4 أسباب تجعل فوز ليفربول بالدوري أمراً مفيداً للكرة الإنجليزية

ما فعله ليفربول هذا الموسم يفتح باباً مختلفاً للتأمل (أ.ف.ب)
ما فعله ليفربول هذا الموسم يفتح باباً مختلفاً للتأمل (أ.ف.ب)
TT

4 أسباب تجعل فوز ليفربول بالدوري أمراً مفيداً للكرة الإنجليزية

ما فعله ليفربول هذا الموسم يفتح باباً مختلفاً للتأمل (أ.ف.ب)
ما فعله ليفربول هذا الموسم يفتح باباً مختلفاً للتأمل (أ.ف.ب)

رغم أن الدوري الإنجليزي الممتاز لا يزال يُصنَّف بوصفه أفضل دوريات العالم من حيث جودة التنافس واتساع قاعدته الجماهيرية، فإن موجة من السلبية تحيط به مؤخراً.

وليس الأمر متعلقاً فقط بنقاشات فلسفية حول «روح اللعبة»، بل بمستوى كرة القدم المقدَّم على أرض الملعب، وبالسؤال المتكرّر: هل ما نشاهده حقاً يستحق أن يوصف بأنه قمة ما يمكن أن تقدمه كرة القدم الحديثة؟

المفارقة، أن هذا الموسم، كما في مواسم سابقة، شهد معدلات تهديف مرتفعة غير مسبوقة في حقبة «البريميرليغ». ورغم أن عدد الأهداف ليس معياراً وحيداً للمتعة، فإن تسجيل أهداف كثيرة يظل أفضل – على الأقل – من غيابها.

لكنّ الإشكال الحقيقي كان في غياب المنافسة على اللقب؛ إذ لم يرتقِ مانشستر سيتي وآرسنال إلى مستوى التوقعات، ما أفقد الدوري عنصر الإثارة الأساسي، وترك ليفربول على القمة بلا مطارد حقيقي.

بحسب شبكة The Athletic، هذا الانفراد قد يبدو لبعضهم مملاً أو دليلاً على تراجع المستوى، لكن قراءة ما فعله ليفربول هذا الموسم تفتح باباً مختلفاً للتأمل. فالفريق لم يكن مجرد مستفيد من تعثّر الآخرين، بل كان، وبجدارة، نموذجاً لكرة القدم التي تعتمد على المنطق، وعلى قرارات ذكية، لا على الإنفاق الخرافي ولا على الثورة من أجل الثورة.

منذ بداية الموسم، بدا ليفربول مختلفاً. في وقت كانت فيه أندية النخبة تتسابق لعقد صفقات ضخمة – وصلت ببعضها إلى إنفاق أكثر من 180 مليون جنيه إسترليني – قرر النادي عدم التورط في السوق إلا بصفقة واحدة رمزية.

ليفربول لم يعتمد على «النجومية» بل على العمل الجماعي (رويترز)

فيديريكو كييزا، الذي جاء على سبيل التعزيز، لم يبدأ أي مباراة في «البريميرليغ» طوال الموسم؛ وهو ما يعكس خياراً واعياً لا علاقة له بالتقشف، بل بالثقة فيما يملكه الفريق من عناصر، وبالإيمان بأن الانسجام والهوية لا يمكن شراؤهما.

ومع مرور الوقت، بدا واضحاً أن هذا القرار لم يكن مجازفة، بل أحد أهم أسباب التفوق.

فرغم أن الفريق عانى بعض الإرهاق في الأسابيع الأخيرة، فإن تشكيلته الأساسية أظهرت نضجاً لافتاً، وروحاً جماعية انعكست على طريقة اللعب. وهذا ما يجعل تتويج ليفربول – إذا تحقق – ليس إنجازاً تحقق «رغم» غياب التعاقدات، بل «لأن» التعاقدات لم تُفرض على المنظومة.

وحين ننتقل من إدارة التعاقدات إلى التفاصيل الفنية، تظهر صورة أخرى للفريق. ففي الصيف الماضي، كانت معظم التحليلات تتفق على أن ليفربول يعاني غياب لاعب ارتكاز صلب، يكون بمثابة حلقة الوصل بين الدفاع والهجوم.

لكن آرني سلوت، المدرب الذي تسلّم المهمة خلفاً لأسطورة بحجم يورغن كلوب، تعامل مع هذه الفجوة بأسلوب بعيد عن النمطية؛ إذ قرر منح ريان خرافنبرخ دوراً جديداً، وحوّله من لاعب وسط هجومي إلى لاعب ارتكاز بخصائص غير تقليدية.

خرافنبرخ لم يملك الصلابة الدفاعية النمطية، لكنه امتلك قدرة فنية استثنائية على تسلّم الكرة تحت الضغط، والدوران السريع، والانطلاق في المساحات.

