كيف فازت إيطاليا بكأس العالم 1938؟

سحر بيولا وغياب برازيلي غيَّرا مسار البطولة

كأس العالم 1938 شهدت غياباً برازيلياً (ذا أثلتيك)
كأس العالم 1938 شهدت غياباً برازيلياً (ذا أثلتيك)
TT

كيف فازت إيطاليا بكأس العالم 1938؟

كأس العالم 1938 شهدت غياباً برازيلياً (ذا أثلتيك)
كأس العالم 1938 شهدت غياباً برازيلياً (ذا أثلتيك)

بين بطولات كأس العالم التي خُلدت في الذاكرة، تبقى نسخة 1938 واحدةً من أقلها تداولاً. نسخة 1930 كانت الأولى على الإطلاق، و1934 ارتبطت بقبضة موسوليني الحديدية، أما نسخ 1950 و1954 و1958 فحملت معها لحظات أسطورية. لكن 1938؟ إنها البطولة التي طواها النسيان، رغم أنها كانت الأخيرة قبل توقف امتد 12 عاماً؛ بسبب الحرب العالمية الثانية.

بحسب شبكة «The Athletic»، نُظِّمت البطولة في فرنسا، تكريماً لدورها المركزي في تأسيس فكرة كأس العالم. لكن غياباً لافتاً شهدته النسخة، حيث رفضت الأرجنتين والأوروغواي المشارَكة، احتجاجاً على استضافة أوروبا نسختين متتاليتين. كما غابت إسبانيا بسبب الحرب الأهلية، وانسحبت النمسا بعد ضمها من قِبل هتلر، وطلب من بعض لاعبيها تمثيل ألمانيا بدلاً من منتخبهم. وحين اعتذرت إنجلترا عن عدم شغل المقعد الشاغر، أُقيمت البطولة بـ15 فريقاً فقط، وحصلت السويد على بطاقة عبور مباشرة.

وصول السويد في رحلة سهلة إلى ربع النهائي (أ.ف.ب)

المنتخب الإيطالي... حامل اللقب المتهم

دخلت إيطاليا البطولة بصفتها «حاملة اللقب»، لكن شكوكاً كانت تلاحقها حول شرعية تتويجها السابق على أرضها في ظل النفوذ الفاشي. الفوز خارج الديار كان الفرصة لتأكيد الجدارة، خصوصاً أن المنتخب لم يُهزَم منذ نوفمبر (تشرين الثاني) 1935، وأضاف لقب أولمبياد 1936 إلى سجله.

ليونيداس بالكرة في مباراة تحديد المركز الثالث ضد السويد (ذا أثلتيك)

المدرب فيتوريو بوتزو... الداهية الصامت

بقي فيتوريو بوتزو في منصبه منذ 1934، مؤمناً بأن تشكيلته الجديدة أفضل من سابقتها. كان مدرباً فذاً ومحفزاً بارعاً، ولم يتوانَ عن الدخول في حرب نفسية مع البرازيل قبيل نصف النهائي، عندما زار معسكرهم وافتعل شجاراً لأنهم حجزوا طائرة النهائي مسبقاً، ثم عاد ليشعل حماسة لاعبيه.

لكن ظلّت ظلال موسوليني تطغى على المنتخب. أُجبر اللاعبون على أداء التحية الفاشية قبل المباريات، وارتدوا القمصان السوداء لأول مرة عندما واجهوا فرنسا صاحبة الأرض التي كانت ترتدي الأزرق. والأسوأ أن موسوليني طالب بإشراك المدافع المُسن إيرالدو مونزيليو، فقط لأنه كان مدرب التنس وكرة القدم لأبنائه. لكن بعد أدائه الضعيف أمام النرويج، تدخّل رئيس الاتحاد الإيطالي، ومنح بوتزو حرية اختيار التشكيلة، فاستبدل المدافع الشاب ألفريدو فوني من أودينيزي، بمونزيليو.

