ما الخطأ الذي يحدث في ريال مدريد منذ انطلاقة الموسم الحالي؟

مخاوف وتساؤلات حول مشكلات الدفاع... وفاعلية هجوم الفريق

الحسرة بادية على لاعب مدريد بيلينغهام (أ.ف.ب)
الحسرة بادية على لاعب مدريد بيلينغهام (أ.ف.ب)
TT

ما الخطأ الذي يحدث في ريال مدريد منذ انطلاقة الموسم الحالي؟

الحسرة بادية على لاعب مدريد بيلينغهام (أ.ف.ب)
الحسرة بادية على لاعب مدريد بيلينغهام (أ.ف.ب)

انتهت سلسلة المباريات الـ36 التي خاضها ريال مدريد دون هزيمة على يد ليل، حيث فاز الفريق الفرنسي 1 - 0 على الريال في دوري أبطال أوروبا مساء الأربعاء.

بحسب شبكة «The Athletic»، كانت المرة الأخيرة التي خسر فيها فريق المدرب كارلو أنشيلوتي مباراة في 18 يناير (كانون الثاني) الماضي؛ حيث خسر 2 - 4 بعد وقت إضافي على حساب أتلتيكو مدريد في دور الـ16 من كأس الملك. على ملعب ليل، كانت ركلة الجزاء التي سجّلها المهاجم الكندي جوناثان دافيد في الشوط الأول كافيةً لحسم النقاط، على الرغم من جهود فينيسيوس جونيور وجود بيلينغهام وكيليان مبابي، الذي تعافى سريعاً من الإصابة ليشارك من على مقاعد البدلاء في الشوط الثاني. لم يكن فريق كارلو أنشيلوتي في أفضل حالاته. سارع المدرب الإيطالي إلى الاعتراف بذلك في المؤتمر الصحافي الذي أعقب المباراة. وقال: «أنا صادق جداً، الانتقادات الموجهة لمباراة اليوم عادلة وصحيحة، وعلينا أن نتقبلها... لم نظهر نسخة جيدة (من أنفسنا)».

فرحة كبيرة في صفوف ليل عقب الفوز المثير (رويترز)

لا يزال الموسم في مراحله الأولى، لكن هذه ليست المرة الأولى التي يتحدث فيها أنشيلوتي بهذه الطريقة في موسم 2024 - 2025، وفي مدريد هناك دائماً مستوى معين من التدقيق في كل نتيجة سيئة. إذن، ما الخطأ الذي يحدث في مدريد الآن؟ وما مدى أهمية ذلك؟ لم يحقق ريال مدريد أفضل بداية للموسم الجديد في الدوري الإسباني. فقد تعادل الفريق في مباراته الافتتاحية 1 - 1 على ملعب مايوركا، حيث وجد أنشيلوتي نفسه يفكر في «المشكلات والحلول» في وقت أبكر مما توقعه الجميع، في ليلة كان من المفترض أن تكون ليلة الظهور الأول لمبابي في إسبانيا. استمرّت المخاوف والتساؤلات حول فاعلية هجوم الفريق، وما إذا كان بإمكان مبابي وفينيسيوس جونيور ورودريغو أن يُدمجوا بشكل صحيح بأفضل ما لديهم من قدرات؛ حيث تعادل الفريق خارج أرضه في الجولة الثالثة على ملعب لاس بالماس، مما يعني أنه بدأ رحلة الدفاع عن لقبه بـ5 نقاط من أصل 9 نقاط ممكنة. تبددت تلك المخاوف بعد فترة وجيزة، خصوصاً مع بدء مبابي في هزّ الشباك (هو هداف الفريق بـ7 أهداف في 10 مباريات). ولكن كانت هناك إشارات أخرى مقلقة بشأن استقرار الفريق (وقوة الفريق في العمق) في الدفاع.

المباراة شهدت كثيراً من التوتر بسبب أداء الريال (أ.ف.ب)

