هل آن الأوان لكريستيانو رونالدو أن يعتزل؟

اللاعب يصرّ على مواصلة مسيرته الدولية رغم مطالبة كثيرين باستبعاده

رونالدو يتدرب مع منتخب البرتغال  استعداداً لمواجهة بولندا في دوري الأمم الأوروبية (إ.ب.أ)
رونالدو يتدرب مع منتخب البرتغال استعداداً لمواجهة بولندا في دوري الأمم الأوروبية (إ.ب.أ)
TT

هل آن الأوان لكريستيانو رونالدو أن يعتزل؟

رونالدو يتدرب مع منتخب البرتغال  استعداداً لمواجهة بولندا في دوري الأمم الأوروبية (إ.ب.أ)
رونالدو يتدرب مع منتخب البرتغال استعداداً لمواجهة بولندا في دوري الأمم الأوروبية (إ.ب.أ)

كان كريستيانو رونالدو يصعد الدرج إلى غرفته في معسكر منتخب البرتغال عندما رأى جيوفاني كويندا في نهاية الممر وتوجه ليرحب باللاعب الشاب الجديد الذي يخوض أول مباراة دولية له. وسأله رونالدو في أوائل سبتمبر (أيلول) الماضي: «إذن يا صديقي، هل تعافيت من المباراة السابقة؟». كان سبورتنغ لشبونة، الذي يلعب له كويندا، قد تغلّب على بورتو بهدفين دون رد في عطلة نهاية الأسبوع السابق. وكان كويندا خجولاً جداً بحيث لم يرد. ولم يكن جناح سبورتنغ البالغ من العمر 17 عاماً قد وُلد حتى عندما ارتدى الأسطورة رونالدو، البالغ من العمر 39 عاماً، قميص البرتغال لأول مرة في عام 2003!

ويلعب رونالدو مع المنتخب البرتغالي منذ أكثر من عقدين من الزمان الآن، لكن على الرغم من الانتقادات الشرسة التي أعقبت خروج البرتغال من الدور ربع النهائي لكأس الأمم الأوروبية 2024، فقد أوضح رونالدو أنه سيواصل اللعب مع منتخب بلاده. وفي أول مقابلة له بعد بطولة كأس الأمم الأوروبية، قال رونالدو لقناة «ناو»، وهي قناة بث محلية جديدة يعد رونالدو ثاني أكبر مساهم فيها، إنه عندما يعتزل اللعب الدولي، «لن يخبر أحداً - وسيكون قراراً عفوياً للغاية».

ويعتقد رونالدو أن الوقت لم يحِن بعد لاعتزال اللعب الدولي، حيث يواصل سعيه للوصول إلى عتبة الـ1000 هدف في مسيرته الكروية. وبعد أن كان اللاعب الأكثر مشاركة مع منتخب البرتغال هذا الصيف في ألمانيا - حيث شارك لمدة 485 دقيقة، بنسبة تصل إلى 94 في المائة من الوقت المحتمل - يظل رونالدو - حسب تقرير ماركوس ألفيس على موقع «بي بي سي» - جزءاً مهماً من خطط المدير الفني للبرتغال روبرتو مارتينيز.

وحتى الآن، ردّ مهاجم النصر السعودي الدَّين لمارتينيز بتسجيله هدفين في مباراتين لعبهما منتخب البرتغالي في دوري أمم أوروبا الشهر الماضي. ومع سفر منتخب البرتغال لمواجهة بولندا (السبت)، يأمل رونالدو أن يواصل البناء على هذا النجاح وأن يواصل إسكات المشككين بإضافة هدف جديد إلى أهدافه الـ905 خلال مسيرته الكروية. ومن المؤكد أن مارتينيز ليس أحد هؤلاء المشككين؛ نظراً لأنه يثق ثقة لا حدود لها برونالدو. وقال المدير الفني للبرتغال لموقع «زيروزيرو»: «من الصعب للغاية أن تكون مثل رونالدو». وأضاف: «من المنطقي أن نسأل عن عمره، لكننا راقبنا أداءه (خلال بطولة كأس الأمم الأوروبية) من خلال الإحصائيات، التي تُظهر أنه قدم أداءً جيداً».

