كان هناك يقين في أرجاء نادي ريال مدريد بأن مهاجمهم البرازيلي فينيسيوس جونيور هو من سيفوز بجائزة «الكرة الذهبية» لـ«أفضل لاعب في العالم» لعام 2024 حتى صباح أول من أمس؛ موعد حفل التتويج في العاصمة الفرنسية باريس، حين وصلت معلومات صادمة إلى النادي الملكي بأن لاعب الوسط الإسباني رودري هو الذي سيتوَّج بالجائزة!
وقبل أن تعلن «فرنس فوتبول» هوية الفائز مساء الاثنين، وجّه ريال مدريد رسالة شديدة اللهجة إلى المنظمين الفرنسيين قائلاً: «من الواضح أن القائمين على منح (الكرة الذهبية) لا يحترمون ريال مدريد. ريال مدريد لا يذهب إلى حيث لا يُحتَرم». وكانت هذه إشارة إلى أن النتائج سُربت مبكراً ليقرر ريال مدريد ونجومه مقاطعة الحفل!
وأكدت اللجنة المنظمة أنها حافظت على سرية التصويت، وأنه لم يُفصَح عن هوية الفائز بالجائزة أو حتى يُلمَّح إليها، وشددت على الالتزام بقواعد السرية الصارمة حتى النهاية لتجنب أي تسريبات للصحافة. ففي السنوات السابقة، كان يبلَّغ الفائز بشكل شخصي قبل أيام قليلة من تسليمه الجائزة، وبالتالي دُعي جميع المرشحين لحضور الحفل.
منذ إعلان القائمة المصغرة التي ضمت فينيسيوس جونيور، وزميله الإنجليزي في ريال مدريد جود بيلينغهام، ورودري نجم مانشستر سيتي، كانت كل الإشارات تصب في مصلحة البرازيلي للفوز بالجائزة، وحتى مساء يوم السبت موعد الكلاسيكو الإسباني، كانت الجماهير والصحف الإسبانية تؤكد أن الجناح الموهوب سيذهب لرفع الجائزة. لكن ما الذي حدث؟ لم تقدم اللجنة المنظمة أي تفاصيل عن سبب ترجيح لاعب على حساب آخر، كما لم يوجه ريال مدريد أي اتهام صريح إلى «فرنس فوتبول» بوجود تلاعب، لكن فينيسيوس لمّح إلى أن ذلك يعود إلى حملته الموجهة ضد العنصرية!وكتب فينيسيوس عبر مواقع التواصل الاجتماعي، بعد حصوله على المركز الثاني في التصويت على الجائزة: «سأفعل ذلك 10 مرات إذا اضطررت إلى ذلك. إنهم غير مستعدين»، وعندما سُئل عما يعنيه بما كتبه، قال فريقه المعاون: «إنه كان يشير إلى معركته ضد العنصرية»، وإنهم يعتقدون أنها كانت السبب في عدم فوزه بالجائزة، قائلين إن «عالم كرة القدم ليس مستعداً لقبول لاعب يقاتل ضد النظام».
وتعرض الدولي البرازيلي (24 عاماً) لإساءة عنصرية خلال مناسبات عدة في إسبانيا، مما أدى إلى إدانة شخصين على الأقل بتهمة الإهانات العنصرية في قضايا أولى بالبلاد.
بدورها؛ كان في بلاده البرازيل غضب وحسرة، وهي التي كانت تنتظر واثقة تتويج مهاجمها؛ الفائز بدوري أبطال أوروبا، والدوري الإسباني، وكأس العالم للأندية، بجائزة «الأفضل في العالم».
وفي بلاد لطالما عُرفت بأنها موطن كرة القدم، لم يفز أي برازيلي بالجائزة منذ كاكا قبل 17 عاماً، وتحديداً في عام 2007، بينما فشل نيمار في الظفر بها بعدما كان قريباً في عامي 2015 و2017.
وقالت المهاجمة البرازيلية مارتا دا سيلفا، في فيديو عبر حسابها على «إنستغرام»: «انتظرت طيلة العام حتى يحصل فيني جونيور على مكافأة مستحقة بصفته أفضل لاعب حالي، والآن يقولون إن (الكرة الذهبية) ليست له؟».
وتابعت اللاعبة الملقبة بـ«ملكة كرة القدم» والحائزة جائزة «لاعبة العام» المقدمة من «الاتحاد الدولي» 5 مرات: «...ما هذه (الكرة الذهبية)؟ لا... ليست ذهبية».
وضجّت مواقع التواصل الاجتماعي في البرازيل بانتقاد الحفل، حيث ربط كثيرون بين عدم فوز فينيسيوس والعنصرية، زاعمين أنّها السبب وراء عدم فوزه؛ لدوره الريادي في مكافحة العنصرية بالملاعب. وتضامن لاعبو ريال مدريد مع زميلهم، فنشر إدواردو كامافينغا عبر حسابه على «إكس» قائلاً: «سياسة كرة القدم (x). أخي أنت أفضل لاعب في العالم، ولا يمكن لأي جائزة أن تقول غير ذلك. أحبك يا فيني»، فيما شارك كثير من زملائه في الفريق رسائل مع صور لفينيسيوس قائلين: «أنت الأفضل».
من جانبه، نشر الألماني توني كروس، الذي اختتم مسيرته الناجحة مع ريال مدريد وأعلن اعتزاله كرة القدم رسمياً في صيف العام الحالي، صورة في حسابه على تطبيق «إنستغرام» إلى جانب فينيسيوس، وعلق عليها بكلمة: «الأفضل».