كان الفوز الذي حققه ريال مدريد في نهاية الأسبوع الماضي على ألافيس بنتيجة 3 - 2 هو الخامس على التوالي في جميع المسابقات منذ التعادل في لاس بالماس، لكن مصادر من الجهاز الفني (تحدثوا دون الكشف عن هوياتهم لحماية موقفهم، مثل جميع مَن تم ذكرهم هنا) قدموا تقييماً مقلقاً. قالوا: «لقد أخطأ الفريق في غروره»، بعد أن شاهدوا ريال مدريد وهو على وشك إهدار تقدمه 3 - 0 قبل 10 دقائق من نهاية المباراة. خرج مبابي في تلك المباراة بسبب إصابة عضلية. أدى ذلك إلى تغيير في تشكيل الفريق في المباراة التالية، التي تعادل فيها الفريق يوم الأحد 1 - 1 على ملعب أتلتيكو في الدوري الإسباني، حيث انتقل أنشيلوتي من 4 - 3 - 3 إلى 4 - 4 - 2؛ بحثاً عن مزيد من السيطرة وتوازن أفضل بين الهجوم والدفاع. وقد جرب الاستراتيجية نفسها أمام ليل، ولكن لم نشهد تحسناً ملحوظاً في أي من اللقاءين. تقول مصادر من الجهاز الفني: «إن التعديلات مستمرة خلال الموسم»، لكنها تعترف بأن لاعبي الفريق لم يتمكّنوا حتى الآن من الوصول إلى أفضل مستوى. «عانينا في صناعة اللعب»، كان هذا هو حكم أنشيلوتي، موضحاً: «الاستحواذ كان بطيئاً، وكانت لدينا أفكار قليلة. الأمر واضح لأن لدينا مهاجمين يحتاجون إلى اللعب بشكل رأسي أكثر. إذا كنت تعاني من صعوبة في التعامل مع الكرة والوصول البطيء للكرة، فهذه مشكلة». عقب مباراة ليل، قالت مصادر النادي إن إيدير ميليتاو سيخضع لفحوص، بعد خروجه في الدقيقة 57؛ بسبب شعوره بآلام في الفخذ اليسرى. إذا كان قلب الدفاع البرازيلي سيغيب لفترة من الوقت، فسينضم إلى تيبو كورتوا وديفيد ألابا وداني سيبايوس وإبراهيم دياز في قائمة المصابين.

مبابي لم يقدم ما يذكر أمام ليل (أ.ف.ب)

منذ بداية الموسم، عانى ريال مدريد من عدد من المشكلات البدنية التي منعته من تقديم أفضل ما لديه. وكان كثير من اللاعبين الذين شاركوا في مباراة الأربعاء قد عادوا للتو من الإصابة، بمَن في ذلك مبابي وإدواردو كامافينغا. وبدا كلاهما في حالة بدنية ضعيفة مع مرور الدقائق، وهو ما حدّ من أداء ريال مدريد. وقال حارس المرمى أندري لونين في المنطقة المختلطة ليلة الأربعاء: «الجميع يعرف كيف يكون التقويم... الأشخاص الذين يتحملون المسؤولية، دعهم يفكرون في الأمر. الأمر ليس سهلاً. قبل يومين خضنا مباراة صعبة للغاية من الناحيتين البدنية والعاطفية». لم يرغب أنشيلوتي في البحث عن «أعذار» كما قال، طارحاً السؤال: «كم عدد المرات التي لعبنا فيها يوم الأحد، وقاتلنا يوم الأربعاء؟!». تدرك مصادر الجهاز الفني أن كثيراً من اللاعبين يعانون من الإصابات، ولكن كما كانت الحال في الموسم الماضي يبحثون عن كيفية تحسين عملية التعافي والدفع بأفضل تشكيلة في ظل القيود الخططية التي يواجهونها. وبالحديث عن القيود، في المباراة المقبلة، يوم السبت المقبل في الدوري الإسباني على أرض فياريال، قد يكون لدى ريال مدريد مرة أخرى لاعبان فقط في مركز قلب الدفاع، وهما أنطونيو روديغر وخيسوس فاييخو، الذي لم يكن مقنعاً عندما شارك في أول مباراة له هذا الموسم أمام ألافيس. الشريك الأكثر ترجيحاً لروديغر سيكون أوريليان تشواميني، إذا كان ميليتاو بالفعل غير لائق للعب. من الواضح أن ريال مدريد لا يمتلك قوة كبيرة في هذا المركز، ولكن المسؤولين عن التخطيط للفريق قرروا عدم إجراء مزيد من التدعيمات هذا الصيف بعد فشل محاولة التعاقد مع ليني يورو، على الرغم من أن الموسم قد يمتد إلى 70 مباراة.

