مباراة فرنسا وإسرائيل: ملعب تَحَوَّلَ لقلعة أمنية… ومنصة للانقسامات السياسية

صيحات استهجان ضد النشيد الوطني للضيوف… وأجواء بعيدة عن الرياضة 

مدرجات شبه خاوية في ملعب فرنسا الدولي أثناء مواجهة فرنسا وإسرائيل (إ.ب.أ)
مدرجات شبه خاوية في ملعب فرنسا الدولي أثناء مواجهة فرنسا وإسرائيل (إ.ب.أ)
TT

مباراة فرنسا وإسرائيل: ملعب تَحَوَّلَ لقلعة أمنية… ومنصة للانقسامات السياسية

مدرجات شبه خاوية في ملعب فرنسا الدولي أثناء مواجهة فرنسا وإسرائيل (إ.ب.أ)
مدرجات شبه خاوية في ملعب فرنسا الدولي أثناء مواجهة فرنسا وإسرائيل (إ.ب.أ)

شهدت مباراة فرنسا وإسرائيل التي جرت ضمن منافسات دوري الأمم الأوروبية، الخميس، أجواءً متوترة وحضوراً جماهيرياً ضعيفاً، حيث طغت عليها التوترات السياسية المرتبطة بالنزاع في غزة ولبنان؛ ما جعل اللقاء يبرز بشكل أكبر بسبب الظروف المحيطة به من اشتباكات في المدرجات إلى الاحتجاجات الشعبية خارج الاستاد. وعلى الرغم من انتهاء المباراة بالتعادل السلبي 0 - 0، الذي ضمن تأهل فرنسا إلى ربع النهائي، فإن الغياب الكبير للجماهير بسبب المخاوف الأمنية، والتي تجسدت في انتشار كثيف لقوات الأمن الفرنسية، جعل من الحضور في «ستاد دو فرنس» هو الأدنى منذ افتتاحه في 1998.

وفي الوقت نفسه، كانت هناك اعتراضات واسعة من جانب بعض فئات الشعب الفرنسي، حيث نظم المئات احتجاجات ضد استضافة المباراة، عادِّين إياها دعماً لإسرائيل في وقت حساس. بينما رأت بعض وسائل الإعلام العالمية أن المباراة كانت بمثابة منصة لعرض الانقسامات السياسية في المجتمع الفرنسي، حيث تعالت الهتافات المؤيدة للرهائن المحتجزين من قبل «حماس»، ونددت بأعمال العنف في غزة.

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في مقدمة حضور مباراة فرنسا وإسرائيل (أ.ف.ب)

وعنون موقع «سو فوت» الفرنسي «فرنسا - إسرائيل: لأن كرة القدم دائماً سياسية».

وأضاف: «سيظل لقاء فرنسا وإسرائيل محفوراً في الذاكرة ليس لجودة الأداء الكروي، بل لما جسّده من انقسامات داخل مجتمع يعاني من تداعيات نزاع مستمر منذ زمن طويل. كانت الأمسية مزيجاً من المشاهد المتباينة، ولكنها خالية من أي أجواء رياضية حقيقية».

وأكمل: «في ملعب يستوعب 5 أضعاف الحضور الفعلي، بلغ عدد الجمهور 16661 مشجعاً فقط. كان هذا العدد كافياً لإطلاق صيحات الاستهجان على النشيد الإسرائيلي، وعلى دخول اللاعب الجديد في صفوف مارسيليا، أدريان رابيو، وعلى الأداء الباهت للمنتخب الفرنسي. كما ترددت في أرجاء المدرجات هتافات متفرقة لدعم الرهائن المحتجزين منذ 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، وأخرى ضد حركة (حماس). اندلع شجار صغير عند البوابة (إن) قبل الاستراحة، حيث لوحظ بشكل غريب اختلاط الجمهور في بعض القطاعات، لكنه كان الحادث الوحيد الذي كسر رتابة هذا اللقاء الذي أثار كثيراً من المخاوف مسبقاً. ورغم ذلك، فإن مشهد قلق في ملعب يشبه القلعة الأمنية لا ينبغي أن يكون الإطار الطبيعي لمباراة كرة قدم».

