تسبّبت رغبة رئيسة بلدية باريس آن هيدالغو في الإبقاء على الحلقات الأولمبية معلقة على برج إيفل بجدل في العاصمة، حتى إن أحفاد مصمم هذا المعلم التاريخي غوستاف إيفل أدانوا هذه الخطوة.
وشكلت الحلقات الأولمبية خلفية لصور السيلفي التي التقطها زوار باريس خلال الألعاب الأولمبية التي أقيمت بين 26 يوليو (تموز) و11 أغسطس (آب) في العاصمة الفرنسية، واعتبرت صورة تعكس النجاح الذي حققته باريس في استضافتها للنسخة الثالثة والثلاثين من الألعاب الصيفية.
وأعلنت هيدالغو السبت أنها تنوي إزالة الحلقات الثقيلة جدا واستبدال نسخة أخف وزنا بها، من أجل إبقائها على المعلم التاريخي.
لكن جمعية أحفاد غوستاف إيفل ترفض هذه الخطة، وقالت في بيان: «لا يبدو مناسبا لنا أن برج إيفل الذي أصبح رمزا لباريس وفرنسا بأكملها منذ بنائه قبل 135 عاما، يحمل رمز منظمة خارجية مضافا إليه بشكل دائم، مهما كانت مكانتها».
وقال رئيس الجمعية أوليفييه بيرتيلو-إيفل، وهو حفيد الحفيد بالنسبة لغوستاف إيفل، لوكالة الصحافة الفرنسية إن العائلة لم تر أي مشكلة في بقاء الحلقات لفترة أطول من دورة الألعاب البارالمبية التي تختتم في 8 سبتمبر (أيلول)، «لكن برج إيفل يجب ألا يصبح مركزا إعلانيا. كان ينبغي لآن هيدالغو أن تقول إنها تريد الاحتفاظ بالحلقات الأولمبية، وليس أنها قررت ذلك، ومن ثم تقوم بمناقشة الفكرة مع مجلس بلدية باريس والأفراد المعنيين».
وأثارت وزيرة الثقافة رشيدة داتي، المعارضة لهيدالغو منذ فترة طويلة، شكوكا حول الفكرة، قائلة إن زعيمة المدينة الاشتراكية تحتاج إلى اتباع إجراءات حماية المباني التاريخية.
وقالت داتي في بيان إن «برج إيفل نصب تذكاري محمي، وهو نتيجة عمل قام به مهندس ومصمم هائل».
وكانت ردود الفعل على مواقع التواصل الاجتماعي متباينة، لكن كثيرا من الباريسيين بدوا معارضين لفكرة تعديل رمز المدينة المصنف من قبل «اليونيسكو» ضمن التراث العالمي.
وعلقت مجموعة «إس أو إس باريس» التي تقوم بحملات لحماية معالم باريس وبيئتها، قائلة: «يبلغ تاريخ برج إيفل 135 عاما ويتجاوز حدثا رياضيا وإعلاميا دام 17 يوما».
وقال رئيس جمعية «أصدقاء شان دو مارس»، الحديقة المحيطة ببرج إيفل، إن الفكرة «يجب أن تكون موضوعا لاستشارة أوسع».
وأضاف جيرار دير أغوبيان لوكالة الصحافة الفرنسية: «نعتبر أن الأولوية الأكبر هي لصيانة البرج».
وأضرب عمال البرج لمدة خمسة أيام في فبراير (شباط) للاحتجاج على حالة الإهمال وحث المدينة على إنفاق المزيد على الطلاء والحماية من الصدأ.
وقال النائب عن باريس سيلفان مايار، من حزب الرئيس إيمانويل ماكرون، لإذاعة «فرنس بلو باري» عن فكرة هيدالغو: «بالنسبة لي، هذا خطأ. كانت الألعاب لحظة قوية للغاية، لكن برج إيفل يجسد شيئا خالدا».
وسبق لهيدالغو أن أعلنت عن نيتها الاحتفاظ ببعض رموز الألعاب الأولمبية، بينها المرجل المبتكر الموضوع أمام متحف اللوفر بالإضافة إلى التماثيل المستخدمة خلال حفل الافتتاح.
وقالت لصحيفة «ويست فرنس» السبت إنها تريد الاحتفاظ بالحلقات و«القرار متروك لي ولدي موافقة اللجنة الأولمبية الدولية».
وتحرص اللجنة الأولمبية الدولية، وهي منظمة غير ربحية مقرها سويسرا، بشدة على حماية شعارها الذي تفوض استخدامه للشركات الكبرى في صفقات رعاية مربحة.
وهيدالغو، ابنة الـ65 عاما اليسارية المدافعة عن البيئة والموجودة في السلطة منذ عقد من الزمن، تحظى بإعجاب كثر، لا سيما بسبب تقييد حركة السيارات من أجل البيئة وتشجيعها استخدام الدراجات في باريس.
لكنها تعرضت أيضا لانتقادات مرتبطة بالنظافة في المدينة والفشل في حماية الطابع التاريخي للعاصمة.
وأصابت حملة على الإنترنت في 2021 أطلق عليها «تشويه باريس» والتي شارك فيها السكان صورا للقذارة في شوارع العاصمة، وترا حساسا في مدينة تفتخر بأناقتها.
وقد وقع 15 ألف شخص حتى ظهر الاثنين عريضة على موقع Change.org ضد الإبقاء على الحلقات الأولمبية.