في 2 يونيو (حزيران)، وخلال مشاركته في بطولة خيرية للغولف أقامتها مؤسسته في جيرونا، طُرحت أمام بيب غوارديولا، مدرب مانشستر سيتي، قائمة تضم أسماء حراس مرمى محتملين مثل جوان غارسيا، وديوغو كوستا، ومارك آندريه تير شتيغن. لكن المدرب الإسباني أزاح الأسماء جانباً بشكل قاطع، قائلاً: «لقد ناقشنا وضع الفريق، والحارسان الموجودان لدينا سيبقيان».
ووفق شبكة «The Athletic»، فقد كان تصريحاً حاسماً، وربما مفاجئاً؛ بالنظر إلى الشائعات التي أحاطت بمستقبل إيدرسون وستيفان أورتيغا، لكنه عكس رؤية غوارديولا الواضحة لمستقبل فريقه. ومع ذلك، فبعد 3 أشهر فقط، وفي تمام السابعة من مساء 1 سبتمبر (أيلول) الحالي، وجد المدرب نفسه يرحب بالحارس الثالث الجديد خلال الصيف، بينما كان إيدرسون يشد الرحال إلى تركيا.
بدأت القصة مع وصول ماركوس بيتينيللي من تشيلسي في يونيو ليكون الحارس الثالث بديلاً لسكوت كارسون. ثم عاد جيمس ترافورد من بيرنلي في يوليو (تموز) مقابل 27 مليون جنيه إسترليني، قبل أن يختتم الصيف بصفقة كبرى تمثلت في ضم جيانلويجي دوناروما من باريس سان جيرمان مقابل 26 مليوناً. في المقابل، غادر إيدرسون، إحدى ركائز «الجيل الذهبي» لسيتي، إلى فناربخشه مقابل 12 مليوناً.
رحيل إيدرسون الذي أعاد تعريف دور حارس المرمى في الدوري الإنجليزي على مدى 8 مواسم، لم يكن بالأمر السهل، إلا إن سيتي نجح في إتمام عملية الانتقال في نافذة واحدة بضم اثنين من أبرز الحراس الواعدين؛ ترافورد (22 عاماً) ودوناروما (26 عاماً)، ليؤمّن المركز لعقد كامل مقبل.
جيمس ترافورد، ابن أكاديمية سيتي منذ الثانية عشرة، لمع الموسم الماضي مع بيرنلي الذي استقبل 16 هدفاً فقط في دوري الدرجة الأولى. ورغم أن نيوكاسل كان قريباً من التعاقد معه ليصبح حارس المستقبل تحت قيادة إيدي هاو، فإنه فضّل العودة إلى مانشستر، مدركاً أن إيدرسون (32 عاماً) يقترب من نهاية عقده ويعاني من الإصابات والأخطاء.
الخطة كانت أن يقضي ترافورد موسماً أول في منافسة أورتيغا، قبل أن يثبت أحقيته بالقفاز الأول. لكن وصول دوناروما غيّر كل الحسابات.

دوناروما: صفقة الفرصة الذهبية
لم يكن سيتي يتوقع أن يكون دوناروما متاحاً. لكن تصريح الحارس الإيطالي علناً عن «خيبة أمله» من قرار المدرب لويس إنريكي باستبعاده لمصلحة لوكاس شوفالييه فتح الباب. وعندما سنحت الفرصة للتوقيع مع أحد أفضل حراس العالم في أوج عطائه وبسعر مخفض، لم يتردد غوارديولا.
الإيطالي الذي خاض 486 مباراة مع ميلان وباريس سان جيرمان ومنتخب إيطاليا، وأحرز لقب «يورو 2020» مع جائزة «أفضل لاعب» في البطولة، وكذلك جائزة «ياشين» لأفضل حارس في العالم، أصبح الاسم الأبرز الذي لا يمكن رفضه.
رغم التوصل إلى اتفاق مبكر مع دوناروما، فإن انتقال إيدرسون كان ضرورياً حتى لا يتكدس الفريق بـ5 حراس، وأيضاً للالتزام بنسبة تكاليف الرواتب التي تفرضها لوائح الاتحاد الأوروبي. ومع دخول فناربخشه على الخط، أُنجزت الصفقة وأكمل الإيطالي فحوصه الطبية في بلاده قبل أن يُعلن عن الانتقال رسمياً.
إيدرسون ترك بصمة لا تمحى في الدوري الإنجليزي، بتمريراته الطويلة التي جعلت التوزيع مهارة أساسية للحراس، وبحضوره في التتويج بالبطولات. ومع ذلك، يرى غوارديولا أن المرحلة الحالية تحتاج إلى عودة لأساسيات التصدي ورد الفعل، خصوصاً بعد ازدياد التسديدات على مرمى سيتي مؤخراً.
هذا التحول يُذكّر بصيف 2016 حين أبلغ غوارديولا جو هارت، حارس إنجلترا الأول آنذاك، بعدم ملاءمته أسلوبه، فاستُبعد بسرعة. واليوم، وبعد نحو عقد من الزمان، يعود المدرب الإسباني ليغيّر فلسفته من جديد.
بالنسبة إلى سيتي، فإن نجاح دوناروما في مانشستر يعني أنهم نجحوا في تعويض أحد أبرز الحراس في تاريخ الدوري، وإن كان ذلك بتنازل عن بعض أفكار غوارديولا القديمة. وإذا برز الحارس الإيطالي كما فعل مع باريس في طريقه إلى لقب دوري الأبطال الأخير، فإن هذه «المقامرة» ستثبت أنها رهان رابح.