ليونيداس بالكرة في مباراة تحديد المركز الثالث ضد السويد (ذا أثلتيك)

الخطط الفنية... لمسات تقنية ومهارة في الثلث الأخير

رغم اعتماد التشكيلة نفسها تقريباً من نسخة 1934، فإن الفريق بدا أكثر فنيّة، يرتكز على التمريرات السريعة والتفاهم الهجومي في الثلث الأخير. اعتمد بوتزو على أجنحة إيطالية خالصة، مثل أوميديو بيافاتي من اليمين الذي أرهق الخصوم بعرضياته، وجينو كولاوسي من اليسار، الذي أبدع تهديفياً وسجَّل 4 أهداف حاسمة.

كما برز في قلب الدفاع ميكيلي أندريولو، الذي فاز بـ«كوبا أميركا» مع الأوروغواي في 1935، ليكمل تقليد الاستعانة بجذور لاتينية كما كانت الحال مع لويس مونتي الأرجنتيني في 1934.

المهاجم الإيطالي النجم سيلفيو بيولا (ذا أثلتيك)

البطل الحقيقي... سيلفيو بيولا

مع أن جوزيبي مياتزا، نجم 1934، ظل قائد خط الوسط، فإن الأضواء تحوَّلت إلى اسم جديد: سيلفيو بيولا. ظهر بيولا بعد مونديال 1934، وتُوِّج هدافاً للدوري الإيطالي مع لاتسيو في موسم 1936-1937. كان مهاجماً متكاملاً، يتمتع بمهارة التسديد، والقدرة على صناعة اللعب، وتمرير الكرات الذكية لزملائه.

سجَّل بيولا 5 أهداف في البطولة، منها هدف الفوز في الوقت الإضافي ضد النرويج، وثنائية حاسمة أمام فرنسا. وفي النهائي أمام المجر، قدّم أداءً أسطورياً، صنع الهدف الأول لكولاوسي، وسجَّل الهدفين الثاني والرابع، أحدهما بعد تمريرة من بيافاتي. حتى في مباراة البرازيل، نال ركلة جزاء بعد احتكاك أثار جدلاً، في وقت لم تكن فيه «التمثيليات» مفهوماً شائعاً.

ما زال بيولا حتى اليوم الهدّاف التاريخي للدوري الإيطالي برصيد 274 هدفاً، رغم أن الحرب حرمته من 3 مواسم كاملة، وأمضى موسماً آخر في الدرجة الثانية.

تقديراً له، يحمل ملعبان اسم «استاديو سيلفيو بيولا» في مدينتَي فيرتشيلي ونوفارا، اللتين يفصل بينهما 15 كيلومتر فقط، في قلب إيطاليا الكروية.

نهائي 1938... خنق المجريين ولقب مستحق

في النهائي، فازت إيطاليا 4 - 2 على المجر، في مباراة ربما لم تكن مثيرةً كما توحي النتيجة. لعب الطليان بانضباط دفاعي واعتمدوا على المرتدات و أسلوب غير مألوف حينها. ورغم ذلك، كانت الفاعلية هي كل ما يحتاجونه.

التلفزيون وثَّق اللحظات الكبرى لأول مرة في نهائي مونديال، وظهر بيولا نجماً ساطعاً. صنع الهدف الأول بعرضية رائعة نحو كولاوسي، ثم تقدم الطليان 2 - 1 عبره بعد تبادل تمريرات فني مذهل مع مياتزا وفيراري. كولاوسي سجَّل مجدداً الهدف الثالث، ثم قلصت المجر الفارق، لكن بيولا أنهى الأمور بهدفه الثاني (الهدف الرابع لإيطاليا).

تشكيلة إيطاليا في كأس العالم 1938 (ذا أثلتيك)

لقطة البطولة... جمال الكرة الإيطالية في أبهى صورها

الهدف الثاني لبيولا في النهائي كان لحظة خالدة. بدأ بلقطة من فيراري، الذي مرَّر نحو الجهة المقابلة إلى مياتزا، رغم أنه كان في وضعية أفضل للتسجيل، ما بدا خياراً غريباً. لكن مياتزا تلاعب بالمدافع، ثم قدَّم الكرة على طبق من ذهب لبيولا، الذي أودعها الشباك.