وأياً كانت هذه الإحصائيات، فقد كانت كافية لتبرير وجود رونالدو في قائمة المنتخب البرتغالي في تصفيات كأس العالم 2026. وقال توماس دا كونها، محلل كرة القدم، لـ«بي بي سي»: «النقاشات كلها لا تتعلق بعمره، بل بما هو أكثر من ذلك بكثير. كان بيبي يبلغ من العمر 41 عاماً، لكنه قدم أداءً رائعاً ونال إشادة كبيرة في الصيف. من ناحية أخرى، قدم رونالدو أيضاً أداءً جيداً في كأس العالم وبطولة كأس الأمم الأوروبية الأخيرة. حاول فرناندو سانتوس، المدير الفني السابق للبرتغال، إنهاء وضع رونالدو الذي لا يمكن المساس به، لكن مع مارتينيز لم يحدث ذلك».

وعلى الرغم من أن استطلاع رأي حديث أجرته شبكة «سي إن إن البرتغال» وجد أن 74 في المائة من المشجعين يريدون استبعاد رونالدو من المنتخب الوطني، فإن هذه الأصوات لا يبدو أنها تلقى صدى داخل مقر المنتخب الوطني. واستبعد رونالدو نفسه أن يلعب دوراً مهمشاً، بل وسارع لتصحيح أحد المراسلين الشهر الماضي عندما ذُكر خلال مؤتمر صحافي أن «ما فعله على مدار العشرين عاماً الماضية لا يمكن نسيانه»، حيث قال رونالدو: «وما زلت أفعل ذلك». ثم تابع المراسل حديثه وسأل عما إذا كان رونالدو لا يزال يرغب في اللعب مع منتخب البرتغال حتى لو شعر أنه سيخسر مكانه الأساسي يوماً ما، فرد النجم البرتغالي قائلاً: «هذا ما تعتقده أنت، لكنني وحتى نهاية مسيرتي الكروية سأظل دائماً أفكر في أنني سأكون لاعباً أساسياً».

رونالدو ما زال قادراً على العطاء مع النصر السعودي (رويترز)

وتنبع معظم الانتقادات التي توجه إلى رونالدو من حقيقة أنه مرت تسع مباريات - أو 720 دقيقة - منذ آخر مرة سجل فيها في نهائيات بطولة كبرى، وكان ذلك عندما أحرز هدفاً من ركلة جزاء في مرمى غانا في كأس العالم 2022. إلى جانب ذلك، جاءت سبعة من آخر 10 أهداف دولية له ضد منتخبات مصنفة أقل من المركز الخمسين - وكانت الاستثناءات هي كرواتيا (المركز الـ12) وسلوفاكيا (المركز الـ42).

وبينما يسعى رونالدو إلى الوصول إلى هدفه رقم 1000 في مسيرته الكروية، فهناك قلق بشأن مدى تأثير ذلك على ديناميكية المنتخب البرتغالي. وقال كونيا: «إنه شيء كان له تأثير بالفعل على مدار السنوات القليلة الماضية - يبحث الفريق دائماً عنه، ناهيك عن الطريقة الفردية التي يلعب بها». لم يكن التعامل مع مستقبل رونالدو شيئاً سهلاً على الإطلاق، ليس فقط لأنه يمكن القول إنه أعظم لاعب في تاريخ البلاد، لكن أيضاً لأن أهميته تتجاوز الملعب بكثير. فللسنة المالية الثانية عشرة على التوالي، أنهى الاتحاد البرتغالي السنة المالية بتحقيق أرباح، معلناً عن إيرادات قياسية بلغت 121.6 مليون يورو (101.8 مليون جنيه إسترليني)، وهي المرة الأولى على الإطلاق التي يكسر فيها حاجز 120 مليون يورو. ومن الواضح أن وجود نجم عالمي لديه مليار متابع على وسائل التواصل الاجتماعي يساعد كثيراً في هذا الأمر.

وقال رئيس الاتحاد البرتغالي لكرة القدم، فرناندو غوميز، في مقابلة صحافية في عام 2021 «:رونالدو له تأثير على مواردنا المالية. هذا شيء لا يمكن إنكاره عندما تفكر في حقوق البث وصفقات الرعاية لدينا». وقال كونيا: «رفض الاتحاد البرتغالي لكرة القدم إنهاء مسيرة رونالدو مع المنتخب بعد مونديال قطر، وهذا يساعد في فهم قرار تعيين مارتينيز مديراً فنياً».