هذا التغيير أعطى الفريق بعداً هجومياً إضافياً، وحافظ في الوقت نفسه على التوازن، وهو ما يُحسب لمدرب يعرف كيف يستخدم الأدوات المتاحة، دون الانجراف وراء أنماط جاهزة.

وفي الجانب الدفاعي، حافظ الفريق على هوية هجومية، رغم أن التيار العام في الكرة الحديثة يدفع نحو الحذر والصلابة.

خلافة سلوت ليورغن كلوب لم تكن مهمة عادية (رويترز)

في وقت قرر فيه بيب غوارديولا وميكل أرتيتا الاعتماد على أظهرة تتحول قلوب دفاع عند امتلاك الكرة، وبلغ الأمر أحياناً إلى إشراك أربعة مدافعين في المحور، واصل ليفربول الاعتماد على ترينت ألكسندر - أرنولد وآندي روبرتسون، رغم أخطائهما الدفاعية، إيماناً بأنهما قادران على تقديم ما هو أهم: صناعة اللعب من الخلف، والمساهمة في تشكيل خطورة حقيقية من الأطراف.

أما في الهجوم، فقد خالف الفريق المنطق الذي بات سائداً، والذي يقول إن الفوز بالبطولات يتطلب «رقم 9» صريحاً، قوياً، هدافاً على طريقة إيرلينغ هالاند.

ليفربول، عوضاً عن ذلك، بنى منظومة هجومية تعتمد على الحركة، وتبادل الأدوار، واللعب في المساحات، فكان النجاح جماعياً لا فردياً، وكان التسجيل مسؤولية يتشاركها الجميع.

ومن بين أبرز تجليات هذا الموسم، عودة محمد صلاح إلى قمة الأداء، بعدما ظن كثيرون أنه بدأ يهبط تدريجياً مع تقدمه في السن.

صلاح، الذي سجل الموسم الماضي أقل عدد أهداف له منذ انضمامه إلى ليفربول، لم يُستبعد، ولم يُطلب منه مضاعفة المجهود الدفاعي كما قد يفعل مدربون آخرون.

بل تم وضعه في قلب الخطة الهجومية، ودُفع إلى أعلى الملعب، وأُعيد تشكيل النسق حوله ليُعطى الفرصة للتركيز على ما يُتقنه: التهديف وصناعة اللعب.

اليوم، يقترب صلاح من إنهاء الموسم بصفته أفضل هداف وأفضل صانع أهداف،؛ وهو ما يعكس فلسفة سلوت القائمة على احترام موهبة النجم، لا تقييدها.

وفي خضم كل هذه التحولات، لا يمكن إغفال الدور الذي لعبه المدرب الجديد.

خلافة يورغن كلوب لم تكن مهمة عادية؛ فهو مدرب حظي بحب جماهيري جارِف، وترك بصمة لا تُمحى.

لكن آرني سلوت تعامل مع الموقف بأناقة وهدوء. لم يدخل في مقارنة مع سلفه، ولم يحاول فرض اسمه على المنظومة.

ابتعد عن الأضواء الإعلامية، حتى داخل قنوات النادي، وفضّل التركيز على الملعب. لم يسعَ إلى «صناعة قصة»، بل إلى تحقيق نتيجة.

رفض سلوت هدم ما بُني، وأبقى على جوهر الفريق، مع بعض اللمسات في الوسط، وانضباط إضافي في التمركز.

مدرب آخر، أقل ثقة، كان سيحاول إثبات حضوره عبر تغييرات جذرية، لكن سلوت كان أكثر وعياً. اختار أن يكون همّه الأساسي تحسين ما هو قائم، لا تحديه.

في زمن باتت فيه كرة القدم محكومة بالأنا، وباستعراضات المدربين، وبالصفقات التي تُسوَّق أكثر مما تُوظَّف، يعيد ليفربول هذا الموسم تعريف معنى الفوز.

هو فريق لم يعتمد على «النجومية»، بل على العمل الجماعي، ولم يطلب الاحترام عبر الأرقام، بل عبر الطريقة.

وإذا كان هناك ما يُعرف بـ«المشجع المحايد» بعد في هذا العصر، فإن نجاح ليفربول يمنحه سبباً نادراً للفرح.

فريق لعب معظم الموسم بكرة هجومية، ممتعة، مبنية على مهارة الأفراد، لا على صرامة التعليمات أو عبء الميزانيات.

ولأن أساليب اللعب تنتقل بسرعة هائلة إلى فرق الدرجات الأدنى، فإن اللعبة ككل ستكون في حال أفضل إن استلهم الآخرون من هذه النسخة من ليفربول، لا من الفرق التي تخلّت عن الجمال لصالح النتائج.


