هل يعاني إيفرتون من تداعيات الثورة المالية للدوري الإنجليزي؟

كان ضمن الأندية الخمسة الكبار التي نادت بالإصلاح في 1992 لكن نتائجه جاءت عكس ما تمناه

لاعبو إيفرتون افتتحوا الدوري بثلاثة خسائر في مؤشر لا يبدو جيدا هذا الموسم (رويترز)
لاعبو إيفرتون افتتحوا الدوري بثلاثة خسائر في مؤشر لا يبدو جيدا هذا الموسم (رويترز)
TT

هل يعاني إيفرتون من تداعيات الثورة المالية للدوري الإنجليزي؟

لاعبو إيفرتون افتتحوا الدوري بثلاثة خسائر في مؤشر لا يبدو جيدا هذا الموسم (رويترز)
لاعبو إيفرتون افتتحوا الدوري بثلاثة خسائر في مؤشر لا يبدو جيدا هذا الموسم (رويترز)

لقد مرت 40 سنة منذ أعظم موسم في تاريخ إيفرتون، عندما فاز بالدوري الإنجليزي وكأس أبطال الكؤوس ووصل إلى نهائي كأس الاتحاد الإنجليزي. لكنه كان إنجازاً غريباً حقاً، حيث جاء في وقت كان من الصعب فيه أن نرى كيف يمكن لكرة القدم الإنجليزية أن تستمر في ظل المآسي والكوارث التي تعاني منها.

كان إيفرتون - جنباً إلى جنب مع مانشستر يونايتد وآرسنال وليفربول وتوتنهام - أحد الأندية «الخمسة الكبار» التي قادت لإطلاق الدوري الإنجليزي الممتاز في عام 1992، وهو الحدث الذي يُنظر إليه الآن على نطاق واسع على أنه كان خطوة ضرورية في إعادة ميلاد اللعبة.

لكن هذه الخطوة أدت أيضاً إلى تبني ما يمكن وصفه بالاقتصاد الليبرالي الجديد بكرة القدم: فالبطولة الوحيدة التي فاز بها إيفرتون منذ انطلاق الدوري الإنجليزي بشكله الجديد هي كأس الاتحاد الإنجليزي عام 1995، وبعد التعرض لثلاث هزائم متتالية في الدوري في بداية هذا الموسم، يبدو أن الفريق يمضي الموسم الرابع على التوالي وهو يواجه شبح الهبوط.

لكن التغيير كان ضرورياً، فبعد خمسة أيام من فوز إيفرتون بلقب الدوري في موسم 1984-1985، لقي 56 شخصاً مصرعهم في حريق في برادفورد. وفي نفس اليوم، توفي مشجع لليدز يونايتد يبلغ من العمر 15 عاماً عندما انهار عليه جدار أثناء شجار خلال إحدى المباريات في برمنغهام. وبعد أربعة أيام، تغلب إيفرتون على رابيد فيينا في نهائي كأس الكؤوس الأوروبية. وبعد أسبوعين من ذلك، لقي 39 شخصاً مصرعهم في أعقاب مشاجرة جمهور ليفربول في نهائي كأس أوروبا في ملعب هيسل في بروكسل.

وفي الأسبوع الذي أعقب حريق برادفورد، نشرت صحيفة «صنداي تايمز» افتتاحيتها الشهيرة التي أشارت فيها إلى أن كرة القدم أصبحت «رياضة عشوائية تُلعب في ملاعب عشوائية يشاهدها بشكل متزايد أشخاص عشوائيون»، وطالبت بتطبيق أدنى معايير السلامة والأمان.

لكن كيف يمكن تمويل ذلك؟ لقد رفضت الصحيفة في افتتاحيتها فكرة الدعم، بحجة أن «كرة القدم، مثل أي شيء ترفيهي آخر على المستوى الاحترافي، لا شيء إذا لم تجتذب الجماهير بمزاياها الخاصة». لكن ما لم تدركه صحيفة «صنداي تايمز» - إلى جانب الغالبية العظمى من الناس في اللعبة - هو أن تحسين تجربة المشجعين سوف ينجح بسرعة في تغطية التكاليف على جميع المستويات. ففي السنوات الأربعين التي مرت منذ ذلك الحين، تضاعف عدد الحضور الجماهيري في مباريات الدوري. فهل كان انطلاق الدوري الإنجليزي الممتاز بشكله الجديد والنموذج الاقتصادي الذي قدمه ضرورياً لتحقيق ذلك؟ ربما يقول أولئك المرتبطون بالأندية الكبرى نعم، وبأنهم بحاجة إلى الثراء لرفع المعايير وأن جميع الأندية في كل مكان قد استفادت من ذلك.