كانت هذه اللقطة رمزاً للفن الكروي الإيطالي في زمن لم يُعرَف بعد باللعب الجمالي.

منتخب إيطاليا في كأس العالم 1938 (ذا أثلتيك)

غياب برازيلي يُغيّر مسار البطولة

إيطاليا كانت محظوظةً بتفادي أخطر مهاجمي البرازيل في نصف النهائي. ليونيداس، هدّاف البطولة (7 أهداف)، لم يُشارك ضد الطليان؛ بسبب إصابة تفاقمت بعد مشاركته مرتين ضد تشيكوسلوفاكيا، بينما أراحه المدرب ظناً أن البرازيل ستتأهل للنهائي.

البديل المفترض كان ليونيزيو فانتوني (المعروف في إيطاليا بفانتوني الثالث)، لاعب لاتسيو السابق. لكن مشكلته أنه نال الجنسية الإيطالية وكان مطلوباً للخدمة العسكرية. وبعد وفاة ابن عمه فانتوني الثاني إثر إصابة في الدوري، قرَّر فانتوني الثالث الهروب من إيطاليا والعودة إلى البرازيل، حيث بدأ اللعب هناك دون إذن من لاتسيو، مخالفاً قوانين «فيفا».

ورغم أن إيطاليا لم تقدِّم شكوى رسمية، فإن تلميحاً غير مباشر دفع البرازيل إلى استبعاده. وهكذا، لعبت البرازيل بنصف قوتها، وخسرت 1 - 2 أمام إيطاليا.

إيطاليا تحتفل بفوزها بجدارة واستحقاق في نهائي 1938 (ذا أثلتيك)

هل كانت إيطاليا الأفضل؟

في هذه النسخة، لم يكن هناك جدال كبير حول أحقية التتويج. صحيح أن الطليان كادوا يخرجون أمام النرويج، لكنهم أظهروا قوتهم أمام فرنسا والبرازيل والمجر. لقد اعتادوا على الفوز، لكنهم غابوا عن مباريات الأدوار الإقصائية في كأس العالم لمدة 32 عاماً بعد هذا التتويج، حتى عادوا إلى النهائي عام 1970.


مقالات ذات صلة

رئيس أوزبكستان يهدي لاعبي منتخب البلاد سيارات بعد التأهل التاريخي لكأس العالم

رياضة عالمية الرئيس الأوزبكي شوكت ميرضيائيف يحتفل بمنتخب بلاده (وسائل إعلام أوزبكية)

رئيس أوزبكستان يهدي لاعبي منتخب البلاد سيارات بعد التأهل التاريخي لكأس العالم

شهدت أوزبكستان احتفالات تاريخية، بعد أن أصبحت أول دولة من آسيا الوسطى تتأهل إلى نهائيات كأس العالم لكرة القدم، عقب فوز كبير على قطر بنتيجة 3 - 0.

فاتن أبي فرج (بيروت)
رياضة عربية وليد الركراكي (رويترز)

الانتقادات تلاحق الركراكي رغم انتصارات المغرب الـ12 الأخيرة

لم تمنع الانتصارات الـ12 المتتالية لمنتخب المغرب لكرة القدم انتقادات تطول مدربه وليد الركراكي وتطالبه بتحسين المستوى للرفع من حظوظه في إحراز لقب كأس أمم أفريقيا

«الشرق الأوسط» (الرباط)
رياضة عالمية فينيسيوس جونيور وكيليان مبابي (أ.ف.ب)

مونديال الأندية: فينيسيوس وهالاند ولاوتارو... نجوم يسعون للثأر

سيجد البرازيلي فينيسيوس جونيور والنرويجي إرلينغ هالاند والأرجنتيني لاوتارو مارتينيز دافعاً إضافياً في مونديال الأندية للعودة إلى سكة الانتصارات التي تاهوا عنها.