أنشيلوتي لاقى انتقادات كبيرة عقب الخسارة (أ.ف.ب)

وتقول مصادر من الجهاز الفني إن ألابا قد يعود إلى الفريق في ديسمبر (كانون الأول) المقبل، ولكن سيتم التعامل بحذر مع تعافيه، وبحلول ذلك الوقت سيكون قد غاب عن الملاعب لمدة 12 شهراً. وتقول المصادر نفسها إنه على الرغم من تعافي ميليتاو تماماً من إصابته بالرباط الصليبي (ألابا عانى من الإصابة نفسها)، فإنهم لا يزالون يعتقدون بأنه يحتاج إلى وقت قبل أن يصل إلى أفضل مستوياته مرة أخرى. لكل هذه الأسباب، لا يزال الفريق يفتقر إلى قلب دفاع آخر بعد رحيل ناتشو، وهذا أمر يظهر عملياً في كل مباراة. ومن الغيابات الكبيرة الأخرى غياب توني كروس. على الرغم من جودة كامافينغا وتشواميني وفيدريكو فالفيردي وبيلينغهام في خط الوسط، فإن الألماني كان دائماً لا يمكن تعويضه. ولكن لا يوجد قلق أو ذعر كبير حول النادي. في فرنسا مساء الأربعاء، قال مصدر مقرب من مجلس إدارة ريال مدريد رداً على سؤال: «نحن في البداية فقط. سنرى كيف ستسير الأمور. أي شيء آخر سيكون غير عادي للغاية، حتى بالنسبة لنادٍ مثل ريال مدريد. سنفكر في العودة إلى تلك (المشكلات والحلول) مرة أخرى».


مقالات ذات صلة

إغلاق مدرجات أتليتيكو بسبب شغب جماهيره في الديربي

رياضة عالمية كورتوا حارس مرمى ريال مدريد يلقي بإحدى القداحات التي قذفت عليه من جماهير أتليتيكو في الديربي (أ.ب)

إغلاق مدرجات أتليتيكو بسبب شغب جماهيره في الديربي

قال الاتحاد الإسباني إن أتليتيكو مدريد سيخوض مبارياته الثلاث المقبلة على أرضه مع غلق جزء من المدرجات بعد توقف مباراته ضد ريال مدريد بسبب إلقاء بعض المقذوفات.

«الشرق الأوسط» (مدريد)
رياضة عالمية دييغو سيميوني مدرب أتليتيكو مدريد (أ.ف.ب)

سيميوني: يجب معاقبة من يستفز الجماهير

تمسك دييغو سيميوني، مدرب أتلتيكو مدريد، برأيه حول أن اللاعبين الذين يستفزون الجماهير يجب أن يتعرضوا لعقوبات.

«الشرق الأوسط» (لشبونة)
رياضة عالمية من حادثة الالتحام بين روبين لو نورماند لاعب أتلتيكو وتشاوميني لاعب الريال خلال ديربي الدوري الإسباني (رويترز)

لُو نورماند مدافع أتلتيكو يعاني من صدمة في الرأس وورم داخلي

يعاني المدافع الدولي روبين لُو نورماند من صدمة في الرأس وتجمع دموي داخلي، تعرض لهما الأحد خلال مباراة ديربي الدوري الإسباني لكرة القدم ضد ريال مدريد (1 - 1).

«الشرق الأوسط» (مدريد)
رياضة عالمية بيلار أليغريا (إ.ب.أ)

الحكومة الإسبانية: عقوبات «قاسية» تنتظر مفتعلي أحداث قمة مدريد

قالت وزيرة الرياضة الإسبانية بيلار أليغريا إنه ستكون هناك عقوبات «قاسية وشديدة» ضد المسؤولين عن حوادث العنف خلال مباراة أتلتيكو مدريد وريال مدريد.

«الشرق الأوسط» (مدريد)
رياضة عالمية غريزمان بقميص اتلتيكو (يمين) يحاول المرور من ميندي مدافع الريال في مباراة قمة العاصمة مدريد (ا ب ا)

غريزمان يعتزل دولياً... وكورتوا يغيب مجدداً للإصابة

بعد انتهاء ديربي العاصمة الإسبانية المتوتر بين القطبين ريال مدريد ومضيفه أتلتيكو بالتعادل 1 - 1 بالجولة الثامنة للدوري، فاجأ نجم خط الوسط الفرنسي أنطوان.