ولعب فينيسيوس دوراً محورياً في تتويج ريال مدريد بدوري أبطال أوروبا، والدوري الإسباني، وكأس السوبر الأوروبية، إلى جانب جود بيلينغهام (21 عاماً) الذي سجل 19 هدفاً في موسم أول رائع، وساعد إنجلترا في الوصول إلى نهائي «بطولة أوروبا 2024»، والذي احتل المركز الثالث في ترتيب «الكرة الذهبية».
ورغم اختيار الريال لجائزة «أفضل فريق كروي للرجال في العالم»، ومدربه الإيطالي كارلو أنشيلوتي لجائزة «أفضل مدير فني»، فإن عدم وجود أي ممثل للنادي الملكي على خشبة المسرح أفسد المشهد وقلل من إثارته. وعلى ما يبدو، فإن التجاهل لم يكن من نجوم الريال فقط؛ بل فضل المهاجم النرويجي إيرلينغ هالاند، هداف مانشستر سيتي، مشاهدة تتويج صديق له بلقب الدوري السويدي هذا الموسم مع فريق مالمو، على حضور الحفل.
وتابع هالاند، مرتدياً قميص مالمو، من المدرجات فريق صديقه النرويجي إيريك بوثييم يتوج بلقب الدوري السويدي هذا الموسم قبل جولتين من نهايته، عقب فوزه 2 - 1 على غوتنبرغ.
وأكدت «فرنس فوتبول» أن رودري هو من حصد غالبية الأصوات للفوز بجائزة «الأفضل»، التي قُدمت لأول مرة بالشراكة بين «مجموعة أموري»؛ المالكة شركتَي «فرنس فوتبول» و«ليكيب للإعلام»، وبين «الاتحاد الأوروبي لكرة القدم (يويفا)».
من جانبه، قال رودري، الذي وصفه جوسيب غوارديولا، مدرب مانشستر سيتي، بأنه أفضل لاعب وسط في العالم: «التتويج بـ(الكرة الذهبية) ليس انتصاراً بالنسبة إليّ فقط، وإنما هو انتصار لكرة القدم الإسبانية، ولكثير من اللاعبين الذين لم يفوزوا بها وكانوا يستحقونها، مثل (آندريس) إنيستا، وتشابي (هِرنانديز)، وإيكر (كاسياس)، وسيرجيو بوسكيتس، وكثيرين وكثيرين غيرهم... إنه من أجل كرة القدم الإسبانية، ومن أجل كيان لاعب خط الوسط. كتب لي كثير من الأصدقاء وأخبروني أن كرة القدم فازت لأنها منحت الظهور لكثير من لاعبي خط الوسط الذين عملوا في الظل واليوم أصبحوا يخرجون إلى النور. أنا شخص عادي لديه قيم، ويدرس، ويحاول فعل الأشياء بشكل جيد... ويمكنه الوصول إلى القمة. شكراً لكم جميعاً».
ولعب رودري دوراً محورياً في مساعدة السيتي على الفوز بلقب الدوري الإنجليزي الممتاز لرابع مرة على التوالي، كما اختير أفضل لاعب في «بطولة أوروبا 2024» بعد مساعدة إسبانيا في تعزيز رقمها القياسي بالفوز باللقب لرابع مرة أيضاً. ويعدّ رودري (28 عاماً) أول لاعب وسط دفاعي يفوز بجائزة «الكرة الذهبية» منذ الألماني لوثار ماتيوس في عام 1990، وثالث إسباني يفوز بالجائزة بعد ألفريدو دي ستيفانو (1957 و1959) والراحل لويس سواريز (1960).
ورغم هيمنة لاعبي الدوري الإسباني على الجائزة، فإنه لم يفز بها أي لاعب إسباني منذ فوز الراحل لويس سواريز أسطورة برشلونة قبل أكثر من 60 عاماً رغم «الجيل الذهبي» الذي أحرز كأس العالم 2010 و«بطولة أوروبا» في نسختَي 2008 و2012، فإن رودري أنهى أخيراً ذلك الانتظار بمهارات فريدة جعلت مانشستر سيتي القوة المهيمنة في إنجلترا، وساعدت إسبانيا على استعادة تفوقها في أوروبا مرة أخرى.
وحصدت الإسبانية أيتانا بوناماتي، لاعبة برشلونة، جائزة «أفضل لاعبة في العالم»، كما فاز لامين جمال نجم منتخب إسبانيا وبرشلونة بجائزة «كوبا» لـ«أفضل لاعب شاب في العالم». وتقاسم الإنجليزي هاري كين لاعب بايرن ميونيخ، والفرنسي كيليان مبابي لاعب ريال مدريد، جائزة «جيرد مولر» لـ«أفضل هداف في الموسم السابق».
كما فاز برشلونة بجائزة «أفضل ناد على مستوى كرة القدم للسيدات» بعد أن توج بثنائية الدوري ودوري الأبطال في الموسم الماضي. وحافظ الأرجنتيني إمليانو مارتينيز على جائزة «ليف ياشين» التي تقدم لـ«أفضل حارس مرمى» بعدما كان لاعب آستون فيلا فاز بها قبل ذلك في العام الماضي. فينيسيوس المستاء يتلقى دعم زملائه في الريال ومن جماهير البرازيل... ورودري يرى الجائزة انتصاراً لإسبانيا