولايات المتحدة وكندا والمكسيك.

اللاعبون الإسرائيليون شكروا جماهيرهم الصغيرة بعد اللقاء وسط صيحات استهجان من بعض المشجعين النرويجيين. أما مدرب المنتخب الإسرائيلي، ران بن شيمعون، فقال عقب المباراة: «لدينا دور كبير في المجتمع الإسرائيلي. يجب أن نبقى متحدين. أعتقد أن المنتخبات الوطنية تمتلك نظرة أوسع من مجرد كرة قدم».

ما بعد صافرة النهاية

في ختام الليلة، كانت النرويج قد وجّهت للعالم رسالة واضحة: موقفها الإنساني لا يقل أهمية عن أي نتيجة في الملعب. قالت كلافينيس في تصريحات لاحقة: «الأهم من المباراة، مائة في المائة، هو أن تتوقف القنابل وأن يعود الرهائن إلى ديارهم». كلماتها لخّصت ما كان واضحاً منذ البداية: هذه لم تكن مباراة في كرة القدم فقط؛ بل كانت مسرحاً رمزياً لصراعٍ بين ضميرٍ إنساني وجراحٍ سياسية لا تهدأ.


مقالات ذات صلة

نتنياهو: إسرائيل تعترف بجمهورية أرض الصومال «دولة مستقلة ذات سيادة»

أفريقيا رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز) play-circle 00:32

نتنياهو: إسرائيل تعترف بجمهورية أرض الصومال «دولة مستقلة ذات سيادة»

أعلن مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي أن بنيامين نتنياهو اعترف، اليوم الجمعة، بجمهورية أرض الصومال «دولة مستقلة وذات سيادة».

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
شؤون إقليمية سلاح الجو الإسرائيلي يجهز وحدة جديدة لمنع حدوث توغلات برية (أ.ف.ب)

إسرائيل: تشكيل وحدة تدخل سريع جديدة لمنع حدوث توغلات برية على غرار هجوم «حماس»

كشف سلاح الجو الإسرائيلي، اليوم الخميس، عن وحدته الجديدة نسبيا المخصصة لمنع حدوث توغلات برية إلى إسرائيل على غرار هجوم 7 أكتوبر.

«الشرق الأوسط» (القدس)
المشرق العربي عنصر في العمليات العسكرية السورية أمام مدخل قاعدة حميميم الروسية في محافظة اللاذقية - 29 ديسمبر 2024 (أ.ف.ب)

تقرير: سوريا تريد تحقيق توازن بين الوجودين التركي والروسي

نقل تلفزيون «آي 24 نيوز» الإسرائيلي عن مصادر سورية، أن دمشق تريد تحقيق توازن بين الوجودين التركي والروسي على أراضيها للوصول لاتفاقية أمنية مع إسرائيل.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
شؤون إقليمية جندي إسرائيلي (إ.ب.أ)

الجيش الإسرائيلي: اعتراض مسيّرتين حاولتا دخول أجواء إسرائيل من جهة الغرب

قال الجيش الإسرائيلي الخميس إن قواته اعترضت طائرتين مسيّرتين حاولتا دخول الأجواء الإسرائيلية من الجهة الغربية في محاولة تهريب

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
شؤون إقليمية صورة نشرتها الشرطة الإسرائيلية لاعتقال رجل بشبهة التجسُّس لصالح إيران في 9 ديسمبر 2024 (أرشيفية)

السلطات الإسرائيلية توقف شخصاً بشبهة التجسس لصالح إيران

أعلنت السلطات الإسرائيلية توقيف إسرائيلي بشبهة ارتكاب مخالفات أمنية بتوجيه من عناصر استخبارات إيرانيين، وذلك بعد أيام من إعدام طهران إيرانياً متهماً بالتجسس.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)

الدوري الإنجليزي: مان يونايتد يكسب معركة نيوكاسل بهدف دورغو

دورغو محتفلا بهدفه في نيوكاسل (أ.ف.ب)
دورغو محتفلا بهدفه في نيوكاسل (أ.ف.ب)
TT

الدوري الإنجليزي: مان يونايتد يكسب معركة نيوكاسل بهدف دورغو

دورغو محتفلا بهدفه في نيوكاسل (أ.ف.ب)
دورغو محتفلا بهدفه في نيوكاسل (أ.ف.ب)

فاز مانشستر يونايتد على ضيفه نيوكاسل 1/صفر، الجمعة، ضمن منافسات الجولة 18 من الدوري الإنجليزي.

ورفع مانشستر يونايتد، الذي عاد لسكة الانتصارات بعد تعادل وهزيمة في آخر مباراتين، رصيده إلى 29 نقطة في المركز الخامس، بفارق الأهداف عن ليفربول صاحب المركز السادس والذي يلعب الأحد مع وولفرهامبتون ضمن منافسات الجولة ذاتها.

كما يبتعد مانشستر يونايتد بفارق الأهداف خلف تشيلسي الرابع، والذي يلعب أيضا مع أستون فيلا.

على الجانب الآخر تجمد رصيد نيوكاسل عند 23 نقطة في المركز الحادي عشر.