«الشرق الأوسط» (مدريد)

جمال موسيالا: أنا نصف إنجليزي ونصف ألماني

موسيالا يهز شباك المجر في «يورو 2024»
موسيالا يهز شباك المجر في «يورو 2024»
TT

جمال موسيالا: أنا نصف إنجليزي ونصف ألماني

موسيالا يهز شباك المجر في «يورو 2024»
موسيالا يهز شباك المجر في «يورو 2024»

في أكتوبر (تشرين الأول) 2010، ذهب أب إلى ملعب «سانت ماري»، الذي يحتضن مباريات ساوثهامبتون، مع ابنه البالغ من العمر 7 سنوات. لم تكن هناك مباراة تُلعب آنذاك، لكن الأب كان يبحث فقط عن مباراة يشارك فيها ابنه الصغير! كان الأب ونجله قد وصلا للتو من ألمانيا، ولم تكن لديهما أي فكرة عن كرة القدم الإنجليزية، لذا كان من الطبيعي أن يتوجها إلى أقرب نادٍ محترف ويطلبا اللعب.

كان هذا الأب هو موسيالا، والد جمال موسيالا، الذي يعدّ أبرز موهبة في كرة القدم الألمانية في الجيل الحالي، وكانت هذه أولى خطوات رحلته الكروية التي أوصلته إلى أن يكون صانع الألعاب المبدع مع نادي بايرن ميونيخ. وفي ساوثهامبتون، كان جمال صبياً صغيراً ضعيفاً، لا يعرف أي كلمة إنجليزية، وينظر إلى والده وهو يحاول إيجاد أي طريقة تمكنه من ممارسة اللعبة التي يعشقها.

يضحك موسيالا، البالغ من العمر 21 عاماً الآن، في أثناء الحديث عن هذه الذكريات، وهو جالس بملعب تدريب بايرن ميونيخ. يقول موسيالا: «والدي شخص متفتح دائماً، وعندما ذهبنا أول مرة إلى ساوثهامبتون، لم يكن هناك أي مكان ألعب فيه كرة القدم، ولم نكن نعرف أي شيء عن المكان، لذلك ذهبنا إلى الملعب في ذلك اليوم دون أي ترتيبات ودون أن نعرف أي شيء... لم تكن هناك مباراة أو أي شيء. فقط كنا نبحث عن مكان يمكنني اللعب فيه».

ويضيف: «لا أنصح أي شخص بفعل هذا الأمر، لكن من حسن حظنا أننا التقينا شخصاً هناك في الملعب كان لديه فريق محلي. في بعض الأحيان تحتاج إلى القليل من الحظ. ذهبت إلى ذلك الفريق المحلي ولعبت له مدة قصيرة، ثم رآني مسؤولو ساوثهامبتون وخضعت لتجربة معهم». كان هذا الشخص هو عامل بنادي ساوثهامبتون يُدعى جاز بهاتي، وقد أرسل موسيالا إلى فريق الأطفال التابع لشقيقه، وهو فريق «سيتي سنترال». ويقول بهاتي إنه بعد مرور 10 دقائق فقط على رؤية موسيالا البالغ من العمر 7 سنوات وهو يلعب، اتصل شقيقه على الفور بكشافي ساوثهامبتون وطلب منهم الحضور لمشاهدة المباراة. وتفوق موسيالا على نجم «سيتي سنترال» في ذلك الوقت، وهو شاب يُدعى ليفي كولويل.

وهكذا بدأت أولى خطوات اللاعب ذي الأصول الألمانية النيجيرية في الملاعب الإنجليزية؛ أولاً مع ساوثهامبتون، ثم مع تشيلسي الذي قضى معه 8 سنوات في أكاديمية النادي للناشئين، قبل أن ينتقل إلى بايرن ميونيخ وهو في السادسة عشرة من عمره. يقول موسيالا: «كرة القدم تبني الصداقات. يعود الأمر إلى تلك السنوات عندما كنت طفلاً صغيراً أذهب إلى الحديقة، وهذه هي الطريقة التي كونت بها كثيراً من الصداقات. لقد ساعدني ذلك بالتأكيد في الانتقال من ألمانيا إلى إنجلترا. لقد تعلمت اللغة الإنجليزية بسرعة كبيرة، لكن الأمر استغرق مني بضعة أشهر حتى أستقر حقاً وأشعر كأنني في بيتي. وعلى مدار 6 أشهر في إنجلترا، لم أكن أفهم شيئاً، ولم أكن أستطيع التحدث باللغة الإنجليزية بشكل صحيح، لكن كرة القدم ساعدتني في التعرف على أصدقائي، وهو الأمر الذي جعل حياتي أسهل».

