قد لا يكون مايسون ماونت من أكثر اللاعبين إثارة للجماهير، أو من أصحاب المهارات الاستعراضية، لكنه يظل أحد أكثر العناصر التي يقدّرها المدربون في الفرق التي لعب لها، والسبب ببساطة أنه لاعب منظومة بامتياز.
قبل يورو 2020، جرى دائماً تصوير ماونت على أنه نقيض لجاك غريليش: الأخير لاعب مزاجي، قادر على الإبداع غير المتوقع، بينما ماونت هو «تلميذ المدرّس»، ينفذ التعليمات بدقة، يقرأ الملعب بذكاء تكتيكي، ويجيد خلق المساحات لزملائه.
وبحسب شبكة «The Athletic»، وفي مباراة مانشستر يونايتد أمام آرسنال (الخسارة 0 - 1 في أولد ترافورد)، قدّم ماونت البالغ 26 عاماً تذكيراً حياً بقيمته التكتيكية. ورغم أن الوافدين الجدد ماتيوس كونيا، بنيامين سيسكو وبريان مبويومو هم المرشحون الأساسيون للهجوم في خطة 3 - 4 - 2 - 1 مع المدرب روبن أموريم، فإن ماونت حصل على فرصة البداية بسبب غياب سيسكو عن فترة إعداد كافية.
تمركز ماونت في الدور الذي يفضله: الجناح الداخلي الأيسر، وهو نفس الموقع الذي تألق فيه سابقاً مع تشيلسي تحت قيادة توماس توخيل، الذي كان حاضراً في المدرجات بصفته المدير الفني الجديد لمنتخب إنجلترا.
منذ الدقائق الأولى، كان ماونت يعرف بالضبط أين يتمركز ليتسلم الكرة بين خطوط دفاع آرسنال. مرر كرة حاسمة لمبويومو في بداية المباراة ذكّرت بتمريرة الهدف الشهير لكاي هافرتس في نهائي دوري الأبطال 2021. كما برع في التحويلات العرضية، إذ نفّذ تمريرة طويلة لمبويومو أتاحت انطلاقة لظهير يونايتد ديوغو دالوت، وإن ضاع الموقف لاحقاً بسبب التسلل.
الأهم أن ماونت يعرف دائماً أين يتمركز «ظهيره» في المنظومة. مع الوافد الدنماركي باتريك دورغو، أظهر تناغماً واضحاً، حيث ساعده على تقديم أفضل أداء له منذ انتقاله من ليتشي. دورغو كان يستمتع باللعب بجواره، سواء عبر تبادل التمريرات القصيرة، أو التحركات المتبادلة التي خلخلت دفاع آرسنال.
في الشوط الثاني، ومع تقدم لوك شو من مركز قلب الدفاع الأيسر، تضاعفت خطورة يونايتد على الجبهة اليسرى. تبادل الأدوار بين شو، دورغو وماونت أظهر أن اللاعب الإنجليزي ليس مجرد حل فردي، بل إنه مُيسّر لعب يجعل الآخرين أفضل.
وعلى الجانب الآخر من الملعب، كان العجز التكتيكي واضحاً: سوء تفاهم بين مبويومو وعماد ديالو كشف أهمية وجود لاعب يقرأ زملاءه كما يفعل ماونت.
منذ ظهوره الأول في البريمرليغ قبل ستة أعوام، اشتهر ماونت بقدرته على الربط، التمركز الذكي، وتنفيذ خطط المدرب، حتى وإن لم يسجّل أو يصنع مباشرة. وهنا يكمن الفرق: الأندية الكبرى تعج بالمواهب الفردية، لكن اللاعبين الذين يمنحون الفريق التماسك هم عملة نادرة.
ولهذا السبب، يظل ماونت محبوباً لدى مدربيه، حتى لو لم يكن دائماً اللاعب الذي يثير الحماسة بين الجماهير.
