أربع مباريات وأربع هزائم ومحصلة ثقيلة: 16 هدفاً في شباك ريال مدريد مقابل 7 فقط في مرمى برشلونة.
وحسب شبكة «The Athletic»، هذه هي الحقيقة القاسية التي تعكس الفجوة بين الغريمين هذا الموسم, ريال مدريد أنهى موسمه دون تحقيق أي من الألقاب التقليدية الكبرى: لا دوري أبطال أوروبا، ولا لقب الليغا، ولا كأس الملك. ومع نهاية موسم مخيّب، يبدو أن صيفاً عاصفاً ينتظر النادي الملكي، يبدأ هذا الأسبوع بإعلان رحيل كارلو أنشيلوتي، المدرب الأكثر تتويجاً في تاريخ النادي، بعد أربعة مواسم في ولايته الثانية.
ومن المتوقع أن يتولى أنشيلوتي تدريب منتخب البرازيل بعد رحيله، في الوقت نفسه، بدأ النادي محادثاته مع ممثلي تشابي ألونسو، الذي أعلن الجمعة الماضي رحيله عن باير ليفركوزن رغم ارتباطه بعقد حتى 2026.
لا يُصدّق... نهاية دورة كاملة
هكذا وصف مصدر من غرفة ملابس مدريد الأجواء في مونتغويك مساء الأحد، مؤكداً حالة الحزن والانكسار. هذا الشعور لم يقتصر على اللاعبين فقط، بل امتد إلى الجماهير.
فقد تجمعت مجموعة من أنصار الفريق في مقر التدريبات «فالديبيباس»، للتعبير عن غضبهم، ووجهوا هتافات ضد اللاعبين وهم يغادرون بسياراتهم، وذهب بعضهم حد المطالبة باستقالة الرئيس فلورنتينو بيريز، كما أظهرت مقاطع مصورة نشرتها وسائل إعلام إسبانية.
في الوقت الذي باتت فيه الليغا خارج متناول الفريق، حيث يتقدم برشلونة بسبع نقاط مع تبقي ثلاث جولات فقط، يواجه ريال مدريد واقعاً جديداً لم يعتد عليه.
لم يسبق أن خسر الفريق أمام برشلونة أربع مرات في موسم واحد سوى في موسم 1982 - 1983، وحتى حينها كانت إحدى تلك المباريات تعادلاً في ذهاب نهائي كأس الدوري الملغاة.
أما أن يسجل فريق واحد 16 هدفاً في شباك ريال مدريد خلال موسم واحد، فذلك لم يحدث من قبل... حتى جاءت كتيبة هانسي فليك.
ريال مدريد استقبل 37 هدفاً في 35 مباراة بالدوري، أي أكثر بـ11 هدفاً مقارنة بالموسم الماضي.
في المؤتمر الصحافي، بدا أنشيلوتي جاداً وهو يقول: «لا يجب أن ننسى أننا افتقدنا خمسة مدافعين»، مشيراً إلى داني كارفاخال، وإيدر ميليتاو، وديفيد ألابا، وفيرلان ميندي وأنطونيو روديغر.
هذه الرسالة لم تكن عشوائية، بل حملت نبرة دفاع عن النفس وتصويباً للمسؤولية.
من جهة، كان يشير إلى سلسلة الإصابات التي ضربت الفريق منذ الصيف، والتي تسببت في توترات داخلية، منها صدامات مع أنطونيو بينتوس، رئيس الإعداد البدني، الذي من المتوقع أن يرحل عن الطاقم الفني رغم احتمال تعيينه في منصب إداري آخر بالنادي.
من جهة أخرى، كان يُحمّل الإدارة مسؤولية عدم تلبية طلباته في التعاقد مع مدافع صريح في الصيف أو في يناير (كانون الثاني)، خصوصاً بعد فشلهم في ضم ليني يورو، الذي اختار مانشستر يونايتد.
وأكد مصدر مقرب من أحد نجوم الفريق: «اللوم يقع على الإدارة لأنها لم تُبرم أي صفقة».
وقد تجلى ذلك في خط الدفاع المرتبك في مونتغويك: لوكاس فاسكيز كان في مركز الظهير الأيمن بعد إصابة كارفاخال؛ ما أجبر فالفيردي أفضل لاعبي الوسط على شغل ذلك المركز أحياناً.
أما قلبا الدفاع، فكانا أوريلين تشواميني، لاعب الوسط الذي أبدى عدم ارتياحه لهذا الدور، ورافا أسينسيو، لاعب من الأكاديمية، لم يكن الخيار الأول للصعود للفريق الأول، ويخضع حالياً للتحقيق في قضية شريط فاضح يُقال إنه يخصه ويشمل قاصراً.
وفي الظهير الأيسر، لعب فران غارسيا، الذي تراجع خلف ميندي المصاب دائماً، وألابا العائد من إصابة الرباط الصليبي، وحتى خلف كامافينغا الذي اضطر إلى اللعب في هذا المركز.
استغل برشلونة هذه الفوضى الدفاعية، وسدد 23 كرة، منها 4 أهداف، بمتوسط تهديفي بلغ 2.7 هدفاً في الليغا. وكما في مرات سابقة، لم يتحدث أي لاعب من مدريد لوسائل الإعلام عقب الهزيمة.
أفضل ما يمكننا فعله في الليغا الآن هو أن تنتهي، ونتدرب جيداً لكأس العالم للأندية.
قال أحد اللاعبين بشكل خاص الوجوه الغاضبة والمرتبكة كانت واضحة على أرض الملعب بدا أن كيليان مبابي لا يصدق أن أهدافه الثلاثة في أول 14 دقيقة لم تكن كافية للفوز.
بات مبابي رابع لاعب في تاريخ مدريد يسجل «هاتريك» ويخسر في مباراة دوري كما أصبح ثالث لاعب يسجل ثلاثية في كلاسيكو خارج الديار بعد بوشكاش وبنزيمة.
لكن حتى ثلاثيات مبابي لم تعد تنقذ مدريد تماماً كما حدث في نهائي كأس الملك قبل أسابيع قليلة.
ورغم مرارة الخسارة، فإن مبابي يواصل تحقيق الأرقام: بلغ هدفه رقم 27 في الليغا، متقدماً على ليفاندوفسكي، ورفع حصيلته في موسمه الأول مع النادي إلى 39 هدفاً في كل البطولات، محطماً رقم إيفان زامورانو (37 هدفاً في 1992 - 1993).
الخسارة الرابعة على التوالي أمام برشلونة عززت من قناعة الإدارة بضرورة التغيير، الذي بدأ فعلياً خلف الكواليس.
مدريد في حاجة إلى ما هو أكثر من مدرب جديد؛ فالدفاع يحتاج إلى إعادة بناء رغم أن الصفقة المتوقعة مع ترينت ألكسندر - أرنولد لم تُعلن رسمياً بعد، فإن النادي يريده أن يكون جاهزاً لكأس العالم للأندية كما يجري العمل على ضم قلب دفاع وظهير أيسر.
ولا يُستبعد أن تشمل التغييرات مراكز أخرى، بل وقد تشمل بيع بعض النجوم؛ فبعد موسم باهت، الاستعدادات جارية في سانتياغو برنابيو... والتغيير قادم لا محالة.