موسيالا يتسلم جائزة هداف يورو 2024 (رويترز)

كادت إنجلترا تفوز بمعركة إقناعه باللعب للمنتخب الإنجليزي، لكنه اتجه للعب مع ألمانيا في نهاية المطاف. يقول موسيالا: «لا أعتقد أن قراري كان ليتغير، فقد كنت أعيش في ميونيخ (في السادسة عشرة من عمره، عندما اتخذ قراره باللعب لألمانيا)، وقد وُلدت هنا، وأمي من ألمانيا. لا يعني هذا التقليل من إنجلترا على الإطلاق، فهي لا تزال موطني».

ويضيف: «عندما كنت أعيش في إنجلترا، كنت ألعب للمنتخبات الوطنية الإنجليزية، وكان جميع أصدقائي هناك، لذلك كان كل شيء إنجليزياً لمدة، لكنني بدأت أرى الجانب الألماني مرة أخرى بمجرد عودتي إلى هنا. وإذا سألتني عن شعوري تجاه إنجلترا وألمانيا، فسأقول لك إنني نصف إنجليزي ونصف ألماني! ما زلت أحمل ذلك الجانب الإنجليزي، وسيظل الأمر دائماً على هذا النحو». وفي إنجلترا، لا يزال هناك كثير من الذكريات والصور مع المنتخب الإنجليزي تحت 16 عاماً، الذي كان يضم موسيالا وجود بيلينغهام وكول بالمر ومورغان روجرز. وفي تشيلسي، كان موسيالا قريباً من تينو ليفرامينتو لاعب نيوكاسل الحالي، وزميله في بايرن ميونيخ مايكل أوليس، الذي ساعده كثيراً لدى عودته إلى ألمانيا، ورافقه في المقابلات متحدثاً ومترجماً وصديقاً يساعده على تجاوز الصعوبات.

ونظراً إلى أن إنجلترا غالباً ما تُصوَّر على أنها تعتمد على طريقة 4 - 4 - 2 والكرات الطولية، فمن المثير للاهتمام أن نسمع موسيالا وهو يقول إن هذا لم يكن ما تعمله في إنجلترا. يقول النجم الألماني الشاب: «من ناحية كرة القدم، ما ساعدني كثيراً في إنجلترا هو اللعب بقدر كبير من الحرية. عندما كنت ألعب مع المنتخب الإنجليزي، كان هذا هو الهدف الأكبر للاعبين الشباب، بمعنى أن تلعب بحرية وأن تظهر قدراتك وإمكاناتك. لقد ساعدني ذلك على تطوير مهاراتي في المراوغة والتعامل مع المواقف الصعبة في المساحات الضيقة، والاستمرار في اللعب حتى لو ارتكبت بعض الأخطاء. في بعض الأحيان يكون كل ما تحتاج إليه بصفتك لاعباً شاباً هو اللعب بحرية».

ويضيف: «لقد تعرفت على بعض الأصدقاء المقربين في منتخب إنجلترا تحت 16 عاماً، وكانت لديهم الفكرة نفسها؛ اللعب بحرية. ولا يزال هذا الأمر في ذهني حتى الآن. عندما تكون في الخامسة عشرة من عمرك، فإنك لا تفكر في شيء سوى المراوغة. وبمجرد أن تجيد ذلك، فيمكنك بعد ذلك تعلم الأشياء الأخرى. يتعين عليك أن تستمتع بكرة القدم؛ كما هي الحال في أي شيء تفعله بالحياة».

وهذه هي الصفة التي يحبها كثيرون في موسيالا، والتي جعلته ينضم إلى التشكيلة المثالية لـ«كأس الأمم الأوروبية 2024»، بعد أن أحرز 3 أهداف وفاز بلقب هداف البطولة بالتساوي مع النجم الإنجليزي هاري كين. لكن لاعب ليفربول السابق ديدي هامان، وهو محلل ألماني بارز، انتقد موسيالا مؤخراً، وقال إن اللعب بقدر كبير من الحرية يعدّ نقطة سلبية في أدائه، واصفاً موسيالا بأنه «فنان فردي».

فهل كانت هذه الانتقادات مؤلمة لموسيالا؟ يقول النجم الألماني الشاب ضاحكاً: «مؤلمة! لا، على الإطلاق! أنا شخص ينتقد نفسه باستمرار، ويتعين عليّ أن أتقبل آراء النقاد. لا أنظر كثيراً إلى وسائل التواصل الاجتماعي، وما يقال عني. سترى كثيراً من التعليقات الجيدة، لكن التعليق السيئ سيبقى في ذهنك دائماً. لذلك أحاول بالفعل الابتعاد عن ذلك. والأهم من ذلك هو ردود الفعل التي أتلقاها من المدربين واللاعبين وأعضاء الفريق من حولي، ومن أمي وأبي. هذه هي الأشياء التي أتعامل معها بجدية أكبر».