ربما يكون هذا صحيحاً بشكل جزئي، على الرغم من أن نظرية الاقتصاد المتدرج أو المتسرب (أن يقود أثرياء وأصحاب الشركات الكبرى والمستثمرون ورجال الأعمال مسيرة النمو الاقتصادي داخل المجتمع، وبالتالي فإن تمتعهم بأي مزايا أو فوائد إضافية مثل المكاسب الرأسمالية أو الإعفاءات الضريبية ستتسرب نتائجه إلى جميع الأشخاص في دوائر المجتمع) فقدت مصداقيتها الآن: ربما كانت الشهرة التي اكتسبتها الأندية الرائدة من خلال تعاقدها مع نجوم أجانب لامعين - رغم أنهم كانوا في كثير من الأحيان من اللاعبين كبار السن في بداية الأمر - أفضل أداة تسويق ممكنة لكرة القدم الإنجليزية ككل. ونظراً لأن هذا هو المسار الذي سلكته كرة القدم الأوروبية مع ظهور دوري أبطال أوروبا، فربما كان الدوري الإنجليزي الممتاز بشكله الجديد ضرورياً لكي تتمكن الأندية الإنجليزية من المنافسة.

لكن آخرين يشككون في هذا، فالسير بوب موراي، على سبيل المثال، الذي كان رئيساً لنادي سندرلاند في ذلك الوقت، يعتقد أن تطوير المنشآت، بالإضافة إلى العائدات من البث التلفزيون، كان كفيلاً برفع مستوى كرة القدم على أي حال. وبعبارة أخرى، ينسب الدوري الإنجليزي الممتاز الفضل إلى نفسه في ظاهرة كانت ستحدث بالفعل: ثورة اقتصادية تم تنفيذها تحت غطاء الضرورة المتوقعة!

لكن في حال توزيع الأموال بشكل أكثر عدالة والتعامل مع الأمر بعيداً عن النواحي التجارية (على الرغم من أنه تجب الإشارة، من باب الإنصاف، إلى أن الدوري الإنجليزي الممتاز احتفظ على الأقل بتوزيع متساوٍ نسبياً لحقوق البث التلفزيوني المحلي)، فإن فرقاً كثيرة ستصبح قادرة على المنافسة، ولن تبدو الفجوة بين الدوري الإنجليزي الممتاز ودوري الدرجة الأولى واسعة للغاية.

هل ينقذ ملعب إيفرتون الجديد النادي من أزماته المالية (ا ب ا)

لكن السؤال الذي يجب طرحه الآن هو: هل كان هذا هو المستقبل الذي تصورته الأندية الخمسة الكبرى آنذاك؟ وهل تصورت هذه الأندية أن الرأسمالية التي تخضع لقواعد تنظيمية خفيفة ستجتذب رجال الأعمال الأثرياء والشيوخ من جميع أنحاء العالم والدول والأسهم الخاصة والمخادعين والمقامرين؟ يجب الإشارة هنا إلى أن ثلاثة أندية فقط من الخمسة الكبار الأصليين فازت بالدوري الإنجليزي الممتاز (مانشستر يونايتد وآرسنال وليفربول)، ولم يحصل أحد الأندية الخمسة الكبار على لقب الدوري إلا مرة واحدة فقط خلال السنوات الإحدى عشرة الماضية (ليفربول). وهناك شعور بأن هذه الأندية الكبرى لم تتمكن من مجاراة النماذج الاقتصادية التي نفذتها. ويواجه إيفرتون معركة شرسة لكي لا يكون أول من يهبط من بين هؤلاء الخمسة الكبار.

وفي العقد الذي سبق عام 1992، فاز إيفرتون بلقب الدوري مرتين، وبلقب كأس الاتحاد الإنجليزي مرة، كما وصل للمباراة النهائية على ملعب ويمبلي أربع مرات أخرى. لقد كان إيفرتون ثالث أكثر الأندية نجاحاً في تاريخ إنجلترا. ولولا الحظر الذي فُرض على الأندية الإنجليزية في أعقاب كارثة هيسل، ربما أصبح إيفرتون خامس فريق إنجليزي يفوز بكأس أوروبا ويستفيد من نجاحه بالفوز بلقب الدوري في عامي 1985 و1987. وكانت الأندية الخمسة الكبرى هي صاحبة أعلى متوسط حضور جماهيري في معظم أواخر الثمانينات من القرن الماضي.