وأضاف: «لا يمكنك أن تقلل على الإطلاق من شأن رونالدو واسمه الكبير في عالم كرة القدم، لكن من المؤكد أنه قد مرت سنوات ولم ينجح هذا الجيل الموهوب للغاية في كرة القدم البرتغالية من التعبير عن نفسه بحرية كاملة. إن اتباع نهج مختلف مع رونالدو، والتركيز على السيناريوهات التي يمكنه المساهمة فيها، سيكون أكثر إنتاجية في هذه المرحلة من مسيرته الكروية».



كاي هافرتز يجني ثمار خطط أرتيتا الهجومية الجديدة

هافرتز في طريقه لهز شِباك ساوثهامبتون (رويترز)
هافرتز في طريقه لهز شِباك ساوثهامبتون (رويترز)
TT

كاي هافرتز يجني ثمار خطط أرتيتا الهجومية الجديدة

هافرتز في طريقه لهز شِباك ساوثهامبتون (رويترز)
هافرتز في طريقه لهز شِباك ساوثهامبتون (رويترز)

إذا ظل بوكايو ساكا يقدم مستويات ثابتة، فسيظل هو النجم الأول لآرسنال. وقدم الجناح الإنجليزي الشاب تمريرتيه الحاسمتين السادسة والسابعة في الدوري الإنجليزي الممتاز هذا الموسم، وقاد فريقه لتحقيق الفوز على ساوثهامبتون المرشح للهبوط في الجولة الماضية، كما سجل هدفه الثاني في الدوري هذا الموسم.

يحتل ساكا المرتبة العاشرة بين أفضل لاعبي الدوري هذا الموسم من حيث عدد التسديدات (25) والتمريرات الرئيسية (27) والمراوغات (14) هذا الموسم، وهو ما يسلط الضوء حقا على قدراته الهجومية الهائلة. وفي ظل سعي آرسنال للفوز بلقب الدوري الإنجليزي الممتاز للمرة الأولى منذ أكثر من 20 عاماً، فإن ساكا هو اللاعب الأبرز في الفريق الحالي للمدفعجية. ومع ذلك، من المستحيل وصف آرسنال بأنه فريق اللاعب الواحد. من الواضح أن ساكا، البالغ من العمر 23 عاماً، هو الجوهرة الثمينة في تشكيلة المدفعجية تحت قيادة المدير الفني الإسباني ميكيل أرتيتا، لكنه محاط بلاعبين آخرين يتألقون بالقدر نفسه.

وأحد أبرز هؤلاء اللاعبين هو كاي هافرتز، الذي انضم إلى آرسنال الصيف الماضي بينما كان ينظر إليه كثيرون على أنه «لغز كبير». كان النجم الألماني الشاب يلعب مهاجماً صريحاً، خلال فترة وجوده مع تشيلسي، وكان يصر على أن هذا ليس أفضل مركز له. وفكر أرتيتا بشكل مماثل عندما انتقل هافرتز إلى ملعب الإمارات، واعتمد على اللاعب البالغ من العمر 25 عاماً في خط الوسط بديلا لغرانيت تشاكا، الذي انتقل إلى باير ليفركوزن، العام الماضي.

وعلى الرغم من أنهما لاعبان مختلفان تماماً، فإن هافرتز لاعب مجتهد ويتحرك بذكاء في حال عدم استحواذ فريقه على الكرة، وهي الصفات التي مكّنته من تقديم الدعم الهجومي الذي كان يقدمه تشاكا للفريق. ومع ذلك، فشل قرار أرتيتا الاعتماد على هافرتز في خط الوسط في تحقيق النتيجة المرجوة، حيث بدا لاعب باير ليفركوزن السابق تائهاً. لكن لم يكن أرتيتا يمتلك رفاهية الاستغناء عن اللاعب الذي كلف خزينة النادي 65 مليون جنيه إسترليني، وبالتالي فكر في الدفع به في مركز جديد.

لذا، فعل أرتيتا ما كان ينبغي له أن يفعله منذ البداية، ودفع بهافرتز في الخط الأمامي. ففي ظل معاناة غابرييل جيسوس بسبب الإصابة، قاد هافرتز خط الهجوم وقدم مستويات جيدة للغاية، بل وساهمت طريقة لعبه في تألق ساكا على الجهة اليمنى، وغابرييل مارتينيلي أو لياندرو تروسارد على الجهة اليسرى.

