ربما أشعلت جماهير أميركا الجنوبية المحتفلة الأجواء في كأس العالم للأندية لكرة القدم، لكن لسوء حظ الولايات المتحدة المضيفة للبطولة فإن تلك الأجواء الاحتفالية لم تجتح جميع أنحاء البلاد حيث تقام بعض المباريات أمام جماهير قليلة للغاية.
وكان الاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا) يأمل في أن تؤدي النسخة الموسعة من البطولة التي تضم العديد من أفضل الأندية في العالم إلى زيادة الحماس تجاه كرة القدم في بلد كانت الآراء فيه تجاه اللعبة الشعبية الأولى في العالم متناقضة، وذلك في ظل استعداد أميركا لاستضافة كأس العالم 2026 بالاشتراك مع كندا والمكسيك.
ومع بيع حوالي 1.5 مليون تذكرة بعد أيام فقط من انطلاق البطولة، لا تزال هناك فجوة كبيرة بين عدد الجماهير في الملاعب المضيفة للبطولة.
في مباراتين فقط، استحوذت جماهير بوكا جونيورز الأرجنتيني على ملعب «هارد روك» وحولته إلى ملعب «بومبونيرا» الخاص بفريقها، لتملأه بشغف لا مثيل له في كأس العالم للأندية.
وشكل مشجعو بوكا غالبية الجماهير التي حضرت المباراة ضد بنفيكا والتي بلغ عددها 55574 متفرجا، وكان الأمر مشابها خلال المباراة التي فاز فيها بايرن ميونيخ 2-1 على الفريق الأرجنتيني يوم الجمعة الماضي وحضرها 63587 مشجعا.
وقال فينسن كومباني مدرب بايرن بعد مباراة بوكا: «كانت مسيرتي (كلاعب) طويلة وشاهدت خلالها الكثير. لكن هناك أوقات أريد أن أعود فيها لاعبا لبعض الوقت، وكانت الليلة واحدة من تلك الأوقات».
وأضاف: «إنهم (جماهير بوكا جونيورز) مميزون. كان الجمهور متحمسا بأفضل طريقة ممكنة. هذا ما أحبه في كرة القدم. الكثير من المشجعين سيدفعون المال لمشاهدة ذلك».
إن الأجواء التي صنعها مشجعو بوكا إلى جانب حضور نجم إنتر ميامي ليونيل ميسي في المباراة الافتتاحية للبطولة وزيارة ريال مدريد، جعلت من ملعب «هارد روك» بمثابة عاصمة كرة القدم في أميركا بمتوسط حضور جماهيري بلغ 60626 متفرجا.
تبلغ سعة ملعب «هارد روك»، الذي استضاف مباراة السوبر بول (نهائي دوري كرة القدم الأميركية) ست مرات، حوالي 66000 متفرج.
ومع تحقيق بوتافوغو فوزا مفاجئا 1-صفر على باريس سان جيرمان الفائز بدوري أبطال أوروبا، وانتصار فلامنغو 3-1 على تشيلسي فإن الأسبوع الأول كان جيدا للأندية البرازيلية في البطولة التي توسعت إلى 32 فريقا بعدما كانت تضم سبعة فرق فقط.
وقال مدرب مانشستر سيتي بيب غوارديولا للصحافيين: «أحب عندما أرى بوتافوغو وكل الفرق البرازيلية والفرق الأرجنتينية وكيف يحتفلون وكيف يكونون معا، أحبهم».
وأضاف: «أحب كيف أن جميع المباريات متقاربة، باستثناء مباراة أو اثنتين، الناس يُفاجَأون بخسارة الفرق الأوروبية لكن مرحبا بكم في العالم الحقيقي. مرحبا بكم في العالم الحقيقي يا أصدقائي».
وليس من المفاجئ أن يشهد هذا الملعب الضخم بعض النتائج المذهلة، بعد فوز بايرن ميونيخ بطل الدوري الألماني على أوكلاند سيتي المكون من لاعبين هواة بنتيجة 10-صفر في مباراته الافتتاحية.
بينما لم تواجه بعض المدن المضيفة أي مشكلة في الحضور الجماهيري، بما في ذلك لوس أنجليس، التي استقبلت 80619 شخصا في ملعب روز بول لحضور مباراة باريس سان جيرمان وأتلتيكو مدريد، عانت مدن أخرى.
وانطلقت مباراة أولسان ضد ماميلودي صن داونز في الساعة السابعة مساء بالتوقيت المحلي في أورلاندو أمام 3412 مشجعا في ملعب «إنتر آند كو» الذي يتسع لأكثر من 25 ألف متفرج، بينما لم يحضر مباراة الساعة السادسة مساء بالتوقيت المحلي في سينسيناتي يوم الأربعاء بين باتشوكا وسالزبورغ سوى 5282 متفرجا في ملعب «تي كيو إل» الذي يضم 26000 مقعد.
وقال إنزو ماريسكا مدرب تشيلسي الإنجليزي للصحافيين بعد فوزه فريقه 2-صفر على لوس انجليس إف سي أمام أكثر بقليل من 22 ألف مشجع في ملعب «مرسيدس بنز» في أتلانتا الذي يتسع لأكثر من 70 ألف متفرج: «كانت الأجواء غريبة بعض الشيء».
ويواجه المنظمون تحديا كبيرا يتمثل في ملء المدرجات في الملاعب الضخمة التي غالبا ما تستخدم في الرياضة التي تمثل إدمانا للشعب الأميركي، كرة القدم الأميركية، مع إقامة أربع مباريات في اليوم الواحد في دور المجموعات.
وبينما تكثر الملاعب الصغيرة المخصصة لكرة القدم في الولايات المتحدة، فإن كأس العالم للأندية تمنح المنظمين فرصة لاختبار بعض الملاعب التي يتوقع «الفيفا» أن تمتلئ عن آخرها في كأس العالم 2026.
وإذا كان «الفيفا» يأمل في أن يقتنص السكان المحليون تذاكر لمشاهدة بطولة كرة قدم عالمية المستوى تقام مبارياتها أمام منازلهم، فإن الأدلة تشير إلى أن المشجعين القادمين من الخارج هم من سيتدافعون للحصول على مقاعد لمشاهدة كأس العالم العام المقبل وليس الأميركيين.