وتابع الموقع: «في الوقت نفسه، يرى البعض أن المباراة لم يكن ينبغي أن تُقام أصلاً. هذا هو رأي مئات الأشخاص الذين تَجَمَّعوا في السادسة مساءً قرب محطة مترو (فرونت بوبيلير)، على مسافة كيلومترين من الملعب. تحت إشراف حركة (أورجانس فلسطين)، جاءت هذه الحشود للاحتجاج على ازدواجية المعايير التي يرونها في التعامل مع النزاعات. أشاروا إلى طرد روسيا من جميع المنافسات الدولية، بينما يستمر دمج إسرائيل في (الفيفا) و(اليويفا) دون مساءلة».

مشجع يرفع علم فلسطين وسط مدرجات ملعب فرنسا الدولي أثناء مواجهة فرنسا وإسرائيل الخميس (د.ب.أ)

وكتبت صحيفة «لو فيغارو» الفرنسية: «فرنسا - إسرائيل: في سياق استثنائي ووسط ملعب فرنسا شبه الفارغ، قدم المنتخب الفرنسي أداءً سيئاً للغاية (0 - 0). ومع ذلك، ضمِن التأهل إلى ربع نهائي دوري الأمم. بين تعزيز أمني مشدد، ومباراة ضعيفة المستوى، وقلة الحوادث باستثناء بداية شجار جرت تهدئته بسرعة في الشوط الأول، ستُنسى هذه الأمسية بسرعة».

ونشرت «ليكيب»: «لا يوجد أحد... الأمر محزن للغاية. هذا ما عبّر عنه البعض قبل نصف ساعة تقريباً من انطلاق المباراة، حيث بدا المشهد أمام ملعب فرنسا ومدرجاته، مساء الخميس، وكأنه غير مسبوق في فترة خارج سياق جائحة (كوفيد)».

وأضافت: «شهدت المباراة حضوراً محدوداً للغاية من الجماهير، مع غياب شبه تام للأطفال بين المشجعين الذين حضروا لمتابعة هذا اللقاء الخاص. حاولت مكبرات الصوت، داخل وخارج الملعب، بث بعض الحيوية في الأجواء، لكن دون جدوى. بالكاد كان بالإمكان رؤية عدد قليل من الأعلام الفرنسية، بينما أظهر مجموعة صغيرة من المشجعين الإسرائيليين الذين جرى وضعهم في منطقتين منفصلتين، ألوان بلادهم».

وتابعت: «للوصول إلى مقاعدهم، كان على المشجعين والصحافيين المرور عبر نقاط تفتيش عدة، حيث فرضت السلطات إجراءات تفتيش صارمة. بالقرب من الملعب، دخلت حافلتان تقلان وفد المنتخب الإسرائيلي إلى أحد مداخل المواقف تحت حراسة أمنية مشددة جداً، ضمت نحو 50 سيارة شرطة. ومع تخصيص 2500 شرطي لتأمين الأمسية، لم يجرِ تسجيل أي حوادث حتى الآن».

وكتبت صحيفة «الغارديان» البريطانية: «اشتباكات بين الجماهير خلال مباراة فرنسا وإسرائيل».

وأوضحت الصحيفة: «صُنفت المباراة على أنها (عالية الخطورة) بعد أحداث الشغب ومعاداة السامية التي حدثت في هولندا قبل وبعد مباراة في الدوري الأوروبي بين أياكس ومكابي تل أبيب. قُوبل النشيد الوطني الإسرائيلي بصيحات استهجان من بعض الجماهير قبل انطلاق المباراة، وبحلول الدقيقة العاشرة، اندلعت مواجهة بين عدد قليل من المشجعين في المدرجات العلوية للملعب. تمكنت قوات الأمن بسرعة من السيطرة على الاشتباك، بينما كان شرطة مكافحة الشغب متمركزة على أطراف المدرجات للتدخل إذا لزم الأمر. وكانت السلطات الفرنسية في حالة تأهب قصوى تحسباً لأي طارئ. حضر المباراة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون برفقة وزير الداخلية برونو ريتايو ورئيس الوزراء ميشيل بارنييه، في خطوة للتضامن مع ضحايا معاداة السامية. كما شوهد الرئيسان السابقان فرنسوا هولاند ونيكولا ساركوزي في المدرجات لمتابعة المباراة التي انتهت بالتعادل السلبي».