«الشرق الأوسط» (ميامي (الولايات المتحدة))
رياضة عالمية وجود ميسي لم يجعل المواجهة الأولى بكأس العالم مرتقبة (أ.ب)

مونديال الأندية: ميسي الحاضر الدائم في المناسبات الكبرى

على الرغم من اقترابه من سن الاعتزال واحترافه بالدوري الأميركي الضعيف، فإن النجم الأرجنتيني ليونيل ميسي يبقى أبرز الأسماء في كأس العالم للأندية التي تنطلق السبت.

«الشرق الأوسط» (ميامي)
رياضة عربية الاتحاد الآسيوي منح السعودية وقطر استضافة مجموعتَي الملحق القاري (الاتحاد الآسيوي)

رسمياً… السعودية وقطر تستضيفان مباريات الملحق الآسيوي المؤهل لكأس العالم

أكد الاتحاد الآسيوي لكرة القدم، اليوم (الجمعة)، رسمياً أن الاتحادَين السعودي والقطري لكرة القدم هما الاتحادان المستضيفان لمجموعتَي الملحق الآسيوي

«الشرق الأوسط» (كوالالمبور)

ديمبلي يتطلع للفوز بالكرة الذهبية

عثمان ديمبلي نجم فريق باريس سان جيرمان (أ.ب)
عثمان ديمبلي نجم فريق باريس سان جيرمان (أ.ب)
TT

ديمبلي يتطلع للفوز بالكرة الذهبية

عثمان ديمبلي نجم فريق باريس سان جيرمان (أ.ب)
عثمان ديمبلي نجم فريق باريس سان جيرمان (أ.ب)

يسعى عثمان ديمبلي، نجم فريق باريس سان جيرمان الفرنسي الفائز بدوري أبطال أوروبا لكرة القدم، لحصد جائزة الكرة الذهبية.

قال ديمبلي، في مقابلة مع مجلة «فرانس فوتبول» الفرنسية، إنه يتمنى الوجود بين 30 مرشحاً للفوز بالجائزة المرموقة، مضيفاً: «الفوز بهذه الجائزة هو شرف كبير لأي لاعب كرة قدم، إنه حلم أي لاعب منذ الصغر».

وأضاف: «لقد مررت بسنوات صعبة بسبب الإصابات وتواضع الأداء، وأعتقد أنني حافظت على أدائي هذا الموسم؛ لذا سنرى ما سيحدث».

وتابع: «وجودي بين قائمة المرشحين سيكون أمراً رائعاً، وأن أكون من أبرز المرشحين بمثابة انتصار رائع، رغم أنني أتمنى الفوز بها يوماً ما».

وواصل: «كنت محترفاً بالفعل، وأصبحت الآن أكثر احترافية، وأحرص حتى في أيام الراحة على الذهاب إلى مركز التدريب من أجل التعافي والعمل تحت إشراف اختصاصي العلاج الطبيعي».

وكشف في تصريحات، أبرزتها وكالة الأنباء البريطانية (بي إيه ميديا)، قبل المباراة الأولى لفريقه في كأس العالم للأندية أمام أتلتيكو مدريد: «في السابق كنت أعود إلى منزلي وألعب ألعاب الفيديو وأشاهد التلفزيون، كنت لاعباً شاباً، وهذا أمر طبيعي، لكن دفعت ثمناً باهظاً خاصة أثناء وجودي في برشلونة».

واستطرد النجم الباريسي: «لقد انضممت إلى برشلونة لاعباً شاباً، وارتديت قميصه من سن 20 إلى 26 عاماً، وعانيت من مشاكل بدنية عديدة، وتعلمت الكثير».

وأشار: «الآن أنا على دراية أفضل بحالتي البدنية؛ لذا أتعرض لإصابات أقل».

ومن غير المتوقع أن يشارك عثمان ديمبلي في مباراة بي إس جي الأولى في كأس العالم للأندية أمام أتلتيكو مدريد، حيث يتدرب حالياً بشكل منفرد بسبب إصابة تعرض لها في مباراة فرنسا وإسبانيا في قبل نهائي دوري أمم أوروبا.