حصل موسيالا على جائزة أفضل لاعب في المباراة مرات عديدة (غيتي)

ويضيف: «لكل شخص وجهة نظره الخاصة. وأنا أحاول فقط أن أفعل كل ما هو جيد للفريق، ولن أفعل أي شيء غير ضروري. لا أرغب مطلقاً في أن أكون ذلك اللاعب الذي يراوغ فقط حتى يجري إعداد مقطع فيديو مميز له على (إنستغرام) أو أي شيء من هذا القبيل. فأنا لست من هذه النوعية من اللاعبين. في بعض المباريات أمرر الكرة أكثر، وربما أراوغ مرة واحدة فقط، وفي بعض المباريات يحتاج الفريق مني إلى المراوغة أكثر، والمجازفة أكثر، وربما أفقد الكرة كثيراً. لكن إذا كان هذا ما تحتاجه المباراة، فسأفعل ذلك؛ لأن كل مباراة لها متطلبات مختلفة عن الأخرى».

ونظراً إلى الأداء الرائع الذي قدمه في نهائيات «كأس الأمم الأوروبية 2024»، فمن الغريب حقاً أنه لم ينضم إلى القائمة المختصرة لأفضل 30 لاعباً في العالم، التي سيُختار منها خلال الشهر المقبل أفضل لاعب في العالم. يقول موسيالا: «سأكون كاذباً إذا قلت إن الجوائز الفردية لا تهمني. أعتقد أن كل شخص يكبر يريد أن يفوز بجائزة فردية من نوع ما. لكن الشيء الأكبر أهمية هو أننا مررنا بموسم أخير صعب، ويتعين علينا أن نقدم مستويات أفضل هذا الموسم. ينصب تركيزي الأساسي على الفوز بالبطولات والألقاب، وكل شيء آخر سيأتي عندما يحين الوقت المناسب لذلك».

لم يحصل بايرن ميونيخ على أي بطولة الموسم الماضي، وهو ما يعدّ فضيحة في بافاريا. يقول موسيالا: «من المتوقع دائماً أن يفوز بايرن ميونيخ بالبطولات، وهو ما يضع ضغطاً كبيراً على الفريق». وقال موسيالا عن المنافسة على اللقب هذا الموسم وفوز باير ليفركوزن به الموسم الماضي: «هناك منافسة جيدة في الدوري، ونحن بحاجة فقط إلى التركيز على أنفسنا الآن، وأن نفعل الأشياء الصحيحة التي ربما لم نفعلها في الموسم الماضي».

موسيالا منفتح على اللعب في الدوري الإنجليزي (إ.ب.أ)

وإذا استعاد بايرن ميونيخ قدرته على الفوز بالبطولات والألقاب، فمن المؤكد أن بعض الفضل سيعود إلى إنجلترا أيضاً؛ نظراً إلى أن العملاق البافاري يضم بين صفوفه هاري كين وإيريك داير وموسيالا (نصف إنجليزي ونصف ألماني، كما قال). يقول موسيالا: «أصبحت اللغة الإنجليزية تتردد كثيراً في غرفة خلع الملابس الآن». وعندما سئل موسيالا عن اللاعب الإنجليزي الأفضل في التحدث باللغة الألمانية الآن، رد قائلاً: «لا أعتقد أنه هاري كين؛ الذي يستطيع أن يقول بضع كلمات! ربما يكون إيريك داير».

ربما يؤدي تأثير هؤلاء اللاعبين الإنجليز بمرور الوقت إلى تفكير موسيالا في اللعب بالدوري الإنجليزي الممتاز يوماً ما، رغم أنه يركز حالياً على مساعدة بايرن ميونيخ في استعادة الألقاب. يقول اللاعب الألماني الشاب: «ليست لدي خطة أو أي شيء حقاً في هذا الصدد. لا أحاول التفكير في المستقبل البعيد بشأن المكان الذي أريد أن أكون فيه؛ لأن المواقف يمكن أن تتغير دائماً في غضون عام أو حتى في غضون شهر واحد». واختتم حديثه قائلاً: «عندما كنت في السادسة من عمري لم أفكر في الوجود بإنجلترا وأنا في السابعة! لا أعرف ما الذي سيحدث في المستقبل. أنا منفتح على كل شيء، لكنني سعيد جداً بالمكان الذي أنا فيه الآن».

* خدمة الـ«غارديان»