مقالات ذات صلة

فان دايك: حزين لعدم وجود ألكسندر - أرنولد معنا العام المقبل

رياضة عالمية ألكسندر أرنولد (إ.ب.أ)

فان دايك: حزين لعدم وجود ألكسندر - أرنولد معنا العام المقبل

استبعد المدافع الهولندي فيرجيل فان دايك أن يرخي رحيل ترنت ألكسندر - أرنولد عن ليفربول بظلاله على احتفالات النادي بإحراز لقب الدوري الإنجليزي لكرة القدم.

«الشرق الأوسط» (ليفربول)
رياضة عالمية ترينت ألكسندر - أرنولد يحيي الجماهير بعد مواجهة آرسنال (رويترز)

روبرتسون: أرنولد لا يستحق استهجان جماهير أنفيلد

أسرع أندرو روبرتسون للدفاع عن زميله في ليفربول ترينت ألكسندر - أرنولد بعدما تعرض الظهير الأيمن لصيحات استهجان من بعض المشجعين.

«الشرق الأوسط» (ليفربول)
رياضة عالمية محمد صلاح فشل في التسجيل في تعادل ليفربول مع آرسنال (رويترز)

«البريميرليغ»: آرسنال يقترب من دوري الأبطال بتعادل مثير مع ليفربول

فرط ليفربول في فوز كان في متناوله، واكتفى بالتعادل الإيجابي 2 - 2 مع ضيفه آرسنال، الأحد، في قمة مباريات المرحلة الـ36 لبطولة الدوري الإنجليزي.

«الشرق الأوسط» (ليفربول)
رياضة عالمية التعب البدني والنفسي الظاهر في صفوف آرسنال يرجح الكفة لأصحاب الأرض (إ.ب.أ)

«البريميرليغ»: ليفربول لاستمرار أفراحه... وآرسنال لتثبيت موقعه في «المربع الذهبي»

تتجه الأنظار، مساء الأحد، إلى ملعب «أنفيلد» حيث يستضيف ليفربول المتوَّج مؤخراً بلقب الدوري الإنجليزي الممتاز غريمه آرسنال.

The Athletic (ليفربول)
رياضة عالمية صلاح محتفلا بلقب الدوري الإنجليزي مع ليفربول (أ.ب)

صلاح: منحت ليفربول قلبي فأهداني لقب «الأسطورة»

شدد النجم المصري محمد صلاح على علاقته الوطيدة بجماهير ليفربول الإنجليزي وشعوره المتنامي بقيمته داخل نادي، مؤكدًا أن ما قدّمه طوال السنوات الماضية وضعه في مكانة.

سلطانة آل سلطان (الرياض )

«الدوري الإيطالي»: رسميا... أتالانتا في دوري الأبطال

فرحة لاعبي أتالانتا بالفوز الثمين على روما وضمان بطاقة الأبطال (أ.ب)
فرحة لاعبي أتالانتا بالفوز الثمين على روما وضمان بطاقة الأبطال (أ.ب)
TT

«الدوري الإيطالي»: رسميا... أتالانتا في دوري الأبطال

فرحة لاعبي أتالانتا بالفوز الثمين على روما وضمان بطاقة الأبطال (أ.ب)
فرحة لاعبي أتالانتا بالفوز الثمين على روما وضمان بطاقة الأبطال (أ.ب)

تلقت آمال روما في بلوغ منافسات دوري أبطال أوروبا الموسم المقبل، وذلك بعد خسارته أمام مضيفه أتالانتا 1/2، الاثنين، ضمن منافسات الجولة 36 من الدوري الإيطالي لكرة القدم.

وتلقى روما أول خسارة له في بطولة الدوري في عام 2025، وترجع الخسارة الأخيرة له إلى يوم 15 ديسمبر (كانون الأول) من العام الماضي، حينما خسر أمام كومو.

ومنذ ذلك الحين لم يتعرض روما لأي خسارة جديدة مع تولي المخضرم كلاوديو رانييري تدريب الفريق، وحقق الفوز في عشر مباريات من آخر 12 خاضها في الدوري.

وجاءت الهزيمة أمام أتالانتا لتجمد رصيد الفريق عند 63 نقطة في المركز السادس، بفارق نقطة خلف لاتسيو الخامس ويوفنتوس الرابع، مما يتطلب منه تحقيق الفوز في آخر مباراتين مع تعثر منافسيه ليعود مجددا للمشاركة في دوري الأبطال الموسم المقبل.

على الجانب الآخر، رفع أتالانتا رصيده إلى 71 نقطة في المركز الثالث، ليضمن التأهل إلى دوري أبطال أوروبا الموسم المقبل قبل جولتين من نهاية الموسم.

وتقدم أتالانتا عن طريق أديمولا لوكمان في الدقيقة التاسعة، قبل أن يدرك بريان كريستانتي التعادل في الدقيقة 32.

وفي الدقيقة 76 سجل إبراهيما سوليمانا الهدف الثاني لأتالانتا، ليخطف ثلاث نقاط ثمينة لفريقه.