فهل كان إيفرتون يبالغ في تقدير إمكانياته دائماً؟ أم أن المشكلة كانت تتمثل في أنه لم يكن لديه أبداً الإمكانات الاقتصادية التي تتمتع بها بعض الأندية الأخرى؟ لقد كانت هناك سنوات من الحكمة الاقتصادية واحتلال أحد المراكز العشرة الأولى تحت قيادة المدرب ديفيد مويز، لكن الفجوة المالية كانت واضحة دائماً. فهل كان بإمكان الإدارات المختلفة أن تغير هذا الوضع، أم أنه كان من المحتم ألا يتمكن إيفرتون أبداً من احتلال أحد مراكز القمة؟

لقد تزايد الشعور بأن هذا النادي لا يرغب في التكيف مع الوضع المتدهور. لقد كان النادي يتعاقد مع لاعبين تجاوزوا قمة عطائهم الكروي؛ ففي ظل ملكية فرهاد موشيري بدا الأمر لفترة طويلة وكأن هناك تعلقاً مرضياً بالتعاقد مع اللاعبين كبار السن الذين تراجع مستواهم، وكأن التعاقد مع اللاعبين الصغار في السن لإكسابهم الخبرات اللازمة ثم بيعهم بمقابل مادي أكبر وتحقيق ربح جيد أمر لا يليق بهذا النادي!

وكانت النتيجة هي وصول النادي إلى الفوضى الحالية: أربعة مواسم متتالية يحصل فيها النادي على أموال أكثر من التي أنفقها، لكنه لا يزال يعاني من أجل الامتثال لقواعد الربح والاستدامة في الدوري الإنجليزي الممتاز، في حين تتصارع مجموعة من المُلاك المحتملين حول الحطام المتبقي من كارثة سنوات موشيري!

شون دايك مدرب إيفرتون سيواجه تحديات الإنقاذ مرة أخرى (رويترز)cut out

لكن على الأقل هناك احتمال لبناء ملعب جديد. قد يكون هذا استنزافاً قصير المدى للموارد، لكنه سيؤدي إلى زيادة الإيرادات على المدى البعيد، وهذا هو جوهر كرة القدم الحديثة. لكن يتعين على إيفرتون الوصول إلى هذا المستقبل. لقد أشارت أول 87 دقيقة ضد بورنموث في نهاية الأسبوع الماضي إلى أن إيفرتون لديه القدرة على القيام بذلك؛ لكن ما حدث بعد ذلك ألقى بظلال من الشك على ما إذا كان الفريق يمتلك العقلية اللازمة لحصد الانتصارات، وسط كل هذه الاضطرابات والأجواء السلبية. لكن بعيداً عن كل هذه التفاصيل، فإن المحرك الأساسي هو التغيير الاقتصادي الذي أصلح اللعبة في عام 1992 والثورة التي بدأت تلتهم الأندية التي قادت هذا التغيير!

*خدمة «الغارديان»

الطفرة الاقتصادية لإصلاح الدوري الممتاز قد تكون على وشك التهام أحد الأندية «الخمسة الكبرى» الأصلية


مقالات ذات صلة

البريميرليغ: آرسنال المستنزف يواجه توتنهام للبقاء في دائرة المنافسين

رياضة عالمية آرسنال يتأخر بفارق نقطتين عن الصدارة بعد تعادله مع برايتون آند هوف ألبيون (د.ب.أ)

البريميرليغ: آرسنال المستنزف يواجه توتنهام للبقاء في دائرة المنافسين

يخوض آرسنال مجموعة من المباريات الصعبة التي يبدأها بزيارة توتنهام هوتسبير في الدوري الإنجليزي الممتاز لكرة القدم رغم الغياب المحتمل لعدد من اللاعبين المؤثرين.