وختمت: «بلغ عدد الحضور في المباراة أقل من 20 ألف متفرج، ما جعلها تسجل أدنى نسبة حضور في ملعب (ستاد دو فرنس) الذي يتسع لـ80 ألف شخص». أما شبكة «بي بي سي» البريطانية فقالت: «أطلق بعض مشجعي كرة القدم الذين حضروا مباراة دوري الأمم الأوروبية بين فرنسا وإسرائيل في باريس صيحات استهجان وصفيراً أثناء عزف النشيد الوطني الإسرائيلي في بداية المباراة». بينما أشار موقع «يورو نيوز» إلى «مئات يحتجون ضد مباراة فرنسا وإسرائيل في باريس وسط إجراءات أمنية مشددة».

واستطرد الموقع: «أقيمت مباراة يوم الخميس في أجواء متوترة، وتحت تدابير أمنية استثنائية، بعد أسبوع من اشتباكات عنيفة في أمستردام بين متظاهرين مؤيدين لفلسطين ومشجعين إسرائيليين. تَجَمَّعَ مئات المحتجين في ضاحية شمال باريس، على مسافة كيلومترين فقط من ملعب (ستاد دو فرنس)، حيث أقيمت مباراة مثيرة للجدل ضمن دوري الأمم الأوروبية بين فرنسا وإسرائيل. أعرب المحتجون في سان دوني عن استيائهم من استضافة فرنسا لهذه المباراة، ووجَّهوا انتقادات حادة لحضور الرئيس إيمانويل ماكرون وعدد من السياسيين البارزين لهذا الحدث».

بينما قالت «رويترز»: «تحدى نحو 100 من مشجعي إسرائيل تحذير حكومتهم من السفر لحضور الفعاليات الرياضية، وجلسوا في زاوية من ملعب (ستاد دو فرنس) الذي يتسع لـ80 ألف شخص، ولكنه كان ممتلئاً بأقل من خُمس طاقته. مع بقاء الكثيرين بعيداً بسبب مخاوف أمنية، بلغ عدد الحضور 16611 شخصاً فقط، وهو الأدنى في مباريات منتخب فرنسا على هذا الملعب منذ افتتاحه في عام 1998».

وتابعت: «خلال عزف النشيد الوطني الإسرائيلي، سُمعت بعض صيحات الاستهجان والصفير؛ ما دفع منظمي المباراة إلى رفع صوت النشيد عبر مكبرات الصوت. لوّح المشجعون الإسرائيليون ببالونات صفراء، وهتفوا بشعارات مثل: (حرروا الرهائن)، في إشارة إلى مواطنيهم المحتجَزين من قبل حركة (حماس)».


مقالات ذات صلة

25 إصابة في ريال مدريد... ما السبب يا ترى؟

رياضة عالمية يعاني ريال مدريد من إصابات عديدة هذا الموسم (د.ب.أ)

25 إصابة في ريال مدريد... ما السبب يا ترى؟

سحق ريال مدريد أوساسونا 4 - 0 في نهاية الأسبوع الماضي، لكن المباراة لخصت مصائبهم هذا الموسم.

The Athletic (مدريد)
رياضة عالمية كلاوديو رانييري عند وصوله إلى المطار لتدريب فريق روما (إ.ب.أ)

رانييري: رفضتُ عروضاً للعودة من الاعتزال قبل تدريب روما

قال كلاوديو رانييري الجمعة إنه رفض العديد من العروض قبل أن يوافق على العودة من الاعتزال لتولي تدريب روما.

«الشرق الأوسط» (روما)
رياضة عالمية نجم التنس الإسباني رافائيل نادال على وشك توديع الملاعب (أ.ف.ب)

مسيرة نادال تقترب من النهاية مع ظهوره الأخير في كأس ديفيز

تقترب مسيرة نجم التنس الإسباني رافائيل نادال من نهايتها، وذلك حينما يشارك في آخر حدث له مع منتخب إسبانيا في كأس ديفيز.

«الشرق الأوسط» (ملقة)
رياضة عالمية الألماني ألكسندر زفيريف إلى نصف نهائي ختامية التنس (إ.ب.أ)

«ختامية التنس»: زفيريف إلى نصف النهائي وألكاراس يترقب مصيره

ضمن الألماني ألكسندر زفيريف، المصنّف «الثاني» عالمياً، مكاناً له في الدور نصف النهائي من بطولة الماسترز «إيه تي بي» الختامية في كرة المضرب.