نجح هافرتز في أن يستحوذ على قلوب مشجعي آرسنال بفضل أدائه المميز ومجهوده الوفير (رويترز)

وبعد سنوات من الكفاح من أجل القيام بدور محدد مع الفريق، وجد هافرتز نفسه أخيراً في آرسنال. والأهم من ذلك أنه أثبت أن المستويات القوية التي قدمها في النصف الثاني من الموسم الماضي لم تكن صدفة، بل على العكس تماماً رفع هافرتز مستواه إلى آفاق جديدة وأصبح أحد أهم لاعبي آرسنال، في إطار سعي الفريق لتحقيق المجد المحلي والقاري.

وسجل هافرتز، للمباراة الرابعة على التوالي، في المباراة التي فاز فيها آرسنال على ساوثهامبتون بثلاثة أهداف مقابل هدف وحيد، في الجولة الماضية، وكان هدفه في هذه المباراة يعني أن لديه الآن أربعة أهداف في الدوري الإنجليزي الممتاز هذا الموسم. وبمعدل التهديف الحالي، من المتوقع أن يتجاوز بسهولة حاجز الـ13 هدفاً التي سجلها في موسم 2023-2024، إذا واصل اللعب بالقوة نفسها وابتعدت عنه الإصابات. ومع ذلك، لا ينبغي الحكم على مدى نجاحه هذا الموسم مع آرسنال، من خلال النظر إلى عدد الأهداف وحده.

وعلى الرغم من أنه يجري الحكم على المهاجمين من خلال عدد المرات التي يضعون فيها الكرة داخل الشباك - لأن هذه هي مهمتهم الأساسية قبل أي شيء آخر - فإن مهمة هافرتز الأساسية تكمن في خلق مساحات للجناحين عندما يدخلان إلى عمق الملعب. كما أنه يمثل المجهود البدني الكبير في الخط الأمامي، وهو الأمر الذي ثبتت أهميته الكبرى لآرسنال هذا الموسم.

من الواضح أن طريقة لعب آرسنال لا تعتمد على الهيمنة على المباريات والاستحواذ على الكرة لأطول فترة ممكنة، على عكس أندية أخرى مثل مانشستر سيتي وتوتنهام، حيث يصل متوسط استحواذ آرسنال على الكرة إلى 49.2 في المائة، ليحتل المرتبة التاسعة في الدوري الإنجليزي الممتاز هذا الموسم، لذلك فالفريق بحاجة إلى مهاجم بقدرات وإمكانات هافرتز لإزعاج دفاعات المنافسين عندما يلعب الفريق بشكل مباشر على المرمى. ويصل متوسط ارتكاب هافرتز للأخطاء إلى 1.7 خطأ في كل 90 دقيقة، وهو ما يشير إلى أن اللاعب الألماني الشاب لا يتردد في التدخل بكل قوة من أجل مساعدة فريقه أو الحد من خطورة الفريق المنافس.

وعلاوة على ذلك، يتصدر هافرتز قائمة لاعبي الدوري الأكثر تشتيتاً للكرات بـ14 مرة - أكثر من أي مهاجم آخر في الدوري الإنجليزي الممتاز هذا الموسم - وهو ما يعكس أهمية هذا اللاعب لآرسنال من الناحية الدفاعية أيضاً، وليس من الناحية الهجومية فحسب. لقد نجح هافرتز في أن يستحوذ على قلوب مشجعي آرسنال بفضل أدائه المميز ومجهوده الوفير، وهو يستحق ذلك تماماً.

يُعد ساكا اللاعب الأبرز في خط هجوم آرسنال، لكن ذلك لا يعني، على الإطلاق، التقليل من الدور الكبير الذي يقوم به هافرتز، خاصة أن الطريقة التي يلعب بها هافرتز تسهم بشكل واضح في تألق ساكا نفسه، من خلال خلق مساحات ينطلق فيها. وإذا نجح آرسنال في التفوق على ليفربول ومانشستر سيتي وحصل على لقب الدوري هذا الموسم، فإن هافرتز سيلعب دوراً رئيسياً في هذا الأمر.

* خدمة «الغارديان»