«الشرق الأوسط» (لندن)
رياضة عالمية ميكل أرتيتا (رويترز)

أرتيتا يجدد مع آرسنال بعقد طويل الأمد

جدد آرسنال الإنجليزي رسمياً عقد مدربه الإسباني ميكل أرتيتا لأمد طويل، لينهي حالة من الشك بشأن مستقبله، ويؤكد ما تناولته وسائل إعلام محلية على نطاق واسع، الخميس.

«الشرق الأوسط» (لندن)
رياضة عالمية رودريغو بينتانكور لاعب نادي توتنهام (رويترز)

الاتحاد الإنجليزي يتهم لاعب توتنهام بسوء السلوك بعد تصريحه عن زميله «سون»

وجه الاتحاد الإنجليزي لكرة القدم اتهاماً للأوروغوياني رودريغو بينتانكور، لاعب وسط فريق توتنهام، بسوء السلوك، الخميس، بعدما أدلى بتصريح عن زميله بالفريق سون.

«الشرق الأوسط» (لندن)
رياضة عالمية ميكيل أرتيتا (أ.ف.ب)

أرتيتا يوافق على تمديد عقده مع آرسنال حتى 2027

ذكر تقرير إعلامي أن المدير الفني لفريق آرسنال الإنجليزي لكرة القدم ميكيل أرتيتا، وافق على عقد جديد يُبقيه مع الفريق لمدة ثلاثة أعوام وحتى 2027.

«الشرق الأوسط» (لندن)
رياضة عالمية جون تكستور رئيس ومالك نادي ليون الفرنسي يلتقط صورة سيلفي مع الجماهير (الشرق الأوسط)

جون تكستور رئيس ومالك ليون يؤكّد نيته شراء إيفرتون

أكّد الأميركي جون تكستور رئيس ومالك ليون الفرنسي لكرة القدم التابع لمجموعة إيغل فوتبول الأربعاء، نيّته شراء إيفرتون الإنجليزي "باسمه الشخصي".

«الشرق الأوسط» (ديسين-شاربيو)

الريال الأكثر إنفاقاً في الصيف «الإسباني» بـ833 مليون دولار

الريال تصدر الأندية الإسبانية الأكثر إنفاقاً في الصيف (ريال مدريد)
الريال تصدر الأندية الإسبانية الأكثر إنفاقاً في الصيف (ريال مدريد)
TT

الريال الأكثر إنفاقاً في الصيف «الإسباني» بـ833 مليون دولار

الريال تصدر الأندية الإسبانية الأكثر إنفاقاً في الصيف (ريال مدريد)
الريال تصدر الأندية الإسبانية الأكثر إنفاقاً في الصيف (ريال مدريد)

واصل نادي ريال مدريد تصدره لقائمة الأندية الإسبانية في سقف الإنفاق بعد سوق الانتقالات الصيفية، فيما تحسن وضع برشلونة بشكل كبير في الإنفاق، لكنه ما زال يبتعد بفارق كبير خلف غريمه التقليدي.

وأصدرت رابطة الدوري الإسباني قائمة بصافي سقف الإنفاق لجميع الفرق، اليوم (الخميس)، حيث وصل الصافي في ريال مدريد إلى 755 مليون يورو (833 مليون دولار) مرتفعاً عن صافي الإنفاق العام الماضي، الذي وصل إلى 727 مليون يورو (803 مليون دولار).

وتضاعف سقف الإنفاق في برشلونة من 204 ملايين يورو (225 مليون دولار)، وذلك بعد سوق الانتقالات الشتوية إلى 426 مليون يورو (470 مليون دولار)، لكن النادي الكتالوني لا يزال في وضع صعب قبل الدخول في فترة الانتقالات المقبلة إذا لم يتخذ إجراءات لتحسين شؤونه المالية.

وأصبح أتلتيكو مدريد ثالث نادٍ إسباني في سقف الإنفاق بمبلغ 310 ملايين يورو (342 مليون دولار) مرتفعاً من مبلغ 303 ملايين يورو (334 مليون دولار).

وإشبيلية من بين الأندية التي تعاني كثيراً، حيث تقلص سقف الإنفاق لديه من 150 مليون يورو (165 مليون دولار) إلى 5.2 مليون يورو (7.2 مليون دولار).

ولدى كل نادٍ إسباني سقف إنفاق يمكن من خلاله الإنفاق على اللاعبين والمدربين والجهاز الفني، ويتضمن ذلك الإنفاق على الفرق الاحتياطية وفرق الشباب والناشئين ومختلف أوجه الإنفاق الأخرى.