وسجل باتريك دورغو هدف مانشستر يونايتد الوحيد في الدقيقة .24


مبابي يتابع مباراة المغرب ومالي من المدرجات

مبابي يتابع المباراة من المدرجات (أ.ف.ب)
مبابي يتابع المباراة من المدرجات (أ.ف.ب)
TT

مبابي يتابع مباراة المغرب ومالي من المدرجات

مبابي يتابع المباراة من المدرجات (أ.ف.ب)
مبابي يتابع المباراة من المدرجات (أ.ف.ب)

حضر النجم الفرنسي كيليان مبابي، مهاجم ريال مدريد الإسباني، في ملعب «مولاي عبد الله» بالعاصمة المغربية الرباط، لمتابعة مباراة المغرب ومالي بالجولة الثانية بالمجموعة الأولى في كأس أمم أفريقيا.

وحضر مبابي المباراة بناء على دعوة صديقه ونجم منتخب المغرب وباريس سان جيرمان، أشرف حكيمي، حيث إن الثنائي من الأصدقاء المقربين منذ أن كان مبابي، بطل العالم 2018 مع فرنسا، يلعب مع فريق العاصمة الفرنسية حتى رحل عن الفريق في صيف 2024 إلى ريال مدريد.

ويأتي حضور مبابي للمباراة في ظل غياب حكيمي عن التشكيل الأساسي للمنتخب المغربي في المباراة، حيث ما زال يعاني من إصابة تعرض لها مع فريقه الفرنسي في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، لكن وليد الركراكي، المدير الفني للمنتخب المغربي، أبدى تفاؤله بشأن إمكانية مشاركة حكيمي في مباراة الجولة الثالثة بالمجموعات أمام زامبيا، أو المشاركة ابتداء من أدوار خروج المغلوب.


مدرب جنوب أفريقيا: صلاح قال لي إنه فوجئ باحتساب ركلة الجزاء

صلاح لدى تنفيذه الجزائية (أ.ف.ب)
صلاح لدى تنفيذه الجزائية (أ.ف.ب)
TT

مدرب جنوب أفريقيا: صلاح قال لي إنه فوجئ باحتساب ركلة الجزاء

صلاح لدى تنفيذه الجزائية (أ.ف.ب)
صلاح لدى تنفيذه الجزائية (أ.ف.ب)

قال هوغو بروس، مدرب جنوب أفريقيا، إن محمد صلاح نجم منتخب مصر أبلغه عقب المباراة أنه فوجئ باحتساب ركلة الجزاء، التي سجّلها في الشوط الأول لتمنح منتخب بلاده الانتصار.

وفازت مصر على جنوب أفريقيا 1 - صفر بفضل ركلة الجزاء الذي سددها صلاح قبل لحظات من نهاية الشوط الأول، بعد التحام بينه وبين ‌خوليسو موداو، ما منح ‌مصر بطاقة العبور لدور ‌الـ16 ⁠بكأس ​الأمم كأول ‌الفرق المتأهلة لهذا الدور في النسخة الحالية.

واحتسب الحكم باسيفيك ندابيها وينيمانا من بوروندي الركلة بعد مراجعة تقنية حكم الفيديو المساعد.

وقال البلجيكي بروس لشبكة «بي إن سبورتس»: «هناك أمران في المباراة، أحدهما أن محمد صلاح أكد لي أنها ليست ركلة جزاء... نعم أكد لي ذلك».

وعرضت «بي إن ⁠سبورتس» مقطعاً مصوراً لصلاح وهو يتحدث لبروس عقب المباراة، دون الكشف ‌عن فحوى وطبيعة الحديث.

ووصف بروس في ‍تصريحات لاحقة قرار احتساب ‍ركلة الجزاء لمصر بأنه «سخيف».

وأضاف «خذوا ركلة ‍الجزاء الأولى كمثال، حتى محمد صلاح قال لي بعد المباراة: (كنتُ متفاجئاً أن هذه ركلة جزاء). لقد كان الأمر سخيفاً، سخيفا حقاً».

وفي الوقت بدل الضائع من الشوط الثاني، كان من ​الممكن أن يحصل منتخب جنوب أفريقيا على ركلة جزاء بعدما منع مدافع مصر ياسر إبراهيم تسديدة ⁠بيده.

لكن الحكم بعد مراجعة طويلة لتقنية حكم الفيديو، قرّر عدم احتسابها، وهو ما أراح المدافع المصري وأثار غضب بروس أكثر.

وعلّق المدرب على ذلك، قائلاً: «ثم نأتي إلى الركلة الخاصة بنا، في الاجتماع (التحضيري قبل البطولة) قالوا لنا: عندما تكون الذراع ممدودة بعيداً عن الجسد فهي ركلة جزاء. الذراع كانت ممتدة بعيداً عن الجسد، وبالتالي هي ركلة جزاء. ثم قالوا لي كلاماً فارغاً بأن الذراع كانت داعمة (للجسد)».

وتابع: «من اخترع عبارة ‌ذراعاً داعمة؟ الذراع كانت ممدودة، والكرة ارتطمت بها، إنها ركلة جزاء حقيقية».