روني بردغجي... اسم قد يكون مألوفاً لك حتى وإن لم تشاهد الجناح الشاب البالغ من العمر 19 عاماً وهو يلعب مع نادي كوبنهاغن الدنماركي. فالصبي، الذي يفضل أن يُعرف فقط باسمه الأول، لمع نجمه في لعبة «فوتبول مانجر» قبل أن يلفت الأنظار في الواقع بهدف رائع في دوري أبطال أوروبا أمام مانشستر يونايتد في نوفمبر (تشرين الثاني) 2023.
لكن منذ ذلك الهدف، لم تكن مسيرة اللاعب السويدي المولود في الكويت سلسة، قبل أن يُعلن نادي برشلونة ضمه رسمياً بعقد يمتد 4 سنوات، في خطوة كأنها مأخوذة من لعبة الفيديو التي بدأ منها شهرته.
وُصف روني في بداياته بـ«ميسي السويد»، لكن طريقه لم تكن ممهدة مثل نجم الأرجنتين الشهير الذي يعدّه قدوته. التقى والداه في مدينة حلب السورية، لكنه وُلد في مدينة الكويت حيث كان والده يعمل. لم يلعب لأي نادٍ كويتي، بل اعتاد اللعب مع والده في ملاعب الأحياء.
والده مشجع لنادي مانشستر يونايتد، لكن صوراً له من طفولته تظهره مرتدياً قميص نادي برشلونة ويلعب بكرة «غابولاني» الشهيرة التي تكاد تلامس ركبتيه. وفي يناير (كانون الثاني) 2024، أوضح أن اسمه «لا علاقة له بـ(اللاعب) واين روني على الإطلاق»، مضيفاً أنه «اسم محظوظ اختارته له والدته».
في عام 2012، انتقل روني إلى السويد مع والدته وشقيقه الأصغر ريان - الذي يلعب حالياً في فرق الناشئين بنادي كوبنهاغن - بينما بقي والده في الكويت. استقروا في مدينة كالينغه الواقعة جنوب البلاد، وهناك تعلم اللغة السويدية، ليضيفها إلى رصيده اللغوي الذي يشمل الدنماركية والعربية والإنجليزية أيضاً.
بدأ اللعب مع نادٍ محلي يُدعى كالينغي، ثم انتقل إلى روديبي عام 2015، وخضع لاختبار مع نادي توتنهام هوتسبير عندما كان عمره 12 عاماً، وسجّل ثلاثية وصنع هدفين في فوز ساحق على نادي إيبسويتش تاون بنتيجة 6 - 1. وفي عام 2019، انضم إلى نادي مالمو، وبعد عام فقط وقّع مع نادي كوبنهاغن في الدوري الدنماركي الممتاز.
ووفق لوائح الدوري، فلم يكن بإمكانه الظهور مع الفريق الأول قبل بلوغه 16 عاماً، وهو ما تحقق في نوفمبر (تشرين الثاني) 2021، ليصبح أصغر لاعب في تاريخ النادي، ثم أصغر هدّاف في تاريخ الدوري لاحقاً في الشهر نفسه. خاض منذ ذلك الحين 84 مباراة مع كوبنهاغن وسجّل 15 هدفاً، أبرزها هدف قاتل في الدقيقة الـ87 أمام مانشستر يونايتد في دوري الأبطال.
لكن بعد هذا الإنجاز، غاب اسمه بسبب إصابة خطيرة في الركبة خلال أبريل (نيسان) 2024 أبعدته عن الملاعب نحو عام، تبعتها إصابة جديدة في مايو (أيار) الماضي لا يزال يعاني منها.
ورغم مشاركته في 9 مباريات مع منتخب السويد تحت 21 عاماً، فإنه لم يخض بعد أي لقاء مع المنتخب الأول. وفي نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، صرّح المدرب السويدي السابق ياني آندرسون بأن روني «لا يزال بحاجة لإثبات نفسه على أعلى مستوى»، ليرد اللاعب لموقع «فوتبولسكانالن» السويدي قائلاً: «ما الذي كان ينبغي عليّ فعله أكثر من ذلك وأنا في الـ17؟».
كان من المتوقع استدعاؤه بعد بطولة «يورو 2024»، لكن إصابته التي استمرت من أبريل 2024 حتى مارس (آذار) 2025 حرمته من المشاركة في جميع التوقفات الدولية.
الصفقة جاءت نتيجة مباشرة لتحركات المدير الرياضي لنادي برشلونة؛ ديكو، نجم الفريق السابق. ديكو قاد المفاوضات بنفسه حتى لحظة إتمام الصفقة.
منذ توليه المنصب، تبنّى ديكو سياسة تتبُّع المواهب الشابة. وعلى الرغم من فشل برشلونة سابقاً في ضم أردا غولر (الذي اختار نادي ريال مدريد) ولوكاس بيرغفال (الذي اختار نادي توتنهام هوتسبير)، فإن الصفقة الحالية تُظهر إصراره على هذه الاستراتيجية.
روني يندرج ضمن هذه الفئة، لكنه لا يُعدّ صفقة فورية للفريق الأول. سيشارك في فترة الإعداد، وسيقرر المدرب هانزي فليك حينها ما إذا كان سيبقيه ضمن الفريق أم يُعيره.
وقد أُعلن انضمامه عبر حساب «برشلونة أتلتيك»؛ الفريق الرديف للنادي، في إشارة واضحة إلى إمكانية قيده هناك؛ مما يسهل إجراءات تسجيله بسبب قواعد الرواتب في الدوري الإسباني.
فمن حيث المبدأ، اللاعبون في الفريق الرديف لا يُحسبون ضمن سقف رواتب الفريق الأول عند تسجيلهم، رغم أن الإنفاق عليهم يؤثر في الميزانية العامة للنادي.
وبمجرد أن يخوض اللاعب 30 في المائة أو أكثر من دقائق الفريق الأول، فإن راتبه يُحسب ضمن الفريق الأول تلقائياً في الموسم التالي، إلا إذا كان أجنبياً كما هي حال روني.
وتؤكد مصادر داخل النادي - تحدّثت لشبكة «The Athletic» - أن صفقة المليونَيْ يورو تُعدّ «رهاناً محسوباً»، نظراً لقيمة اللاعب السابقة وتوقعاته المستقبلية.
هي مغامرة قد تعود على برشلونة بمكاسب ضخمة. فإما ينفجر روني ويصبح نجماً عالمياً، وإما يحافظ على قيمته السوقية ويباع لاحقاً.
روني جناح هجومي يفضّل اللعب على الجهة اليمنى، ويتميّز بقدرته على التوغل وخلق الخطورة من العمق. يمتلك رؤية مميزة وتحركات ذكية، مما يجعله فعالاً في الثلث الأخير.
أما وصفه بـ«ميسي السويد»، فربما يحمل ضغطاً كبيراً، لكنه بالفعل يحاول تقليد أسلوب ميسي في المراوغة والتمرير، وإن كان لا يمتلك السرعة نفسها أو الانفجار البدني نفسه، حتى الآن.
ورغم موهبته، فإن مركزه المفضل مشغول حالياً بأحد ألمع مواهب برشلونة، لامين يامال؛ مما يقلل فرصه في نيل دقائق اللعب.
وفي مقابلة العام الماضي، قال: «أتمنى أن أصبح أفضل لاعب في العالم»، وهو تصريح يكشف عن شخصية واثقة.