«الشرق الأوسط» (تورينو)
رياضة عالمية روبن أموريم المدير الفني الجديد لفريق مانشستر يونايتد (رويترز)

أموريم: أشعر بأنني في المكان المناسب!

يعتقد روبن أموريم أنه يوجد في المكان الذي يفترض أن يوجد به.

«الشرق الأوسط» (مانشستر)

مسيرة نادال تقترب من النهاية مع ظهوره الأخير في كأس ديفيز

نجم التنس الإسباني رافائيل نادال على وشك توديع الملاعب (أ.ف.ب)
نجم التنس الإسباني رافائيل نادال على وشك توديع الملاعب (أ.ف.ب)
TT

مسيرة نادال تقترب من النهاية مع ظهوره الأخير في كأس ديفيز

نجم التنس الإسباني رافائيل نادال على وشك توديع الملاعب (أ.ف.ب)
نجم التنس الإسباني رافائيل نادال على وشك توديع الملاعب (أ.ف.ب)

تقترب مسيرة نجم التنس الإسباني رافائيل نادال من نهايتها، وذلك حينما يشارك في آخر حدث له مع منتخب إسبانيا في كأس ديفيز التي تنطلق يوم الثلاثاء المقبل في حضور الجمهور المحلي في مدينة ملقة الإسبانية.

وقال نادال، الذي تدرب الجمعة في ملقة: «إنه بالطبع قرار صعب استغرق مني اتخاذه كثيراً من الوقت، لكن في هذه الحياة كل شيء له بداية ونهاية، وأعتقد أن هذا هو الوقت المناسب لاتخاذ قرار إنهاء مسيرة طويلة وناجحة أكثر مما كنت أتخيل».

متى سيلعب نادال آخر مباراة له؟

ليس من الواضح بعد موعد آخر مباراة لنادال، لأن بطولة كأس ديفيز هي بطولة للفرق وستنطلق مرحلة دور الثمانية، حيث سيبدأ المنتخب الإسباني مشواره بمواجهة يوم الثلاثاء، وفي حال الفوز سيتأهل الفريق لقبل النهائي يوم الجمعة لمواجهة كندا أو ألمانيا (يلتقيان يوم الأربعاء)،

وفي باقي مباريات دور الثمانية، تلعب أميركا مع أستراليا وإيطاليا (حاملة اللقب) مع الأرجنتين، وستبدأ مرحلة البطولة يوم الأحد، ستقام مباراتان، واحدة للفردي وأخرى للزوجي، بحيث يتأهل أول فريق يفوز في مباراتين، ولا يعرف أحد على وجه التحديد ما إذا كان دافيد فيرير، قائد المنتخب الإسباني، سيختار نادال للعب مباريات الفردي أو الزوجي، وربما لن يشارك في إحداهما.

من هم زملاء نادال في المنتخب الإسباني بكأس ديفيز؟

يوجد نادال في فريق يضم كارلوس ألكاراس، الفائز بأربعة ألقاب غراند سلام، وروبرت باتيستا أغوت وبيدرو مارتينيز ومارسيل جرانويرس.

لماذا قرر نادال الاعتزال الآن؟

السبب الأكبر في ذلك هو معاناته من سلسلة من الإصابات، بما في ذلك آلام القدم ومشكلات في عضلات البطن ومشكلة في الفخذ، والتي تطلبت إجراء جراحة الموسم الماضي.

هل ساعد نادال المنتخب الإسباني في الفوز بكأس ديفيز في الماضي؟

كان نادال جزءاً من المنتخب الإسباني في مرحلة ما خلال خمسة أعوام، حينما فاز فريقه باللقب في 2004 و2008 و2009 و2011 و2019، وجاء اللقب الأول بعدما نجح نادال، الذي كان مراهقاً وقتها، في التغلب على أندي روديك، المصنف الثاني عالمياً في ذلك الوقت، ليساعد إسبانيا في الفوز على أميركا.

وقال نادال عن ذلك: «متحمس جداً لأن تكون آخر بطولة لي هي كأس ديفيز وأن أمثل بلادي، أعتقد أنني عدت لنقطة البداية، لأن أول فرحة كبيرة لي في عالم التنس بصفتي لاعباً محترفاً كانت في نهائي كأس ديفيز في إشبيلية عام 2004».